الرياض – entrepreneuralarabiya
منذ حوالي ثلاث سنوات، وضعت المملكة العربية السعودية رؤيتها لعام 2030، مُحرزة تقدمًا كبيرًا في التنوع الاقتصادي. والطريق الرئيسيّ لتحقيق هذه الأهداف هو مبادرة الرقمنة المُتبعة على مستوى المملكة لتحسين البنية التكنولوجية التحتية في السعودية، ودفع الابتكار وتطوير رأس المال البشري.
منذ ذلك الوقت ومرحلة التحوّل الرقمي تتسارع في المملكة مترافقاً مع تطوير بيئة أكثر توافقاً مع التكنولوجية الرقمية.
قطعت المملكة العربية السعودية شوطًا طويلًا فيما يتعلق بالتحول الرقمي، وإنشاء بنية تحتية رقمية لإثراء التفاعل والمشاركة المجتمعية الفعالة عن طريق زيادة عدد المنازل التي لديها مُدخلًا إلى كابلات الألياف الضوئية من 26٪ إلى 64٪ وزيادة الاتصال اللاسلكيّ بالإنترنت فائق السرعة من 1٪ إلى 70٪ لدى سكان المناطق الريفية بحلول عام 2020؛ ذلك بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية لتطبيقات الكلاود في المملكة.
وبالتالي فإن المساهمة في تحسين تجربة المواطنين والمقيمين والسياح والمستثمرين في المملكة تدفع كل من برنامج الحكومة الإلكترونية المتكاملة، والاقتصاد الرقميلتطوير الصناعة، وتحسين القدرة التنافسية التي تعزز إبرام الشراكات مع شركات تكنولوجيا المعلومات الدولية لجعل المملكة العربية السعودية واحدةً من أفضل خمس حكومات إلكترونية، ولتطبيق حلول ذكية وفعالة لزيادة مساهمة هذا القطاع في إجمالي الناتج المحليّ من 1.1٪ إلى 4.5٪ بحلول عام 2025، وتوفير مبالغ سنوية بمقدار 91مليار ريال، ولزيادة الكفاءة، والتأثير على الوضع الاقتصادي بصورة إيجابية، وخلق فرص العمل المتعلقة بالمعرفة، وتوفير خدمات أفضل للمستهلكين، واستهلال مبادرة رقمية وطنية لمحاكاة الإبداع ودعم ثقافة الابتكار من خلال إشراك الاستثمارات والشراكات المحلية والدولية في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
التحوّل الرقمي ودوره في نمو الاقتصاد السعودي
تقول ديمة اليحيى :” تتخذ السعودية إجراءات استراتيجية واستباقية لتحقيق هدفين رئيسيين من أهدافها الواردة في رؤية 2030: أولاً، خفض معدل البطالة في البلاد من 11.6في المائة إلى 7في المائة، وثانياً، زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى 30في المائة بحلول عام 2030. وهذا الطموح، الذي ينعكس في هذين القرارين لاحتضان الكفاءات الكامنة للمرأة السعودية، يُعد مؤشرًا قويًا على أن التزام البلاد بتعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة ومساهمتها اقتصاديًا هو أكثر من مجرد كلمات حماسية.
التحوّل الرقمي ينعكس في الواقع على جهود تمكين المرأة في لعب دور أكثر حرية وأكثر استقلالية في المجتمع وهو الأمر الذي يُنظر إليه على أنه “رهان اقتصادي من المؤكد أنه سيؤتي ثماره” من خلال تكليفهن بأدوار أكثر فعاليةً ودعمًا في التمكين الاقتصادي والرقمي الفعّال. وذلك من شأنه مساعدة المرأة على الوصول إلى الوظائف التي ستزدهر على الأرجح في العصر الرقمي من خلال توفير عددًا أكبر من السيدات الحاصلات على التعليم العالي والمهارات الرقمية المتطورة التي تؤتي بعائدات عالية خاصة في العصر الرقمي.
جنبًا إلى جنب مع تعزيز روح المبادرة النسائية من خلال دعم المنصات عالية الجودة على الإنترنت التي توفر التدريب لرجال الأعمال المبتدئين وتجمعهم مع رائدات الأعمال المتميزات اللاتي يُعتبرن بمثابة نماذج يُحتذى بها في ريادة الأعمال.
