تأثر قطاع الفعاليات في دبي إثر أزمة فيروس كوفيد-19، ولكن الإمارة عادت بقوة لتقود إعادة تصميم القطاع وفق معايير جديدة.
مترجم بتصرف: مقال لـ تامارا بوبيتش
أجبرت أزمة كوفيد-19 جميع القطاعات والصناعات على إعادة التفكير في نماذج أعمالها، ولكن يبدو أن التأثير الأكبر والأكثر وضوحاً كان في قطاع الفعاليات. وكان على الجميع من شركات تنظيم الفعاليات الصغيرة إلى اللاعبين الكبار في هذا المجال، إعادة صياغة الخدمات التقليدية المقدمة، وإيجاد طرق للاستخدام الأمثل للقدرات والإمكانات الرقمية. ومع الإعلان عن استئناف أنشطة الفعاليات والمؤتمرات والمعارض ( الفعاليات المحلية انطلقت في 15 سبتمبر والفعاليات الدولية انطلقت في 1 أكتوبر 2020)، يبرز التزام جميع المنظمين لهذه الفعاليات بالإجراءات والتدابير التي أعلنتها الحكومة لضمان تنظيم هذه الفعاليات بأكثر الطرق أماناً.
يقول عمر خان، مدير المكاتب الخارجية في غرفة تجارة وصناعة دبي إن استئناف أنشطة المعارض والمؤتمرات في دبي هو تطور هام سيعزز قطاع سياحة الأعمال وينشر الثقة على المستوى العالمي مضيفاً:” هذه الخطوة الاستراتيجية جاءت في الوقت الملائم، مع استعداد الشركات لفترة التعافي ما بعد كوفيد-19. الطلب من قطاع الأعمال موجود، ويبقى الأمر على عاتق الشركات المنظمة للفعاليات لضمان التزامها بالإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي وضعتها السلطات. وستسنح لنا قريباً التعرف على الوضع الطبيعي الجديد لشكل هذه الفعاليات والتي من المتوقع أن تمزج التقنيات الرقمية مع التفاعل الافتراضي. وفي هذا المجال، عززت إمارة دبي من سمعتها كرائدة في مجال البنية التحتية الرقمية الحديثة الأمر الذي ساعدها بسهولة لنقل هذه الفعاليات إلى المنصات الافتراضية. وإنني واثق من أن الوجهات العالمية الأخرى للفعاليات تنظر إلى تجربة الإمارة كوجهة آمنة للفعاليات العالمية.”
ومنذ فتح الدولة لأبوابها أمام السياح الدوليين في يوليو، ركزت السلطات على تعزيز السلامة والأمان في مختلف التجمعات، الأمر الذي كان واضحاً من إطلاق مجموعة من الإرشادات لقطاع فعاليات الأعمال والتي تشمل الإجراءات المتبعة حالياً في المطار والفنادق والمطاعم والوجهات الترفيهية وغيرها، ومنها فحص درجات الحرارة وارتداء الكمامات والقفازات لجميع الموظفين الذين على تواصل مع المشاركين بالفعاليات، وفرض التباعد الاجتماعي لمسافة مترين، وتعقيم أماكن الفعاليات قبل وبعد وخلال الفعاليات. كما أطلقت دبي “ختم الضمانة” لتأكيد تطبيق المنشآت السياحية والتجارية لجميع بروتوكولات الصحة العامة للوقاية من فيروس كوفيد-19.
ويجري التحقق من مدى التزام تلك المنشآت بالإجراءات الوقائية ضمن إجراء محدد يتم تطبيقه بالتعاون ما بين دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي “دبي للسياحة”، ودائرة التنمية الاقتصادية “اقتصادية دبي”، و”بلدية دبي” الذين سيمنحون بدورهم ختم “دبي الضمانة” (DUBAI ASSURED ) للفنادق، ومحلات تجارة التجزئة، والمطاعم والوجهات السياحية التي امتثلت لجميع إرشادات الصحة والسلامة الصادرة عن هذه الجهات الحكومية الثلاث، وبما يتوافق مع البروتوكولات الوقائية المُوصى بها من قبل اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث في دبي.
