أبهاس ريكي، الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات في كلاوديرا
في عالم الأعمال الحالي، تبرز أهمية البيانات والتي تمثل حجر الزاوية في عملية صنع القرار الرشيدة، وتسهم في دفع الابتكار، وتقود المؤسسات نحو تحقيق النجاح. ولكن وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتيحها البيانات، تواجه العديد من المؤسسات صعوبة في الاستفادة القصوى منها بسبب الانقسام الحاد بين فرق تكنولوجيا المعلومات وفرق الأعمال. ولا يقتصر أثر هذا الانقسام على إعاقة التقدم فحسب، بل يقوض أيضاً الأساس المتين الذي تُبنى عليه الأفكار والرؤى المؤثرة.
وفقاً لدراسة منشورة في مجلة هارفارد بزنس ريفيو، هناك تباين كبير في تأثير الأنظمة غير المترابطة على نتائج الأعمال. وفي بعض الحالات، يضطر الموظفون إلى قضاء ما يصل إلى 60% من يوم عملهم في أنشطة ناتجة عن هذه الأنظمة المنفصلة – مثل استخراج المعلومات من أنظمة متعددة وإدخال البيانات في أنظمة أخرى. وهذا الاستخدام غير الفعال للجهود يساهم في تراكم “دين عدم الاتصال”، ويكبّد المؤسسات خسائر تتمثل في ضعف نتائج الأعمال والمؤشرات الرئيسية للأداء.
لتخفيف حدة هذا الواقع، بات من الضروري أن يتعاون قادة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات بشكل وثيق، ويعملوا معاً على توحيد نهج شامل على مستوى المؤسسة بأكملها تجاه مبادرات البيانات عبر فرقهم المختلفة. ويجب أن تعمل هذه الإدارات جنباً إلى جنب على مواءمة أهدافها وابتكار طرق اتصال فعالة – على أن تتدفق هذه المبادرة من الإدارة العليا إلى كافة المستويات الوظيفية. ويتعين على قيادات كل من تكنولوجيا المعلومات والأعمال تطوير سير عمل وثقافة تهدف إلى تعاون مبسط لتحقيق التحول الرقمي الحقيقي عبر كافة أنحاء المؤسسة.
الفجوة الكبيرة
شهدت العلاقة بين فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال تاريخياً انقساماً واضحاً، حيث غالباً ما يُنظر إلى تكنولوجيا المعلومات على أنها كيان منفصل يركز فقط على المهام الفنية البحتة بدلاً من التوافق الاستراتيجي مع أهداف العمل. ومع ذلك، فإن التطور السريع للتقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية قد فرض ضرورة الابتعاد عن هذه الديناميكية.
فمع تمكين الذكاء الاصطناعي من استخدام اللغة الطبيعية، يدرك قادة الأعمال الآن إمكانية استخراج رؤى قيمة من مجموعات البيانات المعقدة التي لم يكن بالإمكان فهمها سابقاً. وعلى غرار الدور الحاسم الذي لعبته أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات بالنسبة إلى فرق تقنية المعلومات، فإن العمليات اللغوية الطبيعية التي يقودها الذكاء الاصطناعي قد مكنت قادة الأعمال من توجيه فرقهم لاتخاذ قرارات تجارية مستنيرة بناءً على رؤى تعتمد على البيانات.
بناءً على ذلك، قد يفترض البعض أن هذا التحول تضييق الفجوة، إلا أنه من المحتمل أن يسبب مشاكل في حال لم يتمكن قادة الأعمال من التواصل والتعاون بشكل فعال داخلياً مع قادة تقنية المعلومات. وذلك لضمان حصولهم على صورة كاملة للبيانات التي تمتلكها المؤسسة، وكيف ترتبط هذه البيانات بتحقيق أهداف العمل. تجدر الإشارة إلى أن البيانات – التي تعمل غالباً عبر منصات مختلفة – معقدة ودقيقة بطبيعتها، ومن الضروري أن يتخذ قادة الأعمال قراراتهم بناءً على بيانات محدثة وشاملة. وفي المقابل، يجب أن تفهم فرق تكنولوجيا المعلومات كيف تتماشى مشاريعها المختلفة مع تحقيق نمو تجاري ملموس حتى يتسنى لهم تعديل مشاريعهم لتتوافق بشكل أفضل مع أولويات العمل، وكذلك توصيل الموارد التي يحتاجونها لإنجاز تلك المهام.
إننا على أعتاب عصر جديد من التعاون والشراكة بين فريقي تكنولوجيا المعلومات والأعمال – عصر يعزز التواصل والتنسيق والمساءلة المشتركة لتحقيق أهداف المنظمة. سيؤدي هذا التوجه في نهاية المطاف إلى نشوء مؤسسات أكثر مرونة وتكيفاً وتركيزاً على العملاء.