الكويت – خاص
46 في المائة من اجمالي إصدارات الدخل الثابت مستحقة السداد خلال الخمس سنوات المقبلة…
ما تزال حالة عدم اليقين الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد-19 وتداعيات تلك الأزمة على النمو الاقتصادي مستمرة في كافة أنحاء العالم نظراً لعودة ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس وخاصة في أوروبا. إذ أعلنت عدة دول أوروبية عن تطبيقها لتدابير إغلاق مشددة وصرحت بوضوح أنها لا تتوقع تخفيف تلك القيود في أي وقت قريب. من جهة أخرى، هناك أيضاً أنباء عن ظهور سلالات جديدة من الفيروس مما يزيد من تعقيد خطة طرح اللقاح. إلا انه على الرغم من ذلك، هناك ايضاً معنويات إيجابية فيما يتعلق بالانتعاش الاقتصادي على المدى القريب، وهو الأمر الذي ينعكس على أسواق الأسهم والسندات، وكذلك أسعار السلع الأساسية.
وأدى الضغط على أوضاع المالية العامة الناجم عن تراجع النشاط الاقتصادي وانخفاض العائدات النفطية إلى زيادة إصدارات ادوات الدين في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2020. ويتسق ذلك التوجه مع إصدارات الدول الأخرى في كافة أنحاء العالم، والتي على الرغم من قلة اعتمادها على النفط إلا انها شهدت مستويات ضخمة من الدين وصلت إلى معدلات قياسية بنهاية العام 2020. ووفقاً لأحد التقارير الصادر عن وول ستريت جورنال، فانه استناداً على بيانات شركة ديالوجيك (Dealogic)، أصدرت حكومات وشركات الأسواق الناشئة معدلات قياسية من السندات في العام 2020 وصلت قيمتها إلى حوالي 510 مليار دولار أمريكي.وضمن هذا المبلغ، بلغت قيمة الإصدارات الحكومية حوالي 250 مليار دولار أمريكي، بينما كان مبلغ 260 مليار دولار أمريكي المتبقي من نصيب السندات الصادرة عن الشركات. وكانت تلك الإصدارات بالعملة الصعبة بصفة عامة في حين بلغت الإصدارات بالعملات المحلية للحكومات حوالي 30 مليار دولار أمريكي. وظل الطلب على سندات الأسواق الناشئة مرتفعاً بفضل الارتفاع النسبي للعائدات، فضلاً عن تمكن العديد من الدول من ابقاء أوضاعها المالية تحت السيطرة على الرغم من الجائحة.
واستهدفت إصدارات السندات توسيع نطاق كلا من أنشطة الأعمال من خلال الإصدارات الجديدة وكذلك تغطية متطلبات إعادة التمويل. وكشفت بيانات وكالة بلومبرج أن آجال استحقاق أدوات الدخل الثابت لحكومات وشركات دول مجلس التعاون الخليجي بلغت 38.7 مليار دولار أمريكي منذ مايو 2020 والتي تم إعادة تمويلها إلى حد كبير. وبلغ إجمالي الإصدارات خلال العام الحالي حتى نوفمبر 2020 حوالي 142 مليار دولار أمريكي بما يتماشى تقريباً مع مستويات العام الماضي ومن المتوقع أن تتجاوز إصدارات العام 2020 بأكمله مستويات العام الماضي بشكل هامشي.
وأصدرت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي سندات بقيمة 47.5 مليار دولار أمريكي منذ بداية العام حتى نوفمبر 2020 من ضمنها سندات بقيمة 35.4 مليار دولار أمريكي خلال النصف الأول من العام 2020. وبلغت قيمة الصكوك التي أصدرتها الحكومات الخليجية 28.7 مليار دولار أمريكي بقيم متساوية تقريباً خلال النصفين الأول والثاني من العام 2020. أما بالنسبة للعام الماضي، بلغ إجمالي قيمة إصدارات السندات الحكومية على مستوى المنطقة 48.8 مليار دولار أمريكي، بينما بلغت قيمة اصدارات الصكوك 34.3 مليار دولار أمريكي. من جهة أخرى، شهدت إصدارات الشركات نشاطاً ملحوظاً، إذ بلغت قيمة إصدارات السندات 46.2 مليار دولار أمريكي منذ بداية العام حتى نوفمبر 2020، في حين بلغت قيمة إصدارات الصكوك 19.9 مليار دولار أمريكي. وبالمقارنة بإصدارات العام الماضي، بلغت قيمة إصدارات السندات 45.3 مليار دولار أمريكي، بينما بلغت قيمة إصدارات الصكوك 14.8 مليار دولار أمريكي.
