عمّان – خاص
الخبرة وامتلاك الأدوات أهم عناصر النجاح الذي تحققه الشركات الناشئة، ودائما كان المشروع الخاص هو الخطوة الأولى التي يبادر اليها رواد الأعمال الذين غالباً ما ينطلقون من وظائف لا يفضلون الاستمرار فيها، ويعتبرونها مضيعة للوقت.
مهند حلواني واحد من رواد الأعمال الشباب، الذين قرروا مغادرة الوظيفة في فترة مبكرة من عمره، عندما بدأت الأفكار تراوده لإطلاق مشروعه الخاص ولم يتأ×ر باتخاذ القرار، مع نه ظل لسنتين م دون عمل، يقضي وقته قفي اختيار الأفضل من الأفكار التي تناسب وتواكب عالم الأعمال اليوم مع انتشار وتسارع تقنيات الجيل الخامس. يقول حلواني:” قررت المبادرة بفتح مشروعي الخاص بعد اكتساب قدر لا بأس به من الخبرة في عملي كموظف لدى شركات متنوعة، فمن هذه الخبرة تعلمت لغة السوق، مما عزز ثقتي في البدء بنشاطي التجاري الريادي.
ومن الأمور التي زادت من عزيمتي لاتخاذ طريق الريادة، هو أنني رأيت أن الشركات الكبيرة تفتقر للسرعة في التطوير والابتكار، فكلما أقدمت اقترحت فكرةة تساعد على التطوير، كانت تستقبل بالتباطؤ أوعدم الرد، لذلك فإن تجربتي مع الشركات جعلتني أعلم أنني لن أكون قادرًاعلى تنفيذ أفكار جديدة أثناء وجودي هناك كموظف، وبالتالي لم كنت سابقى موظف لاقرار له. .
ولهذا السبب، بقيت مشتتاً حول فكرة العمل الريادي، وفضلت متابعة قصص نجاح رواد الأعمال المشهورين لكسب المزيد من الخبرة منهم، مما شجعني في النهاية إلى مغادرة العالم الوظيفي واتخذت قفزة لبدء مشروعي الخاص ، وهو تأسيس “Crypto PR”، شركة العلاقات العامة المتخصصة في مجال البلوكتشين“Blockchain”.
ما هي التحديات التي واجهتك للوصول إلى فتح مشروعك الخاص؟ وكيف تعاملت معها؟
كانت أولى التحديات التي واجهتها هي معرفة كيفية إدارة عميل في مجال العلاقات العامة، ولكن كان من السهل تخطي هذا التحدي، ففي غضون عملي كموظف، كنت أكثر من الأسئلة للمدراء من مختلف الدوائر للتعلم عن كيفية التعامل مع طلبات العميل وإدارتها.
و بينما كنت أبني مهاراتي في الإدارة، أردت أن اختبار نفسي من خلال العمل على هدف لجلب عميل إلى الشركة التي كنت أعمل بها كموظف، ولكن كان هناك تحدٍ آخر و كان يتمثل في اختيار المجال المعني للعميل الذي أريد كسبه، حيث أنه من المهم أن اختار قطاع تجاري ارغب به حتى اتمكن على إدارته بشغف.
منذ ذلك الوقت، ولغاية الآن، كنت شغوفًا بمجال البلوكتشين، ولدي إهتماماً كبيراً به لأنني من المستثمرين في العملات المشفرة “Cryptocurrencies”، في حين لم يكن أحد آخر على علم بهذا المجال في شركتي السابقة، لذلك استهدفت شركات البلوكتشين، ونجحت في كسب أول عميل من مجال البلوكتشين، و تمكنت من إدارته خلال فترة وجودي هناك.
في فترة قصيرة من القيام بإكتساب وإدارة عميل بشكل كامل، تركت شركتي السابقة و بدأت عملي الخاص. كان التحدي الحالي الذي واجهته في هذا الوقت هو العثور على العملاء، لذلك كان علي البحث عن أكثر الطرق شيوعًا للعثور عليهم، وأدركت أن هناك بعض الفعاليات والمؤتمرات التي تقام حول البلوكتشين والتي قد يكون فيها عملاء لي، لذلك دخلت إلى أحد المؤتمرات في دبي وعرفت نفسي بالناس كإستشاري علاقات عامة مستقل“Public Relations Freelancer”.
إنه لمن المهم لجميع الأشخاص الذين يخططون لبدء أعمال ريادية في حضور المؤتمرات التي تتعلق بمجال أعمالهم، فتمثل المؤتمرات عنصراً مهماً جدًا لنمو الشركات لأنها تساعد أصحاب الأعمال على التواصل مع بعضهم وبالتالي يكسبوا عملاء جدد.
في أول مؤتمر ذهبت إليه، كان يتواجد حوالي 25 شركة من شركات البلوكتشين، قمت بالتعريف بعملي لكل فرد منهم، ولم أصدق ما حصل بعد ذلك، لكنني اكتسبت أول خمسة عملاء لي، وكانت هذه المرة الأولى التي أقوم فيها بعرض خدماتي كإستشاري علاقات عامة مستقل، و بعد أيام قليلة، أنشأت شركتي Crypto PR.
كان هناك تحدٍ آخر، وهو معرفة كيفية عرض خدماتي على العملاء المحتملين، لكنني تمكنت من مواجهة هذا التحدي بسهولة، نظراً لأنني كنت أمتلك أكثر من خمس سنوات من الخبرة في التحدث إلى الشركات أثناء عملي في البحث عن وظيفة، فتقدمت بطلب إلى أكثر من 2000 وظيفة، ونفذت المئات من المقابلات الهاتفية و الشخصية، لذلك اكتسبت الثقة في التحدث مع الوقت، وبالإضافة إلى ذلك، كنت متحمسًا جدًا للعمل، الأمر الذي جعلني أقل توتراً في التعامل مع عملاء جدد بغض النظر عن مدى خبراتهم.
ومن أهم العناصر للحفاظ على نمو عملي، هو إرساء الثقة مع العملاء الحاليين والمحتملين، ولتحقيق ذلك، طلبت من أول عملائي تقييم خدماتي، حتى يتمكن العملاء المحتملين من رؤيتها ليكتسبوا الثقة في خدماتي، وأعتقد أن التقييم في أيامنا مهمة للغاية لدى الناس لمساعدتهم في صنع القرار.
ما هي العوامل التي جعلتك تدخل عالم البلوكتشين؟
أحدثت تقنية البلوكتشين ثورة في كيفية تعامل التجار مع بعضهم البعض، فقد فتحت العديد من الفرص التي كانت تواجه بالعديد من العقبات، أهمها التحويلات المالية، وجعلت العالم أكثر اتصالًا من أي وقت مضى. على سبيل المثال، بفضل تكنولوجيا البلوكتشين، كنت قادراً على تقديم خدماتي لعملاء من أقصى طرفي الأرض، بحيث أني كسبت عملاء من البرازيل إلى الصين، و قد تواصلوا معي لأن البلوكتشين ساعدتهم في نمو مشاريعهم بكسب الدعم من مستثمرين في جميع أنحاء العالم، لقد أصبح أمر جمع الأستثمارات سهلاً للغاية لأنه لا يوجد وساطة في المعاملات المالية من البنوك، وبالتالي تجري المعاملات بكل بساطة وبسرعة من خلال العملات المشفرة، مثل البتكوين “Bitcoin” و الإثيريوم “Ethereum”.
في الوقت الحالي، تستغرق البنوك 3 أيام عمل على الأقل لإنجاز عملية تحويل مصرفية خارجية، يضاف إلى تلك المعاملة رسوماً طائلة تثير الجدل لدى مستخدميها، بالإضافة إلى ذلك، تصعب عملية التحويل في البنك نظراً لكثرة المطالبات لبيانات لا يعرفها الزبون. أما مع العملات المشفرة المبنية على البلوكتشين، فإن كل ما يحتاجه الشخص هو عنوان يمتثل بعدد من الأرقام والأحرف المدمجة ببعضها البعض والتي تمثل الرقم الحسابي لصاحب المحفظة، وعندما يتم تحويل العملة فإن الحوالة لا تستغرق أكثر من 5 دقائق للوصول، بتكلفة زهيدة لا تقارن بتكاليف المعاملات البنكية.
لم أرى أي صناعة أو قطاع تجاري يجمع العالم بنفس القدر الذي جمعه تكنولوجيا البلوكتشين، في جميع المؤتمرات التي حضرتها رأيت أشخاصًا من جميع أنحاء العالم يتعاملون مع بعضهم البعض دون أن يتواجد أي تمييز بين الجنس أو العرق، فأي مشروع يقدم حلولًا مثالية، يحصل على قدرا كبيرا من الاهتمام على مستوى العالم، وبالنسبة لأولئك الذين يجمعون الأموال لمشاريعهم، فقد استفادوا من الحصول على استثمارات من جميع أنحاء العالم في سرعة فائقة، وكانت المبالغ التي جمعوها غير معقولة، بحيث أن مشروعاً واحداً في هذا العام حصد 60 مليون دولاراً في 3 ساعات فقط. وبالتالي، أحدث البلوكتشين ثورة في عالم الإستثمار.
منذ أن أنشأت Crypto PR، قمت بإتمام مشاريع لأكثر من 40عميلًا حصدواإ مبلغ جمالي يفوق ال300 مليون دولار من استثمارات حول العالم سهل قدومها لهم بفضل العملات المشفرة، أبرزها الاثيريوم.
من الجدير بالذكر أن 90٪ من هؤلاء العملاء كانوا من خارج الوطن العربي، فقد كسبت عملاء من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والبرازيل والصين وهونج كونج والهند، سنغافورة وروسيا وأوكرانيا وسلوفينيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية واليابان وليتوانيا.
ماذا تنصح الخريجين الجدد الباحثين عن عمل؟
أنصحهم أولاً وقبل كل شيء أن يؤمنوا بأنفسهم، وألا ّيتأثروا بالأخبار السلبية من المجتمعات المحيطة بهم، فإنني أواصل سماع جمل مثل “السوق ميت” أو “الاقتصاد على حفة الإنهيار” أو “مافي وظايف في مجالي” أو “ما عندي واسطة“… الحقيقة هي أن هناك فرص للجميع، لكن عليهم أن يؤمنوا بوجودها ويجتهدوا ولا ينتظروا احدا ليغيثهم “كل من جد، وجد“.
نصيحة أخرى للخريجين الجدد الباحثين عن عمل هو أن يبتكروا طرق للتقديم على وظائف حتى تزيد فرصهم للحصول على مقابلة عمل وبالتالي يحصلوا على عمل، إذا كان هناك أحد الأسباب وراء تمكني من الحصول على مقابلات عمل في 7 دول مختلفة حول العالم ، فذلك لأنني كنت أقدم بطرق ابتكارية، وليس بمجرد التقديم عبر الانترنت فقط.
وأخيرا وليس آخرا، إحدى أهم النصائح لدى الخريجين الجدد، هي عدم الاستسلام إذا فشلوا، بصرف النظر عن عدد المرات التي يقومون بالمحاولة، فقد استغرق الأمر مني 5 سنوات للوصول إلى المهنة التي أريدها، خلال هذه السنين اكتسبت فرص عمل في قطاعات كنت أقل اهتمامًا بها، و مع ذلك، اكتسبت خبرة في 6 قطاعات مختلفة قبل أن أصل إلى المهنة التي كنت أرغب فيها منذ تخرجي.
كيف ساعدتك التقنيات الحديثة على تطوير افكار خاصة لاطلاق مشروع خاص بك في هذا المجال ؟
اعتمدت اعتمادًا كبيرًا على مواقع ال “Web 2.0” في تطوير عملي الريادي، على سبيل المثال، تمكنت من تطوير الموقع الخاص بشركتي باستخدام موقع GoDaddy لتطوير المواقع الالكترونية، وتمكنت من الوصول إلى عملاء جدد عن طريق موقع LinkedIn للتواصل الاجتماعي العملي، وكان لديّ سهولة في تعيين موظفين من مختلف أنحاء العالم من خلال مواقع خاصة بالخدمات المستقلة مثل UpWork، مما ساعدني على توسيع خدمات شركتي إلى مناطق مختلفة حول العالم.
لا يحتاج رواد الأعمال إلى توظيف أشخاص على أسس العقود السنوية في هذه الأيام، كما أنهم لا يحتاجون إلى استئجار مكتب ثابت، خاصة في المراحل المبكرة، فهناك الكثير من البدائل الأقل تكلفة وأكثر أمانًا، ويمكنهم توظيف أصحاب العمل الحر فقط في وقت الحاجة، ويمكنهم العمل في المقاهي أو الأماكن العامة، ففي حالتي، استفدت من حرية التنقل للعمل في أماكن مختلفة، بل بلدان مختلفة، وفي كل مرة اذهب بها إلى بلد جديد، اتصلت بشركات هناك لأعرض خدماتي لهم.
هل انت في بلد يملك بنية اساسية للمنتجات التقتية؟
كوني امتلك شركة ذات خدمات عبر الإنترنت، لدي الحرية في العمل في أي مكان، فقد جربت نمط العمل في الوطن العربي، و أوروبا والولايات المتحدة، لكنني أقيم معظم الوقت بين مدينتين عربيّتين، وهما دبي و عمّان.
توفر دبي وعمّان بيئتان رائعتان للشركات الصغيرة، وكلاهما متقدمتان عندما يتعلق الأمر بالإثراء التكنولوجي، ولكل منهما مزايا مختلفة، فدبي هي الأفضل في المنطقة للتواصل مع العالم الخارجي وإيجاد العملاء و حضور المؤتمرات الكبرى، أما عمّان فيتوفر فيها المواهب الاستثنائية لتطوير الشركات الناشئة بسرعة و بدقّة و بتكاليف محتملة.