دبي 4 ديسمبر 2024
تُسجّل أسعار المنازل في دبي حاليًا زيادة بنسبة 19.9% مقارنةً بما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي. ومع استمرار الطلب المرتفع دون تراجع، يُتوقّع أن ترتفع قيم العقارات السكنية بنسبة إضافية تبلغ 8% خلال عام 2025، وفقًا لما أعلنه فريق وكالة العقارات السكنية في الشرق الأوسط لدى شركة الاستشارات العقارية العالمية “نايت فرانك”، وذلك كما ورد في النسخة الخاصة من تقرير “مراجعة سوق العقارات السكنية في دبي” الصادر من الشركة
يستمر سوق العقارات السكنية في دبي تحقيق طلب استثنائي، كما يتضح من الارتفاع الكبير في معاملات العقارات خلال عام 2024. ففي الربع الثالث من عام 2024، بلغ عدد المعاملات 47,269 معاملة، وهو أعلى رقم ربع سنوي تم تسجيله على الإطلاق، مما يمثل زيادة بنسبة 41.8% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023
وخلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 فقط، تم تسجيل 121,978 عملية بيع للمنازل، متجاوزةً إجمالي عدد المعاملات المسجلة طوال عام 2023
بلغ إجمالي قيمة الصفقات بين يناير وسبتمبر 2024 أكثر من 306.3 مليار درهم إماراتي، بزيادة قدرها 36% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023. وفي الربع الثالث وحده، وصلت قيمة المبيعات إلى 116.8 مليار درهم إماراتي، وهو رقم قياسي غير مسبوق
أوضح فيصل دوراني، شريك ورئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “تستمر أسعار المنازل في دبي في الارتفاع نتيجة الطلب المستمر. وكما هو متوقع، تواصل أسعار السوق الرئيسية في الارتفاع، حيث زادت بنسبة 4.3% خلال الربع الثالث، مما رفع الأسعار في جميع أنحاء المدينة بنسبة 19.9% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، مدعومة جزئيًا بالتراجع في عدد المنازل المتاحة للبيع. فقد شهدت المدينة انخفاضًا بنسبة 30% على أساس سنوي في عدد قوائم العقارات.
زيادة على ذلك، استمر معدل بيع المنازل الفاخرة في الارتفاع أيضًا، حيث تضاعف ثلاث مرات خلال الأشهر الـ 18
الماضية، ليصل إلى بيع ما يقارب منزلًا واحدًا من “بين كل خمسة منازل معروضة بين يونيو وسبتمبر
إمدادات المساكن
يسعى المطوّرون العقاريون لتلبية المستويات المتزايدة من الطلب على السكن، وتشير تقديرات شركة نايت فرانك إلى أن ما يقرب من 300,000 منزل من المتوقع تسليمها في دبي بين الآن ونهاية عام 2029.
تشكل الشقق السكنية نسبة 80.1% من إجمالي العرض المتوقع بحلول عام 2029، بينما تمثل الفلل 17.4% من هذا العرض.
تتوقع شركة نايت فرانك أن يستمر نقص الفلل في دبي، حيث من المتوقع تسليم 8,900 فيلا جديدة فقط بحلول نهاية عام 2024، و19,700 فيلا إضافية بحلول نهاية عام 2025.
وقد أجرت الشركة ثلاثة سيناريوهات لنمو السكان لفهم التفاوت المحتمل بين العرض والنمو السكاني المتوقع مستقبلاً:
خلال السنوات الست عشرة المقبلة، حتى عام 2040، تتوقع نايت فرانك أن تحتاج دبي إلى توفير ما بين 37,600 إلى 87,700 منزل سنويًا لاستيعاب عدد سكان يتراوح بين 5.8 و8.6 مليون نسمة، وذلك بناءً على معدلات نمو سكاني منخفضة وعالية.
