وانطلقت اللعبة…
من المتوقع أن ينتقل تأثيرها الاقتصادي من مجرد لعبة إلى ازدهار ملموس
بقلم ديفينا ديفيشا
قُدّرت قيمة سوق الألعاب الإلكترونية العالمية بما يتراوح بين 225 مليار و250 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وفقًا لعدّة تقارير – وتشير التوقعات إلى أنها ستبلغ أكثر من 600 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030. وأيًا تكن الزاوية التي تنظر منها إلى الأمر، فهي تجارة مربحة.
وعليه، تتطلّع المملكة العربية السعودية إلى الارتقاء في هذا المجال – وهو ليس بالأمر المفاجئ في ظلّ رؤية البلاد 2030 التي تهدف إلى التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط. وتأمل الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية في جعل البلاد مركزًا عالميًّا في هذا القطاع بحلول عام 2030، مع اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق ذلك. ومن تأسيس مجموعة Savvy Games المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، وإطلاق الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، وصولًا إلى تحوّلها إلى أكبر مستثمر خارجي في Nintendo (تمتلك حاليًّا 8.26% من الأسهم)، والاستحواذ على حصص في شركة الألعاب الكورية Nexon وشركة ألعاب الفيديو الأمريكية Activision Blizzard – من الواضح أنّ الأنشطة لا تُحصى في هذا المجال.
وقد خصّصت مجموعة “سافي” التابعة لصندوق الاستثمارات العامة مبلغ 39 مليار دولار لضخّه في صناعة الألعاب الإلكترونية، بهدف إنشاء 250 شركة في هذا القطاع على مدى الستة أعوام القادمة، وخلق ما يصل إلى 40 ألف فرصة عمل. وكانت المجموعة قد اتخذت قبل ذلك خطوات سبّاقة أخرى، حيث استحوذت على شركة ألعاب الجوالات الأمريكية Scopely ومجموعة ESL FACEIT للرياضات الإلكترونية التي مقرّها في المملكة المتحدة، كما استثمرت في شركة VSPO الصينية الناشئة لتنظيم وإدارة فعاليات الرياضات الإلكترونية. ولا زالت القائمة في أوّلها!
غير أنّ سوق الألعاب الإلكترونية في المملكة العربية السعودية ليس سوقًا يمكن التلاعب به. فقد أشار تقرير مجموعة بوسطن الاستشارية الجديد الخاص بقطاع الألعاب الصادر في يونيو 2023 أنّ المملكة العربية السعودية تمثّل ما يقرب من 45% من سوق الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقيمة 1.8 مليار دولار. كما أظهر تقرير “توقّعات سوق ألعاب المملكة العربية السعودية لعام 2023” الصادر عن AstroLabs بالتعاون مع شركة IMPACT46 ومنصّة الألعاب الإلكترونية PLAYHERA أنّ 81% من اللاعبين ومطوّري ألعاب الفيديو الذين شملهم الاستطلاع متفائلون بشأن نموّ هذه الصناعة في العام المقبل، مع نسبة أكثر من 60% عزت هذا النموّ إلى استثمارات الدولة في هذا القطاع.
أمّا من وجهة نظر المستهلك، فالألعاب هي ظاهرة ثقافية. ويقول رالف رايشرت، الرئيس التنفيذي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية: “مع وجود حوالي 70% من السكان تحت سن 35 عامًا وحوالي 23.5 مليون لاعب يشكّلون تقريبًا 67% من إجمالي السكان، باتت الألعاب عنصرًا أساسيًّا في الحياة اليومية للعديد من السعوديين. ولا تقتصر هذه الطفرة في الألعاب على التركيبة السكانية التقليدية؛ فما يقرب من نصف اللاعبين الجدد في البلاد هم من النساء. فعاليّات كثيرة مثل “موسم الجيمرز” Gamers8، والتي اجتذبت أكثر من 1.4 مليون زائر إلى الرياض وزادت نسبة المشاهدة العالمية ثلاث مرّات مقارنة بالعام السابق، تسلّط الضوء على الشعبية الهائلة للألعاب الإلكترونية وتأثيرها الثقافي في المملكة. علاوة على ذلك، فإنّ خطة الحكومة السعودية لاستثمار أكثر من 6.4 مليار دولار لدعم التقنيات المستقبلية، من ضمنها الرياضات والألعاب الإلكترونية، تؤكّد على أهمية القطاع في المجالين الثقافي والاقتصادي. هذا واستثمر لاعبون محليّون رئيسيّون، على غرار مجموعة “سافي”، فبرزوا بقوّة على الساحة، وما زالت 75% من أموالهم المخصّصة غير موزّعة حتى الآن – ممّا يشير إلى أنّ النمو آخذ في التصاعد”.
