المتحدث: بروفيسور فيونا روبسون، رئيس كلية العلوم الاجتماعية بجامعة هيريوت وات دبي
أدركت المزيد من المؤسسات أن العمل عن بعد فعالًا وممكنًا لعدد أكبر بكثير من الوظائف التي ربما كانت مقتصرة على المكاتب بشكل صارم في الماضي خصوصًا بعد جائحة كوفيد 19. نشأت العديد من الفوائد لهذا الإتجاه من حيث توفير المزيد من المرونة للموظفين والتي يمكن أن تكون أداة فعالة للتوظيف وتعزيز رضا الموظفين بمكان العمل. قد تدعم القدرة على العمل عن بعد أيضًا الاستراتيجيات التنظيمية المتعلقة بالمساواة والتنوع والشمول، مما يفتح فرص العمل للأشخاص الذين يحتاجون إلى مزيد من المرونة. ومع ذلك، من المحتمل أن يثير العمل عن بعد بعض التحديات أمام المؤسسات، وأبرزها تأثيره على التواصل والشعور بالانتماء والعمل الجماعي. يمكن للمؤسسات التغلب على بعض العوائق التي تحيط بالعمل الجماعي عن بعد من خلال توفير فرص التعلم والتطوير لفرقها لاستكشاف كيفية تطوير علاقات الفريق الافتراضية والحفاظ عليها.
إن الاستعداد لمستقبل العمل هو في مقدمة أولويات الكثير فى يومنا هذا. ؤباعتبارنا أكاديميين وجامعيين، نفكر باستمرار في كيفية تعزيز فرص التوظيف لطلابنا عند التخرج وكيف يمكننا إعدادهم لأدوار وظيفية قد لا تكون موجودة حاليًا. ويجب على المؤسسات أيضًا إجراء هذه المحادثات والنظر في الآثار المحتملة للموارد البشرية، بما في ذلك ضرورة إعادة تشكيل مهارات الموظفين الحاليين أو إعادة تركيزهم وكيفية جذب جيل جديد من المواهب والحفاظ عليهم.
هناك اهتمام واسع عبر المؤسسات لأهمية امتلاك الموظفين للمهارات الناعمة، وينعكس هذا عادةً في إعلانات الوظائف، وتوصيف الوظائف، ومواصفات الشخص المطلوب. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة في تطوير هذه المهارات للموظفين الحاليين وميزانيات التعلم والتطوير. وينبغي نقل هذا إلى مقدمة جدول الأعمال كجزء من استراتيجيات إدارة المواهب في المؤسسات. وفي سياق عدد المؤسسات الدولية المتزايد، إما من خلال مكان ومن تتعامل معها أو وجود قوى عاملة أكثر تنوعًا ثقافيًا، فإن الذكاء الثقافي يجب أن يقع في قلب التدريب على المهارات الشخصية. يمكن أن يكون هذا مفيدًا لكل من المنظمة والموظفين.
بعد الوباء، لا تزال هناك مؤسسات تتعامل وتتعافى مع الآثار المالية المترتبة على عامين من عدم اليقين والخسائر المادية. عندما يكون لذلك تأثير على رواتب الموظفين ومكافآتهم، تحتاج المؤسسات إلى النظر في كيفية إشراك الموظفين من خلال توفير الاعتراف المعنوى وغير المالي لجهودهم. تشمل الخيارات المحتملة تمكين الموظفين، وزيادة فرص التعلم للموظفين (والتي يمكن تقديمها من قبل خبراء داخليين) ومراجعة تصميمات الوظائف والنظر في المجالات الذي يمكن أن يستفيد فيه الموظفون من المرونة في كيفية ومكان عملهم.
لم يكن يُنظر إلى الموارد البشرية على أنها ادارة تعتمد على التكنولوجيا فى عملياتها، ولكن مع مرور السنين بدأنا في استخدامها إلى حد أكبر بكثير ولكن في الغالب كوسيلة لتسجيل المعلومات ومراجعتها. توفر الثورة التكنولوجية الآن الكثير من الإمكانيات التي ينبغي لفرق الموارد البشرية استكشافها بشكل أكبر للنظر في المجالات التي يمكنهم من خلالها المساعدة في إضافة قيمة إلى المؤسسة. وعلى المستوى الاستراتيجي، ينبغي الأخذ فى الاعتبار التوازن بين الأدوار والمهام التي يمكن وينبغي تنفيذها باستخدام التكنولوجيا بدلاً من الأشخاص. في المؤسسات الناشئة ، قد يكون هناك تخوف من استخدام التكنولوجيا، ولدى فرق الموارد البشرية دور رئيسي تلعبه في دعم الموظفين ليكونوا قادرين على الاستفادة من استخدامها. لقد انتقل استخدام الذكاء الاصطناعي بسرعة من كونه “خيالًا علميًا” إلى حقيقة بالنسبة للمؤسسات، وهو مجال رئيسي آخر يجب على المؤسسات تقييمه والإستفادة منه.
لقد تم مناقشة مفهوم الاستدامة لسنوات عديدة، على انه الممارسات الأكثر صداقة للبيئة وجزء من المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR). ولكن يوجد الآن اهتمام أكبر لكيفية النظر إلى الاستدامة من منظور الموارد البشرية، وأتوقع أن هذا هو المجال الذي سيُطلب من فرق الموارد البشرية استكشافه بشكل أكبر. وبطبيعة الحال، يتطلع الكثير في دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28 الذي تستضيفه هذه المنطقة في نوفمبر وديسمبر من هذا العام. يوجد في البرنامج الشامل موضوعات متعلقة بالموارد البشرية بشكل كبير، وسيحتاج البشر إلى المشاركة بشكل فعال في تطبيق التغيير الذي يوفر المزيد من الفرص والتحديات للمؤسسات للابتكار.