كشفت دراسة خاصة أعدها بنك التنمية للبلدان الامريكية بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة دبي تحت عنوان “أمريكا اللاتينية والكاريبي- دول الخليج العربي: نحو علاقات قوية ومتجددة”، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر أحد أهم الشركاء التجاريين لأمريكا اللاتينية في دول مجلس التعاون الخليجي، باستحواذها على 46% من إجمالي الواردات من الأسواق اللاتينية، و27% من إجمالي صادرات دول المجلس إلى الأسواق اللاتينية.
وبينت الدراسة التي صدرت بالتزامن مع انعقاد النسخة الثالثة من المنتدى العالمي للاعمال لدول امريكا اللاتينية في بنما خلال الفترة 9-10 أبريل التي تنظمها غرفة دبي بالتعاون مع بنك التنمية للبلدان الأمريكية، أن إجمالي التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول اللاتينية والكاريبية في العام 2018 بلغت 16.3 مليار دولار امريكي، 5.4 مليار دولار أمريكي منها صادرات إلى الأسواق اللاتينية، و10.9 مليار دولار امريكي واردات من الأسواق اللاتينية.
وأشارت الدراسة التي ركزت على تحديد فرص التعاون التجاري والاستثماري بين المنطقة الخليجية والأسواق اللاتينية والكاريبية، وتقديم توصيات للنهوض بمستوى التعاون التجاري الثنائي بما يناسب إمكانات المنطقيتين، إلى ان الصادرات الإماراتية إلى الأسواق اللاتينية والكاريبية في العام 2018 شكلت 0.63% فقط من إجمالي الصادرات وإعادة الصادرات الإماراتية خلال العام، وهي نسبة لم تتغير منذ العام 2000، في حين ان الواردات الإماراتية من الأسواق اللاتينية والكاريبية بلغت 2.3% من إجمالي الواردات الإماراتية من العالم في العام 2018، وذلك ارتفاعاً من نسبة 0.5% التي سجلت في العام 2000، مما يشير إلى ان الإمكانات والقدرات التجارية بين الجانبين لم يتم استغلالها حتى الآن بشكل كامل.
وبيّنت الدراسة أن الصادرات اللاتينية لدولة الإمارات في العام 2018 شكلت 0.43% فقط من إجمالي الصادرات اللاتينية إلى العالم، في حين بلغت نسبة الواردات من الإمارات إلى الأسواق اللاتينية في نفس العام 0.14% من إجمالي الواردات اللاتينية من العالم.
وأظهرت الدراسة أن البرازيل والأرجنتين والمكسيك هم أبرز الشركاء التجاريين لدول الخليج العربي في أمريكا اللاتينية والكاريبي باستحواذهم معاً على 76% من إجمالي التجارة البينية بين المنطقتين، حيث بلغت تجارة البرازيل مع الدول الخليجية في 2018 حوالي 9.1 مليار دولار أمريكي، والأرجنتين 2 مليار دولار أمريكي والمكسيك 1.3 مليار دولار أمريكي.
وكشفت الدراسة عن وجود تكامل في صادرات وواردات المنطقتين، حيث ان منطقة تصدر ما تحتاجه المنطقة الأخرى من واردات، مما يفتح المجال أمام فرص تعاون كبيرة إذا ما تم استغلالها، حيث يؤشر هذا التكامل إلى وجود إمكانات لتعزيز التجارة البينية. وكشف هذا التحليل أن بعض بضائع وسلع الصادرات الإماراتية إلى العالم تلبي متطلبات الاستيراد في دول امريكا اللاتينية، ولكنها لا تصدر إلى الأسواق اللاتينية رغم وجود الحاجة إليها. وتشمل هذه البضائع التي تمتلك قدرات للتصدير من الإمارات إلى الأسواق اللاتينية ولم تستغل الأجهزة والمعدات الكهربائية والمركبات والوقود المعدني والزيوت المعدنية والبلاستيك ومشتقاته.
وعلى الجانب الآخر، فإن أهم البضائع والسلع التي تمتلك قدرات للتصدير من الأسواق اللاتينية إلى دولة الإمارات فتشمل اللؤلؤ الطبيعي والمزروع، والأحجار والمعادن الكريمة ونصف الكريمة والأدوات والمعدات الكهرابئية والمركبات والطائرات.