عقلية قائمة على اللعب الجماعي
إنّ إطلاق شركات ألعاب محليّة وخلق فرص العمل، فضلًا عن تطوير ألعاب تحاكي تفضيلات المواطنين السعوديين والمنطقة ككلّ، نتج عنه دعم واسع النطاق لإنشاء الشركات وتدريب الأشخاص ضمن هذه المنظومة. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 51% ممّن شملهم الاستطلاع في تقرير Astrolabs أنّ هناك طلبًا كبيرًا على الألعاب المحمولة المطوّرة محليًّا. وهو ما يتجلّى في ازدياد أعداد مطوّري الألعاب المحليّين ونجاحهم في هذا المجال.
من بين الشركات المساهمة في هذا المجال تبرز شركة إدارة الأصول Merak Capital، التي تنشط في تعزيز تطوير الألعاب المحلية. تحقيقًا لهذه الغاية، ووسط انطلاق النسخة السابعة من “مبادرة مستقبل الاستثمار” في أكتوبر 2023، استضافت الشركة أيضًا “ليلة استثمار الألعاب”، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية وشركة الاستثمار الجريء في مجال الألعاب Griffin Gaming Partners. واستعرض الحدث، الذي حضره روّاد الصناعة، إمكانات قطاع الألعاب السعودي، كما شكّل منصّة لمناقشة فرص الأعمال، واتجاهات ومستقبل الألعاب الإلكترونية في المملكة.
ويشير أحمد الجبرين، الشريك في ميراك كابيتال، إلى أنّ الدعم الحكومي لهذه الصناعة من شأنه أن يؤدّي إلى نتائج ملموسة: “هناك برامج لتغطية دورات التمويل بأكملها منذ البداية، وربما ما قبل البداية مع التغطية الكاملة لسلسلة القيمة. نحن نؤمن أنّ هذه الإستراتيجية ستؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء منظومة قادرة على إنتاج ألعاب AAA تحقّق نجاحًا مبهرًا (ألعاب ذات ميزانيات تطوير وتسويق أعلى من المستويات الأخرى، ينتجها ويوزعها عادةً ناشرون كبار) وتجذب جمهورًا عالميًّا. هي مشاريع سيطلقها أشخاص مقيمون في السعودية، وبدعم وتمويل من أشخاص مقيمين في السعودية… ولن يقتصر تأثير ذلك على الناحية الاقتصادية فحسب، بل سيخلق حسًّا اجتماعيًّا أيضًا”.
كما يشدّد أحمد الجبرين على أهميّة سرد القصص من خلال الألعاب التي تلقى صدى لدى الجمهور المحلي، خاصة في ما يتعلق بتحدّيات التجسيد التاريخي لشخصيات الشرق الأوسط في الألعاب الإلكترونية العالمية. ويقول الجبرين: “لقد نشأتُ على ألعاب كان فيها الشرير شخصًا يشبهني، وكان عليّ أن أطلق النار على هذا الرجل للتقدم إلى المستوى التالي. بالعودة إلى الوراء، أزعجني هذا الأمر. كطفل، شعرت بانسلاخٍ عن ثقافتي، مع سماعي لقصص من منظور مختلف لم يكن حتمًا ملائمًا”. لكنّ الجبرين يشير إلى أنّ تغييرًا يحدث في هذا الصدد. “لقد ذهبنا إلى أيام العروض التوضيحية بدعم من Ignite [المبادرة التي يقودها “مجلس المحتوى الرقمي” في المملكة العربية السعودية لتعزيز مشاركة المملكة في مجال المحتوى عبر الإنترنت] ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وبالنظر إلى الإنتاجات المبكرة للألعاب – إنّه لشعور رائع ومثير للاهتمام أن تشاهد أشخاصًا يشبهونك ويتحدّثون مثلك، حيث لا تُعتبر على هامش اللعبة”.
