الحلم الكبير
بقلم تمارا بوبيك
«دائماً أتعامل مع كل يوم على أنه خطوة تدفعني للأمام صوب أحلامي التي لا نهاية لها.» بهذه الطريقة وصف أحمد أبو هشيمة، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة حديد المصريين، وشركة أسمنت المصريين ومجموعة إعلام المصريين، وشبكة 107، طريقته في قضاء روتين يومه. فإلى جانب ريادة الأعمال، يعمل أبو هشيمة في مجال الأنشطة الخيرية بوصفه مؤسساً لمؤسسة أبو هشيمة الخير، كما أنه يُشارك في الحياة السياسية بصفته نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، وعضو مجلس الشيوخ المصري، كما أنه وكيل لجنة الصناعة والتجارة في مجلس الشيوخ. وفي ذلك الصدد، تجدر الإشارة إلى نقطة مميزة من البداية – وهي أن كل هذه المناصب التي يشغلها تتطلب أيام عمل طويلة، ولكن نادراً ما يشعر أبو هشيمة بأنه «يعمل لمدة 15 ساعة متواصلة يومياً.» وأضاف: «أحلامي تُجدد لي شغفي في كل يوم، وتجعلني أعمل طوال اليوم دون ملل أو كلل
منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، كان أول أحلامي هذه هو تجديد مجال صناعة الصلب في مصر. واليوم، نتيجة هذا الحلم هو إنشاء مجموعة حديد المصريين، وهي شركة مظلة لشركة الا
ستثمار الصناعي، والتي تعمل في مجال إدارة مصانع الصلب، وشركة بورسعيد الوطنية للصلب التي تدير اثنين من أكبر مصانع الصلب في المنطقة- في محافظة بني سويف وفي محافظة السويس (مصنع العين). وباستخدام أحدث التقنيات الصديقة للبيئة، تنتج مجموعة حديد المصريين صلباً متيناً وعالي الجودة في المصانع الأربعة الرئيسية التابعة لها، والتي تبلغ طاقتها الإنتاجية الإجمالية 2.3 مليون طن سنوياً، وبالتالي فهي، بحسب ما ذكره أبو هشيمة، «تساهم كثيراً» في الاقتصاد المصري. «عندما قررت العمل في مجال تجارة الصلب، علمت أنها مجرد خطوة واحدة فحسب، وأن نجاحي في هذا المجال لن يكون سوى بداية لعملي على مشروع أحلامي. حتى عندما اشتريت مصنعين [في محافظة بني سويف ومحافظة السويس]، وقمت بتطويرهما، وبدأت هذه المصانع في الإنتاج، اعتبرت ذلك تحقيقاً لواحد من أهدافي فقط، وليس هدفي المُطلق.»
رؤية ابوهشيمة
تتمثل رؤية أبو هشيمة في أن تتحول المجموعة إلى متجر متكامل لجميع مواد البناء، والخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف المُحدد هي بدء مشروع آخر: مجموعة أسمنت المصريين، والتي تضم أكبر مجمع لمواد البناء في صعيد مصر والأول من نوعه في محافظة سوهاج. وبالإضافة إلى ذلك، استثمر أبو هشيمة أيضاً على نطاق واسع في قطاع الإعلام في عام 2016، وذلك بإنشائه مجموعة إعلام المصريين، وهي تكتل إعلامي يضم شبكات التلفزيون ووسائل الإعلام المطبوعة كما أن لها مواقعها الإلكترونية ومنصات الفيديو الخاصة بها بالإضافة إلى الشركات العاملة في قطاع الإعلان والتسويق. وخلال هذه المقابلة، أكد أبو هشيمة على أن منهجه في العمل يتسم بالإبداع المستمر، حيث أنه يسعى دوماً لتحقيق المزيد والمزيد. وأضاف: «بعد إنجاز هدفٍ ما، دائماً أحاول تجديد أهدافي بسرعة، وبالتالي، يبقى أمامي الكثير لأحققه. حيث لدي المزيد من الخطط على قائمة مهامي، والتي أعتقد أنها ستقودني إلى نجاحات جديدة.»
كل هذه التصريحات هي توضيح لفلسفة أبو هشيمة الشخصية، وهي عقليته الطموحة التي ساعدته في التغلب على الفترات الصعبة في حياته وفي مسيرته المهنية. وأضاف أبو هشيمة «عندما قررت تأسيس شركتي الخاصة، لم يكن مصطلح ريادة الأعمال منتشراً في مصر أو في العالم العربي من الأساس. حيث لم تكن هذه الكلمة مفهومة في السوق، ولم يحظ رواد الأعمال على أي دعم من الحكومة أو المجتمع. في الواقع، لم تكن خطتي أن أصبح رائد أعمال بالصورة المعروفة الآن، ولكن كان لدي حلم وطموح لبناء مشروع خاص بي.» وهذه أول نصيحة يود مشاركتها مع الشباب الذين يتطلعون إلى الاستثمار في ريادة الأعمال. يقول أبو هشيمة: «يجب أن يكون لديك هدف واضح. لا تخف من أي مجال تقرر الانخراط به، طالما أنك واثق من دراسة الجدوى وخطة العمل الخاصة بك. يجب أن تكون مستعداً لهذا المشروع، ولتحقيق ذلك، عليك أن تكون على دراية بالتفاصيل الخاصة بالنفقات والأرباح والخسائر
وبنفس العقلية، يقترب رائد الأعمال في مجال الصلب من مجال عمل آخر مُلزم له: ألا وهو العمل الخيري. في حين أن المشاركة في المبادرات الخيرية ليست أمراً جديداً على أبو هشيمة، إلا أنه أضاف طابعاً رسمياً على شغفه بالأعمال الخيرية بإنشاء مؤسسة أبو هشيمة الخير.
