خاص – entrepreneuralarabiya
عبد القادر الكاملي – مستشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
قبل عشرة سنوات، أي عام 2006، كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية نحو 13.9 ترليون دولار، والناتج المحلي الإجمالي الاسمي للصين 2.8 ترليون دولار، لكن ناتج الصين وفق مؤشر تعادل القدرة الشرائية بلغ نحو 7.6 ترليون دولار، أي أقل بنحو 6.3 ترليون دولار عن الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك العام.
اليوم، أي عام 2016، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية نحو 18.6 ترليون دولار، والناتج المحلي الإجمالي الاسمي للصين 11.4 ترليون دولار، لكن ناتج الصين وفق مؤشر تعادل القدرة الشرائية بلغ نحو 20.9 ترليون دولار (بدون هونج كونج وتايوان ومكاو). وبما أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي وفق مؤشر تعادل القدرة الشرائية هي الأكثر دقة في التعبير عن حجم الاقتصاد الفعلي، فهذا يعني أن الاقتصاد الصيني بات أكبر من الاقتصاد الأمريكي ويحتل المرتبة الأولى عالمياً، مع العلم أن الأرقام السابقة هي تقديرات صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر مرجعية في هذا المجال.
يبدو أن الصين باتت متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية، ليس فقط في المجال الاقتصادي، بل وفي مجال الأبحاث المرتبطة بالذكاء الصنعي أيضاً، أو على الأقل في عدد المقالات العلمية المنشورة حوله، وذلك وفق مابينه تقرير الخطة الاستراتيجية الوطنية للأبحاث والتطوير في مجال الذكاء الصنعي الصادر عن البيت الأبيض حديثاً. فقد أشار التقرير إلى أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة الأمريكية في عدد المقالات العلمية التي تتناول “التعلم العميق” أي الأبحاث المرتبطة بتطوير قدرات الآلات على التعلم الذاتي، بهدف تقريبها من تحقيق الأهداف الأساسية للذكاء الصنعي. وأشار التقرير إلى أن
الولايات المتحدة كانت من الدول الرائدة في أبحاث التعلم العميق، لكن باتت الصين الآن تخصص وقتاً أطول لدراسة هذه التقنية وتطوير تطبيقاتها مقارنة بما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المؤشرات الأخرى التي تشير إلى تفوق الصين على الولايات المتحدة الأمريكية في بعض المجالات العلمية هو ما أبرزه التقرير الذي صدر هذا الشهر عن أقوى 500 حاسوب عملاق “سوبركمبيوتر” في العالم. فقبل عشرة سنوات بالضبط، أي في قائمة نوفمبر/تشرين الثاني عام 2006 لأقوى 500 حاسوب عملاق في العالم، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك 309 حواسيب، وتحتل المرتبة الأولى عالمياً والصين تمتلك 18 حاسوباً فقط وتحتل المرتبة الرابعة عالمياً، وكان أقوى حاسوب في العالم هو الحاسوب المركّب في مختبر لورانس ليفرمور القومي التابع لوزارة الطاقة في كاليفورنيا. اليوم، وفي قائمة نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حازت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين على 171 حاسوباً عملاقاً وتشاركتا على المرتبة الأولى، فيما احتل حاسوبان عملاقان صينيان المرتبتين الأولى والثانية عالمياً.
تبرز الصورة السابقة قوة التخطيط الاستراتيجي للصين والجهد الكبير الذي تبذله على الصعيدين الاقتصادي والعلمي وهما جانبان أصبحا متشابكين في هذا العصر، لكن من المبكر أن نقول أن الصين هزمت الولايات المتحدة علمياً، إذ لاتزال لدى الأخيرة طاقات علمية وتكنولوجية كبيرة جداً قد تساعدها على الاستمرار في التفوق إن أحسنت استخدامها. وربما يفوز في السباق من يأخذ بقول توماس إيديسون الشهير: “واحد بالمئة من العبقرية إلهام و99 بالمئة عمل شاق”.