في هذا الصدد أيضًا، يشير عبد الإله الشريف، مساعد استثمار أوّل في شركة ميراك كابيتال، إلى اللبنات الأساسية التي تساعد في نموّ منظومة تطوير الألعاب الإلكترونية في المملكة، ويقول: “تقوم الأكاديمية الرقمية السعودية (SDA) بعمل رائع من خلال برامج التعليم والتدريب الاحترافي في مجال تطوير وتصميم الألعاب الإلكترونية، والجرافيكس، وكافة جوانب سلسلة التوريد التي تدخل في الألعاب. أتذكّر تنظيم معسكر تدريبي لتطوير الألعاب قبل سبع سنوات، قاد الخطوات الأولى لمحاولة الوصول إلى الأفراد المهتمّين بتطوير الألعاب. وفي مقارنة بين الأمس واليوم، فقد نمت الصناعة بشكل هائل – من خلال Ignite ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى جانب برامج الحضانة، ومسرّعات الأعمال والاستثمارات، وبرامج التعليم، ومختبرات التصميم، والواقع الافتراضي، ومختبرات الواقع المعزّز وتعاونها مع الجامعات. يقوم الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية بالتدريب الاحترافي في هذا القطاع. ومن الجانب التجاري، من المثير رؤية ما تقوم به مجموعة “سافي” بالتعاون مع Steer Studios [استوديو تطوير الألعاب التابع لها]، حيث تعمل على نقل المعرفة باستقدام مواهب عالمية من أعلى المستويات إلى السعودية”.
يعود رالف رايشرت ليؤكّد على أهمية هذا التطوّر، فيقول: “يفتح تأسيس دوريّات وبطولات منظمّة للرياضات الإلكترونية آفاقًا احترافية للّاعبين، ويخلق مسارات واضحة للّعب الاحترافي، ممّا يضفي شرعيّة على الرياضات الإلكترونية كمهنة بحدّ ذاتها. وفي الوقت نفسه، تنبثق المنصّات التعليمية وأكاديميات الألعاب الإلكترونية لتحتضن مواهب المستقبل”. ولكن، لا يزال خيار الألعاب الإلكترونية كمهنة في مراحله الأوّلية – ووفقًا لتقرير Astrolabs، حصل 33% من اللاعبين المحترفين على مردود مالي معيّن من المحتوى، بينما قال 58% من المشاركين إنهم لم يكسبوا أيّ مردود ثابت أو متقطع من اللعب الاحترافي حتى الآن.
في الوقت نفسه، تُعَدّ شركة طماطم، الناشرة لألعاب الهاتف المحمول، شركة أخرى تساهم بنشاط في نموّ صناعة الألعاب السعودية من خلال رعايتها للمواهب المحليّة. ويقول حسام حمو، المؤسّس والرئيس التنفيذي للشركة: “ننجح في تحقيق ذلك من خلال تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية خاصة بتطوير الألعاب الإلكترونية بهدف مساعدة مطوّري الألعاب الطموحين على اكتساب المهارات التي يحتاجونها لتحقيق النجاح من خلال الشراكة مع العديد من المنظّمات السعودية. هذا ونستضيف أيضًا مسابقات وفعاليّات لتطوير الألعاب ونشارك فيها كلّما أمكن ذلك”. في الوقت نفسه، تسعى الشركة إلى تطوير أو نشر ألعاب جديدة للهواتف المحمولة مصمّمة خصّيصًا لتناسب أذواق اللاعبين في المملكة العربية السعودية والمنطقة ككلّ. ويضيف حسام حمو: “نخطّط أيضًا لتوسيع عروض الرياضات الإلكترونية، والشراكة مع مطوّري الألعاب العالميّين لتحقيق المزيد من النجاحات العالمية في المملكة العربية السعودية”.