وفي حال افتراض تأخيرات تاريخية في تسليم الوحدات السكنية بنسبة تصل إلى 30% سنويًا، فإن من المتوقع أن يتم الانتهاء من 210,000 وحدة فقط خلال السنوات الست المقبلة، أي بمعدل 35,000 منزل سنويًا. هذا يشير إلى احتمال وجود عجز طويل الأمد في الوحدات السكنية، رغم الطبيعة الدورية للسوق والمخاطر المرتبطة بزيادة الأسعار المستمرة.
قال بيتري مانّيلا، الشريك ورئيس قسم العقارات الفاخرة في الإمارات العربية المتحدة:“إن محدودية المواقع المتوفرة في المواقع الرئيسية بالمدينة تسهم أيضًا في ارتفاع أسعار المنازل التي تُباع على المخطط، في حين أن الأسواق الثانوية تشهد أيضًا نموًا ملحوظًا في الأسعار، خاصةً عندما يتم تجديد المنازل القديمة.
ورغم أنه قد يبدو أن هناك عجزًا طفيفًا في العرض اللازم لاستيعاب النمو السكاني المتزايد في دبي، إلا أن نقص مواقع التطوير والمنازل المتاحة للبيع، سواء على المخطط أو الجاهزة، سيستمر في توسيع الفجوة بين الأحياء الفاخرة في المدينة وبقية مناطق دبي”.
مخاطر السوق
رغم التوقعات باستمرار عدم التوازن بين العرض والطلب، الذي يُتوقع أن يدعم نمو أسعار المنازل على المدى الطويل، حددت نايت فرانك ثلاثة مخاطر رئيسية قد تواجه سوق العقار في دبي:
التباطؤ الاقتصادي العالمي (مخاطر مرتفعة):تتمثل المخاطر الكلية على قطاع العقار أساسًا في التأثيرات الناتجة عن التباطؤ الاقتصادي العام، أو الهبوط الناعم للاقتصاد، أو حتى الركود. أي من هذه السيناريوهات قد يؤدي إلى تقليل نمو السكان وإضعاف الثقة في السوق السكنية، وهو ما يمثل التهديد الأكبر للسوق العقاري في دبي.
تقلب أسعار النفط (مخاطر متوسطة):رغم أن الإمارات نجحت بشكل كبير خلال العقد الماضي في تقليل اعتمادها المالي على النفط، إلا أن دبي قد تتعرض لتداعيات انخفاض أسعار النفط عالميًا. فترة طويلة من انخفاض أسعار النفط قد تؤدي إلى تقليل خطط الإنفاق الحكومي عبر منطقة الخليج، مما قد يؤدي إلى تباطؤ معدلات النمو في دبي. ومع ذلك، تشير نايت فرانك إلى أن السعر الفاصل للنفط في ميزانية الإمارات قد ساعد منذ عام 2017 في فك الارتباط الواضح بين أداء قيم العقارات السكنية وأسعار النفط.
ارتفاع أسعار النفط بسبب التوترات الإقليمية قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وزيادة معدلات التضخم عالميًا. في مثل هذا السيناريو، من المحتمل أن ترتفع أسعار الفائدة، مما قد يقلل النشاط في السوق العقارية بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض سواء للشراء أو التطوير. ومع ذلك، فإن السوق العقاري في دبي محمي جزئيًا من أي زيادات مفاجئة في أسعار الفائدة، حيث إن 88.7% من مبيعات العقارات السكنية هذا العام تمت عبر عمليات شراء نقدية.
المنافسة الإقليمية (مخاطر منخفضة):تواصل دبي، عبر مينائها الرئيسي جبل علي، الحفاظ على مكانتها كمركز لوجستي رائد في المنطقة. وبالمثل، ساهم مطار دبي الدولي في ترسيخ مكانة دبي كأهم مركز للسفر والسياحة في المنطقة، حيث حافظ على تصدره كأكثر المطارات الدولية ازدحامًا على مدار 10 سنوات متتالية، واحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث الازدحام في عام 2023.