تقول ديمة اليحي :” تتولى النساء السعوديات زمام الأمور، وتغيير العملاء والمبتكرين في المجتمع. ومشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية تحتل اليوم مكانًا بارزًا في قائمة الأولويات الاستراتيجية وخطط التنمية الوطنية.
لذلك، فقد أطلقت مبادرة غير ربحية تحت اسم “WomenSpark” منذ حوالي 5سنوات، ترتكز على تمكين السيدات واحتضانهن في قطاع تكنولوجيا المعلومات ليتطورن بوصفهم قائدات في المجال الرقميّ في هذه الصناعة. وهدفنا على المدى الطويل هو تمكين سيدات الأعمال ورعاية القيادات النسائية في هذه الصناعة من خلال زيادة عدد الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12و 18عامًا من المهتمات بالتكنولوجيا والابتكار والرقمنة وريادة الأعمال والقيادة“.
تمكين روّاد الأعمال السعوديين من خلال الرقمنة
لا يعتبر أي من الرقمنة أو ريادة الأعمال الرقمية من الظواهر الجديدة. ولكن خلال العقد الماضي، أخذت هذه الظواهر بعدًا آخر مع ظهور التقنيات الجديدة في الحقبة الرقمية.
حيث تطور تنظيم المشاريع في المملكة العربية السعودية بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، وانخرطت الحكومة، بالإضافة إلى الكيانات الأخرى، بشكل أكبر في دعم النظام البيئي.
توضح اليحي، “هذا يوفر الاتجاهات الجديدة للبحوث المستقبلية في مجال ريادة الأعمال والابتكار الرقمي. وينتهي الأمر بفكرة إرساء الديمقراطية في مجال ريادة الأعمال والابتكار والرقمنة المكتسبة في هذا العصر.
وقد تضاعف عدد منظمات دعم ريادة الأعمال في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك صناديق الدعم، ومساحات العمل الجماعي، وحاضنات الأعمال، والعوامل التي تُسرع من الأعمال بمعدل ثلاثة أضعاف تقريبًا، حيث ارتفع من 13بين عاميّ 2006و2010ليصل إلى 36بين عاميّ 2011و 2015.
وبالنظر إلى أن البلد يكتظ بعدد كبير من الشباب والنظر كذلك إلى ازدياد هذا العدد باستمرار، فإن هذه الحقيقة ترتقي من تلقاء نفسها، لتؤكد إبراز دور ريادة الأعمال النسائية.
فمنذ مرحلة الركود الأخيرة، والأمور التي نجمت عنها ولو بشكلٍ جزئيّ على الأقل، فأنا أرى عودة حقيقية لروح المبادرة، والمزيد من الأنشطة الناشئة بصورة أقوى مما كانت في أي وقت مضى. أعتقد أن أيام عقلية “العمل بالقطعة” تتضاءل يومًا بعد يوم، حيث يسعى المزيد من الأشخاص إلى تحقيق الرضا عن طريق جعل العالم مكانًا أفضل، بدلاً من مجرد التعايش مع الأعمال المهدئة للذهن وتمويل التمتع في أماكن أخرى”.
الابتكار في السعودية: الجانب العالمي في مواجهة التحديات المحلية
وفقًا لتقرير أعدته هيئة البنى التحتية المعلوماتية العالمية (GII)، فإن السعودية تحتل المرتبة رقم 61في عام 2018بشكل عام، وهو تراجع كبير مقارنة بالسنوات السابقة. إن فعالية الابتكار أو نجاح السعوديين في تحويل المساعدين على الابتكار إلى مُبتكرين لا يسير بشكلٍ جيد. ومن ثم، في حين أن السعودية قامت باستثمارات كبيرة وجهود ملحوظة على مدى السنوات الماضية في تحسين مقومات الابتكار لديها، يجب توخي الحذر لضمان أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى مخرجات ابتكارية فعلية.