اتّجاهات وفرص
عندما يتعلّق الأمر بالرياضات الإلكترونية، فإنّ المملكة العربية السعودية تبرز كقوّة عملاقة حقيقية في هذا المجال. ويسلّط رالف رايشرت، الرئيس التنفيذي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية، الضوء على التزام المملكة غير المسبوق بقطاع الألعاب، مشيرًا إلى مكانتها المستقبلية كرائدة عالميّة في الرياضات الإلكترونية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ إنشاء “الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية” يعكس طموح المملكة لقيادة مشهد الألعاب العالمي، حيث تشكّل الرياضات الإلكترونية جزءًا لا يتجزّأ من هذا القطاع. من الشركات الكبرى الراعية لبطولات الرياضات الإلكترونية، إلى خطّة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لتطوير البنية التحتية للرياضة، بالإضافة إلى تشكيل الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية (SEF)، وكأس العالم للرياضات الإلكترونية الممتدّ على ثمانية أسابيع والذي انطلق من مدينة الرياض في صيف 2024، هناك الكثير لنتطلّع إليه حقًّا.
ويقول رايشرت: “هي فكرة سبّاقة أن تقوم دولة بإنشاء استراتيجية وطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية ووضعها على قائمة الأولويات الوطنية. وما لم تكن قد زرت البلاد مؤخّرًا، فمن الصعب أن تفهم هذا الطموح. فمع إطلاق مجموعة “سافي” كشركة رائدة أصبحت اللاعب المهيمن في صناعة الألعاب الإلكترونية، ونجاح “موسم الجيمرز” Gamers8، وصولًا إلى كأس العالم للرياضات الإلكترونية برئاسة ولي العهد نفسه، وإطلاق الهيئة السعودية للرياضات الإلكترونية والألعاب، والعديد من الأنشطة الجماهيرية الأخرى التي تمّ تنظيمها في كافة أنحاء المملكة بدعم من الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية (SEF)، يمكن التأكّد أنّ هذا أمر لم تشهده أي دولة في مثل هذا الوقت القصير – خاصة في نقطة التحوّل هذه في الألعاب والرياضات الإلكترونية”.
يفتح مشهد الرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية أيضًا أبوابًا لا تحصى من الفرص للّاعبين المحليين. ويشير رايشرت إلى أنّنا “نشهد اليوم على الإمكانات الهائلة لممارسي الرياضات الإلكترونية في المملكة. فقد تُوّج المنتخب السعودي بطلًا للعالم في كأس العالم لبطولة Overwatch، وأصبحت أندية الرياضات الإلكترونية المحلية مثل Team Falcons أو Twisted Minds أكثر قدرة على المنافسة على المسرح العالمي (وصل فريقTeam Falcons السعودي إلى المباراة النهائية لبطولة “روكيت ليج” في مواجهة البطل النهائي Vitality بنتيجة 5-8)، وبات الرياضيون السعوديون يتألّقون في مجال الرياضات الإلكترونية في لعبة الفيفا، إحدى أكثر الألعاب شهرة في المنطقة، إضافة إلى إحراز ألقاب بارزة أخرى. أظنّ أنّها نقطة البداية فقط، حيث ستزداد السنوات القليلة المقبلة إثارة لكلّ من يهتم بهذه الرياضة – من لاعبين، ومشجّعين، وأصحاب المصالح، وغيرهم”.
