في وقتنا الراهن، يمتد تأثير التحوّل الرقمي الذي نشهده ليشمل كلّ ما يتعلق بأعمال الشركات؛ بدءاً من عمليات الدعم المكتبي، وصولاً إلى تجارب العملاء. وهذا بدوره يعطي أهمية غير مسبوقة للتركيز على ضرورة تطوير التكنولوجيا جنباً إلى جنب مع استراتيجية العمل.
وعلى الرغم من النقاشات المستفيضة حول أهمية أدوار الرئيس التنفيذي والمديرين التنفيذيين للتسويق والموارد البشرية في إنجاح مسيرة التحول الرقمي، يتم التغاضي أحياناً عن الدور المحوري الذي يسهم المدير المالي في نجاح هذا التحول.
ومن المبشّر بهذا الشأن أن مديري المالية في دول مجلس التعاون الخليجي متنبّهون لإمكانيات التحول الرقمي الكامنة، وهم بالتالي منفتحون على التعاون والعمل مع فرق تكنولوجيا المعلومات ومديريها، بهدف تفعيل قيمة التكنولوجيا الرقمية. وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة البيانات الدولية، أن نسبة 33% من مديري المبيعات في دول مجلس التعاون الخليجي ترى بأن دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يساعد الشركات على إنجاح الإحلال التكنولوجي، في حين أشارت نسبة 31% منهم إلى قدرة تلك التكنولوجيا على تمكينهم من تغيير نماذج أعمالهم، وإطلاق مسارات عمل جديدة وتمكين نقاط اتصال جديدة للتفاعل مع العملاء.
وفيما يقدم لنا منصور سروار، المدير الإقليمي للخدمات الفنية وخدمات ما قبل البيع في “سايج الشرق الأوسط” أهم أسباب تعاون مسؤولي المالية والتكنولوجيا لتفعيل قيمة التكنولوجيا الرقمية:
- التكنولوجيا الرقمية أداة فعالة لزيادة الإيرادات ونمو الأرباح: لا يخفى أن موقع المدير المالي يؤهله ليكون أفضل شريك ممكن لمدير تكنولوجيا المعلومات، بهدف مناقشة كيفية استخدام التكنولوجيا الرقمية كأداة فعالة في زيادة الإيرادات ونمو الأرباح. حيث لا تقتصر مسؤولية المدير المالي على التخطيط والإدارة المالية وحفظ السجلات، بل يسهم أيضاً بدور رئيسي في تحليل البيانات واتخاذ القرارات الاستراتيجية. والقائد المالي الفعلي هو الشخص القادر على رؤية جميع بيانات الأعمال الحيوية، كما يمتلك المهارات اللازمة لتحليلها وتفسيرها.
- تحقيق التميز في العمل، وتحسين الإنتاجية والكفاءة: يحظى المديرون الماليون بوضع مميز يؤهلهم للنظر في المشروعات الرقمية، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي والنظم السحابية، وتقييم قدرتها على تحقيق عائد على الاستثمار يبرر التحول الرقمي لشركاتهم على المدى البعيد، فضلاً عن تقييم قدرة تلك المبادرات الرقمية على تحقيق التميز والكفاءة. ولهذا السبب، يحتاج المدير المالي للعمل بشكل وثيق مع مدير تكنولوجيا المعلومات، لمعرفة كيفية توجيه الاستثمار التكنولوجي والأولويات التي ينبغي اتباعها. وعلى سبيل المثال، ينبغي على المدير المالي أن ينظر بعناية في إمكانية أتمتة العمليات غير الفعّالة كبديل لزيادة عدد الموظفين التي تعتبر حلاً أكثر كلفة.
- الاعتماد على البيانات وتمكين الأنظمة السحابية: في إطار التحول الرقمي، ينبغي على المدير المالي أن يبحث عن حلول وأدوات تكنولوجية تتيح للشركة وصولاً سريعاً وسهلاً إلى البيانات المالية بشكل فوري، بما يمكن من الاستفادة منها لاتخاذ قرارات أفضل. وإلى جانب ضمان الامتثال والالتزام بالاستراتيجية، ينبغي أن تتيح تلك الأدوات التكنولوجية وصولاً أفضل إلى البيانات المالية والتشغيلية، والحصول على تنبيهات آلية، وربما توفر قدرات أخرى مثل التخطيط لسيناريوهات الأعمال المحتملة.
- وتشكّل الحوسبة السحابية عاملاً حيوياً يتيح لمديري المالية إمكانية الوصول إلى البيانات بشكل فوري، في أي مكان وزمان. ومع نضج الحلول السحابية المتاحة الآن، تحولت الشركات عن الأنظمة التقليدية المتبعة في تخطيط موارد المؤسسات نحو حلول أكثر مرونة وفعالية من حيث التكلفة، اعتماداً على النظم السحابية، أو المختلطة، أو حتى على أنظمة موقع العمل.
- حلول أعمال ملائمة للأغراض التجارية: واعتماداً على الشراكة مع مديري تكنولوجيا المعلومات، يمكن للمديرين الماليين مساعدة شركاتهم على النمو والازدهار في عصر تشهد فيه متطلبات المستهلكين والتكنولوجيا تغيرات متسارعة. وتتمثل وظيفة المدير المالي اليوم في وضع استراتيجيات مالية أفضل تلبي متطلبات العمل.
في الواقع، ينبغي على مديري التكنولوجيا والمالية معاً بناء شراكة استراتيجية، وتمكين التحليلات الفورية والنظرة المعمقة للبيانات بالاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي يوفرها التحوّل الرقمي.