مترجم بتصرف: مقال لـ مرتضى مانجي
على امتداد الربع الثاني من العام الحالي، واجهت الاقتصادات المحلية والإقليمية العديد من التحديات. ردة الفعل الفورية للشركات حول العالم لمواجهة أزمة الفيروس، وفي الإمارات خصوصاً، كانت لمواجهة التحديات والتخلص من كل التكاليف الإضافية. وقد تمت ترجمة هذه الإجراءات عبر تسريح الموظفين وخفض الرواتب وعدم تسديد الرسوم للموردين وعدم تسديد الإيجار وغيرها الكثير، وهي إجراءات قد توفر النقد على المدى القصير، ولكنها قد تخلق مشاكل على المدى البعيد.
التأثير على السوق لم يكن إيجابياً، وسرعة حدوث التغيرات تركت معظم الأشخاص يحاولون التأقلم معها. لم يكن في تصور أحد حدوث إغلاق شامل، وانقطاع التدفقات النقدية او انكماش الأعمال قبل أن تستعد الشركات لها بطريقة كافية لمواجهتها.
أريد أن أسلط الضوء على الموجة الثانية المتوقعة من التحديات التي قد تواجهها الشركات المحلية. هذه الموجة ليست مضمونة الحدوث ويمكن تفاديها. وينبغي علينا التسلح بالبصيرة والاستعداد. وقد تكون الموجة الثانية أكثر صعوبة من الموجة الأولى، لأننا لم نجد مجالاً للتعافي والوقوف على أقدامنا. وقبل أن أقترح بعض الخطوات لتفادي هذه التأثيرات، دعونا أشرح لكم لماذا الموجة الثانية قد تحدث:
- التأثير الكامل للموجة الأولى لم ينتهي بعد: هناك الكثير من الأشياء التي ينبغي علينا فعلها. فقط فكروا بالسيولة والمبالغ المستحقة وتأمين الموارد للعودة مجدداً بالأعمال إلى طبيعتها. بالتأكيد لن تعود الحياة إلى طبيعتها قريباً. علينا التأقلم مع العالم الجديد. العودة الطبيعية للأعمال تعني العمل والحصول على تدفق نقدي موثوق، والعمل على فرص ووظائف جديدة. علينا أن نعود إلى حياتنا الطبيعية. وحتى نجد موطئ قدم للعودة لحياتنا الطبيعية، علينا تذكر أننا على بعد خطوة من الوقوع المتوقع المؤلم.
- علاقة عكسية بين الخوف والتدفقات النقدية: هناك مستويات عالية من الضبابية والخوف اليوم، وذلك أمر طبيعي. ولكن عندما ترتفع مستويات الخوف، سيبرز تأثير لعلاقة عكسية مع التدفقات النقدية. اليقين الوحيد الذي أعرفه اليوم هو كمية السيولة التي أمتلكها في البنك، وفترة احتفاظي بها، ولست مستعداً لمقايضة هذه السيولة بفرص أعمال غير أكيدة. وبنتيجة الأمر، ستحتفظ الشركات بالنقد لأطول فترة ممكنة وهذه هي المشكلة. وعندما تمتنع الشركات عن التصرف بأموالها، كل مورديها وموظفيها والأطراف المعنية على اختلاف مستوياتهم، وحتى أسواقها الثانوية ستتأثر. وفي هذه الأوقات التي تسودها حالة عدم اليقين، فإن مستويات الخوف تكون عالية جداً.
- نشاط بدون تقدم للأمام: المؤشر الجدير بالاهتمام هو ارتفاع مستويات النشاط الاقتصادي مقارنة بالربع الثاني من 2020. هذا جيد ولكن الجانب غير الجيد هو غياب التقدم للأمام بالنسبة للشركات وعدم قدرتها على تحويل اللقاءات إلى عقود جديدة، أي أن الشركات تجري اجتماعات أكثر وتقدم عروضاً جديدة للعملاء ولكنها لا تستحوذ على عملاء جدد ولا توقع عقوداً جديدة.
