بقلم علي سلامة، مدير منصة Fanfix في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
شهد قطاع الاقتصاد خلال العقد الأخير تغيراً ملموساً نتيجة النمو الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي، بينما حقق الاقتصاد الإبداعي متسارع النمو نقلة نوعية في سوق العمل العالمي. ويتجاوز الاقتصاد الجديد مفهوم التوجه قصير الأمد إلى ميزة مهمة في العصر الرقمي وتغيير جذري في مفاهيم العمل والنجاح وكسب الدخل. وتحول الاقتصاد الإبداعي إلى جزء رئيسي في الاقتصاد العالمي بفضل جهود المبدعين المستقلين والمؤثرين والعاملين في هذا المجال. ويمكن لصانعي المحتوى بناء مجتمعات قوية على منصات رقمية مختلفة تشكّل مصادر دخل ثابت لهم من خلال استخدام مهاراتهم المميزة ومواهبهم.
وأظهر الاقتصاد الإبداعي في فترة ما قبل COVID إمكانياته الكبيرة، وساهمت هذه الأزمة في تسريع نموه بشكلٍ غير مسبوق. كما دفعت التحديات التي فرضها COVID صانعي المحتوى، الذين اعتمدوا على شهرة العلامة، إلى تغيير استراتيجياتهم واستكشاف طرق مبتكرة للتفاعل مع جمهورهم. وسلطت القدرة الكبيرة على التعامل مع هذه العقبات الضوء على مرونة الاقتصاد الإبداعي؛ حيث كشف تقرير صادر عن مؤسسة أكسفورد إيكونومكس عن توفير صانعي المحتوى على يوتيوب وحدهم أكثر من 425 ألف فرصة عمل بدوام كامل في الولايات المتحدة، وساهموا بأكثر من 25 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
ويُظهر الاقتصاد الإبداعي مستقبلاً واعداً؛ إذ تجاوز عدد صانعي المحتوى في حقبة ما بعد كوفيد-19 عتبة الـ 50 مليون صانع محتوى من مختلف أنحاء العالم، كما وصلت قيمة هذه السوق إلى 250 مليار دولار أمريكي، ما يجعله قوة اقتصادية توازي اقتصادات بعض الدول. وتشير بعض التوقعات أنه بحلول 2027 سيتضاعف حجم هذه السوق إلى 480 مليار دولار أمريكي، مما يؤكد على قدرة الاقتصاد الإبداعي ليصبح اقتصاد رئيسي ضخم.
تلعب منصة Fanfix دوراً محورياً في هذا الموضوع بوصفها مركزاً للمواهب الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث توفر مجتمعاً آمناً ومتنوعاً ومناسباً لمتطلبات العلامات التجارية. وقد شَهدتُ تغيير العديد من المنصات التي تتيح التواصل بين المبدعين وجمهورهم بشكل فعال لطريقة صناعة واستهلاك المحتوى وكسب الأرباح من خلاله. ويمكن لصانعي المحتوى لدى منصتنا كسب المال من خلال الموافقة على الاشتراكات والرسائل (التفاعلات) بشكل شهري للمحتوى الحصري. ونؤكد خلال رحلتنا في العصر الرقمي على أهمية وسائل الإعلام ودورها الفعال في تطور هذا الاقتصاد.
ويوضّح البحث في العصري الرقمي لنا أن دور الاقتصاد الإبداعي كعنصر محوري يساهم في رسم ملامح الاقتصاد العالمي وليس مجرّد توجّه مؤقت. ولا يقتصر دورنا على توفير المصادر فقط، بل يتعداه إلى تأمين رؤية واضحة للمستقبل والمساهمة في تطويره وتوفير مصادر دخل سليمة ومستدامة. ويشكل هذا الاقتصاد المتحول جزءاً رئيسياً من مستقبلنا الرقمي المشترك. ويمكن لصانعي المحتوى، من خلال الدعم الذي تقدمه هذه المنصات، التعرف على هذا العصر الجديد المميز والتطلع إلى مستقبل حافل بالفرص والإمكانات.