بقلم روجيرو كاتالانو روسي دانييلي – المؤسس المشارك لشركة “أوفرفيو أف أكس” OverviewFX
على مدى سنوات طويلة، كان التداول حكراً على عدد قليل من الأثرياء المحظوظين. وعلى الرغم من أنّ أكبر وأغنى سوق مالي في العالم، وهو سوق الفوركس الذي يبلغ حجم تعاملاته اليومية 7.5 تريليون دولار، لم يعد مقتصراً على البنوك والمؤسسات فقط، لا يزال الأفراد الراغبون في التداول بأموالهم الخاصة، بدلاً من التداول نيابةً عن مؤسسة أو شركة، يواجهون عقبات جمة ويتحملون نفقات باهظة لبدء عمليات التداول. وقد شكّلت عملية رصد هذه العقبات أولى الخطوات التي اتخذتها لتأسيس برنامجي التمويلي الخاص للمتداولين، برنامج “أوفرفيو” للتمويل Overview Funding Program.
عند تأسيس أي عمل تجاري، ينبغي عليك أولاً معرفة عملائك المحتملين وتحديد المشاكل التي تواجههم. وإذا نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط، على سبيل المثال، سنجد أن الدراسة التي أجرتها مجلة “ذا مودرن تريدر” قد أشارت إلى وجود حوالي 1,403,590 متداولاً عبر الإنترنت، كما رصدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد شركات تداول الفوركس وعقود الفروقات التي تفتح أبوابها في المنطقة. وتدل هذه البيانات على وجود سوق جديد متزايد النمو، وتؤكد على أهمية الأسواق الجديدة كبيئة خصبة تستقطب المتداولين المبتدئين والمستثمرين.
ونظراً لأنني متداول مخضرم وامتلك سنوات من الخبرة في هذا المجال، فقد شاهدت العديد من المتداولين الجدد الذين تعلّموا الأساسيات ولكنهم خسروا مبالغ كبيرة خلال سنواتهم الأولى من التداول، ولم يكن أمامهم أي خيار سوى التوقف عن التداول بسبب نقص رأس المال. لسنوات طويلة، لم تكن هناك طريقة أخرى للعمل في مجال التداول، ولكن ليس بالضرورة أن يظل الأمر على هذا النحو.
عبر الاستفادة من المحاكاة الواقعية للسوق، يستطيع المتداولون الجدد بدء عمليات التداول في بيئة آمنة مبنية على حساب تجريبي يمكّنهم من تعديل استراتيجيتهم وتطوير خططهم دون التعرض إلى خسارة أموالهم. ويدفع المتداولون رسوم الاشتراك إلى شركات التداول المرخّصة من أجل الوصول إلى الحساب التمويلي وبدء عمليات التداول، ويتمثل دور الشركة في تحليل الحسابات وتصنيفها وفقاً لمجموعة من القواعد المُصمّمة لقياس المخاطرة وجودة الاستراتيجية. وتحذر الشركة المتداولين الذين يتّبعون استراتيجية عالية المخاطر، مع التنبيه على فقد إمكانية الوصول إلى حساباتهم عند استمرارهم في التداول بهذه الطريقة. من جهة أخرى، تكافئ الشركة المتداولين المتميزين بدفعة مالية بناءً على أدائهم عبر مقارنة عمليات التداول التي ينفذونها بظروف السوق الفعلية.
تنطوي الخطوة التالية في بناء النظام التمويلي على تحديد القواعد والسياسات التي سيتم تطبيقها لتحليل أداء عملائك المستقبليين. يجب أن توفر شركتك المستقبلية نموذجاً تمويلياً يتضمن:
- الإطار التنظيمي.
- هيكل مشاركة الأرباح.
- شروط التداول، وتشمل الرافعة المالية، واختيار الوسيط والأدوات المالية.
- مواصفات متعلقة بعملات الحساب وأحجامه.
تفرض جميع شركات التمويل رسوم اشتراك من أجل الوصول إلى رأس المال، وبالتالي تتمثل اللمسة النهائية في تحديد سعر نموذجك التمويلي، وعادةً ما يتم ذلك بالاعتماد على تحليل المنافسين وتحليل المخاطر لتحديد سعر مستدام وجاذب للعملاء.
وبعد التعرف على عملائك المحتملين وتصميم برنامجك التمويلي استناداً إلى المشاكل التي تواجههم، يحين وقت بناء أهم جزء في شركتك: فريق العمل.
تتطلب برامج التمويل وجود العديد من الفرق المختلفة، إلا أنّ أكثرها أهمية لنجاح الشركة هو فريق دعم العملاء وفريق مراجعة الحسابات. يُعد فريق الدعم بمثابة الواجهة الرئيسية لشركتك، ويجب أن يمتلك القدرة على شرح جميع التفاصيل المتعلقة ببرنامجك التمويلي بأبسط وأوضح طريقة ممكنة، إلى جانب مساعدة المتداولين عند مواجهتهم لأيّة صعوبات. أما فريق المراجعة، فيتولى مهمة تحليل جميع حسابات التداول لاكتشاف السلوكيات الخطرة، والمقامرين والمحتالين. تنطوي عملية إعداد هذا الفريق على قدر من الصعوبة، فجميع أعضاءه يجب أن يكونوا متداولين متمرسين وقادرين على فهم ما يقوم به كل متداول.
ولكونها شركة تكنولوجية تعمل عبر الإنترنت، ينبغي توفير فريق تقني متميز للعمل على تطوير مزايا جديدة وتلبية المعايير العالية التي يستحقها العملاء. يتفاعل العملاء مع لوحة التحكم التي تعرض جميع المعلومات المتعلقة بوضع حسابهم، وتكون لديهم إمكانية الوصول إلى أدوات وبيانات تساعدهم على التداول في بيئة آمنة. وعلى الصعيد الداخلي، يحظى فريق الدعم وتحليل المخاطر بإمكانية الوصول إلى قاعدة بيانات داخلية تحتوي على جميع الحسابات، وعمليات التداول، والمعلومات التقنية المتعلقة بالاستراتيجيات التي يستخدمها العملاء. ومن الضروري للغاية عدم فقد السيطرة على النظام مطلقاً، إذ تكبدت عدة شركات خسائر مالية كبيرة بعد تعرضها لصعوبات تقنية.
وفي الختام، نجد أن هناك طلباً متزايداً على خدمات التمويل، وتتخذ منطقة الشرق الأوسط بالفعل خطوات كبرى لتصبح مركزاً رئيسياً في عالم التمويل. لا توجد في المنطقة أيّة شركة مموَّلة تقدم هذه الخدمة لأبناء المجتمع العربي، الأمر الذي يضطرهم إلى البحث عن حلول خارجية. من هذا المنطلق يتسنى لرواد الأعمال المحليين الاستثمار في هذه الفرصة وإطلاق برنامج تمويلي عربي قادر على تلبية الخصائص الفريدة لهذا السوق.