هذه هي المشكلة. فإذا شعرتُ بأنني سأحصل على مشروع جديد اليوم، فمن المرجح أن أحتفظ بفريقي من الموظفين ومستودعاتي وغيرها، ولكن إذا مرت أسابيع عدة من دون تغير شيء فإن ذلك سيزيدني إحباطاً ويكون مكلفاً عليّ، حيث أنني أصرف من مدخراتي النقدية للحفاظ على جهوزيتي بينما العميل يعطيني وعوداً شفهية دون إعطائي الضوء الأخضر لبدء العمل. قد يكون السبب عائداً لمسائل داخلية تواجهها هذه الشركات ولا أريد أحد توجيه اللوم لأحد، ولكنه الواقع الذي بات ملموساً.
هذه المسائل التي ذكرتها موجودة على أرض الواقع وعلى امتداد مختلف الصناعات والمدن. كل هذه العوامل وغيرها الكثير قد تساهم في حدوث موجة ثانية من التأثير على الأعمال.
هل هي حتمية؟ لا أظن
هل يمكن تفاديها؟ نعم أؤمن بذلك
كيف؟ هذه بعض الأفكار
- اشترٍ من الشركات المحلية. لا يمكنك النجاح من العدم. إذا ارتفع الموج، سنرتفع جميعاً. حافظ على الموج عالياً من خلال الشراء من الشركات المحلية. تمتلك دولة الإمارات موردين وبائعين ممتازين لكل ما تحتاجه، وستجد حتماً من يوفر لك متطلباتك. هذه الخطوة ستدعم الاقتصاد المحلي، وستساهم في تدفق الأموال في الأسواق، وسيرتفع بنتيجتها الموج.
- قم بخطوات. المشاريع لم تبدأ لأنها التزام كبير ولا أحد يعرف ما الذي سيحصل في الأسبوع أو الشهر القادمين. اقتراحي المتواضع هو: إبدأ بمشروع. أطلق مرحلته الأولى، وابدأ بالحيطة الواجبة وأعد إطلاق التسويق. لا تبقى تنتظر لأن تأثير عدم التحرك سيكون خانقاً. احرص على أن تكون العقود مرحلية أي تسمح لك بالتوقف والاستراحة إذا لم تسر الأمور جيداً، ولكن عليك باتخاذ الخطوة الأولى. على أحدٍ منا أن يبدأ لأننا لا نستطيع جميعاً انتظار الخطوة الأولى من شخص آخر.
- سدد مستحقاتك: هناك بعض الأمور أقل بهجةً في عالم الأعمال من الركض وراء فواتيرك ومستحقاتك المالية. لقد أتممت العمل وقدمت المنتج وانتهى المشروع ولكنك لم تقبض بعد مستحقاتك. وقد حان الوقت المؤلم للمتابعة والوعود والأعذار والمفاوضات. في الأوقات الجيدة يكون ذلك محبطاً، أما في الأوقات الصعبة، فإنه يكون مميتاً. موردوك الذين وفروا لك الخدمات أو المنتجات التي اشتريتها سيعانون عندما لا تكون قادراً على تسديد مستحقاتهم. صحيح أن الأوقات صعبة اليوم والمال غير متوفر، ولكن لا تستخدموا ذلك عذراً لعدم تسديد المبالغ المتوجبة عليكم، أو الإصرار على تخفيضات غير معقولة أو الاستفادة من الوضع بطريقة أو بأخرى.
نحن معاً في هذه المحنة. هناك قول مفاده:” إذا كنت تريد الانطلاق سريعاً، انطلق لوحدك، وإذا كنت تريد الانطلاق بعيداً، انطلق معاً.” ولذلك لا يستطيع أحد تغيير الاقتصاد، ولكننا جميعاً قادرون على إحداث التغيير الإيجابي فيه.
مما لا شك فيه أن نهاية النفق اقتربت، ولكن ما زالت هناك العديد من العقبات على الطريق. حافظ على معاييرك وتوقعاتك لنفسك وشركائك، ادعم قدر الإمكان حتى بنسب صغيرة، ودعونا نعيد إحداث الفارق. الإمارات دولة جميلة، وقد استفدنا جميعاً من بيئة أعمالها في السنوات الماضية. وقد حان الوقت لرد الجميل.
هيا إلى العمل.