بقلم: شهزاد بهاتي، المؤسس والمالك لشركة “ذا كو-دبي”
مما لا شك فيه أنّ الشركات الصغيرة ستكون هي الفئة الأكثر تضررًا من جائحة فيروس كورونا المستجد التي نعايشها اليوم، بينما الشركات الكبرى لديها فرصة أفضل للنجاة منها ومواصلة أعمالها. وغالبًا ما تعتمد الشركات الصغيرة على التدفق النقدي طوال أشهر قليلة (على الأكثر)، لذلك عندما تتلقى ضربة قوية مثل التي تتلقاها من هذه الأزمة، يمكن أن تكون قاسمة ليس فقط لمالكها، ولكن أيضًا لموظفيها. لذلك، كيف يمكن أن تُكتب للشركات الصغيرة النجاة في خضم هذه الأوقات العصيبة القادمة في عام 2020؟ الإجابة على هذا التساؤل ليست سهلة، ولكن، نستعرض في الأسطر التالية بعض النقاط اللازمة لبدء التنفيذ والتخطيط على الأقل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
- عدم الاستسلام للخوف، والاعتناء بالنفس، والحفاظ على رباطة الجأش.
قد تكون هذه الأمور صعبة التحقيق، لا سيما عندما تخلو محفظتك من السيولة النقدية. ولكن، عليك دائمًا أن تعتني بنفسك بالطريقة التي تناسبك؛ فيمكنك – على سبيل المثال – تناول طعام جيد، وممارسة بعض التمارين الرياضية؛ حيث سيساعدك الاعتناء بنفسك على الحفاظ على هدوء أعصابك، مما ينعكس بدوره أيضًا على هدوء موظفيك، وفي نهاية المطاف، تحسّن عقلية الجميع واهتدائهم إلى أفكار مبتكرة تساعد على مواصلة السعي والمضي قدمًا. وفي حال واجهتك بعض القرارات الصعبة، خذ وقتًا لتحقيق التوازن لنفسك وعقلك قبل اتخاذ أي قرارات غير مدروسة بشأنها. وفي ظلّ هذه الظروف سريعة التبدّل والتغيّر، أحيانًا يفيد أن ترجع خطوة إلى الوراء لإعادة تقييم الوضع، وطلب آراء موثوق فيها، وكذلك تكوين منظور معين تجاه الأمور. واعلم أن الأمور ستتحسن، وأنك لست في هذا الوضع بمفردك. اطلب الدعم العاطفي من الآخرين أينما أتيحت الفرصة لذلك، ومتى احتجت إليه.
- الاستفادة من الموارد التي تقدمها المؤسسات الحكومية والمالية.
تباشر الحكومات في جميع أنحاء العالم إطلاق المبادرات الداعمة لأصحاب الأعمال الصغيرة، الأمر الذي يتطور يوميًا. عليك أن تسعى وراء التعرف على المستجدات بشأن الطريقة التي تساعد بها حكوماتك في خفض التكاليف، بالإضافة إلى المؤسسات المهمة الأخرى، كالمصارف التي لديها أيضًا مسؤولية اجتماعية. وفي حال كنت مسجلاً في سوق إضافي، عليك استكشاف خيارات الدعم في كلا السوقين؛ فعلى سبيل المثال، يمكنك مطالعة المزيد بشأن الدعم الذب تقدمه حكومة المملكة المتحدة للشركات الصغيرة هناك، ونحن أيضًا بانتظار أن نسمع من حكومة دبي عن مجموعة محفزات داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة هناك، وهو الأمر الذي سيتم إزاحة الستار عنه في القريب.
- وضع خطّة مالية لمدة ثلاثة أشهر.
عادةً ما تكون النفقات الأساسية واحدة بالنسبة إلى الشركات الصغيرة؛ حيث تشتمل على رواتب الموظفين، وإيجار المكاتب، وفواتير خدمات المرافق العامة، في حين تتنوع النفقات الأخرى بتنوع الصناعات.
عليك أن تتحدث مع من ترغب في أن تسدد نفقاته على مدار الأشهر الثلاثة القادمة (مالك العقار والمورّدون)، وحاول اكتشاف الخيارات المتاحة أمامك لتوزيع التكاليف. وعلى الأرجح سيكون لديهم أيضًا بعض الخيارات بالفعل، أو أنهم سيتفهمون الأمر؛ لأنه من مصلحتهم أن تحافظ على عملك. ويجب عليك دائمًا توخي الحذر عند وضع خطط سداد نفقات أي شركات صغيرة أخرى؛ نظرًا لأنها تحتاج هي الأخرى إلى حماية نفسها، لذلك يجب أن يكون الأمر عادلاً بالنسبة إليكما.