وترى اليحي، “الأمر الذي يوضح أن عملية ممارسة الابتكار الناجحة ليست عملية ذات وتيرةٍ واحدة، بل أنها تتضمن العديد من التفاعلات بين مختلف أصحاب المصلحة من مختلف التخصصات. إنه “النظام البيئي” بشكل عام، حيث أن نموذج الابتكار يتكون من ثلاثة مستويات:
- الدعم الحكومي والاستثمار،
- التعليم، وربطه بالصناعة، والبحث والتطوير، والمعايير الدولية وكذلك
- دعم البنية التحتية، وتوفّر التكنولوجيا“.
ما هو الأثر الذي ستتركه التكنولوجيا الرقمية على الابتكار في السعودية؟
تشدد اليحيى على دور الابتكار وتقول: “أنه في ضوء التقدم التكنولوجي الثوري الذي يغير عالمنا، يجب أن يكون هناك إطار شامل لاكتشاف وتطوير وتمكين شبابنا ليصبحوا مشاركين نشطين في الاقتصاد المستقبلي. أعتقد أن الابتكار يلعب دورًا حيويًا في هذا الصدد.
فالابتكار هو مفتاح النجاح للعديد من الشركات الجديدة والراسخة، ويدور الأمر فيه حول عدد التقنيات ممكنة التطبيق في عالمنا الحديث. التعلم وفهم كيفية الابتكار ليس بالمهمة السهلة. كن منفتحًا على الأفكار الجديدة، ثم اكتشف طرقًا للبناء انطلاقًا من هذه الأفكار وإلهام فريقك ونفسك للقيام بالمثل.
الابتكار هو مفهوم واسع جدًا يشمل أيضا كيفية التعامل مع الأشياء. فهو عقلية وثقافة. وعندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ترتكز جهود الابتكار، سواء كان في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، على تعزيز ثقافة ريادة الأعمال والابتكار. فعلى سبيل المثال، عند ذكر بعض الجهود، تدعم إدارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بناء شبكة من مختبرات الابتكار، حيث يمكن للطلاب ورواد الأعمال استكشاف أفكارهم والتعرف على نماذج الأعمال المبتكرة واختبارها، والتوصل إلى حلول يمكن أن تسهم في تعزيز أهداف رؤية 2030.
تقدم كل من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (KACST) وجامعة الملك عبدالله للعلوم و التقنية (KAUST) مختبرات للبحث والتطوير، والتي تفتح أبوابها لاستكشاف تقنيات جديدة، وكذلك لاستيعاب جهود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (MCIT) في رفع مهارة الموارد البشرية لتتأقلم على التقنيات المتقدمة، وتوفير البنية التحتية والخدمات الفنية اللازمة. لا يمكننا أن ننسى جهود المنظمات غير الحكومية أيضًا، فعلى سبيل المثال، تلعب مؤسسة مسك دورًا مهمًا في تحديد الثغرات وسدّها عن طريق مبادرات مختلفة في التوظيف وريادة الأعمال، وجعل الابتكار يُمَكِّن الأشخاص، ويولد تأثيرًا دائمًا ويحافظ على التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.
هل يمكن لأي شخص أن يُصبح مبدعًا؟
تقول اليحيى: بالتأكيد نعم
عندما تقرأ عن المبتكرين الناجحين للغاية – أمثال ستيف جوبز أو ماريسا ماير أوإيلون مسك – من السهل أن تعتقد أن لديهم شيء مميزًا لهم، لا يتمتع به أيٌ منّا. كيف تمكنوا أن يستمروا في ابتكار مثل هذه الأفكار العظيمة التي غيرت مجالات الأعمال، والصناعات، وربما حتى العالم بأسره؟
لحسن الحظ بالنسبة لبقيتنا، فإن هذه الخطط الذكية التي يستخدمها هؤلاء الحالمون للحفاظ على أذهانهم حاضرة بشكلٍ قويّ، والتفكير بشكل مختلف يمكن أن تساعد في تحسين حصيلة الابتكار لدينا أيضًا.
هؤلاء لا يتغاضون أبدًا عن أي من أفكارهم المجنونة، فلم تكن هناك أي قيود تُثقلهم بسبب العمر، أو مستوى الخبرة، أو كيفية تعامل العالم معهم، أو أي شيء آخر. ولكن بوصفنا بالغين، فإننا كثيرًا ما نتسرع بقتل الأفكار بداخلنا. لن تنجح هذه الفكرة أبدًا. لا أعرف كيف أفعل ذلك. سيستغرق ذلك وقتًا طويلاً للغاية.
