د. اسامه عطايه أ. شعاع خطيب
دقت العديد من التقارير الاقتصادية الصادره عن جهات موثوقة ناقوس الخطر، لأن تبعات Covid 19 لن تتوقف عند الأثار الصحية و الاقتصادية، و إنما سيحدث تغيراً في تركيبة طبقات المجتمع و سيؤثر على ألأمن الغذائي في الوطن العربي. فقد توقع تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا الصادر في الاول من ابريل لعام 2020 ، انضمام 8.3 مليون شخص في الوطن العربي للطبقةِ الفقيرة. و هذا يعني أن الطبقة المتوسطة ستتأكل خاصةً في الدول العربية التي لا توفر حماية و دعم للعاطليين عن العمل، و بذلك تتخطى الطبقة الفقيرة حاجز المئة مليون شخص (101.4 مليون) و هذا ما يمثل تقريبا 24 % من سكان الوطن العربي.
فالإنكماش الاقتصادي المتوقع سيؤدي إلى فقدان العديد من الاشخاص لوظائفهم في الوطن العربي، و بالتالي زيادة العرض في سوق العمل مقابل انخفاض في الطلب، و هذا سيقلل اجور الأيدي العامله و دخل الفرد، و ستتأثر الأيدي العاملة سواء تم تسريحها من العمل او بقيت في أماكن عملها، خاصة أن انخفاض معدل دخل الفرد سيضعف قدرته الشرائية، مما يحد من دخل القطاعات الاقتصادية بشكل عام و هذا بدوره يؤدي الى تقليص قدرة الشركات على دفع الأجور كما كانت عليه قبل وباء كورونا.
اما بخصوص الأمن الغذائي فإن الوطن العربي يستورد ما يزيد عن نصف احتياجاته الاساسية من الغذاء، فبلغ إجمالي الاستيراد لعام 2019 مئه و عشر مليارات دولار. و قد تشهد المنطقة العربية نقصاً في الغذاء و ارتفاعاً في الأسعار إذا ما استمر وباء كورونا بتعطيل إمدادات الغذاء العالمية. و بدأنا نلمس أدلة حقيقية على القيود التي تواجه سلسلة توريد الغذاء في العالم و التي تضررت بشكل كبير بسبب اغلاق اكثر من 100 دولة لمنافذها البرية و البحرية و الجوية، فمثلا وضعت كازخستان قيوداً على تصدير القمح، و من المتوقع أن تتخذ العديد من الدول نفس الاجراء لتأمين احتياجات سوقها المحلي خاصة في ظل قيام معظم الدول و الافراد بتكديس و تخزين المواد الغذائية بسبب خوفهم من نقصان المواد الاساسية، بالاضافةِ الى توقف العديد من منشآت تصنيع الاغذية بسبب اكشتاف حالات كورونا بداخلها.
و بناءاً على ما سبق يجب على الجهات المسؤولة في الوطن العربي وضع خطة شاملة و اتخاذ اجراءات و تدابير احترازية لتعزيز أمنها الغدائي و حماية نسيجها المجتمعي. و لهذا عقدت دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً في الكويت الموافق السادس عشر من شهر ابريل لعام 2020 لدراسة و مناقشة تأثير وباء كورونا على أمن امدادات الغذاء، و تم الاتفاق للبدء في صياغة خطة شاملة لإنشاء شبكة موحدة لضمان استمرار امدادات الغذاء في المنطقة. و يجب على بقية دول الوطن العربي البدء في اجراءات مماثلة. و هذه بعض المقترحات التي تسهم في تعزيز الأمن الغذائي و التركيب المجتمعي:
- تعزيز الحمايه المجتمعيه للمواطنيين المهددين بالفقر عن طريق تقديم المعونات و المساعدات.
- تسهيل الحصول على الغذاء عن طريق القسائم الغذائيه التي توفرها الدوله للافراد المحتاجيين.
- تأجيل دفعات القروض و الرهن العقاري دون اي رسوم، و هذا يقلل من فرصة وقوع الطبقة المتوسطة في الفقر.
- منح فرصة للمواطنين بالحصول على قروض ميسرة من دون فوائد لدعم المشاريع الصغيرة و المتوسطة.
- إنشاء آليات لمراقبة أسعار الغذاء بانتظام لمنع الاكتناز والتلاعب بالأسعار لحماية المستهلكين.
- زيادة استيراد السلع الاساسية لضمان عدم انقطاع المواد الغذائية الاساسية و زيادة الامن الغذائي.
- توفير الدعم للمزارعين لزيادة الانتاج المحلي من المحاصيل الزراعية و الثروة الحيوانية.
- دعم منشآت تصنيع الاغذية من خلال توفيير الأيدي العاملة و السماح بزيادة ساعات العمل.
- وقف هدر الطعام، حيث ان الوطن العربي يخسر حوالي 60 مليار دولار بسبب هدر الطعام.