مترجم بتصرف: مقال لـ مات توغود وكيم طومسون
يشير الاعتقاد السائد إلى أن رواد الأعمال يميلون بديهياً للجري وراء أهدافهم. ولكن في أوقات الأزمات والظروف الاستثنائية، يجب استبدال ذلك باستراتيجية عمل مصاغة بشكل جيد وتكون مواكبة التغيرات.
قد ينحصر تفكيرنا أحياناً كرواد أعمال، في أُطر ضيقة الأفق. ولكننا اليوم بحاجة إلى التوقف والاستماع أكثر واتباع نهج أوسع وأكثر شمولية. علينا استبدال النظرة الأحادية للأمور بنظرة تعددية وشاملة تضم الفريق بأكمله، مع الحرص على تنفيذ التوازن بين كافة أعضاء الفريق. وبالتوازن، نعني ألا تقتصر دوافعنا على الجوانب المادية فقط، بل تمتد لتشمل الأشخاص الذين سيلعبون دوراً محورياً في مساعدتنا على اجتياز هذه الأوقات الصعبة.
يجب الحفاظ على أسلوب رشيق ومرن وسهل التحرك، مع ضرورة استخدام أسس واضحة ومدروسة جيدًا ومتوازية مع استراتيجيتنا، بدلاً من التوجه نحو تغيير السرعة بشكل مستمر. ويعود السبب في ذلك إلى ضرورة التأكد من قدرة وجاهزية أعضاء فريقنا الأساسيين على مواكبة الإيقاع. ومن المهم أيضاً معرفة كيفية تحفيزهم.
في شركة RAW Coffee، خضع كافة الأعضاء الكبار من فريقنا لبرنامج تقييم إنتاجية الفريق من “إنسايت ديسكفري“، الأمر الذي ساعدنا في فهم السبل الصحيحة للتواصل معهم بشكل فردي، والاستماع إليهم، وفهم أساليبهم الخاصة في التواصل مع الأشخاص الآخرين. لقد ساعدنا ذلك أيضاً على فهم أسلوبهم في العمل من الداخل وكيفية تأثيرهم على عمل فرقهم. كان ذلك استثماراً مجدياً للغاية بالنسبة لنا لضمان سيرنا جميعاً بنفس الاتجاه وبرؤية واحدة.
كما أنه من المهم للغاية أن يكون لدينا جنود في الميدان، وأن تتبنى شركتنا مبدأ العمل بروح المواطنة تحديداً في هذه الأوقات التي تضع عليك عبئاً وتصعب من قدرتك لى إدارة كل شيء بمفردك، لذلك أنت بحاجة إلى أشخاص جيدين في فريقك. أحياناً قد تحتاج إلى تخصيص 20٪ على الأقل من وقتك لأمور لا تحب القيام بها! لذلك، عليك الاستمرار في التخطيط للمستقبل، ومواصلة دورك في إدارة المهام اليومية لشركتك.
نقوم بإدارة أعمالنا أولاً على أساس التدفق النقدي، فهو أول الأمور التي ننظر إليها. وخلال مارس وأبريل ومايو 2020، قمنا بتشغيل ميزانية التدفق النقدي على برنامج إكسل، والتحقق منها كفريق بشكل يومي. كانت رؤيتنا واضحة عندما كان يتعلق الأمر بأمورنا المالية، وتمكنا على الفور من تخفيض نفقاتنا بشكل كبير باستثناء النفقات الحرجة. ومع ذلك، ما زلنا نخصص ميزانيتنا وخططنا للاستثمار في الأمور التي ستؤثر وبشكل إيجابي وكبير على عملياتنا اليومية. وفي يناير، وبمجرد سماعنا بالأخبار القادمة من الصين، قمنا على الفور بإعداد وتجهيز الحلول التقنية، بما في ذلك برنامج مايكروسوفت تيمز وبرامج الأمن والحماية وبرامج الوصول إلى خوادمنا، حتى يتمكن كافة أعضاء الفريق من استئناف العمل من المنزل بمجرد وصول الأزمة إلينا.
كما توجهنا نحو عقد اجتماعات منتظمة لفريق العمل مع الإدارات المختلفة، الأمر الذي فرض علينا العمل لساعات طويلة جدًا وقضاء معظم وقتنا على تواصل مستمر، مما ساعدنا في مراقبة الجميع عن كثب. حيث لاحظنا أن بعض كبار أعضاء فريقنا يعملون بشكل أفضل من المنزل وفي عزلة، وكان أدائهم هائلاً في مثل هذه الظروف، فهم يفضلون الاستقلالية ومكان العمل الانفرادي. وعلى النقيض، فإن الجزء الآخر من الفريق يحتاج إلى بيئة عمل تقليدية لأداء أعماله بشكل صحيح مع الضوضاء، والمزاح، وأجواء العمل. كما لا يمتلك البعض التركيز الكافي للعمل من المنزل، فإن فعاليتهم وإنتاجيتهم أعلى عند العمل من المكتب.
