دبي – 19 سبتمبر 2021
أصبحت تايلاند مورداً رئيسياً لمجموعة واسعة من المنتجات والخدمات التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية في سوق منتجات الحلال العالمية، وهي سوق واعدة مع توقعات بتحقيق السوق لنسب نمو مرتفعة.
وعلى الرغم من أن المسلمين يعتبرون من الأقليات الموجودة في تايلاند، إلا أن الحكومة والقطاع الخاص في البلاد، قررا استخدام إمكانات التصنيع المتوافرة والجودة المضمونة التي تتمتع بها المنتجات التايلاندية، بالإضافة إلى تقاليد الطهي الفريدة التي تُعرف بها تايلاند، في الاستفادة من الطلب العالمي المتنامي على المنتجات الحلال.
وتحتل تايلاند حالياً المرتبة الثانية عشرة في إنتاج المنتجات الحلال عالمياً، إضافة إلى كونها خامس أكبر منتج للأطعمة الحلال على مستوى العالم. ووفقاً لمجلس الاستثمار التايلاندي، فإن البلاد تأتي أيضاً على رأس دول الآسيان المُصدرة للمنتجات الحلال. وتمثل الأطعمة الحلال حالياً 20% من إجمالي صادرات الأغذية التايلاندية إلى العالم. فيما تعتبر إندونيسيا وماليزيا وبروناي أكبر الدول المستوردة لمنتجات الحلال التايلاندية بإجمالي 60% من صادرات المنتجات الحلال التايلاندية.
ووفقاً لأحدث تقارير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي، فإن سوق المنتجات الحلال العالمية من المتوقع أن تنمو بنسبة 20% سنوياً، لذلك تأمل تايلاند تعزيز حضورها في هذه السوق وزيادة حصتها فيها. وخلال عام 2021، تستهدف تايلاند زيادة صادراتها إلى دول منظمة التعاون الإسلامي بنسبة 3% – بقيمة تصل إلى 3.8 مليار دولار أمريكي- التي تعد ثاني أكبر سوق مستوردة للمنتجات التايلاندية بعد الصين.
مبادرات تعزيز صناعة الحلال التايلاندية
يُعد إنشاء المجلس الإسلامي المركزي لتايلاند (CICOT)، إحدى أبرز المبادرات التايلاندية لتعزيز صناعة منتجات الحلال في البلاد، وقد تأسس وفقاً للشريعة الإسلامية ليكون جهة التصديق على منتجات الحلال التايلاندية. وتتمثل مسؤوليته الرئيسية في ضمان إنتاج منتجات الحلال التايلاندية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
ويسعى المجلس عبر خطوات استراتيجية، للحصول على الاعتماد من هيئات التصديق على المنتجات الحلال في الدول الإسلامية، حيث حصل المجلس على اعتماد هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، في دول الإمارات العربية المتحدة، للتأكد من أن المصدرين التايلانديين ومنتجاتهم يلبون معايير وأنظمة المنتجات الحلال لدى الأسواق المستوردة.
وبجانب المجلس، فإن جامعة شولالونغكورن، التي تُعد إحدى أفضل الجامعات التايلاندية تستضيف منشأة متخصصة في عمليات فحص المنتجات وإصدار شهادات الحلال. ويساعد مركز علوم الحلال في الجامعة، وهو الأول من نوعه في العالم في الحفاظ على تطبيق معايير الحلال، باستخدام أحدث التقنيات، وهو ما يعود بالنفع على حوالي 5000 شركة تنتج أكثر من 150,000 منتج وخدمة حلال في تايلاند.
ونظراً لتعقيدات اكتشاف المكونات المحرمة داخل المنتجات، خاصة مع التقدم في الابتكارات التكنولوجية التي تساعد في إخفاء هذه المكونات، فإن المركز يُعد استثماراً مهمة ومبادة فريدة من جانب تايلاند، التي تسعى لتصبح أكثر قدرة على إنتاج منتجات حلال 100%.
التحديات والفرص
على الرغم من تفوق صناعة الحلال في تايلاند إلا أنها تأثرت أيضاً بوباء فيروس كورونا كحال بقية دول العالم. لكن ما خفف من أثر الجائحة كان التوجه المتزايد بالاعتماد على المنصات الرقمية، وهي الفرصة التي اقتنصتها تايلاند وسارعت إلى الاستفادة منها.
وعملت وزارة التجارة التايلاندية، منذ بدايات العام الحالي، من خلال قسم تطوير الأعمال، على توجيه أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة نحو استخدام المنصات المختلفة عبر الإنترنت لتسويق منتجاتهم، وذلك لتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة عبر هذه المنصات واستكشاف أسواق وطرق جديدة لتسويق منتجاتهم.
كذلك فإن اتحاد الصناعات التايلاندية قد كشف عن تفاؤله بشأن استمرار قوة صادرات منتجات الحلال التايلاندية، وذلك نظراً لانتشار المطاعم التايلاندية في جميع أنحاء العالم، حيث يصل عددها إلى أكثر من 20,000 مطعم، وهي فرصة لمصدري المنتجات الحلال التايلانديين، لأن منتجات الحلال لها شعبية كبيرة أيضاً لدى غير المسلمين.
وأيضاً من الفرص المتاحة أمام هذه الصناعة، كون تايلاند وجهة شهيرة لقضاء العطلات لدى المسلمين، ويمكن لمصنعي منتجات الحلال النظر في توسيع أعمالهم محلياً من خلال توفير الأطعمة الحلال وغيرها من المنتجات للمطعام والفنادق والمنتجعات المحلية.
وسيكون الابتكار عاملاً حاسماً في نجاح تايلاند المستمر في هذه الصناعة. وسيلعب دوراً كبيراً في تعزيز صناعة الحلال، بداية من ابتكار المنتجات ومروراً بعمليات التصنيع وصولاً إلى الخدمات اللوجيستية والتسويق.
لكن الأكيد هو أن تايلاند ستشهد بلا شك نمواً في صناعة الحلال وتحتل مكانة بارزة وقدرة تنافسية عالية فيما يتعلق بهذه الصناعة، بفضل نظامها القوي وسمعتها الراسخة المعروفة بها عالمياً في إنتاج منتجات الحلال المعتمدة.