بهاء حمادة، المؤسس والمدير العام، وكالة “كيل” للعلاقات العامة
على مدى العامين الماضيين، شهدنا تقدماً سريعاً في عالم الذكاء الاصطناعي مع ظهور بعض المبادرات المثيرة للاهتمام في مجال إنشاء المحتوى. ولكن هذه الطفرة السريعة في المحتوى الذي يتم إنشاؤه من قبل “الذكاء الاصطناعي التوليدي” قد تودي بنا قريباً إلى حالة من الحمولة الزائدة للمحتوى، والتي من المتوقع أن تتجاوز قدرتنا على استهلاك المحتوى وفهمه وتحليله كلياً.
هناك العديد من الطرق التي سيؤثر بها المحتوى الذي يتم إنشاؤه من قبل الذكاء الاصطناعي على حياتنا، ومن المهم البدء في التفكير في هذه الطرق الآن. هل نحن مستعدون للتعامل مع هذه الطفرة في المعلومات؟ ما هي الآثار المترتبة على ذلك، وكيف سنديرها في المستقبل؟
التحكم بالمحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي
مع الارتقاء بالذكاء الاصطناعي إلى مستويات جديدة، من المتوقع أن يتفاقم حجم المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة هذه التكنولوجيا. من المقالات الإخبارية والمنشورات والمحتوى الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي وأوصاف المنتجات، إلى الخطابات وحتى الأطروحات الأكاديمية، يمكن قريباً إنشاء أي شيء بواسطة الخوارزميات بدلاً من البشر. يمكن أن يكون لهذا التطور آثار إيجابية مثل انخفاض التكاليف وزيادة إمكانية الوصول إلى المعلومات وإنتاج المحتوى بشكل أسرع. ومع ذلك، قد يؤدي هذا التوجه أيضاً إلى مسائل سلبية مثل مراقبة الجودة والمعلومات الخاطئة والتحيزات المحتملة. لذلك، من الضروري إبقاء المحتوى تحت السيطرة وربما الحد من حجم المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي قبل أن تتضاءل فحواه بشكل سائد.
التعامل مع الحمولة الزائدة للمحتوى
عندما يكون البشر هم المبدعون الوحيدون في مجال إنشاء المحتوى، يمكننا التحكم في جودته وحجمه وفقاً لقدراتنا ومواردنا والجودة المرجوة منه. ومع ذلك، فإن ظهور المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يعني أن كمية المعلومات في العالم تتزايد بسرعة أكبر مما يمكن للبشر التعامل معها. للتأقلم مع هذا الحمل الزائد للمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، نحتاج إلى تطوير آليات جديدة للتمييز بين المحتوى عالي الجودة والمحتوى منخفض الجودة.
للقيام بذلك، يجب علينا تطوير وتنفيذ اللوائح والمعايير عبر كافة القطاعات. بمساعدة الذكاء الاصطناعي، يمكننا إنشاء أدوات تساعد على تحديد المحتوى الأصيل وعالي الجودة وتمييزه عن المحتوى المزيف أو المضلل أو المتحيز. يمكن للبشر أيضاً أن يلعبوا دوراً حيوياً في مكافحة ظاهرة الحمولة الزائدة للمحتوى من خلال التحقق يدوياً من الحقائق وتقييم المصداقية.
مستقبل المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي
إن التحول إلى الذكاء الاصطناعي له آثار كبيرة على مختلف الصناعات والوظائف والشركات، حيث يمكن لأولئك الذين يتبنون التقنيات الجديدة اكتساب ميزة تنافسية. من الضروري تطوير التقنيات الجديدة وتنفيذها بشكل أخلاقي بما يتماشى مع القيم الإنسانية. على المدى الطويل، يجب أن نواصل المشاركة في مناقشات متعمقة ونقدية حول تطوير المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مع استمراريتنا في اتخاذ خطوات واسعة في مجال تطوير التكنولوجيا.
الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي أمر لا مفر منه
مع استمرارية تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي، هناك حاجة متزايدة لإنشاء الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي لضمان قدرة البشر على مواكبة طوفان المعلومات. يمكن أن يقدم الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي يد العون في تحليل واستيعاب كميات هائلة من المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يساعد على التخفيف من التحديات المرتبطة بالحمولة الزائدة للمحتوى. بفضل قدرته على استخراج المعلومات المهمة وتحديد المشاعر وتصنيف البيانات أو حتى تسريع قدرة استهلاك المعلومات للبشر بطريقة ما، يقدم الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي حلاً واعداً لضمان قدرة البشر على استهلاك وتحليل المحتوى بكفاءة وفعالية. قد يكون تطوير وتنفيذ الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي هو المفتاح لضمان قدرتنا على مواكبة النمو الهائل للمحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
بينما يتابع المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي تقدمه، يجب علينا الاستعداد لتغيير الطرق التي نقوم من خلالها بإنشاء واستهلاك وتقييم جودة المحتوى الذي يتم إنتاجه. في حين أن الحمولة الزائدة للمحتوى لا تزال تمثل مشكلة رئيسية محتملة إذا أهملنا معالجتها، من خلال العمل معاً، يمكننا الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات العالمية المعقدة وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استنارةً واتصالاً وذكاءً.