خاص: حنان سليمان
“البيانات هي النفط الجديد” هكذا بدأ شهاب بوشناق، رئيس الجمعية التونسية للحوكمة الإليكترونية، حواره لـ”انتربرنور العربية” قائلا “إننا نفتقد ثورة البيانات رغم الإمكانيات الهائلة في الجامعات وغيرها”.
على مدار أكثر من عامين، نظمت الجمعة أكثر من خمس سباقات “هاكاثون” في الديمقراطية المفتوحة Apps for Democracy كان للعام الماضي نصيب منها بثلاثة سباقات بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية. تركزت التحديات التي اختارتها السباقات للعمل عليها حول البيانات الضخمة وصحافة البيانات واستخدام التكنولوجيا وتطويعها بما يخدم الديمقراطية والحوكمة بالتزامن هذا مع انخراط تونس في مبادرة الحكومة المفتوحة. أحد هذه التحديات اعتنى تحديدا بالانتخابات البلدية وتحسين منظومتها وزيادة ثقة المواطنين فيها.
لتقييم التجربة والوقوف على التطبيقات التي خرجت من الهاكاثون، كان لنا هذا الحوار مع رئيس الجمعية التونسية للحوكمة الإليكترونية وهي المنظم الرئيسي للهاكاثون.
**كيف يمكن أن تساعد البيانات في النهوض بتونس سياسيا؟
يمكن استخدام البيانات لمعرفة ما يفعله نواب البرلمان تحت القبة ونسب حضورهم. تأتي هذه البيانات عبر أجهزة الاستشعار وتغذي منصات البيانات المفتوحة فيستخدمها الإحصائيون لأنها غنية بالمعلومات لكنها تحتاج لمن يصورها للمواطن العادي بشكل مبسط عبر صحافة البيانات ليسهل فهمها واستيعابها.
والحكومة هي أكثر الجهات التي تمتلك بيانات. في الواقع لديها كنز من المعلومات التي تنظمها وبدون جهد تفتحها للناس لاستخدامها وخلق قيمة اقتصادية واضحة كما يستفاد منها في وضع دراسات الجدوى لمشروعات أخرى والدخول لأسواق جديدة.
**لماذا اخترتم موضوع الانتخابات البلدية للهاكاثون؟
التونسيون بشكل عام ليس لديهم إقبال على الانتخابات البلدية فنسبة العزوف تصل إلى 80% لعدم معرفتهم بالمرشحين المحليين ولا ببرامجهم الانتخابية ولا حتى المرشحين يعرفون كيف يصلون للناخبين، وهو ما يشكل خطرا على الديمقراطية. كان مقررا أن تُجرى الانتخابات البلدية في سبتمبر/أيلول 2017 قبل أن يتم تأجيلها ورغبة في إيجاد حل لهذا العزوف، نظمنا الهاكاثون على مدار يومين وشرح المتحدثون من سياسيين ونواب برلمان مشاكل الانتخابات ثم تحدث التقنيون عن الأدوات وكيفية التصويت إليكترونيا.
**ما هي الأفكار التي خرجت من الهاكاثون وكيف دعمتوها؟
الأفكار كانت مرتبطة بكيفية التصويت إليكترونيا وسبل زيادة التواصل بين السياسيين أو رئيس البلدية مع الجمهور وكيفية أخذ آرائهم في القرارات وإعلامهم بنتائجها ومتابعة الوعود التي قطعوها على أنفسهم بما يجعلهم أكثر عرضة للمحاسبة وأكثر استخداما للتكنولوجيا. أحد التطبيقات كان يهدف لتمكين المرشحين من الوصول للناخبين الذين يقضون معظم أوقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك فريق مكون من ثلاثة أفراد فاز بفترة احتضان بحاضنة الأعمال الرقمية التابعة للمدرسة العليا الخاصة للعلوم التطبيقية وإدارة الأعمال، لكننا لم نتابع معهم للأسف.
الأفكار والتطبيقات ممتازة لكن الفكرة وحدها لا تكفي فالمهم التنفيذ والهاكاثون وحده لا يخرج شركات ناشئة. للأسف لم ننجح في المتابعة مع الفرق ولم تتبنَ الأحزاب السياسية أيا من الأفكار ولم نتواصل نحن من جانبنا مع ممثلي الأحزاب السياسية والمرشحين لرعاية أفكار الهاكاثون ودعمها حتى خروجها للسوق.
هناك مبادرات أخرى على الأرض في تونس مثل “البوصلة” التي ترصد حضور وغياب النواب وتصويتهم للمشاريع المختلفة بما جعل هناك مناخا من المحاسبة أثر إيجابا على الأداء تحت القبة. هناك كذلك مبادرة iwatch ولديهم “الشاهد ميتر” لمتابعة وتقييم أداء رئيس الحكومة يوسف الشاهد وتتبع تنفيذ وعوده التي أطلقها أمام مجلس النواب، وكذلك “السبسي ميتر” لمتابعة أداء رئيس الجمهورية. هناك أيضا مبادرة “عينك عالشانطي” للجمعية التونسية للمراقبين العموميين بما يشبه الرقابة الجماهيرية على تقدم المشروعات الكبرى في تونس.
**ما التحديات التي وقفتم عليها في هذه التجربة؟
المشكلة في الطبقة السياسية التي لا تثق في هذه الحلول في ديمقراطية ناشئة. هم ليسوا مستعدين سياسيا لذلك بعد فما يهمهم هو الوصول للكرسي وليس التكنولوجيا. لا زلنا بعادا عن حلم الديمقراطيات العريقة. مناخ حرية التعبير ترسخ بالفعل وهناك العديد من الجمعيات والمشاريع لكن أين مواردهم والتزامم بالتنفيذ؟ الموضوع ليس سهلا وهذا هو الفارق.
**هل يمكن لتطبيقات الديمقراطية تحقيق الاستدامة؟
الاستدامة مشكلة كبيرة بالنسبة لتطبيقات الانتخابات والديمقراطية لأن نموذج العمل business model نفسه صعب والتمويل الأجنبي ليس جيدا لمشروع يرتبط بالسياسة. لو اعتمدنا على من يمكنه العطاء دون مقابل لأجل وطنه أي للخدمة العامة فلن يستمر الوضع طويلا. الحل الوحيد هو بيع هذه التطبيقات في الخارج بتحصيل اشتراكات لها على أن يكون التطبيق مجانيا في تونس.
**ما هي خططكم للعام الجديد؟
قد تكون هناك نسخ مختلفة من الهاكاثون في 2018 حول انترنت الأشياء أو المدن الذكية وأخرى تتحدد موضوعاتها حسب الأحداث.
وندرس تنظيم مسابقة لأفضل مقال صحفي عن الحوكمة أو جائزة الحكومة المفتوحة لأفضل جهاز حكومي يتيح بياناته بشكل مفتوح. قد نفكر كذلك في تخصيص التحدي بعض الشئ بعد أن كان مفتوحا في السابق فنحدد موضوعا معينا ويتنافس الشباب التونسي على تقديم أفضل التطبيقات التي تتناوله. المهم المتابعة من جانبنا. نحتاج أيضا للعمل بشكل أكبر مع الأحزاب السياسية. وعلينا أيضا تقوية علاقاتنا مع حاضنات الأعمال في الجامعات فالشباب المشارك في الهاكاثون السابق كانوا طلبة ونحن لم نقم باللازم معهم لكننا نتعلم من أخطائنا.
شارك بتعليقك