محمد عبداللطيف جميل، رائد روّاد الأعمال في السعودية والعالم العربي، أصبح أيقونة للنجاح وقدوة بارزة يحتذي بها رجال الأعمال العرب، يحتل دائماً مركزاً متقدماً بين قائمة أغنياء السعودية، فهو رابع أغنى رجال الأعمال السعوديين بعد الوليد بن طلال وصالح كامل وعبدالرحمن الجريسي، بثروة تقدر بـ 4 مليار دولار.
بدأت نقطة التغيير في حياة محمد عبد اللطيف جميل منذ دراسته لهندسة السيارات باليابان، حيث اثرت تاثيراً واضحاً في حياته ومسيرته العملية طوال حياته، كونه تقلد منصب إدارة مجموعة شركات عبداللطيف جميل المحدودة، بعد ذلك أصبحت مجموعة عبد اللطيف جميل أكبر وكيل لشركة تويوتا في الشرق الأوسط والمملكة المتحدة ووسط آسيا والصين.
سيرة رائد أعمال
ولد محمد عبد اللطيف جميل عام 1955 بالمملكة العربية السعودية، درس الهندسة المعمارية في جامعة ولاية ماساتشوسيتس الأميركية، في مؤسسة تكاد تكون في ترتيبها وتعليمها وعلمها الأولى على مستوى العالم، ولا يقبل فيها إلا من توفرت فيه شروط خاصة مثل نسبة الذكاء المرتفعة وقد أَسس فيها معملاً باسمه، كما حصل على شهادة في الهندسة المدنية من جامعة Mit في مدينة بوسطن وجامعة صوفيا في العاصمة اليابانية طوكيو، وأدت كل هذه الدراسات لتميزه فجعلت منه شخصاً يجمع لديه علم الشرق والغرب وخلقت منه هذه الشخصية النبيلة.
كانت بداية عمله بمجال التجارة والعمل عام 1979 عندما قرر دخول مجال تجارة السيارات عن طريق شركة والده عبد اللطيف جميل، درس مجال السوق والتجارة والعمل جيداً وعرك الحياة الاقتصادية، فسافر لليابان ودرس هندسة السيارات لعدة اعوام وفهم مسار ودراسه السوق المحلية والدولية للسيارات، ولدى عودته تسلّم إدراة مجموعة شركات عبد اللطيف جميل المحدودة.
لم يكتف المهندس بثروة والده فقط ولا بالشهادات الكثيرة التي حصل عليها بل وضع عينه على تطوير مجموعات والده وتوسيع شراكتها مع تويوتا حتى وصل بها إلى أن أصبحت أم شريك مع تويوتا على مستوى العالم بإصراره وعزيمته القوية، ولأنه دائم التطوير وبذكاء شديد فكر في مشروع صناعة تجميع سيارات وقطع غيار تويوتا بالسعودية ومنذ موافقة الشركة اليابانية على فكرته أصبح اهتمامه الوحيد وشغله الشاغل ذلك المشروع، حتى أصبحت مجموعة عبد اللطيف جميل المحدودة اكبر وكيل لبيع سيارات تويوتا في الشرق الأوسط كله.
مجموعة عبد اللطيف جميل المحدودة
يرأس جميل مجموعة شركات عبد اللطيف جميل التي أسسها الشيخ عبد اللطيف جميل في عام 1945 ويتنوع نشاطها بين تجارة السيارات والعقارات والإلكترونيات، ومنذ توليه المنصب جعلها أسطورة المملكة العربية السعودية بنجاحها الباهر على مستوى العالم ، حيث تعد مجموعة عبد اللطيف جميل اليوم من أكبر وكلاء سيارات تويوتا على مستوى العالم، وتملك وكالات لبيع هذه السيارات على مستوى الشرق الأوسط كله وآسيا الوسطى و الصين.ويعد مشروع صناعة تجميع سيارات وقطع غيار تويوتا في السعودية والصناعات المرتبطة بها، من أولى اهتمامات المجموعة، إذ حصلت على موافقة مبدئية للمشروع من شركة تويوتا اليابانية.
بدأت المجموعة منذ عام 1969 في تنويع مجالات استثماراتها بالدخول في مجالات التقسيط والعقار، فأصبحت تمتلك واحدة من أكبر شركات التقسيط في السعودية وعلى مستوى العالم بدأتها في عام 1972، كما يعود لملكيتها أيضا عدد من المجمعات الفندقية وعدد من العقارات، واسست شركة في الولايات المتحدة الأميركية لتدير املاك المجموعة العقارية ومشروعاتها هناك.