ومن الطبيعي جداً أن تقوم بوضع الخطط ومن ثم الاضطرار إلى تغييرها. ولكن، الأفضل من ذلك أن يكون لديك ثلاث خطط لثلاثة سيناريوهات متنوعة، مع دراسة كل منها بشكل جيد. فمن خلال ذلك يمكنك التركيز على أفضل الممارسات التي يجب تتبناها في ذلك الوقت، بدلاً من التخطيط لشيء جديد. كما أن وجود شخص يجيد الاستماع وليس بالضرورة تقديم الآراء ويمكنك مناقشة خططك معه هو أمر مهم للغاية.
ومن المهم أيضاً أن تعبر عن أفكارك لفظيًا، حتى تتمكن من سماعها بنفسك، حيث أن الإنسان هو الأكثر انتقادًا لنفسه، خاصة عند استماعه لصوته. لذلك، قمنا بوضع سيناريو أسوأ الحالات وسيناريو أفضل الحالات، ووضعنا العديد من الألواح البيضاء الكبيرة على الجدران التي تخصص لأعضاء الفريق أدوارًا جديدة وسيناريوهات محتملة، ومن خلالها تمكنا من التعرف على الفجوات أو المشكلات قبل ظهورها.
لا نؤمن حقاً بالتقارير الدولية، لذلك اخترنا استخدام حدسنا والاستماع وقراءة أكبر قدر ممكن من الأخبار الخاصة بقطاعات محدده ذات صلة بأعمالنا. للقيام بذلك، يجب أن تكون خبيرًا في المجال الخاص بك، وأن يكون لديك وعي عالمي ومراقبة جيدة للأسواق الأكثر نضجًا كمقياس. تحدث إلى فريقك وعملائك كما تفعل مع أي إنسان آخر – العديد من المحادثات التي أجريناها لم تكن تركز على الأعمال التجارية بشكل مباشر، لكنها عززت تضامننا وعلاقاتنا مع الأطراف الأخرى.
هناك العديد من اللاعبين الجدد ضمن قطاع القهوة المتخصصة في دولة الإمارات. وللأسف يدير الكثيرون أعمالهم دون التخطيط جيداً أو وضع استراتيجيات للنمو في المستقبل. يعكس تسعيرهم وضعهم الحالي ومواردهم وحجمهم، لكنه لا يشمل الأصول غير الملموسة التي من شأنها أن تسمح لهم بتطوير أعمالهم للمرحلة التالية. لم ينظروا إلى المرحلة التالية من أعمالهم، ولم يتمكنوا من إدارة أموالهم جيداً حيث اعتمدوا بشكل أكبر على الائتمان، لذلك نشهد إغلاق العديد من الشركات الصغيرة الجيدة.
الأعمال التجارية الخالية من الهدر هي أعمال رائعة حقاً، ولكن هناك خيط رفيع بين التخفيف والاختناق. والقدرة على الاستمرار في تنمية الأعمال أمر بالغ الأهمية، والسيولة النقدية هي الوقود. وعلى أمل استقطاب المستثمر فأنت فقط تقوم بكل العمل الشاق لتحقيق مكاسب لشخص آخر.
لا نعتبر أعمالنا ناضجة بعد، بل نعاملها كطفل صغير تعلم المشي للتو. كالآباء، بدأنا “صندوق المدرسة”، على الرغم من أننا كنا “نبني منزلًا جديدًا”. وفي العديد من المناسبات، كان من السهل إنفاق أموال المدرسة عدة مرات خلال الأشهر الصعبة التي يتعين على الشركات في الشرق الأوسط تحملها كل صيف؛ ولكن قيامنا بذلك خلق لنا مساحة للتنفس من مارس إلى أبريل 2020، وسمح لنا بتنفيذ خططنا التي أعددناها مسبقاً، مع الاحتفاظ بأعضاء فريقنا.
اليوم، لدينا نموذج إيرادات مختلف تمامًا. كنا محظوظين لأن أعمالنا كانت تضم أقسامًا متعددة للإيرادات، حيث شهدنا تقلبًا بمصادر أموالنا. إن الاعتقاد بأن هذا هو “المعيار الجديد” هو قصر نظر بالفعل. لقد عدنا إلى وضع ثلاث خطط جديدة بناءً على سيناريوهات محتملة لا نمتلك حقاً تأثيراً كبيراً عليها.
في الختام، لقد كان وقتًا مزدحمًا وديناميكيًا للغاية، ولحسن الحظ، كشركاء تجاريين، كان لدينا مستويات عالية ومنخفضة في أوقات مختلفة، لذلك تمكنا من دعم بعضنا البعض ومواصلة طرقنا إلى الأمام.