قال شهزاد جمال، شريك في قسم الاستراتيجيات والاستشارات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا:”في حين أن مدنًا أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي تستثمر بشكل كبير في إصلاح اقتصاداتها وإعادة ابتكارها، فإن ذلك لا يُعتبر تهديدًا فوريًا لمكانة دبي كمركز رئيسي للسفر والسياحة والتجارة في المنطقة. وفي الواقع، مع تعداد سكان يقترب من 57 مليون نسمة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، يمكن بسهولة استيعاب مدينة بوابة عالمية ثانية، سواء كانت في الرياض أو أي مكان آخر.”
التوقعات لعام 2025ة
لإعداد توقعات الأسعار لسوق العقار السكني في دبي لعام 2025، قام فريق وكالة العقارات السكنية في نايت فرانك بتحليل بيانات السوق التاريخية بعناية، ودمجها مع خبراتهم السوقية لتكوين رؤية داخلية تأخذ في الاعتبار الدورة الحالية للنمو التي تبلغ 4.5 سنوات.
واصل فيصل دوراني حديثه قائلًا:”بعد ما يقارب خمس سنوات كاملة من النمو، نتوقع أن يبدأ معدل نمو أسعار المنازل في التباطؤ خلال عام 2025. وعند الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة التي قد تؤثر سلبًا على السوق، وأهمها خطر التباطؤ الاقتصادي العالمي، يرى فريقنا أن سوق العقار السكني سيسجل زيادة متوسطة في الأسعار بنسبة 8% خلال 2025.
“أما بالنسبة لسوق العقارات السكنية الفاخرة في دبي، فبعد تحقيق زيادة بنسبة 6% خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، نتوقع أن تنهي الأسعار عام 2024 بما يتماشى مع توقعاتنا الأصلية التي أصدرناها في خريف العام الماضي والتي بلغت 5%. أما في عام 2025، فإن فريقنا يتوقع أن يكون النمو أكثر تواضعًا وبالقرب من 5%، وهو ما يعزز النمو الذي بلغ 44.4% في عام 2022 و16.3% في العام الماضي”.
وتشير نايت فرانك إلى أن سوق الفلل الفاخرة كان الأداء الأبرز، لا سيما في المواقع الراقية أو المطلة على الواجهة البحرية، مثل نخلة جميرا وجزر جميرا، حيث أصبحت القيم الحالية تقارب ضعف مستوياتها في عام 2014.
الثروة العقارية
أجرت نايت فرانك تحليلًا لعدد المنازل في دبي التي تتجاوز قيمتها مليون دولار أمريكي لفهم التركيز المتزايد للثروة في الإمارة.
من خلال تتبع تطور أسعار المنازل بمرور الوقت، تمكنت الشركة من تحديد ما يُعرف بـ “المليونيرات بالصدفة”، أي أصحاب المنازل الذين اشتروا عقارات بأقل من مليون دولار وأصبحت قيمتها الآن تتجاوز هذا الرقم بسبب التضخم في الأسعار فقط. وتم احتساب المنازل التي لم تُباع منذ شرائها فقط ضمن هذه الفئة.
قال فيصل دوراني:”من بين 530,000 منزل تم بيعها منذ عام 2002، تُظهر تحليلاتنا أن 95,000 منزل منها تزيد قيمتها اليوم على مليون دولار أمريكي، وهو ما يعادل إجمالي قيمة مجتمعة تبلغ 822 مليار درهم إماراتي.
“ما يثير الدهشة حقًا هو معدل نمو عدد المنازل التي يزيد قيمتها عن مليون دولار في دبي، حيث قفزت من 6.3% من إجمالي المبيعات في عام 2020 إلى 18.1% اليوم. وهذا يعني أن ما يقارب منزلًا من بين كل خمسة منازل في دبي يتجاوز قيمته مليون دولار”.
كما تُظهر تحليلات نايت فرانك أن إجمالي قيمة جميع المنازل التي تم بيعها في دبي منذ عام 2002 يبلغ حاليًا 1.47 تريليون درهم إماراتي، بزيادة قدرها 221% منذ عام