وبالنظر إلى هذا كلّه، هل لا يزال مستغربًا أن تتدفّق الاستوديوهات وشركات الألعاب العالمية إلى المملكة؟ على سبيل المثال، وجدت شركة Blowfish Studios، ومقرّها سيدني، فرصًا مغرية للنموّ والمساهمة في مشهد الألعاب الإلكترونية في المملكة العربية السعودية. وأعرب بنيامين لي، المؤسس المشارك لشركة “بلوفيش استوديوز”، عن اهتمامه الشديد بسوق الألعاب في المملكة، قائلًا: “مع إيرادات متوقّع وصولها إلى 998.20 مليون دولار بحلول عام 2024، وفقًا لـ Statistica، ومعدّل نموّ سنوي مذهل يبلغ 8.53%، فإنّنا نعتبر المملكة العربية السعودية فرصة مثيرة للتوسّع. ومن خلال الاستفادة من هذا النموّ الكبير في السوق بشكل استراتيجي، فإنّنا نضمن المكانة الفعّالة للشركة على الساحة السعودية للألعاب الإلكترونية. في أواخر العام الماضي، أعلنت شركتنا الأم Animoca Brands وصندوق NEOM الاستثماري عن شراكة استراتيجية واستثمار بقيمة 50 مليون دولار لدفع مبادرات الويب 3 الإقليمية. ومن خلال توقّع زيادة في عدد المستخدمين إلى 2.8 مليون بحلول عام 2027 وزيادة متوسط الإيرادات لكلّ مستخدم (ARPU) بقيمة 392.50 دولار أمريكي في عام 2024، نؤكّد التزامنا بالتواصل مع قاعدة اللاعبين هذه التي لا تنفكّ تتطوّر. هذا وتتأجّج حماستنا في المساهمة في منظومة الألعاب الإلكترونية السعودية المزدهرة، وتقديم تجارب ألعاب مبتكرة من خلال Phantom Galaxies، وتأسيس حضور قوي في هذا السوق الديناميكي”.
في هذا السياق، فقد لاقى الإطلاق الأخير للعبة فانتوم جالاكسيز™على شبكة الإنترنت من شركة “بلوفيش استوديوز” في الشرق الأوسط نجاحًا ملحوظًا، لا سيما في المملكة العربية السعودية. ويشير بنيامين لي إلى أنّ “تجربة الإطلاق في الشرق الأوسط تتماشى مع خطط إطلاقها في الأسواق العالمية، غير أنّ ما يميّزها هو الحماس الفريد في المنطقة للّعبة وميزاتها المبتكرة. وتؤكّد الاستجابة الإيجابية، سواء من وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل Web3، نجاح نهجنا الاستراتيجي، والإثارة واسعة النطاق التي أحدثتها لعبة فانتوم جالاكسيز™ في مجتمع الألعاب في الشرق الأوسط”.
ومن أجل تعزيز حضور شركة “بلوفيش استوديوز” على ساحة الألعاب في الشرق الأوسط، يؤكّد بنيامين لي التزام الفريق بإضفاء الطابع المحليّ على كافة ألعابها، وفهم الفروق الثقافية الدقيقة، والمشاركة النشطة في مجتمع الألعاب من خلال الفعاليات والشراكات. ويكشف قائلًا: “نهدف إلى التعاون مع الشخصيات المؤثرة والمؤسسات المعنيّة في المنطقة لإحداث تأثير دائم على ثقافة الألعاب في المملكة العربية السعودية وفي الشرق الأوسط. على المدى الطويل، ندرس أيضًا إمكانية إنشاء مكتب إقليمي في المملكة العربية السعودية من خلال شركتنا الأم، أنيموكا براندز”.
بات واضحًا الآن أنّ صناعة الألعاب في المملكة العربية السعودية تشهد نموًّا كبيرًا، ووفقًا لرالف رايشرت، فإنّ كلّ هذا مدفوع بمجموعة المبادرات الحكومية، والتحوّلات الاجتماعية والثقافية، والتقدّمات التكنولوجية. ويشرح: “بداية، تسلّط زيادة الاستثمارات الحكومية والمبادرات الاستراتيجية الضوء على التزام الدولة تجاه القطاع – ليس فقط من خلال استضافة الفعاليات الأولى من نوعها مثل كأس العالم للرياضات الإلكترونية، بل أيضًا عبر المساهمة في الاستدامة والنموّ الأوسع للمشهد العالمي. وهو ما رأيناه في القدية، التي أعلنت مؤخّرًا عن خططها لبناء منطقة مخصّصة لعشاق الألعاب والرياضات الإلكترونية. خارطة الطريق هذه تقرّب جماهير الألعاب من عالم الابتكار، كما مع بناء ساحات مخصصة للرياضات الإلكترونية باستخدام تقنية اللمس رباعي الأبعاد وهي الأولى في الصناعة، ممّا يعمّق التجربة التنافسية لهواة الألعاب الإلكترونية”.
