بقلم: دانييل هارت الرئيس التنفيذي لماستركي ومؤسس إيرليست، إحدى شركات دوبيزل
إنّ التغيير في كيفية عمل القطاع العقاري قادم لا محالة، يتكلمون عنه في المؤتمرات، ويكتبون عنه في المقالات المتخصصة. تظهر عدة علامات في السوق بالفعل، إذ تتسابق الشركات التي تقوم بتطوير التكنولوجيا المُختصة في القطاع العقاري لتطوير خدماتها.
ما الذي يدفع هذا التغيير؟
عندما أقوم بمناقشة التكنولوجيا مع الشركات الرائدة في مجال العقارات، تنقسم المحادثات إلى فئتين: تتناول الأولى التكنولوجيا الهادفة إلى جعل الشركات القائمة أكثر كفاءة، في حين تُركّز الأخرى على التكنولوجيا المُصمّمة لإحداث نقلة نوعية في النماذج الحالية، كإلغاء الوسطاء وتغيير الطريقة التي نعمل بها.
ستعمل التكنولوجيا المُتخصصة في القطاع العقاري على تحسين تجربة العملاء، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
لن يستغرق الأمر طويلاً، التغيير يحدث بالفعل.
لطالما أثرت التكنولوجيا على المعاملات العقارية الكبيرة الحجم والمنخفضة القيمة أولاً. فالمعاملات منخفضة القيمة والمُتكررة هي المدخل الأفضل لتطبيق التغيير وتحقيق أثر إيجابي على تجربة العملاء. ويُعادل ذلك في المجال العقاري التأجير السكني، خاصة مع قيام Airbnb بإعادة تصوّر الشقق الفندقية والتأجير قصير الأجل. ولعلّ المرحلة القادمة ستطال الإيجارات السكنية السنوية.
طرأت تغييرات كبيرة على مشهد التأجير السكني في الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية. فمع تطبيق مؤسسة التنظيم العقاري “ريرا” لنظام “إيجاري” في عام 2010، يمكننا أن نرى كيف ساهمت هذه التقنية على مدار ثماني سنوات في تبسيط كل مرحلة من رحلة المستأجر، مما أدى إلى إنشاء قاعدة بيانات مكّنت الأفراد من التعامل مع الخدمات والمرافق بشكل أسرع، بالإضافة إلى توفير بيانات مهمة حول العرض والطلب ومراقبة أسعار السوق.
أنت مرتبط بالنظام الحالي، أليس كذلك؟
مع إدخال الكثير من المبادرات الحكومية المبتكرة، سنشهد خلال العامين القادمين تحوّلات جذرية في نظم البرمجيات والعمليات التجارية.
نتوقع بحلول عام 2020 التواصل بسلاسة مع أنظمة البلوكشين التابعة للحكومة والاستفادة من مزاياها الموعودة. تخيّل قطاعاً تكون فيه بيانات التأجير شفافة بالكامل، مع إتاحة كامل قواعد بيانات منصة “إيجاري” لجميع الناس. ستتطلّب أنظمتنا التكنولوجية والتحليلية معالجة هذا الكم الكبير من البيانات لتقديم رؤى ومعلومات قيّمة تصب في عملية صنع القرار.
إلغاء التعقيدات مع العقود الذكية
سنحتاج إلى تبني عقود ذكية لتبسيط العمليات اليومية لإدارة الممتلكات. يتوجب علينا تحويل المهام المتكررة مثل تجديد العقود وطلبات الصيانة إلى عقود ذكية تلقائية التفعيل، على أن يتم كل ذلك عبر منصات متعددة مع وضع هدف تبسيط العمليات نصب أعيننا، بحيث لا يتطلب الأمر سوى بضع نقرات وموافقات من قبل كلّ من المستأجر والمالك.
في الوقت الراهن، يجدر بنا التركيز على تفسير المعلومات وبناء هذه النظم وصيانتها. وهي نفسها أدوار سيتم استبدالها في المستقبل القريب بالذكاء الاصطناعي.
مبادرات حكومية قائمة مُتعلّقة بالعقارات:
- مبادرة البلوكشين
- مؤسسة دبي للمستقبل
- دبي ×10 – التسجيل العقاري الذاتي
- مقياس السعادة
أدمغة للإيجار
تُقدّم Google اليوم حلول تعلّم الآلة بنهج الدفع مقابل الاستخدام، إذ يُمكن استئجار “عقول” بأقل من دولار أمريكي واحد في الساعة. أستطيع اليوم البحث عن كلمة “شاطئ” في صوري الشخصية للعثور على جميع صور رحلاتي الشاطئية سواء أقمت بتصنيفها مصبقا أم لا. سنكون قادرين في المستقبل القريب على طرح أسئلة على أنظمتنا الذكية مثل “ما هو وضع وحدات التكييف في عقاراتي؟” لتحصل على تقرير مفصل حول الأداء ومواعيد الصيانة.
لن يرغب المستأجرون فقط في الحصول على هذه الخدمات، بل سيتوقعونها أيضاً. هل رأيت طفلاً يحاول استخدام شاشة لا تعمل باللمس لأول مرة؟ سوف تظهر عليه بوادر الإحباط والحيرة بسبب عدم استجابة الشاشة، وهو ما سينطبق أيضاً على توقعاتنا المستقبلية بقيام المباني بصيانة نفسها. سيرغب المستأجرون والمالكون بالوثوق في الصيانة المُسبقة التخطيط عبر الذكاء الاصطناعي الذي يُحلّل الاتجاهات التاريخية للعقارات.
والجدير بالذكر أنّ الحكومة سترغب أيضاً في الاستفادة من هذه المزايا. إذ يُشكل التبريد نحو 60٪ من إجمالي استهلاك الكهرباء في الإمارات في أشهر الصيف الحارة، وسيُسهم ربط الوحدات رقمياً مع تحليل البيانات التاريخية لتحديد الاتجاهات والمساعدة على تقليل الجهد على شبكة الطاقة عبر اعتماد العدادات الذكية، والتي يمكن في مرحلة لاحقة نشرها عبر كامل الشبكة لتتبع كفاءة الأجهزة واتجاهات الاستهلاك.
ستطال جميع هذا التغييرات المعاملات العقارية الكبيرة الحجم والمنخفضة القيمة أولاً. وهو ما يتمثل في القطاع العقاري بالتأجير السكني.