بقلم ديديم سزجين، مديرة الموارد البشرية لدى شركة روبرت بوش الشرق الأوسط.
لا شك أن أزمة كوفيد-19 تركت تغييرات عميقة طالت أساليب العمل والتعلم والتواصل التي كانت معتمدة سابقاً، حيث أصبح تحديث إجراءات الأعمال والتركيز على المهارات الاستثنائية حاجةً ضروريةً للشركات التي تستعد لمعاودة نشاطها بمرونة واستدامة في عالم ما بعد كوفيد-19، لتكون جاهزة لمواجهة أي أزمة مستقبلية. وبدأت العديد من المؤسسات التركيز على أساليب العمل المرن والتأقلم مع واقع الأعمال الجديدة في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى البحث عن موظفين سريعي التعلم من المتمرسين في التكنولوجيا، ما يتيح أمام الخريجين الجدد فرصةً مثاليةً لإبراز مواهبهم الشابة التي ستضمن نجاحهم في سوق العمل الجديد.
وينبغي أن ينظر الخريجون الجدد إلى مستقبلهم بإشراق بعد أن أصبح إلمامهم بالتكنولوجيا الحديثة ميزةً استثنائيةً تضمن لهم التفوق على أشخاص يتمتعون بخبرة أكبر في القطاع. كما تشهد هذه المرحلة تسخير الشركات للوقت والمال اللازمين لتطوير كوادرها الحالية من خلال تقديم العديد من البرامج التدريبية والدورات وورشات العمل الافتراضية، نظراً للأهمية البالغة لتطوير المهارات التكنولوجية للتأقلم مع الواقع الجديد في عالم الأعمال. ويبدو تأثير التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوك تشين وتعلم الآلة وإنترنت الأشياء واضحاً على طرق عمل القطاعات المختلفة حول العالم، لذا سيكون تمكين الشباب وتعزيز مهاراتهم التكنولوجية أمراً مهماً للشركات للاستفادة من قدرتهم على إيجاد حلول وأفكار تكنولوجية وتطوير مهارات العمل المتنوعة.[1]
وعلى الرغم من تمحور اهتمامات الشباب حالياً حول المواضيع المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وغيرها من المجالات الناشئة كعلوم الحاسوب،[2] إلا أنه من الضروري التأكيد على أن المهارات التكنولوجية حالياً لم تعد مقتصرةً على تكنولوجيا المعلومات وحسب. فمع تسارع التحول الرقمي واتساع نطاقه نتيجة أزمة كوفيد-19، سيكون نقص المهارات التكنولوجية المطلوبة عثرةً كبيرةً أمام الشركات الراغبة باتباع هذا النهج، لذا من الضروري أن تركز عمليات الشركة على دعم طرق اكتساب المهارات التكنولوجية، ودمجها مع المهارات الشخصية لتعزيز عملية التحول الرقمي التي تسعى لتحقيقها.
وأولت العديد من المؤسسات اهتماماً خاصاً لاعتماد أحدث التقنيات التكنولوجية حتى قبل بدء أزمة كوفيد-19، فضلاً عن سعيها لاستقطاب المواهب الفذة القادرة على التكيف مع التحول الرقمي أيضاً.[3] ومع تطبيق أساليب العمل من المنزل في مختلف أنحاء العالم، عملت الشركات على تسريع وتيرة مبادراتها الهادفة إلى تحقيق هذا التحول، وازداد الاهتمام بالباحثين عن وظائف من أصحاب الخبرة في مجالات البرمجة وتطوير التطبيقات وتقنيات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز وإنترنت الأشياء والروبوتات، من أجل دعم مساعي الشركات في تحقيق التحول الرقمي.[4]
وسيكون فهم تقنيات تحليل البيانات والنظم السحابية وتقنيات البلوك تشين، إلى جانب المشاركة في برامج التدريب الافتراضي وبرامج التأهيل القصيرة وغيرها من الدورات الافتراضية الهادفة لصقل المهارات، خطوةً مهمةً للخريجين من أجل تعزيز خبراتهم التقنية، والاستفادة من مجموعة متنوعة من المهارات التي تغطي العديد من الاختصاصات لضمان نجاحهم في بيئات العمل المتغيرة باستمرار.
ويمكن للشركات التقنية أيضاً المساعدة في تدريب المواهب المستقبلية وفتح باب المشاركة لهم في الورشات المهنية التي يقودها نخبة من المتخصصين في هذا المجال، حيث ما تزال الشركات تعدّل موادها التدريبية بما يتناسب مع الاحتياجات المتغيرة لعملياتها، من أجل إعداد المتدربين للمستقبل بالشكل الأمثل. كما يمكن تعزيز المواهب المستقبلية بشكل رئيسي من خلال اعتماد مفاهيم التعليم الحديثة ومواضيعه، كالتعليم الإلكتروني وبرمجة التطبيقات وتطوير الروبوتات وغيرها من الشراكات التعليمية التي تتمحور حول تطوير المشاريع القيّمة بهدف تعليم طلاب المدارس مفاهيم الاتصالات والعالم الرقمي.[5]
ومن الواضح أن الطلب المستقبلي على الموظفين من أصحاب الخبرات في مجال التكنولوجيا سيتخطى عدد الأفراد الذين يتمتعون بهذه الخبرات في السوق، ولذا فإن المؤسسات والمجتمعات تتعاون لمساعدة هؤلاء الخبراء الشباب وتهيئتهم لبيئة العمل المستقبلية، التي سيكون أساسها إعداد الكوادر البشرية لفهم أحدث التقنيات وأفضل الطرق وأكثرها فعالية لتوظيفها في مجال العمل.
[1] https://www.immerse.education/resource/why-are-tech-skills-so-important-to-todays-students/
[2] https://www.researchworld.com/youth-on-tech-technologys-impact-on-education-and-jobs/
[3] https://www.gartner.com/smarterwithgartner/lack-of-skills-threatens-digital-transformation/
[4] http://bweducation.businessworld.in/article/5-Important-Skills-That-Every-Graduate-Must-Have-In-The-Post-COVID-19-Job-World-/30-09-2020-326377/
[5] https://www.bosch-presse.de/pressportal/de/en/digital-education-apprentices-as-industry-4-0-ambassadors-167744.html