ويعدّ التقدّم التكنولوجي – سواء في المملكة العربية السعودية أو في عالم الألعاب ككلّ – من المؤشّرات الكبيرة لنجاح هذا القطاع في المملكة. ويقول بنيامين لي، من شركة “بلوفيش استوديوز” إنّ قطاع الألعاب في الشرق الأوسط يشهد التبنّي السريع لتقنيات الألعاب الجديدة بالإضافة إلى الرغبة القوية في الاستمتاع بتجارب غامرة، مضيفًا: “تهدف “بلوفيش استوديوز” إلى الاستفادة من هذا الاتجاه من خلال تقديم الألعاب المتطورة باستمرار والتي تستفيد من التقنيات الناشئة. سيتم تصميم مشاريعنا المستقبلية لتلبية التفضيلات الفريدة لجمهور الشرق الأوسط، ممّا يضمن بقاءنا في طليعة مشهد الألعاب الديناميكي في المنطقة”.
واستمرارًا لهذا النهج الفكري، يقول بنيامين لي إنّ تطوّر تقنيات Web2 وWeb3 لا بدّ أن يتماشى مع كلّ جديد في صناعة الألعاب على مستوى العالم: “في الشرق الأوسط، وخاصة في المملكة العربية السعودية، نتوقع زيادة في الطلب على الألعاب التي تدمج هذه التقنيات بسلاسة، ممّا يوفّر للّاعبين مستويات جديدة من الانغماس والتفاعل والشعور بالملكية. قد تنشأ تحدّيات في تثقيف الجمهور حول فوائد ألعاب ويب 3، لكنّنا نرى ذلك كفرصة لريادة الحلول المبتكرة، وترسيخ “بلوفيش استوديوز” كشركة رائدة في مشهد الألعاب الإلكترونية الذي لا ينفكّ يتطوّر”.
من جهته، يضيف حسام حمو من شركة طماطم قائلًا: “إنّ الإمداد المتزايد للإنترنت عالي السرعة هو أيضًا جانب مهمّ ينبغي اعتباره. ومع تزايد عدد السعوديين الذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، سوف تزداد قدرتهم على لعب ألعاب أكثر تطلّبًا عبر الإنترنت. وأودّ أن أذهب إلى أبعد من ذلك وأؤكّد امتلاك المملكة العربية السعودية لبنية تحتية قادرة على منافسة معظم أنحاء العالم، خاصة في ما يتعلق بالإنترنت”. ويوافق رايشرت على ذلك، شارحًا: “إنّ التقدّم التكنولوجي – خاصة في ما يتعلق بسرعة الإنترنت والوصول إليه، بالإضافة إلى البنية التحتية المبتكرة للألعاب على غرار مدن مثل القدية – من شأنه تحسين تجربة اللّعب للجماهير العادية والتنافسية، وجذب المزيد من الفعاليات العالمية إلى المملكة. وهذا يغذّي بدوره الفرص الوظيفية المتنوّعة ويتجاوز حدود الألعاب ليشمل أدوارًا أخرى في إنشاء المحتوى، والتسويق، وإدارة الفعاليات”.