وتشمل الأنشطة الرئيسية للمجموعة حالياً قطاعات السيارات والخدمات المالية والأراضي والعقارات والمنتجات الاستهلاكية والإعلان ووسائل الإعلام، إضافة لإمتلاكها وكالات بيع لسيارات اخرى على مستوى العالم، وتنتشر مقرات الشركة و فروعها على مستوى المملكة اما مقرها الرئيسي فيوجد في مدينة جدة ، حيث تمتد أنشطتها حالياً عبر أكثر من 17 بلداً ومنطقة، وبينها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، ومنطقة الدول المطلة على المحيط الهادئ وأوروبا، ويعمل بالمجموعة 15,800 موظفاً تقريباً.
شخصية عالمية
حصل المهندس محمد عبد اللطيف جميل على وسام الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا تقديراً لمجهوداته الاجتماعية ودعمه لتطوير الفن والثقافة في المملكة المتحدة، حيث حصل على لقب فارس بأعلى درجة من المملكة البريطانية وهو أول رجل أعمال سعودي يحصل عليها، حيث كانت له مبادرات وجهود حثيثة في توفير فرص عمل ومكافحة الفقر ومكافحة البطالة في بلده وعلى مستوى الشرق الأوسط.
كما قام أيضا بتدعيم الأبحاث التطبيقية التي تهدف لمحاربة الفقر وتوفير فرص عمل مختلفة، يأتي ذلك نابعاً من إيمان الشيخ محمد عبد اللطيف جميل بالحكمة القائلة ( لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد ) ، وفي رأيه العطاء وحده ليس كاف فالتأهيل أولا هو أضمن حل لمستقبل مضمون وواعد للشباب السعودي، كما حصل من قبل ذلك على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى تقيدرا لجهوده.
مبادرات اجتماعية
عرف عن المهندس محمد عبداللطيف جميل اهتمامه بالأنشطة الخيرية وبشكل خاص في مجالات توفير فرص العمل ومكافحة الفقر حول العالم، وكذلك مجالات الفن والثقافة والصحة والمجتمع، والتعليم والتدريب، وذلك انطلاقاً من الأنشطة الخيرية التي بدأها المغفور له بإذن الله والده الشيخ عبداللطيف جميل الذي أسس مركز جميل في الجامعة الأمريكية بالقاهرة والذي يضم مركز عبداللطيف جميل للدراسات الإدارية والذي تم افتتاحه في عام 1989.
وأسس المهندس محمد عبداللطيف جميل في عام 1995 بالتعاون مع جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT صندوق عبداللطيف جميل/تويوتا للمنح الدراسية، والتي تمكن الطلاب من ثلاثين بلداً تقريباً بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا من الاستفادة من الدعم المالي لمتابعة دراساتهم الجامعية، كما أطلق أول مستشفى متخصص وغير هادف للربح في المملكة العربية السعودية لإعادة التأهيل، حيث تم افتتاح مستشفى عبداللطيف جميل في جدة عام 1996. وقد تمكنت المستشفى من إعادة تأهيل آلاف المرضى.
وفي عام 2003، قام المهندس جميل بإطلاق هذه الأنشطة بشكل رسمي من خلال تأسيس منظومة للمبادرات الاجتماعية باسم مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية، ويشغل المهندس محمد عبداللطيف جميل في الوقت الراهن منصب رئيس مجلس إدارة المبادرات التي تنشط في مجال المشروعات الاجتماعية والاقتصادية المستدامة بمنطقة الشرق الأوسط وخارجها.
وفي عام 2003 أيضاً، تم تأسيس مبادرة “باب رزق جميل”وهي مبادرة توفير فرص العمل التابعة لمبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية، حيث ساعدت المبادرة منذ تأسيسها في توفير مئات الألاف من الفرص الوظيفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا. كما ساهمت أكاديمية نفيسة شمس للفنون والحرف في جدة، التابعة لباب رزق جميل، بتدريب الآلاف من الشابات السعوديات منذ عام 2007، وذلك في مجالات متعددة تشمل الخياطة والتصميم والتصوير الفوتوغرافي والأعمال الإدارية.