أما فيما يتعلق بأبرز البضائع التي يمكن للأسواق اللاتينية تصديرها للأسواق الخليجية فتشمل السخانات والأجهزة والآلات الميكانيكية والمركبات والأجهزة الكهربائية والحديد والفولاذ والمنتجات الصيدلانية، في حين أن أهم البضائع التي تمتلك قدرات للتصدير من دول الخليج العربي إلى الأسواق اللاتينية فتشمل البلاستيك ومشتقاته والوقود المعدني والآلات الكهربائية.
ودعت الدراسة إلى تطبيق عدد من التوصيات التي من شأنها أن تعزز من الروابط التجارية والاستثمارية بين الدول اللاتينية ودول مجلس التعاون الخليجي. وشملت هذه التوصيات الدعوة لافتتاح سفارات وقنصليات ومكاتب تمثيل تجاري لدول المنطقتين بهدف تعزيز التبادل التجاري وتحفيز التواصل المباشر مع المستثمرين، متوقعةً ان يساهم تأسيس تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى كسفارة او قنصلية في رفع التبادل التجاري الثنائي بين المنطقيتن بنسبة تصل إلى 20% أي بزيادة بحوالي 3.3 مليار دولار امريكي عن معدلها الحالي الذي يبلغ 16.3 مليار درهم، لتصل إلى 19.6 مليار دولار امريكي. ويبرز في هذا المجال قيام غرفة دبي بتأسيس مكاتب تمثيل تجاري لها في الأسواق اللاتينية وامتلاكها حتى الان 3 مكاتب في البرازيل وبنما والأرجنتين، وذلك للدفع بالتعاون التجاري إلى مستويات أفضل.
كما دعت الدراسة إلى توقيع اتفاقيات تجارة تفضيلية ومعاهدات استثمار ثنائية واتفاقيات تجنب ازدواج ضريبي نظراً للأثر الكبير الذي ستحدثه على الصعيد التجاري والاستثماري بين المنطقتين، مشيرة إلى ان اتفاقيات التجارة التفضيلية لوحدها ستساهم في حال توقيعها بين الجانبين إلى الارتقاء بقيمة التبادل التجاري الثنائي إلى 26.1 مليار دولار امريكي على المدى المتوسط، أي بنمو يبلغ 9.8 مليار دولار عن معدلها الحالي الذي يبلغ 16.3 مليار دولار أمريكي. وأشارت الدراسة إلى انه رغم وجود 465 اتفاقية تجارة تفضيلية مفعّلة حول العالم وفقاً لبيانات منظمة التجارة العالمية، فإنه لا يوجد أي اتفاقية موقعة في هذا المجال بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول اللاتينية والكاريبية.
وكذلك ضمن توصياتها لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري دعت الدراسة إلى تبسيط آليات وعمليات التصدير والاستيراد، وتهيئة بيئة محفزة لاستقطاب الاستثمارات من كل منطقة، داعيةً إلى إجراءات سريعة عبر تطبيق آليات ومبادرات مثل نظام النافذة الواحدة لكل الإجراءات، أو اعتماد وكلاء اقتصاديين مرخصين، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات اعتراف متبادل بالإجراءات المعتمدة من كل دولة لتسهيل وتسريع التجارة البينية.
واستعرضت الدراسة عدداً من القصص الناجحة لبعض من الشركات اللاتينية التي توسعت في نشاطاتها التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي، وباتت تصدر إلى المنطقة ومنها شركة “جرانيا تري أرويوس” من الأرجنتين والأوروغواي في تجارة الدواجن، وشركة “بوغوتا إيميرالد مارت” من كولومبيا في تجارة الزمرد، وشركة “اجروسوسيو” من الأوروغواي في تجارة المنتجات الزراعية وغيرها الكثير.
وينظم هذا المنتدى غرفة تجارة وصناعة دبي بالشراكة مع بنك التنمية للبلدان الأمريكية، في حين تشرف “إيكونومست إيفنتس” على محتوى المنتدى الذي ينظم تحت شعار “استثمار الغد في وجهات المستقبل”، ويشارك فيه مجموعة من رؤساء الدول والوزراء وصناع السياسات وقادة الأعمال ورواد الأعمال والخبراء وكبار صناع القرار من دولة الإمارات ودول أمريكا اللاتينية.