آجال استحقاق السندات / الصكوك
من المتوقع أن تصل قيمة أدوات الدخل الثابت مستحقة السداد على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الخمس المقبلة (2021-2025) 157.1 مليار دولار أمريكي، بينما تصل القيمة المستحقة على الشركات إلى 164.3 مليار دولار أمريكي. وغالبية تلك الاستحقاقات بالدولار الأمريكي، او ما يعادل نسبة 61.3 في المائة، يليها إصدارات العملات المحلية بالريال السعودي والريال القطري بنسبة 17.8 في المائة و 7.6 في المائة، على التوالي. بالإضافة إلى ذلك، فإنه نظراً لمستويات التصنيف الائتماني لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، فإن غالبية هذه الاستحقاقات تتميز أنها من درجة استثمارية عالية أو أدوات مصنفة من الفئة (A) أما فيما يتعلق بنوعية أدوات الدين، تأتي السندات التقليدية في الصدارة، حيث تمثل القيمة مستحقة السداد خلال الخمس سنوات المقبلة نحو 205.7 مليار دولار أمريكي، في حين يتوقع أن تصل قيمة الصكوك مستحقة السداد إلى 115.7 مليار دولار أمريكي. وبينما تشير آجال استحقاق السندات إلى اتخاذها اتجاهاً هبوطياً خلال السنوات الخمس المقبلة إلا انه من المتوقع أن تزداد آجال استحقاق الصكوك بدءاً من العام 2022.
وفيما يتعلق بآجال الاستحقاق وفقاً لكل دولة على حدة، تأتي الإمارات في الصدارة حيث تصل قيمة أدوات الدين مستحقة السداد حتى العام 2025 إلى 99.2 مليار دولار أمريكي، تليها الحكومات والشركات السعودية والقطرية بقيمة 97.1 مليار دولار أمريكي و72.4 مليار دولار أمريكي، على التوالي. كما أن قيمة القروض مستحقة السداد في دول مجلس التعاون الخليجي تكاد تكون بنفس مستوى السندات والصكوك مستحقة السداد على مدى السنوات الخمس المقبلة، إذ تبلغ 299.3 مليار دولار أمريكي. وتمثل الشركات الإماراتية النصيب الأكبر من القيمة المقرر تسديدها خلال السنوات الخمس المقبلة بقيمة 131.0 مليار دولار أمريكي، تليها الشركات السعودية والقطرية والتي تصل قيمة دفعاتها مستحقة السداد إلى 100.4 مليار دولار أمريكي و 28.6 مليار دولار أمريكي، على التوالي.
أما فيما يتعلق بآجال الاستحقاق وفقاً للقطاع، تصل قيمة أدوات الدين مستحقة السداد على البنوك وقطاع الخدمات المالية خلال الخمس سنوات المقبلة 98.0 مليار دولار أمريكي بما يمثل حوالي 60 في المائة من إجمالي المبالغ مستحقة السداد على الشركات ونسبة 30.5 في المائة من اجمالي أدوات الدين مستحقة السداد في دول مجلس التعاون الخليجي حتى العام 2025. وجاء قطاع الطاقة في المرتبة التالية، إذ بلغت قيمة أدوات الدين مستحقة السداد لهذا القطاع 15.3 مليار دولار أمريكي أو ما يعادل نسبة 9.3 في المائة من اجمالي مستحقات الشركات الخليجية حتى العام 2025، تبعه قطاعي المرافق العامة والطيران بقيمة 11.4 مليار دولار أمريكي و11.2 مليار دولار أمريكي، على التوالي. وتأتي البنوك الإماراتية في مركز الصدارة من حيث أكبر قيمة مستحقة السداد على مدى السنوات الخمس المقبلة والتي تصل إلى 45.4 مليار دولار أمريكي، تليها البنوك القطرية بقيمة 26.4 مليار دولار أمريكي. واستحوذت بنوك البلدين على نسبة 22.3 في المائة من إجمالي السندات / الصكوك مستحقة السداد خلال السنوات الخمس المقبلة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. أما بالنسبة لقطاع العقار، تتركز استحقاقات أدوات الدين بصفة رئيسية في الإمارات والسعودية بقيمة 6.9 مليار دولار أمريكي و2.2 مليار دولار أمريكي، على التوالي، حتى العام 2025.
