بقلم إريكا ماساكو ويلش
ما نشهده في المملكة العربية السعودية في هذه الآونة هو أمر نادر الحدوث، لا سيما في خضم هذا العالم المتداخل والمنفتح الذي يعيش فيه أغلبنا حاليًا. فهذه ليست مجرد حالة لأمةٍ بكرٍ إلى حد كبير انفتحت على العالم، ومن ثم تقدم له أرضًا بكرًا لم تُستكشف بعد؛ مما يجعلها فرصة لعشاق المغامرة والمسافرين الفضوليين. ولكنها قصة لبلد يُصنف من بين أغنى 20 اقتصادًا في العالم، والذي استثمر بشكل منهجي وقام ببناء صناعة سياحة ترفيهية من الصفر، في غضون بضع سنوات فحسب بالاستعانة “بصندوق تمويل السياحة” الذي يقدم تمويلًا بمبلغ يزيد عن 1.5 تريليون دولارًا.
لا يتعلق الأمر بتقديم المملكة العربية السعودية وجلبها إلى ساحة العالم فحسب، بل يتعلق بحث مواطنيها على زيارة أماكن من المملكة لم تستكشف بعد في السياحة المحلية. ويتعلق الأمر ببناء الكرامة الوطنية والاستقرار الاقتصادي الإقليمي. كما يدور الأمر كذلك حول تنويع مصادر الاقتصاد والحفاظ على تداول الريال السعودي المكتسب عن جدارة في سياق الاقتصاد السعودي نفسه، وليس حول المغامرات والاقتصادات خارج المملكة. وبحسبما ذكرته حكومة المملكة العربية السعودية، ينفق مواطنو السعودية 30 مليار دولار أمريكي على السياحة والأنشطة الترفيهية خارج المملكة كل عام – فماذا لو احتفظنا ببعض من هذا المبلغ الذي يُنفق على السياحة داخل المملكة؟
كما أنها أيضًا قصة تتناول التحديث وخلق فرص العمل وجذب السعوديين ذوي التفكير العالمي والمتعلمين بصورة ملائمة من أجل العمل بفخر داخل المملكة في وظائف تتجاوز قطاع النفط والغاز أو قطاع البتروكيماويات الجذّاب. حيث يطمح الشباب السعودي في إيجاد فرص عمل شبيهة لنظرائهم الدوليين في صناعات، مثل التكنولوجيا والأفلام والسياحة والترفيه والتكنولوجيا المالية – وجميعها صناعات جديدة نسبيًا بالنسبة للسوق داخل المملكة. وانفتاح المملكة العربية السعودية على العالم يعني أيضًا أن تستهدف المملكة فعاليات معروفة عالميًا ومن ثم استضافتها داخل المملكة، بدءًا من سباق الجائزة الكبرى، فورمولا وان، وسباقات الفورمولا إي، والعديد من سباقات المغامرات بما في ذلك رالي داكار، وكذلك مصارعة دبليو دبليو إي، والمهرجانات الموسيقية المتنوعة التي يُقدمها نجوم عالميون. ومع كل مجال من هذه المجالات تنمو القطاعات الفرعية والصناعات التي لها تأثير بعيد المدى. كيف ستبدو صناعة رياضة السيارات في المملكة العربية السعودية بعد 10 سنوات من الآن؟ صناعة الترفيه في المملكة العربية السعودية؟ لم تكن هاتان الصناعتان موجودتان إلى حد كبير قبل خمس سنوات من الآن. ومن المتوقع أن توفر المشاريع التسعة الضخمة والعملاقة، والتي نسلط الضوء عليها في هذا التقرير حوالي 600000 فرصة عمل جديدة؛ وربما يكون أكثر ما يتم الكشف عنه هو حجم الاستثمار المطلوب لخلق بضع مئات الوظائف، إلى جانب بضع مئات الآلاف من الوظائف الجديدة. وهذا هو عمل الحكومة.
في نهاية المطاف، هذه قصة ازدهار الطموح والإرث. فبينما تستثمر المملكة العربية السعودية مئات المليارات من الدولارات في العديد من المشاريع ذات الصلة بالسياحة في جميع أنحاء البلاد، فعلى ما يبدو أن الحكومة تضاعف جهود صناعة السياحة لخلق فرص عمل ولتعزيز الاقتصاد السعودي. فعندما أطلقت المملكة العربية السعودية “رؤية 2030” في عام 2016، كان الهدف هو أن تشكل السياحة 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. وفي الشهور الأخيرة، أعلنت الحكومة أنها تتوقع أن تتجاوز السياحة تلك الأهداف وتصل إلى حوالي 15٪ من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وبالنظر إلى إجمالي الناتج المحلي المتوقع أن يبلغ 1.86 تريليون دولارًا أمريكيًا في عام 2030، يمكن أن تتجاوز عائدات السياحة 279 مليار دولارًا أمريكيًا سنويًا. وعندما نحوّل هذا إلى مقاييس صلبة، فهذا يعني أن المملكة تخطط لتسهيل أكثر من 100 مليون زيارة سياحة سنويًا، يُجريها السائحون المحليون والأجانب. كما تتوقع المملكة أيضًا التوسع لاستقبال 30 مليون حاج ومعتمر سنويًا بحلول عام 2030. وكل هذا سيكون نجاحًا هائلاً للمملكة، التي كانت مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي الوطني فيها لعام 2016 بنسبة 3 ٪ فحسب. ففي عام 2016، وفرت المملكة ما يقرب من 20 مليون زيارة للسياحية فحسب، والتي كانت من الحجاج بالكامل تقريبًا، إلى جانب عدد قليل من المسافرين بغرض إجراء الأعمال. وجديرٌ بالذكر أنه إذا تم تحقيق هذه الأهداف، فستكون المملكة العربية السعودية قد نجحت في زيادة أعداد السياحة بمقدار 5 أضعاف في 14 عامًا. فعندما تم الإعلان عن هذه الأهداف في عام 2016، بدا الأمر كأنه لا يُصدق. ولكن اليوم، في عام 2022، يبدو الأمر أكثر من مجرد محتمل التحقيق.
أتمنى أن تتعلم الكثير عن المملكة وعن طموحاتها والأسس التي وضعت بها بالفعل والنظر إلى توجّه البلاد. وفي المقام الأول، آمل أن ينتابك الفضول تجاه هذا البلد الشرق أوسطي الكبير، والذي يبلغ حجمه حجم أوروبا الغربية تقريبًا، مع عدد سكان مماثل لسكان كندا، والتفكير في الرحلة التي يقومون بها. وضع في اعتبارك المواضع التي تكمن فيها فرص الاستثمار وريادة الأعمال، وراقب هذه المناطق – فهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به في السنوات الثماني القادمة.
لمعرفة المزيد حول كيفية قيام المملكة “بجلب العالم إلى السعودية”، اطلع على التقرير بنفسك عن طريق تحميله من هنا.