مقال بقلم: محمد عيتاني
الجميع يحب المقايضة. سأكون كاذبًا إذا ذكرت أنني لا أحب المقايضات. تظهر أحدث الإحصائيات أن عدد سكان الإمارات يبلغ 9.6 مليون نسمة، وعدد سكان المملكة العربية السعودية يبلغ 33.7 مليون نسمة. كم من هؤلاء الأشخاص البالغ تعدادهم 43.3 مليون نسمة لا يحب دفع مبلغ أقل نظير أي شيء يشتريه؟ يُمكنني القول بأن العدد يبلغ حوالي صفر.
ولكن في بعض الأحيان – خاصة عندما يتعلق الأمر بشركة أمازون، يكون سعر الشراء منخفضًا – ولكن القيمة الفعلية مرتفعة.
حسنًا، دعونا أولاً نمنح أمازون الاعتماد الذي تستحقه. فهي واحدة من أكبر الشركات في العالم، حيث تبلغ قيمتها السوقية حوالي 1.5 تريليون دولار. ويعود الفضل لعمليات الشحن السريعة والإرجاع المجانيّ والأسعار المنخفضة والاشتراك المميز الذي توفره، حيث أصبحت الشركة هي المفضلة لدى المستهلكين. لا أستطيع تذكر عدد العناصر التي اشتريتها من أمازون. منذ عامين، استحوذت شركة أمازون على شركة سوق، وقبل عام أعادت تسميته أمازون في الإمارات العربية المتحدة، ومؤخراً أعادت تسميته أمازون في المملكة العربية السعودية.
ويمكنك أن ترى سبب اهتمام أمازون بهذا الجزء من العالم. فبحلول عام 2025، من المتوقع أن تبلغ قيمة سوق تجارة التجزئة المحلية 400 مليار دولار، ونصيب التجارة الإلكترونية منها يبلغ حوالي 100 مليار دولار. إنها فرصة استثمارية كبيرة للغاية وتستحق القتال عليها.
ولكن ما مدى عدالة هذه المعركة؟ أُجريت بعض الأبحاث حول ما الأمور الهامة حقًا – والسعر الذي أدفعه أنا وأنت نظير المنتجات التي نريدها. وفيما يلي ثلاثة أمثلة: سيكلفك أحمر الشفاه ماركة MAC Matte مبلغًا وقدره 95 درهمًا إماراتيًا في المتاجر الإماراتية، ولكنه معروض في أمازون الدولية نظير مبلغ وقدره 84.65 درهمًا إماراتيًا. أي أن سعره أقل بنسبة 11٪. يمكن توصيل زيت الشعر ماركة Kerastase الذي يتم بيعه مقابل 201 درهمًا في المتاجر إلى منزلك مقابل 161.2 درهمًا إماراتيًا – أي أقل بنسبة 20٪. كما أن بطاقة الذاكرة ماركة SandDisk والتي تباع مقابل 249 درهمًا إماراتيًّا في متجر شرف DG يمكن توصيلها إليك مقابل 202.4 درهمًا إماراتيًا – مما يوفر لك 19٪.
ولكن قبل أن تنطلق إلى صفحات الإنترنت وتبدأ في طلب كل ما تريده، يجدر بك التفكير في كل تأثير ذلك على تجار التجزئة، وخاصة أصحاب المتاجر الصغيرة منهم. ماذا يعني ذلك لرواد الأعمال؟
تجدر الإشارة إلى أن المنتجات القادمة من أمازون الدولية لن يكون عليها الالتزام بمعايير التصنيع المحلية. وغالبًا لن تكون مخصصة للسوق العربية المحلية. وغالبًا لن تكون متاحة في المخزون الموسمي بحيث لن تتمكن العلامات التجارية العالمية الكبرى من بيعها في أسواقها الأساسية.
ومع ذلك، حتى إذا كنت موافقًا على ذلك، فهناك مصير واحد فقط ينتظر تجار التجزئة المحليين: الفشل. شركاتنا المحلية الناشئة التي استثمرت مدخرات حياتها لتبدأ أعمالها التجارية ببساطة لا يمكنها منافسة شركة أمازون وستضطر إلى إغلاق أبوابها – وهو الأمر الذي حدث بالفعل في العديد من البلاد الأخرى التي بدأت أمازون عملها بها. حتى أكبر التجار في السوق يواجهون الآن تهديدًا خطيرًا لمستقبلهم.
ولكي تبقى أسواق تجار التجزئة تعمل في السوق، هناك حاجة إلى قدر أفضل من التنظيم. نعم، جميعنا نريد أسعارًا أقل وجميعنا نريد أن نرى المزيد من المنافسة. ولكن في نهاية المطاف هذا يعود إلى الوظائف المتاحة. حيث يحتاج المصنعون وتجار التجزئة والمنظمون إلى الاجتماع سويًا والتعاون فيما بينهم، وإلا ستتعرض آلاف الوظائف المحلية للخطر في السنوات القليلة القادمة.
بالطبع هناك مكان لأمازون في العالم العربي. وبالطبع يجب أن يكون لدينا حرية الاختيار لشراء ما نريد بالسعر الذي نريده. لكننا نحتاج أيضًا إلى حماية وظائفنا، بحيث يتوفر لدينا المال الذي نحتاجه لشراء ما نريد.