انظر إلى مواردك المالية الشخصية، وتحدث إلى من قد تعولهم للخروج بحوار واقعي حول كيفية التحكم في نفقاتك الشخصية طوال الأشهر الثلاثة المقبلة. ما النفقات الضرورية؟ وما الذي يمكن التخلّي عنه في الوقت الحالي؟ وإذا كان معك شريك يدعمك خلال تنمية عملك باعتبارك المعيل، فعليك التحدث معه بكل انفتاح وصدق بشأن خططك الفورية وطويلة الأجل المتعلقة بالعمل.
انظر أيضًا إلى الطرق التي يمكنك من خلالها خفض التكاليف، ولكن اجعل هذا ملاذك الأخير، لا سيما بعد أن شهدنا نحو شهرين على الأقل من الأضرار الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد. وعادةً ما ترتبط أعلى التكاليف الخاصة بك بموظفيك وإيجار مقر عملك. ربما يمكنك التوقف عن توظيف موظفين جدد بدوام كامل، والعمل – بدلاً من ذلك – مع موظفين مستقلين على أساس المشروعات المتاحة. كذلك، يمكنك التفكير في تقليص حجم مكتبك، واستخدام مساحة عمل مشتركة للحصول على آجال سداد أكثر مرونة يمكنك تحملها.
- السعي وراء اقتناص الفرص.
لا يصحّ أبدًا استغلال مثل هذه المحنة التي نمرّ بها، غير أنها يمكن أيضًا أن تمثّل صحوة لإعادة النظر في الطريقة التي كنت تؤدي أعمالك بها. وفي هذه الحالة، تساءل: هل بإمكان نموذج عملك التعايش مع التغييرات المصاحبة لجائحة فيروس كورونا المستجد؟ ما السلوكيات التي تتوقع صدورها عن عملائك في المستقبل؟ ما الذي سيهتمون لأجله؟ وما الذي سيعزفون عنه؟ وكيف يمكنك تلبية متطلبات نوعية العملاء الجديدة المحتمل ظهورها؟ هل يمكنك تحويل أي من منتجاتك أو خدماتك إلى النظام الرقمي، والبدء في تقديمها على شبكة الإنترنت؟ هل يمكنك استخدام التكنولوجيا الحديثة لتعويض أي خسائر في الأرباح من خلال استحدث طرق جديدة للتواصل مع عملائك؟
- تطوير مهارات الموظفين وتعزيزها.
عليك – متى أمكن – أن تبذل كل نفيس وغالٍ في سبيل استبقاء موظفيك؛ حيث إنّهم يعتمدون عليك. وإذا كنت تتولى إدارة فريق عمل ماهر، فيتعيّن عليهم مساندتك أيضًا. كما يمكنك تدريب موظفيك الحاليين على مهارات إضافية، لزيادة معدلات إنتاجيتهم وكفاءتهم، عوضًا من تعيين موظفين جُدد. وتتاح على شبكة الإنترنت العديد من الدورات التدريبية المتاحة بأسعار معقولة جدًا، والتي ستسمح لهم بالتركيز على جوانب أخرى من العمل متى تعطّل القسم الذي يعملون فيه؛ فعلى سبيل المثال، قد يتمكن فريق المبيعات من مساعدة فريق التسويق. لقد أطلقنا في “ذا كو دبي” دورة إلكترونية حول التسويق الرقمي للشركات الصغيرة، وهي تعدّ طريقة رائعة لتعلم كيفية إنشاء استراتيجيات التسويق الرقمي وتنفيذها، ويمكن حضورها والاستفادة منها من المنزل خلال فترة العزل التي تمرّ بها أنت أو فريقك. كذلك، يجب عليك البحث عن الدورات والموارد المشابهة لهذه الدورة، بما يتلاءم مع احتياجاتك، وكذلك ميزانيتك خلال هذه الأوقات.
نبذة حول الكاتب
يشغل شهزاد بهاتي منصب المؤسس والمالك لشركة “ذا كو-دبي”، وهي عبارة عن حاضنة أعمال توفر مساحات عمل مشتركة في مكان واحد، وواحدة من أولى مسرّعات الأعمال الصغيرة بشهادة معتمدة من مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة.