حفزت المبادرات التي أطلقتها حكومة المملكة العربية السعودية كلاً من القطاعين السكني والتجاري، في حين استمر قطاعا الضيافة والتجزئة في الاستفادة من جهود التنويع الاقتصادي. وذلك فقًا لتقرير السوق الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية “سي بي آر إي” للنصف الأول من 2019.
القطاع السكني
رغم الزيادة المرتقبة في المعروض القادم، من المتوقع أن يستقر السوق السكني بالرياض خلال الأشهر الـ 12 القادمة. وذلك كنتيجة مباشرة للجهود الحكومية الرامية إلى توفير الوحدات السكنية وتحفيز الطلب عبر مبادرات مثل امتيازات الإقامة الدائمة، والتي تسمح لغير المواطنين بشراء العقارات وتملكها. كما كان لمبادرات إعادة الهيكلة والدعم المالي التي اتخذتها وزارة الإسكان للأسر التي يزيد دخلها عن 14 ألف ريال سعودي تأثير إيجابي على السوق.
ومن المرجح أن يحصل السوق السكني على دعم إضافي بسبب تقنيات البناء المتطورة، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، والواقع المعزز، والاتفاقيات الحديثة كالصفقة مع شركة الكثيري القابضة لإنتاج واستخدام الخرسانة المُصنعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في مشاريع الوزارة.
ويوضح التباين بين ارتفاع أحجام الصفقات وأداء قطاع التأجير بأن المستثمرين يتحلون الآن بنظرة بعيدة المدى للسوق السكني، تتجاوز الوضع الحالي لتراجع الإيجارات، مع تركيزهم على الأسعار الجذابة ومرونة خطط الدفع عبر كل من المشاريع المنجزة وقيد الإنشاء.
قطاع الضيافة
شهد مطار الملك خالد الدولي نشاطًا متزايدًا خلال موسم رمضان والعيد في 2019، مع تسجيل أكثر من 2.3 مليون مسافر، مما أثر إيجاباً على الطلب على الفنادق.
وكجزء من خطط المملكة في رفع متوسط مدة الإقامة وتوليد عروض ترفيهية أكثر جاذبية على مدار السنة، تم إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية السياحية الجديدة، تشمل تطوير القدية وبوابة الدرعية في الرياض، إضافة إلى مشاريع سياحية أخرى في جميع أنحاء المملكة، كمشروع البحر الأحمر و”نيوم” التي أتمت رحلتها التجارية الأولى من العاصمة. ومن المتوقع أن تعزز هذه المشاريع إلى جانب البنية التحتية التكميلية والتطوير العقاري المحيط بها من أداء قطاع الضيافة.
فمع زيادة أعداد الزوار، من المتوقع أن تواصل فنادق الرياض تحقيق نمو إيجابي في الإشغال، مع زيادة متواضعة نسبتها 0.4٪ على أساس سنوي، وإجمالاً، هناك أكثر من 4 آلاف غرفة فندقية قيد الإنشاء حاليًا في المدينة، لدعم قطاع الترفيه والسياحة المتنامي في البلاد.
قطاع التجزئة
وفقًا لتقرير “سي بي آر إي”، سيظل الطلب على تجارة التجزئة في الرياض موجهًا بشكل كبير نحو الوجهات التجارية عالية الجودة، مع استمرار مراكز التسوق الرائدة في إظهار معدلات إشغال وتأجير أعلى مقارنة بالمواقع الثانوية. ومع ذلك، يتوقع تجار التجزئة استمرار الملاك في إظهار المرونة لمساعدتهم في التعافي من تأثير التقلبات في حجم المبيعات. ولا تزال أنشطة التنمية مزدهرة عبر القطاع مع توقع تسليم أكثر من مليون متر مربع من إجمالي المساحات القابلة للتأجير بين عامي 2020 و2021.
ووفقًا للتقرير انخفضت أسعار الإيجارات في قطاع التجزئة مع انخفاض معدلات تأجير مراكز التسوق الإقليمية الكبيرة والضخمة بنسبة 7٪ على أساس سنوي. ومع ذلك، من المرجح أن يكون لدخول دور السينما والعروض الترفيهية الأخرى إلى مراكز التسوق في المدينة أثر إيجابي على المدى الطويل. وسيؤدي تزايد انتشار تجارة التجزئة في جميع المناطق إلى زيادة تحفيز قطاع التجزئة في العاصمة. ويشير التقرير إلى أن التنويع سيكون عاملاً رئيسياً في السنوات المقبلة مع توقع وصول 1.5 مليون متر مربع من المساحات القابلة للتأجير إلى سوق التجزئة بحلول عام 2022.
القطاع المكتبي
رغم توقع إنجاز عمليات تسليم كبيرة للمكاتب في المدينة، تواصل الرياض تسجيل زيادة في الطلب على المساحات المكتبية المتميزة. ولعل التنفيذ الناجح للسياسات الحكومية -مثل “السعودة” كما هو واضح من انخفاض معدل البطالة بين المواطنين في الربع الأول من عام 2019- لعب دوراً في تعزيز القطاع التجاري. وقد بلغ إجمالي معروض المكاتب في العاصمة السعودية 4.1 مليون متر مربع من المساحات الإجمالية القابلة للتأجير اعتبارًا من النصف الأول من عام 2019، ومن المتوقع تسليم 2.1 مليون متر مربع إضافي بحلول عام 2022.
وتُعد منطقة الملك عبدا لله المالية من بين أكبر الأسواق المرتقبة، حيث يُتوقع أن تسهم بشكل كبير في معروض المكاتب عند الانتهاء. كما سيؤثر تطوير مترو الرياض إيجاباً على القطاع عبر إدخال تسهيلات الوصول والربط.
ورغم التوقعات الإيجابية على المدى الطويل، استمر أداء الإيجارات في الانخفاض في كل من مواقع المكاتب الرئيسية والثانوية، مع تسجيل انخفاض بنسبة 2 ٪ و5٪ على أساس سنوي على التوالي. إلا أن الحوافز المتزايدة من قبل الملاك، والخصومات على عقود الإيجار طويلة الأجل، والوحدات ذات الكفاءة في استخدام الطاقة، وعروض التصميم الفريدة سيكون لها دور في تخفيف التراجع في السوق.