دبي – خاص
بقلم: سايمون هادسون، الرئيس التنفيذي لشركة برندستر
عملت طوال السنوات الأربع الماضية على إنشاء وتطوير الشركة التكنولوجية الناشئة “برندستر” (Brndstr) التي تتخذ من دبي مقراً لها. وخلال شهر ديسمبر الماضي، اتخذت قراراً بالتنحي عن منصبي كرئيس تنفيذي للشركة لأمهد الطريق أمام فريق تنفيذي جديد للمساعدة على الارتقاء بالشركة من شركة ناشئة إلى شركة عالمية ضمن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومنذ الإعلان عن هذه الخطوة، تلقيت عروضاً عديدة لتقديم بعض النصائح والاستشارات حول كيفية بناء شركة من الصفر، واستقطاب التمويل، والدروس التي تعلمتها خلال مرحلة إرساء الأساليب والإجراءات الصحيحة.
ورغم أنني لست متمرساً في مجال ريادة الأعمال أو تأسيس الشركات الناشئة، لكنني أرغب في مشاركة خبراتي آملاً في مساعدة أي رائد أعمال يتطلع لتأسيس شركته الخاصة أو لا يزال في المراحل الأولى من تطويرها. وتتناول المقالة التالية أكثر المجالات تحدياً بنظري، وكيف تغلبت عليها للنهوض بشركة “برندستر” لتصبح الاستديو رقم 1 لروبوتات الدردشة في منطقة الشرق الأوسط.
الفكرة ليست كل شيء
كثيرون ممن يقرؤون هذه المقالة لديهم فكرة يعتقدون بأنها ستكون أساساً لعمل ناجح، ولكنهم لا يعلمون من أين يبدؤون. ويقول كثير ممن أقابلهم “عندما نحصل على تمويل سنقوم بـ… “، ثم يسألوني كيف تمكنت من العثور على شركاء لزيادة رأس المال. في الحقيقة إن الفكرة وحدها لا تكفي. وفي عالم التكنولوجيا، نستخدم عبارة “منتج قابل للتطبيق بالحد الأدنى” لوصف العديد من الأفكار. ورغم أن هذا التقييم يشكل انطلاقة رائعة، لكن لا ينبغي أن ينحصر الاهتمام في هذه النقطة، حيث أن بناء نموذج أولي لفكرتك يساعدك في تحديد جدوى الفكرة من عدمها. فوجود شيء ملموس يمكن النظر إليه ومعاينته يساعد على ترجمة الفكرة إلى واقع وصقلها بالشكل الأمثل.
ومن أبرز الأخطاء التي يرتكبها الناس هو باستخدامهم لمنصات مثل “99 designs” أو اللجوء إلى التعاقد من الباطن مع أشخاص يعملون لحسابهم الشخصي لابتكار منتج قابل للتطبيق بالحد الأدنى. ورغم أن ذلك قد يشكل انطلاقة جيدة، لكن ينبغي إحاطة الموضوع من كافة جوانبه. فبمجرد الانتهاء من إعداد المنتج والتوجه إلى السوق لجذب التمويل، سيرغب المستثمرون بمقابلة الفريق والمؤسسين الذين وضعوا هذه الفكرة. وعليه، فإن العثور على الأشخاص المناسبين والموهوبين الذين يمكنك العمل معهم لساعات طويلة أمر بالغ الأهمية. لذا أنصح بالبحث عن شركاء ملائمين يمكنك استثمار الوقت والمال معهم، بدلاً من التعاقد من الباطن. وباعتقادي فإن تشكيل فريقك في وقت مبكر هو مفتاح نجاحك في المستقبل.
استقطاب التمويل
إن استقطاب تمويل لمشروعك ليس بالمهمة السهلة، وخاصة في سوق تنافسية مثل التكنولوجيا. لذلك عندما يطلب الناس مني مشورة بهذا الشأن، أسئلهم دوماً عن مقدار المبلغ الذي استثمروا به شخصياً أولاً. فعندما تكون جاداً في فكرتك وتتجرأ على استخدام أموالك الخاصة، فإن المستثمرين سيثقون بك وسيتأكدون من جديتك.
عندما بدأت بالبحث عن تمويل لشركة “برندستر” كنا حينها في عام 2012، وكانت بمثابة فكرة جديدة في دبي. ولم تكن فعاليات التواصل مألوفة هناك لذا أقمنا فعالية “ستارتب جريند”، وهي مجتمع عالمي لرواد الأعمال، في دبي بهدف توفير منصة تجمع الناس بالمستثمرين.
وأنصح أي شخص يبحث عن تمويل لمشروعه بتخصيص ميزانية من أمواله الشخصية، وبناء فريق ومنتج فعّال قبل ذلك. كما اؤكد على أهمية حضور الفعاليات، ومتابعة المدونات المحلية والشخصيات المؤثرة لبناء صورة واضحة حول المشهد العام. وهناك مقولة مفادها أن “الاختيار هو نصف فرصة”، ولكنك تحتاج أيضاً إلى استكشاف السوق وبناء شبكة من العلاقات.
النهج والأساليب
بعد أن تفتح شركتك أبوابها وتبدأ العمل بشكل رسمي، قد يشكل إرساء النهج والإجراءات الصحيحة أمراً صعباً إلى حد ما. فعندما تنضم إلى شركة ما يتم تزويدك بمجموعة من الأدوات لاستخدامها، مثل عناوين البريد الإلكتروني وبعض المستندات المتعلقة بالموارد البشرية لتوقيعها. ولكن الأمر يختلف عندما تكون مؤسس الشركة، إذ يقع على عاتقك توفير كل تلك الأدوات بنفسك.
ومن الأخطاء التي ارتكبتها في بداية تأسيس الشركة أنني كنت مندفعاً ووضعت العديد من الأدوات الجديدة، حيث كان لدينا أدوات دردشة داخلية، وأدوات تطوير البرمجيات، وأدوات للموارد البشرية والتصميم والدمج في جميع أنحاء الشركة. لذا أنصح جميع الراغبين بتأسيس شركة بالعودة أولاً إلى الأساسيات، وتبني أساليب عمل فعالة وموثوقة، ومن ثم تطويرها عندما يتسنى لهم الوقت لذلك. ولا يزال “مستند جوجل” البسيط من أفضل الخيارات بالنسبة لي منذ 4 سنوات.
يعتبر تأسيس شركة من أكبر التحديات التي قد تواجه شخصاً ما بلا شك. لكن في حال كنت مستعداً للإعتراف بأخطائك وإجراء بالتغييرات اللازمة وتطوير أساليبك باستمرار، فإنك ستتمكن حينها من بناء شركة ناجحة ومتميزة. وتذكر دوماً بأنه لا توجد قواعد محددة للعمل، فقط احرص على الاستمتاع به عند إنجازه.