حيث تشارك المؤسسة في مبادرات خيرية متنوعة، ولا سيما في مجال تنمية المجتمع. يقول: «منذ فترةٍ طويلةٍ وأنا أعمل على دعم الكيانات التي تخدم المواطنين، مثل صندوق تحيا مصر، والذي أطلق أكبر قافلة غذائية في تاريخ البشرية وبنك الطعام وجمعية الأورمان وغيرها من الكيانات الوطنية التي تساعد المحتاجين في مصر. كما أطلقت مبادرتي الخاصة (تجديد القرى الأكثر احتياجاً في مصر)، وهو الأمر الذي أفخر به للغاية، حيث أننا قمنا بالفعل بتطوير أكثر من 17 قرية في جميع أنحاء البلاد.»
ويساهم أبو هشيمة أيضاً في الحفاظ على مكانة مصر على النطاق العالمي – على سبيل المثال، في عام 2014، كان أبو هشيمة هو راعي حملة «مصر الجديدة» التي تهدف إلى تعزيز إمكانات النمو في البلاد للمستثمرين الدوليين. وتضمنت الحملة مبادرات مختلفة، من الإعلانات الرقمية على برج ناسداك في نيويورك، إلى الأنشطة الترويجية في دافوس خلال منتدى الاقتصاد العالمي. ومن الأمثلة الأخرى على دعم أبو هشيمة لسمعة العلامة التجارية لبلاده بين دول العالم هو قيام مجموعة حديد المصريين بحملات دعائية من المطبوعات في إفريقيا بعد ثورة يونيو 2013 في مصر، وذلك لضمان أن العلاقات بين مصر والدول الأفريقية الشقيقة لا تزال قوية. وفي الوقت نفسه، في مجال تنمية الشباب، يفتخر أبو هشيمة بكونه من الداعمين لمؤسسة شباب القادة، والتي تجوب المحافظات المصرية ساعيةً لانتقاء الشباب المصريين الموهوبين ممن لديهم طموح كي يصبحوا قادة المستقبل في مصر.
تشجيع ريادة الأعمال:
ستارت اب باور
ينطلق أبو هشيمة حالياً، يدفعه إلهامٌ من عمله حيث أنه يُشجع ريادة الأعمال في مصر وخارجها. وفي عام 2020، أطلق مسابقة ستارت اب باور، والتي أقيمت بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والتي شهدت مشاركة 100 شركة مصرية ناشئة في صورة ندوات ودورات تدريبية، حيث تشارك 30 مُشاركاً من المتأهلين للتصفيات النهائية جائزة استثمارية بإجمالي 2 مليون جنيه مصري
وذكر أبو هشيمة: «عندما فكرت في مسابقة ستارت اب باور، استعنت بالخبراء في هذا المجال، حيث أن لديهم مجموعة من المتخصصين في مجال التعليم والتدريب للشباب، ويمكن لدوراتهم المعتمدة دولياً أن تساعد الشباب على تطوير مشاريع ناجحة. ولكم أسعى جاهداً لتمهيد الطريق للشباب لتحويل أفكارهم الريادية إلى مشاريع من شأنها أن تدعم نجاح اقتصادنا، لا سيما في مجال التنمية التكنولوجية والتحول الرقمي.»
وألهمه نجاح الإصدار الأول من مسابقة ستارت اب باور إلى مضاعفة قيمة الجوائز ثلاث مرات – من 2 مليون جنيه إلى 6 مليون جنيه – في الجولة الثانية من المسابقة المزمع عقدها في سبتمبر 2021. وذكر أبو هشيمة: «لقد أدركت أن مستقبل مصر والعالم العربي يعتمد على الشركات الناشئة. ومن ثم، فقد شاركت في العديد من المؤتمرات والمنتديات التي تدعم مجال ريادة الأعمال في مصر والوطن العربي، بما في ذلك تلك التي عقدت تحت رعاية مجلس الوزراء المصري وجامعة الدول العربية، وتلقيت تكريماً لأكثر من مرة لمساهمتي في هذا المجال، على الرغم من أنني أعتبره واجبي ولا أتوقع أو أستحق أي تقدير نظير ذلك. فجل ما أفعله هو تنفيذ دوري لتشجيع ودعم الشباب لتأسيس مشاريعهم المستقلة التي يمكن أن تزيد من الناتج القومي الإجمالي.»