الألعاب الإلكترونية… في أوج مجدها
كلّ المؤشّرات تدلّ إلى اعتلاء المملكة العربية السعودية مرتبة “الزعيم” على ساحة الألعاب والرياضات الإلكترونية العالمية. ويصرّح رايشرت: “إنّ صناعة الألعاب في المملكة العربية السعودية على وشك تحقيق تحوّل كبير، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 للتنويع الاقتصادي في وقت تعتبر فيه الألعاب قطاعًا رئيسيًّا. وينصبّ التركيز على تطوير محتوى محليّ للألعاب يعرض التراث الثقافي العريق للمملكة ويوفّر منصّة لمشاركة القصص الإقليمية مع جمهور عالمي. ولا تعمل هذه المبادرة على تعزيز التمثيل الثقافي فحسب، بل تشجّع أيضًا على إنشاء استوديوهات محليّة لتطوير الألعاب وغيرها من البنى التحتية الحيوية بغية توسيع نطاق الصناعة في المملكة العربية السعودية وخارجها. كما يتمّ تسليط الضوء بشكل أكبر على طموح الدولة في أن تصبح مركزًا عالميًّا للرياضات الإلكترونية من خلال إطلاق بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية في عام 2024، ممّا يدلّ على التزامها تجاه مجتمع الألعاب العالمي. هذه الخطوة، إلى جانب التعاونات العالمية الاستراتيجية، تحوّل المملكة العربية السعودية إلى لاعب رئيسي على ساحة الرياضات الإلكترونية العالمية، وتجعل منها بؤرة فريدة للابتكار”.
يؤمن بنيامين لي من شركة “بلوفيش استوديوز” بالمِثل أيضًا إذ يقول: “يعكس سوق الألعاب في المملكة اتجاهات النمو العالمية. إلى جانب التمويل المتزايد المدعوم من الحكومة، والإنترنت عالي السرعة، والتقدّمات في تكنولوجيا الألعاب، وثقافة الألعاب الصاعدة، والتي تشكّل كلّها عوامل تساهم في هذا النمو. نحن نرى المملكة في طليعة اتجاهات الألعاب العالمية، ممّا يوفّر فرصًا مثيرة لمطوّري الألعاب المحليّين والعالميّين ومنهم شركة “بلوفيش استوديوز”. وعلى الرغم من عدم توفّر تفاصيل محدّدة، يتوقّع أحمد الجبرين من شركة ميراك كابيتال تدفّقًا ملحوظًا لرأس المال في منظومة الألعاب الإلكترونية في السعودية في عام 2024، ويقول: “سنشهد على تدفّق كبير لرأس المال في هذه المنظومة في المملكة، والنتائج سوف تتجلّى خلال السنوات الثلاث المقبلة حيث ستكون هناك مكاسب سريعة، لكن هذا ليس بالأمر القصير المدى. من المتوقّع أن تشكّل الألعاب الإلكترونية صناعة كبيرة في المملكة العربية السعودية، ونأمل أن تستمر في المساهمة في الاقتصاد لعقود عديدة”.
“الطريق أمامنا يلوح مشرقًا”، يقول الجبرين. ثمّ يضيف: “نحن نرى الفرص، ونعتقد أنّه من بين كافة المنصات الإعلامية اليوم، هذه المنصّة هي بالتأكيد الأكبر، وستكون الأكثر تأثيرًا في المستقبل. من المنطقي بالنسبة إلينا أن نستثمر في الألعاب، ونودّ أن نكون جزءًا من تلك الرحلة في خطة المملكة العربية السعودية لتصبح بيئة حاضنة للّاعبين”. ويختتم زميله عبد الإله الشريف قائلًا: “لقد اجتمعت كلّ القوى واصطفّت كلّ النجوم. يبقى أن يغتنم المسؤولون عن التنفيذ المتحمّسون الفرصة، وأن يبدأوا في التطوير عبر كافة جوانب اللّعب – سواء كانوا مطوّرين، أو عاملين في الرياضات الإلكترونية، أو منظّمين. إنّه أفضل وقت على الإطلاق للبدء في بناء هذه الشركات والمجتمعات”.
ديفينا ديفيشا هي كاتبة مستقلة، ومحرّرة، ورئيسة تشريفات، ومستشارة إعلامية. تتمتع بخبرة تزيد عن 10 سنوات، وقد ظهرت أعمالها في عدد من المنشورات بما في ذلك Skift، وSUPPER، وHOTELSmag، وDestinations of the World News، وSpinneys Magazine، وEntrepreneur Middle East، وغيرها. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من كلية لندن للاقتصاد ودرجة الماجستير في صحافة المجلات من جامعة شيفيلد. devinadivecha.com