ايمان مصطفى – خاص
تفترض النظرية المالية التقليدية أن المشاركين في الأسواق يتخذون قرارات عقلانية في معظم الأحيان، إلا أن ذلك ليس صحيحًا.
في كثير من الأحيان تؤثر العواطف والحالة النفسية على القرارات التي يتخذها المستثمرون، مما يتسبب في تصرفهم بطرق غير عقلانية أو لا يمكن التنبؤ بها.
لذلك يهدف التمويل السلوكي، وهو مجال جديد نسبيًا، إلى جمع النظرية السلوكية وعلم النفس المعرفي مع التمويل والاقتصاد التقليدي، لمعرفة أسباب اتخاذ الأشخاص قرارات مالية غير عقلانية.
ما أهمية التمويل السلوكي؟
هناك عدة نظريات مثل نموذج تسعير الأصول الرأسمالية، وفرضية كفاءة السوق، التي تفترض أن معظم الناس يتصرفون بطريقة عقلانية.
ورغم أن هذه النظريات كان يُنظر لها بكونها فعالة في التنبؤ، وقادرة على تفسير أحداث معينة، إلا أنه بمرور الوقت وجد الأكاديميون بعض السلوكيات المخالفة التي لا يمكن التنبؤ بها فيما يخص التمويل والاقتصاد.
فالاقتصاد التقليدي يرى أن العواطف والعوامل الخارجية الأخرى لا تؤثر على قرارات الأشخاص عندما يتعلق الأمر بالخيارات الاقتصادية، إلا أن العالم الواقعي أثبت أنه مكان فوضوي يمكن أن يتصرف فيه المشاركون في الأسواق كثيرًا بطريقة غير منطقية.
وقد دفع ذلك الأكاديميون إلى اللجوء إلى علم النفس المعرفي، لتقييم التصرفات غير العقلانية وغير المنطقية، التي أخفق التمويل الحديث في تفسيرها.
عيوب نظريات التمويل السلكوي..
اكتسبت نظرية التمويل السلوكي داعمين لها في السنوات الأخيرة، لكن على الجانب الآخر كان هناك منتقدون لها.
من أبرز منتقديها “يوجين فاما” الذي طور نظرية كفاءة السوق، والتي تنص على أن أسعار الأسهم في سوق الأوراق المالية الكفؤ تعكس جميع المعلومات المتوفرة والمتعلقة بالسوق، لذلك فهي محصلة لآراء جميع المستثمرين.
وينتقد “فاما” التمويل السلوكي لأنه يرى أنه على الرغم من وجود بعض الحالات غير المنطقية التي لا يمكن للنظرية المالية الحديثة تفسيرها، إلا أنه لا يمكن التخلي عن نظرية كفاءة السوق تمامًا من أجل التمويل السلوكي.
ويقول “فاما” إن العديد من أوجه القصور الموجودة في النظريات التقليدية يمكن اعتبارها أحداث قصيرة الأجل يتم تصحيحها في النهاية بمرور الوقت، في حين أن العديد من نتائج التمويل السلوكي تبدو متناقضة مع بعضها البعض.
“خطأ المقامر” في علم التمويل السلوكي
وفي علم التمويل السلوكي، عندما يتعلق الأمر بالاحتمالات فإن عدم الفهم يمكن أن يؤدي إلى افتراضات وتوقعات غير صحيحة، وتسمى إحدى هذه التوقعات غير الصحيحة “خطأ المقامر“.
وتتحقق نظرية “خطأ المقامر” عندما يعتقد الفرد (بالخطأ) ضعف احتمالية وقوع حدث عشوائي معين بعد وقوع مجموعة من الأحداث.
وتعد هذه الطريقة في التفكير غير صحيحة، لأن الأحداث الماضية لا تغير من احتمالية وقوع أحداث معينة في المستقبل.
فعلى سبيل المثال، عند إلقاء قطعة نقود معدنية 20 مرة، وتقع العملة في كل مرة من هذه المرات على وجهها، فمن الممكن بتفكير “خطأ المقامر” أن يتنبأ الشخص بأن العملة في المرة التالية أكثر احتمالاً للوقوع على ظهرها.
وهذه الطريقة في التفكير خاطئة لأن كل مرة يتم إلقاء العملة فيها تكون حدثًا مستقلاً، مما يعني أن جميع المرات السابقة ليس لها تأثير على المرات التالية.
مخاطر “الثقة المفرطة” في علم التمويل السلوكي..
ووفقًا لدراسة بعنوان “السلوك السيء” عام 2006، وجد الباحث “جيمس مونتييه” أن 74% من 300 مدير صندوق شملهم الاستطلاع، يعتقدون أنهم حققوا أداءً وظيفيًا أعلى من المتوسط.
في حين أن أغلبية النسبة المتبقية ( 26%) اعتبروا أداءهم متوسطًا، وهو ما يعني أن أغلبية مدراء الصناديق رأوا أداءهم متوسطًا أو أفضل من المتوسط، وهو ما يعكس الثقة المفرطة لديهم.
وهناك خيط رفيع بين الثقة والثقة المفرطة، فالأولى تعني الثقة الحقيقية والواقعية في قدرات الشخص، بينما الثانية تعني التقييم المبالغ به لمعرفة الشخص لذاته وتقييمه لقدرته على السيطرة على المواقف.
وعند الاستثمار يمكن أن تضر الثقة المفرطة بالقدرة على اختيار الأسهم الأفضل للشراء على المدى الطويل.
ووفقًا لدراسة أجراها الباحث “تيرنس أوديان” عام 1998، فإن المستثمرين الذين لديهم ثقة مفرطة يعقدون صفقات أكثر من المستثمرين ممن لديهم ثقة أقل.
ووجد “أوديان” أن المستثمرين الذين لديهم ثقة مفرطة يعتقدون أنهم يختارون أفضل الأسهم وأفضل الأوقات للاستثمار.
لكن على الجانب الآخر خلص “أوديان” إلى أن المستثمرين الذين قاموا بمعظم الصفقات حصل معظمهم في الحقيقة على عوائد أقل بكثير من السوق.