بقلم عبد الحميد شرارة، المؤسس التنفيذي لـ «قمة رايز آب»
يشهد النظام البيئي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستوى غير مسبوق من النمو. حيث يتزايد عدد الشركات أكثر من أي وقتٍ مضى، كما تتوسع شركات أخرى على المستوى الدولي، وتُطرح منتجات جديدة، وتبدأ المشروعات التجارية في مناطق لم تكن مُستهدفة من قبل. ويبدو مشهد الشركات الناشئة اليوم مختلفًا تمامًا مقارنةً بما كان عليه في عام 2013، عندما أطلقت أنا وفريقي فعالية رايز أب بهدف ربط الشركات الناشئة المحلية بالموارد ذات الصلة من شتى أنحاء العالم. ومع أول قمة مُفاجئة أعدتها مجموعة صغيرة من الأفراد المتحمسين الذين يعملون معًا لمواجهة كافة الصعاب، أُنشئت فعالية رايز أب.
دعونا نلقي نظرة على عدد قليل من قصص النمو المُلهمة حققت نجاحات مهمة مؤخراً: فمثلاً جمعت الشركة المصرية، سويفل، 42 مليون دولار أمريكي، وتخطت بذلك النموذج التقليدي للتوسع الإقليمي، حيث طُرحت في أسواق مثل باكستان وكينيا في وقت سابق من هذا العام. وأطلق صندوق “مبادلة” الإماراتي، الذي كان يركز فيما مضى على الاستثمار بكثافة خارج المنطقة، صندوقًا بقيمة 250 مليون دولار للاستثمار في الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وحتى الشركات في النظم البيئي الأصغر نسبياً مثل الكويت، تتزايد باستمرار، حيث ضاعف معرض بوتيكات تقييمه مؤخراً إلى 500 مليون دولار.
وكشاهد ومُشجع على هذا الهدف الحالي لريادة الأعمال، عملت فعالية رايز أب بلا كلل لإمداد أكبر عدد ممكن من الشركات الناشئة بالأدوات التي تحتاج إليها لتحقيق النجاح.
ففي كل عام، تسلط هذه الفعالية الضوء على موضوع مختلف يعكس ما نعتبره الوضع الحالي للابتكار الإقليمي وريادة الأعمال. لذلك كان من المناسب فقط أن تعكس الفعالية في هذا العام نمو نظامنا البيئي الإقليمي. وفي أجندة الموضوعات التي طرحت في عام 2019، ألقينا الضوء الساطع على جوانب مختلفة من رحلة النمو هذه: الطيب والشرس والقبيح. في محاولة للنمو بمسؤولية وبصورة مستدامة، ما هي الحواجز التي واجهها المؤسسون؟ كيف تُقيم المستثمرين الذين تتوافق رؤيتهم ومواردهم مع المكانة التي تُريد أن تصل إليها شركتك؟ وربما الأهم من ذلك، كيف يمكنك الانتفاع من إمكانياتك، وبدء رحلتك الشخاصية نحو النمو، بوصفك رجل أعمال، ومبدع، ومواطن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تزدهر يومًا بعد يوم؟
وتعلمنا كذلك في رايز أب دروس النمو هذه. وعلى مدار ست سنوات من المجازفة، وفتح آفاق جديدة، وتكثيف الجهود، وتوسيع نطاق أنشطتنا بشكل مطرد، تعثرنا في الطريق ولممنا أنفسنا واستعدنا قواتنا، وارتكبنا الأخطاء وتعلمنا منها.
من خلال العمل عن كثب مع مئات الشركات الناشئة الإقليمية في جميع أنحاء المنطقة، وجدنا أربع ركائز أساسية تعتمد عليها أي رحلة ناجحة في طريقها نحو النمو:
- 1. طريقة التفكير الخاصة بالنمو
من الأسهل أن يظل كيانك صغيرًا بصورة مُريحة، لكن لا يمكنني التفكير في شركة ناشئة ممن يُغيرون قواعد اللعبة وترغب في البقاء في منطقة الراحة هذه لفترة طويلة. فمن خلال التجول في مكاتب فعالية رايز أب في أي يوم من الأيام، فإن أكثر العبارات شيوعًا التي تسمعها هي “استهدف النجوم، ولكن ابقى على الأرض“. فالنمو بالنسبة لنا ليس حلمًا مفعمًا بالأمل، ولكنه وجهتنا الحقيقية.
- 2. استراتيجية نمو واضحة
كيف تريد تحويل عقلية النمو إلى واقع ملموس؟ ما هي أولوياتك؟ كيف تختار موعد نمو شركتك؟ الاستراتيجية هي كل شيء عندما يدور الأمر حول الخيارات الصحيحة نحو الاتجاه الصحيح.
- موارد النمو
النمو يحتاج منك أن تكون واسع الحيلة. هل لديك التكنولوجيا المناسبة ورأس المال والمعرفة الفنية لمساعدة فريقك على النمو؟ هل تعمل في إحدى الشركات الناشئة في رحلتها نحو النمو، هل تتدبر شؤونك، وتتعامل مع رفاهيتك بنفس الأهمية التي تعطيها لأصول الشركة الرئيسية الأخرى؟
- تنفيذ عملية النمو
ربما يكون العنصر الغريزي الأكثر أهمية، والذي يُعد في رأيي حاسمًا في أي رحلة ناجحة نحو النمو، هو الحفاظ على نفسك ضمن المعايير العالية. الرحلات نحو النمو لا تختصر الطرق. عقليات النمو، والاستراتيجيات، والموارد هي أمور غير كافية. يجب أن يكون كل جزء من شركتك مُصممًا لاستيعاب رحلة النمو. فالنمو لا يأتي مع الكسل، بل أن النمو عملية ديناميكية دائمًا تتطلع إلى الأمام.
بالتفكير في دروس النمو هذه بدءًا من أشهر قصص النجاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فأنا فخور بالشركات التي ساعدناها خلال رحلتنا إلى النمو في السنوات الأخيرة، والتي تتراوح من شركة كريم الرائدة على المستوى الإقليمي، إلى شركة Elmenus العملاقة العاملة محليًا في مجال طلب الطعام. ولكم أتطلع إلى بداية عِقد جديد، حيث أعتقد أن فعالية رايز أب تلعب دورًا أكثر أهميةً في حياة رواد الأعمال حاليًا، حيث أنها تمد نظامنا البيئي بالطاقة.
وللقيام بذلك، فنحن نخطط للإبداع والتنويع في مجموعة منتجاتنا، والتوسع في بلاد جديدة، والانخراط في العمل مع المجتمعات غير المُستغلة في جميع أنحاء المنطقة، وتوسيع نطاق عملياتنا، وزيادة حجم فريقنا وبنيتنا التحتية. وباقتراب نهاية عام 2019، لا أعتقد أن هناك وقت أفضل للاحتفال بالنظام البيئي الخاص بنا واستكشاف طرق جديدة مبتكرة لنقل مجتمع ريادة الأعمال الإقليمي إلى آفاق جديدة في عام 2020. ولكم يسرني دخول عقد جديد من المؤكد أنه سيُزيد من تنوع وقوة ومرونة النظام البيئي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصورة أكثر من أي وقت مضى. إلى الأمام في رحلتنا نحو النمو!