بقلم آري كيسيسوغلو، رئيس شركة بروبرتي فايندر
أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة وجهة مفضلة للكثيرين للعيش والإقامة. ويعود هذا إلى جملة من العوامل، منها البيئة الاقتصادية المميزة، وتوالي المبادرات الجديدة في الدولة لتحسين نوعية حياة السكان، وتحديث سياسة تأشيرات الإقامة للأجانب.
وبالمقابل تأثرت حركة السوق العقاري في الدولة بعاملين اثنين، الأول هو اتجاه السكان نحو التملك بدلاً من الاستئجار، وحاجتهم إلى مساحات داخلية وخارجية أكبر، خاصة في فترة ما بعد الجائحة، حيث بات بمقدور مالكي المنازل تصميمها بما يناسب احتياجاتهم وتفضيلاتهم الخاصة. وأما الثاني فهو ارتفاع الطلب على العقار من المستثمرين المحليين والدوليين في دولة الإمارات
يتسم سوق العقارات الإماراتي بفرص واعدة ومستوى عالٍ من الثقة والشفافية. وقد أظهر استطلاع حديث لشركة بروبرتي فايندر أن 44% من الباحثين عن المنازل في الإمارات يعتبرون “الثقة” المعيار الأهم، لذلك عمدنا إلى التركيز على التواصل المبتكر لبناء الثقة مع المستخدم والارتقاء بجودة أعمالنا وتحسين الشفافية، لإيماننا بأن إرساء دعائم هذه المعايير سيسهم في تحسين حياة الباحثين عن منزل، ويساعدهم على اتخاذ القرار المناسب، خاصة وأن شراء أو استئجار منزل هو أحد أهم القرارات في حياة الإنسان.
التحول الرقمي
أصبح استخدام التقنيات الجديدة في تقديم تجارب مميزة للمستهلك في غاية الأهمية في سوق الإمارات العقاري الذي يتميز بالنشاط والحيوية، والذي يشهد ارتفاعاً مستمراً في الطلب، مع تزايد اعتماد الناس اليوم على أجهزتهم الذكية للبحث عن المنازل والاطلاع على المواصفات والأسعار ومقارنتها، ومشاهدة تصاميم منازلهم المستقبلية المحتملة.
ولدى سؤال المهتمين بشراء المنازل عن طلباتهم، فكانوا دوماً يؤكدون على ثلاثة جوانب مهمة لا يمكن غض النظر عنها في رحلة البحث وهي معرفة ما إذا كان السعر الذي يدفعونه مناسباً، والتأكد من حصولهم على معلومات كاملة ودقيقة حول العقار والمجتمع أو المنطقة ذاتها، ومعرفة المزيد عن الوسيط العقاري الذي سيرافقهم طوال هذه الرحلة. ونحن لدينا إيمان راسخ بأن تسخير التقنيات في عملية البحث عن العقار المناسب ستجعل من رحلة البحث عن منزل خالية من المصاعب وتلبي جميع احتياجاته.
ومن المتعارف عليه أن سعر أي أصل من الأصول يخضع لمعادلة العرض والطلب، وهذا ينطبق تماماً على سوق العقارات. إذ يمكن أن تتفاوت الأسعار حسب ظروف السوق وأوضاعه مثل توافر الوحدات السكنية في المنطقة ومدى الإقبال عليها، فضلاً عن العديد من العوامل الأخرى. وقبل بضع سنوات، كانت عملية البحث عن منزل تتطلب الكثير من الجهد للوصول إلى البيانات المتعلقة بالأسعار، إلا أننا اليوم وبمساعدة التقنيات الحديثة، نضع المعلومات، مثل تقييم مؤشر الأسعار بمرور الوقت، في متناول الجميع لمساعدتهم على اتخاذ قرارات واضحة ومدروسة، وهدفنا هو تجنب التوقعات والمفاجآت في عملية البحث عن المنازل، ولهذا خصصنا مصادر كثيرة لتحسين جودة البيانات والمعلومات المتاحة عبر منصتنا.
وخلال مرحلة البحث عن منزل، تعتبر مشاهدة العقار خطوة مهمة للغاية، إلا أن أسلوب حياتنا السريع ومشاغلنا وضيق الوقت يدفعنا للعزوف عن معاينة العديد من العقارات على أرض الواقع، لذلك ينبغي أن تكون العقارات التي نعاينها متوافقة مع معاييرنا، وهنا تبرز أهمية الجانب الثاني في رحلة الباحثين عن منزل أو عقار، وهي الحاجة إلى معلومات كاملة ودقيقة حول العقار، إذ تلعب التقنيات دوراً محورياً في إظهار قدر كبير من المعلومات حول العقار، وتساعدنا على التخلص من عناء معاينته على أرض الواقع، بل والعثور على العقار الذي يناسب احتياجاتنا.
تقدم بروبرتي فايندر الكثير من المعلومات العامة المتعلقة بالعقار، إضافةً إلى العديد من المزايا الأخرى لتعزيز رحلة البحث عن المنزل في العالم الرقمي، بما في ذلك “البث الحي” الذي يساعد المستخدم على مشاهدة العقار وتوجيه الأسئلة والتعليقات مباشرة للوسطاء الذين يتولون هذه العملية، وجولات بتقنية 360 درجة، والتجول الافتراضي، ومخططات الطوابق، والجولات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
دمج الذكاء الاصطناعي
أما الجانب الثالث المهم في رحلة الباحثين عن منزل فهو استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على مزيد من المعلومات المتعلقة بالوسطاء العقاريين، وكان التحدي الأبرز في هذا المجال هو أن أسئلة الباحثين عن منزل لم تقتصر على معرفة المعلومات العامة عن الوسيط فحسب (إذا كان معتمداً أو لا ومدة عمله كوسيط وغير ذلك)، بل شملت طلبات أكثر أهمية مثل: “هل يمكننا العثور على وسيط موثوق لمساعدتنا في عملية اتخاذ القرار الأهم في حياتنا؟”.
تزخر دولة الإمارات بالآلاف من الوسطاء العقاريين، وتجمعنا مع غالبيتهم علاقات وثيقة، ولدينا كماً هائلاً من البيانات الخاصة بهم، بما في ذلك عدد العقارات التي عملوا عليها خلال مسيرتهم، وما إذا كان الطلب على عقاراتهم مرتفعاً، ومدى حُسن تعاملهم مع استفسارات الباحثين عن العقار وغيرها الكثير. وباستخدام هذه البيانات، أطلقنا أول نظام تصنيف مدعوم بالذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونعمل من خلال هذه التقنية على ترقية بعض الوسطاء إلى “سوبر ايجنت” (SuperAgent) إذ يستخدم النظام الذي طورته فرق البرمجة لدينا كمية ضخمة من البيانات، وهذا من شأنه تحقيق هدفنا المتمثل في مساعدة الباحثين عن منزل في العثور على الوسطاء الأكثر استجابة لمطالبهم والذين يتمتعون بدراية كاملة عن العقارات.
وأخيراً نستطيع القول إن للتقنيات الحديثة دور فاعل وكبير في الارتقاء برحلة جميع الباحثين عن منزل أو عقار، ونحن نعمل بجد لتحقيق هذه الغاية.