القاهرة – ايمان مصطفى
عادةً ما ينشغل رواد الأعمال بهاجس التمويل، ويحاولون قدر مستطاعهم السعي وراءه بعد الاطمئنان على نضج مشروعاتهم من حيث الأرقام، بهدف تحقيق عنصر الاستدامة.
القليل من رواد الأعمال الساعين وراء التمويل ينجحون في الحصول عليه، نظرًا لقلة عدد الجهات الاستثماراية في المنطقة مقارنًة بعدد الشركات الناشئة من جهة، وعدم تمكن بعض المشروعات من إثبات أرقام محفزة للاستثمار من جهة أخرى.
أحمد الحظ ومحمد الشامي، مؤسسا “شيزلونج” Shezlong، العيادة النفسية على الإنترنت، كانا من ضمن القلة الناجحة في الحصول على تمويل لمشروعهما المصري، رغم مرور أقل من عام ونصف فقط على إطلاق المنصة.
جذبت “شيزلونج”، (التي تتيح التواصل بين المرضى النفسيين وأطباء متخصصين بالصوت والصورة، مع ضمان السرية التامة والخصوصية لبيانات الحالات)؛ 150 ألف دولار (حوالي مليون ونصف جنيه مصري) على سبيل استثمار الجولة الأولى، بقيادة “انديور كابيتال” Endure Capital.
شارك في الجولة كلُ من شركة الاستثمارات المحلية “A15“، وكريم حسين، المدير التنفيذي في “دي كيميا” D-Kimia الشركة الصناعية التكنولوجية التابعة للجامعة الأمريكية، والمتخصصة في التحاليل المتطورة، وهو أيضًا نائب الرئيس الأول السابق لشركة WebMD.
عوامل محفزة
“استغرق غلق الجولة 8 أشهر، وساعدتنا العديد من العوامل على إنجازها، أهمها التخطيط الجيد والتنفيذ المدروس، وحضور الفعاليات بغرض تسويق الفكرة والتشبيك”، يقول الحظ في حواره الخاصة مع “انتربرنور العربية”.
يتابع الحظ: “يأتي على رأس قائمة تلك الفعاليات التي دعمت نجاحنا، “ميكس آند ميتور” Mix N Mentor، التي تنظمها مؤسسة “ومضة” لدعم وتحفيز وتشبيك منظومة ريادة الأعمال في كافة بلدان المنطقة.
أتاحت “ميكس آند مينتور” الفرصة لمؤسسيّ “شيزلونج”، للتشبيك مع كلٍ من فريق “A15” وكريم حسين، “ومن هنا كانت البداية”، يقول الحظ.
وكان أكبر التحديات صعوبة، حسب الحظ “هو الوصول إلى كراسة شروط متفق عليها بين 3 جهات مختلفة”.
لعل أرقام “ِشيزلونج” وخطواتها الثابتة على الأرض، هي السر الرئيسي وراء نجاح المنصة في جذب الاستثمار.
خطط توسعية
في هذا الإطار، تحظى “شيزلونج” الآن بـ 14 ألف عميل مسجل على المنصة، و50 طبيب من دول مختلفة تتضمن مصر والكويت والأردن ولبنان والبحرين. ووفقًا لدراسات الموقع، شهدت المنصة أكثر من 800 جلسة علاجية حتى الآن، ويعود 40% من زوار الموقع لتكرار التجربة، علمًا أن قيمة الجلسة تبلغ 200 جنيه مصري (حوالي 20 دولار).
ويستعد المؤسسان الآن للاستفادة المثلى من الاستثمار، بعمل خطة طريق واضحة لآليات توجيهه، بهدف التوسع والنمو بالشركة.
في هذا الصدد يقول الحظ: “نخطط لإطلاق تطبيق للمحمول على جميع أنظمة التشغيل، ونعتزم التوسع في المنطقة، وبالتحديد إلى السعودية والإمارات والكويت، فالتركيز على البلدان العربية الآن يأتي على رأس الأولويات، لما تعانيه بلادنا من غياب لثقافة زيارة الطبيب النفسي، وما ينتج عن ذلك من أضرار وسلبيات تعصف بمجتمعاتنا، وهي رسالة “شيزلونج” في الأساس”.
كما ويخطط المؤسسان أيضًا لإطلاق خدمات منصتهما للشركات والمدارس الدولية بنظام B2B، حيث سيكون التعاقد مع المؤسسة مباشرة، على أن تنضم خدمات “شيزلونج” لقائمة المزايا التي تمنحها الجهة لموظفيها، وهو نفس النموذج المنتظر تفعيله مع المدارس.
“تأتي تلك الخطوة بعد أن تلقينا طلبات من شركات عالمية تدير أعمالها في مصر”، يقول الحظ.
تعطش السوق
ولاشك أن هناك تعطش لخدمات “شيزلونج” في السوق المصرية، يدعمها في النمو بنموذج العمل، إذ كشفت أحدث التقارير عن الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان في مصر، أن أكثر من 12٪ من البالغين فى بلد الـ 90 مليون نسمة؛ يعانون من اضطرابات نفسية.
يواجه هؤلاء المرضى نوعيّن من المشكلات. الأولى تتمثل في محدودية المستشفيات والعيادات النفسية المتخصصة، بواقع حوالي 15 مستشفى و62 عيادة فقط المعنيين فى مصر، بحسب دراسات محلية. والأخرى تتمثل في ثقافة الخوف من مواجهة المرض النفسي المتفشية في المجتمعات العربية بشكل عام.
تؤكد تلك الأرقام وجود حاجة لخدمة توفر حلًا لتلك المشكلات، وهي أحد أسرار نجاح “شيزلونج” في جذب الاستثمار.
هذا ما أكده فادي أنطاكي، الرئيس التنفيذي لشركة A15، إذ صرح للإعلام: “من المؤكد أن هناك مشكلة حقيقية وحاجة لإيجاد حل، لذا قررنا الاستثمار في “شيزلونج”، من منطلق توجهنا المستمر لتبني الأفكار الجديدة الفعّالة والمشاريع الناشئة النابعة من حاجة حقيقية”.
وقد يبرر تعطش السوق المحلية والعربية، وجود ثمة تحالف بين “شيزلونح” والنجاح منذ البداية، إذ كانت المنصة قد حصلت على المركز الثاني في مسابقة “ Microsoft Openness competition” فبراير 2015. كما وصلت للتصفيات النهائية بمسابقة “MIT Arab Competition” في نوفمبر الماضي. كما وحصدت الشركة المركز الأول في مسابقة “”BDL early stage Lebanon ديسمبر الماضي.
دعم “شيزلونج” خلال مسيرتها القصيرة نسبيًا، خبرة مؤسسيّها. فالحظ كان مسئول ابتكارات سابق في منظمة الصحة العالمية، ثم انتقل للعمل كمدير للتسويق في “ناشر” للإنتاج الإعلامي، علمًا أنه حاصل على بكالريوس هندسة علوم حاسبات من جامعة المنصورة عام 2010. أما الشامي، فهو طبيب نفسي، وهو مؤسس قسم الطب النفسي في مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال بالمجان في مصر.
والآن، يسعى مؤسسا “شيزلونج” لمواصلة المسيرة، وتقديم نموذج عربي ناجح من منصة “توك سبيس” Talkspace، التي نجحت في استقطاب 150 ألف عميل، وتمكنت من جذب استثمارات بقيمة 13 مليون دولار، في غضون 4 سنوات فقط .. فهل لنا أن نترقب الخطوة القادمة؟