أول تقنية صديقة للبيئة
مما لا شك فيه أن الشباب المصري يستطيع تعلم الكثير من مسيرة أبو هشيمة المهنية المثمرة. وعند سؤاله عن الإنجازات التي يعتبرها لا تُنسى، أشار أبو هشيمة إلى قيام مجموعة حديد المصريين بتطوير وتنفيذ أول تقنية صديقة للبيئة من نوعها في مصانعها في بني سويف والعين السخنة. وذكر: «تتوافد الكيانات الاقتصادية الدولية الكبرى للتعرف على تجربة حديد المصريين في إنتاج الصلب بتكنولوجيا صديقة للبيئة، ومن ثم أصبح مصطلح (إعادة الإنشاء الصديق للبيئة) أكثر رواجاً منذ أن أنشأنا هذين المصنعين. وهذا شيء نفخر به في مصر وفي مجموعة حديد المصريين.» وأضاف: «أرى أن مستقبل المنطقة يعتمد بشكل كبير على التقنيات المتقدمة والصديقة للبيئة في جميع مجالات الصناعة. فلم يعد هناك مجال للطرق التقليدية في الصناعة التي تُهدر المواد الخام والموارد الطبيعية وتؤثر بشكل كبير على البيئة.»
السياسة لخدمة مصر
وعلى ما يبدو أن دخول مجال السياسة كان استكمالاً لنطاق عمله حتى الآن، حيث يرى أبو هشيمة أن الهدف الأساسي لأي سياسي هو خدمة وطنه داخلياً وخارجياً فحسب. ومن ثم، فقد اتخذ قرار ببدء مسيرته السياسية منذ بضع سنوات. وبحسبما ذكر: «لقد قدمت الدعم لعدة حركات بعد ثورة 30 يونيو (2013) بقيادة شباب مصريين، وعلى الرغم من تحول إحدى هذه الحركات إلى حزب سياسي كبير في مصر (حزب مستقبل وطن)، إلا أنني ما كنت أنوي الأنخراط في الحياة السياسية، كان هدفي فقط تقديم الدعم لهؤلاء الشباب.» وتمسك أبو هشيمة بهذا الموقف لبضع سنوات، لأنه لم يكن متأكداً من تقبل الأفراد لرجال الأعمال الذين ينخرطون في السياسة – لكنه غيّر رأيه مؤخراً.
«لقد استقر الوضع الاقتصادي والأمني، بفضل قرارات القيادة السياسية الحكيمة والقوية على مدى السنوات القليلة الماضية، وفي عام 2020، كنت مقتنعاً تماماً أن هذا هو الوقت المناسب للدخول رسمياً إلى الحياة السياسية، وذلك لمساعدة بلادي ودعم خططها الاقتصادية.» في عام 2020، أصبح نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، وعضواً في مجلس الشيوخ ووكيلاً للجنة التجارة الصناعية الداخلية به. «اخترت حزب الشعب الجمهوري لما يتمتع به من سمعة طيبة بين الأوساط السياسية المصرية. كما أن أعضاء الحزب من الشباب كانوا إضافة كبيرة حفزتني على الانضمام للحزب، حيث أن لديهم حس المسؤولية كما أنهم وطنيون. وأطمح لأن يُصبح حزبي واحداً من أكبر الجهات المؤثرة في الساحة السياسية المصرية، وتوسيع قاعدته الشبابية، وأن يكون مهيأ جيداً للانتخابات المقبلة ليكتسب موقعاً أفضل بين الأحزاب السياسية المصرية الأخرى.»
دعم الشباب
في كل مجال من مجالات عمله، من الواضح أن أبو هشيمة يؤمن بشدة بأن دعم الشباب، لا سيما عن طريق تنمية مهاراتهم في مجال ريادة الأعمال، هو شريان الحياة لمصر والدول العربية الأخرى. ولعل هذا هو السبب في أن توصيته للشباب في بلاده تنصب على تجاهل الخوف من الفشل – فوفقاً لما ذكره أبو هشيمة، لا توجد إخفاقات حقيقية في عالم الأعمال. وأوضح أبو هشيمة «الأمر يدور كلياً حول دراسات اقتصادية لها احتمالات مكسب وخسارة، ولكن حتى في حالة حدوث الخسارة، فهذا لا يعني أنك مخطئ، لأن هذه ببساطة هي طبيعة الأعمال التجارية، فهي دائماً تنصب على مكسب وخسارة. فعندما تحدث مشاكل في مشروع ما، أو تتعرض للخسارة فيه، فعليك أن تبحث عن وسيلة للخروج بأقل الخسائر، والدرس المستفاد من ذلك هو أنه لا يجب عليك التوقف عند السقوط أو الخسارة. بل على نقيض ذلك، اعتبرها خطوة تدفعك إلى العمل بجهد أكبر وإعادة تقييم الموقف قبل البدء في أي مشروع جديد لتجنب المزيد من الخسائر في المستقبل.»