القاهرة – ايمان مصطفى
دائمًا ما يؤكد خبراء ريادة الأعمال على أهمية أن يوفر رائد الأعمال ميزة تنافسية لشركته، ولاسيما إذا كان يعمل بقطاع عامر بالمنافسين.
ولم يكن من الصعب على رائد الأعمال نادر البطراوي وشريكه عمر صلاح، مؤسسا تطبيق “أسطى” Ousta المصري لطلب السيارات الخاصة، تحديد ميزات مشروعهما التنافسية، أمام عمالقة مثل “أوبر” و”كريم”.
ثمة عوامل ساعدت البطراوي وصلاح، أهمها خبرتهما الطويلة بالقطاع الريادي، واختيار التوقيت السليم.
فالسوق المصري الذي يضم 25 مليون مستخدم محتمل بالعاصمة فقط، أثبت بالفعل حاجته للخدمة في وقتٍ لا يعد طويلًا في عمر المشاريع الرائدة.
برهن على ذلك، تظاهر سائقو سيارات الأجرة التي تُعرف محليًا باسم (التاكسي الأبيض)، في فبراير الماضي، اعتراضًا على سماح الحكومة لمثل تلك المشاريع بالعمل في مصر.
كان ذلك نابعًا من الخسائر الكبرى التي تكبدها السائقون، بعدما هرعت زبائنهم لطلب خدمات التوصيل عبر تلك التطبيقات العالمية.
ساعدت تلك التظاهرات على توصية مجلس الوزراء، بضرورة عمل تعديل تشريعى لتقنين وضع شركات نقل الركاب القائمة على تكنولوجيا المعلومات.
وروجت التظاهرات للتطبيقيّن، فشهدا طلبًا أكبر بالسوق المحلي، الأمر الذي اضطر القائمين على الشركتيّن إلى اللجوء لسياسة التسعير المرتفع “Surge Price” لمواجهة الأزمة، مما أزعج عملاء الشركتيّن كثيرًا وجعلهم يلجأون إلى صفحات التواصل الاجتماعي للتنديد بتلك السياسة.
كيف بُلورت المزايا التنافسية؟
من هنا قدمًت الظروف حلًا مثاليًا للبطراوي وشريكه، بأن يطلقا تطبيق “أسطى” في مارس الماضي على نظاميّ تشغيل أندرويد وiOS، رافعيّن شعار “السعر الثابت”، كميزة تنافسية قوية لشركتهما في مواجهة المنافسة الشرسة محليًا.
في هذا الصدد يقول البطراوي: “لا شك أن سياسة تثبيت الأسعار تسفر أحيانًا عن بعض الخسائر المالية، فمتغيرات السوق المصري كثيرة، ولكن نعلم أن ذلك يسهم في حصول العميل على انطباعات إيجابية عن الخدمة، وبالتالي يصبح الطريق ممهدًا أمام انتشار السمعة الحسنة، ومن ثم يرتفع عدد الطلبات، وهو أمر من شأنه أن يعادل كفتيّ ميزان النفقات والإيرادات مع الوقت”، يقول البطراوي رئيس مجلس إدارة “أسطى” في حواره لانتربرنور العربية.
لم تقتصر مزايا “أسطى” التنافسية على تثبيت الأسعار، بل تضمنت ميزة “Live Fare Meter” ايضًا، التي تتيح للمستخدم متابعة عداد حساب الأجرة أثناء الرحلة. هذا في الوقت الذي يجب على مستخدمي “أوبر” و”كريم” الانتظار حتى انتهاء الرحلة لمعرفة قيمة الأجرة على التطبيق.
كما ويتميز تطبيق “أسطى” بخاصية التواصل المباشر مع الشركة في حال حدوث أي مشكلة مع السائق أثناء الرحلة، وذلك عبر زر S.O.S.
أسطى بالأرقام
دعمت الخبرة المؤسسيّن في رحلة التخطيط لـ”أسطى”، ليأتي بتلك المزايا ويتمكن من الصمود أمام “أوبر” و”كريم”، وينجح في الاستحواذ على حصة جيدة من السوق المحلي في مصر.
إذ حمّل التطبيق 100 ألف مستخدم في أقل من 6 أشهر. وأتاحت الشركة الدفع نقدًا أو عن طريق بطاقات الائتمان، وتبلغ تعريفة الرحلة 10 جنيهات (دولار واحد).
يخدم التطبيق الآن 10 محافظات، بما في ذلك القاهرة والجيزة والأسكندرية والمنصورة والإسماعيلية والغردقة. وتنمو الشركة أسبوعيًا بواقع 30%. يدعمها في ذلك انضمام 4 آلاف سائق (بواقع 5% سيدات).
يحصل السائقون على 80% من سعر الرحلة، فيما تُترجم الـ20% المتبقية كعوائد لـ”أسطى”.
توسع مرتقب
لعل تلك الأرقام تدين لخبرة المؤسسيّن بالفضل. فالبطراوي هو مؤسس منصة التوظيف “جوبزيلا” Jobzella التي بيعت الحصة الأكبر منها لشركة “الخليج للتدريب والتعليم“، “ونستعد لجولة استثمار ثالثة لن أكشف عن تفاصيلها الآن”، يقول البطراوي.
أما صلاح، فهو مدير منطقة في شركة نستلة العالمية في سان فرانسيسكو، وشغل سابقًا منصب مدير الأعمال لدولة البرتغال بالشركة ذاتها، وهو حاليًا المدير التنفيذي في “أسطى”.
ويُنتظر أن يسخر المؤسسان كل خبرتهما الريادية للنمو بـ”أسطى”، إذ يعتزمان التوسع بخدمات التطبيق إلى 26 محافظة مع نهاية العام الجاري، ثم الانطلاق إلى دول الخليج بحلول 2017، على أن تكون محطة البداية في السعودية.
وفي سبيلهما إلى تحقيق انتشار أكبر والتوسع بالخدمات محليًا وإقليميًا، يسعى المؤسسان حاليًا لجذب استثمار من شركة رأس مال، لم يكشف عن جنسيتها ولا عن حجم الاستثمار، مكتفيًا بتوضيح: “نجري الآن مفاوضات مع شركات سعودية وإماراتية ومصرية، وبالتأكيد سنختار الأصلح للشركة، ومن المتوقع أن نضخ في السوق المصري استثمارات بحجم 50 مليون جنيه (5 ملايين دولار) بنهاية العام الجاري”.