وتم إطلاق مبادرة جرامين-جميل في عام 2003، ثم أصبحت في عام 2007 شركة بين مؤسسة جرامين ومبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية. وتعد الشركة أول مشروع اجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا، حيث تهدف إلى مكافحة الفقر في المنطقة من خلال إقامة شراكات استراتيجية مع مؤسسات التمويل الأصغر من خلال توفير الدعم الفني والمالي لها للمساعدة على تطوير قطاع التمويل الأصغر. وتعمل جرامين-جميل في الوقت الحالي في 10 بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا، ووفرت الدعم عبر 19 من مؤسسات التمويل الأصغر للملايين من المقترضين المحتاجين، والذين تشكل النساء النسبة الأكبر فيهم.
ويدعم المهندس محمد عبداللطيف جميل عدداً من المبادرات بجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT المرموقة على مستوى العالم والتي تهتم بالاستفادة من العلم والتقنية والمنح الدراسية بما يمكنها من مواجهة مشاكل خطيرة على مستوى العالم.
وقد احتفل معمل عبداللطيف جميل للتطبيقات العملية لمكافحة الفقر بجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بمرور عشر سنوات على تأسيسه، حيث يطبق هذا المعمل أسلوباً يقوم على الأدلة العلمية لتخفيف معدلات الفقر في العالم. ونجح المعمل منذ تأسيسه في المساعدة في تحسين حياة أكثر من 164 مليون شخص من خلال مبادراته حول العالم .
وإلى جانب ذلك، تم تأسيس معمل عبداللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي بجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا في مايو 2014 ليقود الأعمال البحثية التي تهدف إلى مساعدة الناس على التكيف مع التغيرات السريعة في كوكب الأرض ومكافحة ندرة المياه والنقص في إمدادات الغذاء. ومن خلال الدعم الذي يقدمه المهندس محمد عبداللطيف جميل، يسعى هذا المعمل لتحقيق هدفه بالوصول إلى نصف مليار شخص بحلول عام 2025.
دعم الفن والثقافة
يعد المهندس جميل داعماً قوياً للفن، حيث قدم منحة لتجديد الصالة الإسلامية بمتحف فيكتوريا وألبرت في لندن، وقام سمو أمير ويلز بافتتاح الصالة الإسلامية في يوليو 2006 تحت اسم “صالة جميل للفن الإسلامي”، وذلك تخليداً لذكرى والدي المهندس محمد عبداللطيف جميل رحمهم الله .
وقامت مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية كذلك بإطلاق جائزة جميل للفن الإسلامي من خلال شراكة مع متحف فيكتوريا وألبرت. وتقدم هذه الجائزة العالمية كل عامين للفنانين والمصممين الصاعدين الذين يستلهمون أعمالهم من الفن والحرف والتصاميم التقليدية الإسلامية. وستقدم المبادرات اعتباراً من عام 2015 وبالتعاون مع متحف فيكتوريا وألبرت مسابقة وجائزة إضافية مخصصة للمجسمات.
وتهدف مبادرة “الفن جميل” التي تطلقها المبادرات إلى تعزيز وتنشيط المشهد الفني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا ودعم تطور الأعمال الإبداعية. ومن أهم أعمال الفن جميل تطوير مركز فني في جدة، بالمملكة العربية السعودية، وبدبي، الإمارات العربية المتحدة. وسيوفران هذين المركزين قاعدة لدعم وتطوير المشهد الفني المعاصر والأفكار المبتكرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا.
علاوة على ذلك، مبادرة “الفن جميل” هي شريك مؤسس في عدد من المبادرات مثل إيدج أوف إرابيا، ذا كروس واي فاوندايشن، أسبوع فن جدة، ومكتبة الارشيف، وقد أطلقت عدة مشاريع من بينها جائزة الفن جميل للتصوير الفوتوغرافي، وأولمبياد الفن جميل للفنون بالتعاون مع وزارة التعليم في المملكة، وبرنامج الفن جميل للفنون والحرف التقليدية بمصر بالتعاون مع مدرسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية ومقرها لندن، ومتحف جدة للمجسمات بالتعاون مع محافظة جدة، إضافة إلى ذلك، تقوم مبادرة “الفن جميل” بالتعاون مع منظمات فنية عالمية بوضع برامج تبادل ثقافي من أجل تشجيع التعارف وتبادل المعرفة.