وقد تم تطبيق هذه الإجراءات بالفعل على أرض الواقع، حيث كان تنظيم مؤتمر عالم الذكاء الاصطناعي في يوليو الماضي أول حدث تفاعلي مباشر في قطاع الأعمال في المنطقة منذ بداية الجائحة. وشكل نجاح المؤتمر مؤشراً على قدرات الإمارة في هذا المجال. وكانت شركة “Done Events” التي يقع مقرها في دبي وراء تنظيم أول حفل مباشر بعد كوفيد-19 في المدينة وهو ثلاثة عروض مباشرة للكوميدي البريطاني جيمي كار والتي أقيمت في مركز دبي التجاري العالمي في أغسطس. يقول مدير الشركة العام جيريش أنيل بهات أن فريقه تأقلم مع المتغيرات بسرعة، مضيفاً “أن أهم تحدي الذي واجهناه في بداية الإغلاق كان إعادة جدولة كل الفعاليات التي قمنا ببيع تذاكرها إلى موعد جديد في 2021، بالإضافة إلى إضاعة كل الجهود التي بذلناها في الإعداد والتخطيط والتنفيذ للفعاليات التي كانت مقررة العام الجاري. التحدي الأكبر الآن هو إعادة ثقة المستهلك بالفعاليات المباشرة. وقد أعجبت بالفعل بكيفية تطبيق المشاركين بالفعالية التي نظمناها لعرض جيمي كار التي نظمناها لقواعد التباعد الاجتماعي وآليات الدفع الذكية والتذاكر الرقمية، والإلتزام بفئات مقاعدهم.”
وسيتم تنظيم معرض سيتي سكيب العقاري بشكل جديد كـ “قمة سيتي سكيب العقارية” حيث يتحدث كريس سبيلر، مدير مجموعة سيتي سكيب لدى “إنفورما مركتس” على أن القرار جاء لتلبية متطلبات ورغبات الشركاء:” الشعور العام كان المضي قدماً بالفعالية ولكن ليس على حساب إجراءات السلامة والأمان. وقد وضعنا هذا في بالنا وقامت إنفورما بالتعاون مع عدد من شركات تنظيم الفعاليات الرائدة والجهات الحكومية المعنية بوضع دليل إرشادات “Informa AllSecure guidelines” الذي يحدد 10 إجراءات والتزامات لتنظيم فعاليات آمنة خلال فترة الجائحة. ويضيف سبيلر إن قمة سيتي سكيب العقارية التي ستقام خلال الفترة 16-17 نوفمبر 2020 ستظهر بحلة جديدة بالكامل، وستبتعد لعام واحد فقط عن نموذج أجنحة العرض الكبيرة الاعتيادية بهدف تعزيز الحوار ومشاركة المعارف، من خلال التركيز على إنشاء غرف أصغر مساحة بهدف دعم المطورين ومقدمي الخدمات للوصول إلى السوق وذلك بهدف تجاوز الميزانيات المحدودة والتحديات التي جلبتها الجائحة لهذا العام.
وعند سؤاله عن أهم الدروس المستفادة من الأزمة، حدد سبيلر 3 عوامل رئيسية وهي التواصل والمرونة والقدرة على التكيف قائلاً:” خلال الأشهر القليلة الماضية، شكل التواصل المفتوح عاملاً أساسياً بالنسبة لي ولفريق عملي، خصوصاً المضي قدماً واتخاذ قرارات إيجابية لصالح جميع الأطراف المعنية. وكان من المهم بالنسبة لنا في فريق عمل سيتي سكيب أن نظهر أكبر قدر من الشفافية. مناقشة الأفكار والخطط والاستماع إلى توصيات ورؤى الآخرين كان هاماً لمساعدتنا على إعادة تشكيل منتجاتنا لتلبية احتياجات متعاملينا.”
وينصح ستيلر رواد الأعمال في قطاع الفعاليات بالتحدث مع أصحاب المصالح والشركاء قبل اعتماد أي تغيرات جوهرية في الفعالية، مضيفاً:” من المهم التأقلم والاستماع إلى هواجس العملاء باستمرار ومحاولة التعلم وفهم اتجاهات واحتياجات السوق.” وفي نفس الوقت، يشير بهات، مدير “Done Events” إلى إن مستقبل الفعاليات سيكون مزيجاً هجيناً يجمع التقنية مع التواجد الفعلي قائلاً:” الإغلاق وفرض التباعد الاجتماعي جعل الفعاليات الخارجية تراوح مكانها، مما أوجد مكاناً لنمو تنظيم وبث الفعاليات مباشرة على الإنترنت. وعوضاً عن رؤية هذا المشهد كتحدٍ، نظن أنها فرصة لتحقيق نمو في التفاعل مع الجمهور، فالجمهور الذي لا يحبذ الفعاليات المكتظة بإمكانه اليوم الجلوس في منزله وحضور هذه الفعاليات.”
وينصح بهات رواد الأعمال العاملين في قطاع الفعاليات بالحيطة والحذر والتركيز على إجراء الدراسات والترتيبات الملائمة لفعالياتهم مع استمرار تأثيرات أزمة كوفيد-19، قائلاً:” كل من يريد دخول هذا القطاع وخصوصاً في الأوقات الحالية، عليه باستثمار وقته في دراسة كل ما يتعلق بالتكاليف المحتملة لتطبيق خطة عمله. السوق اليوم أكثر تنافسية، ولذلك فإن من يتم اختياره لتنظيم فعاليات أعمال، يجب عليهم بذل جهود مضاعفة لأنه لا توجد في هذا القطاع فرص ثانية!