كما يتغير أيضاً هيكل آجال الاستحقاق تدريجياً نظراً لتزايد إصدارات أدوات الدين الدائمة. ووفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج، شهدت الإصدارات الدائمة نمواً للعام الرابع على التوالي في العام 2020. ووصلت الإصدارات إلى مستويات قياسية خلال العام، إذ بلغت 6.2 مليار دولار أمريكي مقابل 5.5 مليار دولار أمريكي في العام 2019. وبإضافة آجال الاستحقاق التي تتجاوز 30 عاماً أو بدءاً من العام 2050 فصاعداً، بلغ إجمالي الإصدارات 39.6 مليار دولار أمريكي في العام 2020 مقابل 9.9 مليار دولار أمريكي في العام 2019، والذي يمثل مستوى قياسياً خلال العام.
النظرة المستقبلية
شهدت إصدارات السندات والصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً سنوياً للعام الثاني على التوالي في العام 2020، وتظهر اتجاهات العام المقبل استقرار مستوى الإصدارات في العام 2021 او تراجعها هامشياً. ونرى أن العام 2020 كان عاماً استثنائياً نظراً لما شهده من أحداث غير اعتيادية مثل التراجع الحاد لمعدلات النمو الاقتصادي في كافة أنحاء العالم ودول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الانخفاض التاريخي في أسعار النفط مما أثر بصفة خاصة على الاقتصادات الخليجية المصدرة للنفط. ومن المتوقع أن تدفع احتياجات الإنفاق للموازنات الحكومية إلى تعزيز الإصدارات السيادية خلال العام المقبل. إلا انه في ظل توقع تسجيل الموازنات الخليجية لمستويات أقل من العجز المالي تصل إلى حوالي 84.3 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 127 مليار دولار أمريكي في العام 2020، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، نتوقع أن تتراجع إصدارات أدوات الدين الحكومية على أساس سنوي في العام 2020. وقد أعلنت بعض حكومات دول مجلس التعاون الخليجي عن خفض نفقاتها العام المقبل والتركيز على المشاريع ذات الأولوية. وفي ذات الوقت، قد تغير إصدارات الكويت قواعد اللعبة في المنطقة خلال العام 2021 إذا أقرت الحكومة قانون الدين العام. وكانت الكويت قد ابتعدت تماما عن سوق السندات في العام 2020 نظراً لعدم تمكن البرلمان من تجديد قانون الدين العام.
في المقابل، من المتوقع أن تعوض إصدارات الشركات بشكل كامل أو جزئي انخفاض الإصدارات الحكومية حيث يتوقع أن يؤدي تحسن البيئة الاقتصادية إلى زيادة إنفاق القطاع الخاص. كما يقبل المقترضون أيضاً على جمع الأموال على خلفية انخفاض تكلفة الاقتراض على مستوى العالم. بالإضافة إلى ذلك، فانه مع وصول عائدات السندات السيادية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، قد تتحمس الحكومات لإصدار أدوات دين جديدة والاستفادة من انخفاض تكلفة الدين.
وفي ذات الوقت، فانه في ظل ما تتميز به أربع دول من دول مجلس التعاون الخليجي الست بتصنيفات مريحة من درجة الاستثمار والدعم المفترض الذي تقدمه المجموعة إلى عمان والبحرين، نعتقد أنه من المقرر أن يساهم ذلك في دعم جهود جمع الأموال في المنطقة وكذلك على الصعيد الدولي. كما أن صناديق الثروة السيادية الضخمة التي تحتفظ بها أغلبية حكومات المنطقة تساهم في دعم تصنيفها الائتماني بصفة عامة بما يعزز من قدرتها على جمع الأموال.
المصدر: بلومبرج وبحوث كامكو إنفست