في الحقيقة، هذه الأفكار “المجنونة” هي المكان الذي نشأت منه معظم الابتكارات الناجحة في العالم. والأشخاص الذين نجحوا في تحقيق هذه التطورات الثورية يفعلون ذلك لأنهم على يقين بأن الفكرة المجنونة يمكن أن تكون حقيقة.
فالابتكار هو ببساطة فعل شيء جديد أو القيام به بشكلٍ مختلف لتلبية احتياجات ملموسة أو لسد فجوة في السوق. لذلك، يمكن أن يحدث الابتكار في أي صناعة تستخدم إجراءً يمكن تغييره.
عمومًا، يتضمن الابتكار التفكير الإبداعي الذي يهرب من وجهة النظر التقليدية. قد يكون الأمر صعبًا عندما تكون معتادًا على أمر ما بشكل وثيق للغاية، مما يجعل من الصعب أن تراه بطريقة أخرى. لذلك تطورت العديد من التقنيات لمساعدتك في هذه العملية.
مبادرات مهمة
مبادرة Women Sparkالتي نظمها البنك السعودي- الهولندي بالشراكة مع مايكروسوفت العربية، أحد أبرز المبادرات التي شاركت ديمة اليحيى إطلاقها، والتي كانت تهدف إلى تعزيز دور المرأة وإسهاماتها ضمن قطاع صناعة تقنية المعلومات، إضافة لتقديم الدعم للفتيات الطامحات لتطوير البرامج والمشروعات التقنية الخاصة بهن.
وهي أول سعودية يتم تعيينها في مركز مدير عام المنصات التقنية والمطورين في شركة” مايكروسوفت” العربية.
وحسب ما تقول سيرتها الذاتية ، تمتلك اليحيى خبرة سنوات طويلة في مجال التسويق الإلكتروني وهي ليست بغريبة عن عالم الأعمال إذ سبق أن عملت في وزارة الخارجية، والبورصة السعودية.
قامت اليحيي بتنظيم مؤتمرات وإطلاق مبادرات لتحسين أوضاع المرأة السعودية في سوق العمل وتمكينها من تحقيق ذاتها.
تتولى ديمة اليحيي حاليًا الإشراف على وحدة التحول الرقمي بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وحسب قولها فإن “وحدة التحوّل الرقمي تؤدي دورًا جوهريًا في مسيرة المملكة لبناء مستقبل رقمي مسترشدةً بخريطة طريق رؤية التحوّل الرقمي بهدف الارتقاء بمكانة السعودية رقميًا بين دول العالم”.
وتقول اليحيي، “غايتنا الأولى أن نجعل المملكة قوة اقتصادية رائدة تتمتع بتنوع اقتصادي يرتكز على استثمار المواهب وقيم الابتكار لدى الشباب”.
نصائح اليحيى لروّاد الأعمال الجدد
- لا تتغاضى عن أي أفكار مجنونة
- تأقلم مع الخوف. الكثير من الأشخاص يعتقدون أنه لكي تصبح قائدًا
- في مجال الابتكار، عليك ألا تخاف. في الواقع، عكس ذلك هو الصحيح. بعبارات أخرى،
- يسمح المبتكرون الناجحون بوجود الخوف بداخلهم، ولكنهم لا تدعونه يملي عليهم اتخاذ قراراتهم.
- لا تتوقف أبدا عن التعلم ولا تعتقد أبدا أنك تعرف كل شيء.
- أحط نفسك بالأبطال
- لا تتوقف أبدا عن العمل على تحقيق حلمك .
ما هو حلمك
أن أجد الجزء العبقري الكامن بداخل كلٍ منّا.
وأن أدفع الشباب السعودي ليكون في طليعة الدول الرقمية، من خلال تطوير أهداف رائدة موزعة جيدًا تنساق ضمن نظام بيئي مُبتكر مبني بشكل أساسي اعتمادًا على المهارات السعودية والروح الابتكارية.