في عام 2003 وقعت الغابات في جبال اوسامبارا تحت الحصار، واكتشاف الذهب في محمية اماني الطبيعية والتي تقع على مسافة 340كم شمال العاصمة التنزانية دار السلام اشعل حمى البحث عن الذهب في تنزانيا في ذلك الوقت.
خلال شهرين فقط ازدادت الكثافة السكانية المحلية في هذه المنطقة من 300 الى اكثر من 10000، حيث تم قطع الاشجار فيها لزيادة المساحة امام انشاء المزيد من المخيمات، ومجاري المياه المحلية تلوثت نتيجة الرواسب الناتجة من مناجم التنقيب عن الذهب، قبل ان تتدخل الحكومة وتقول “لا مزيد من انشاء مناجم التنقيب عن الذهب”.
“رئيسنا في ذلك الوقت اخبرنا بان المياه اغلى من الذهب بالنسبة لنا” تقول واحدة من السكان المحليين المحافظين مواناديني كيجازي والتي كانت جزءا من الجهد الحكومي في ذلك الوقت “كنا نقوم بدوريات ليلية، حيث اشارك مع فريقي الخاص، مع الشرطة وحتى مع الجماعات المسلحة”.
مواناديني كيجازي تعتبر الان مراقبة للاحراج في المنطقة، احدى المحافظين على البيئة والسيدة الاولى للحياة البرية في تنزانيا.
هذه الخريجة الشابة من تخصص التمية المستدام الزراعية تعتبر نفسها في مهمة لحماية محمية اماني الطبيعية، حيث ما زالت تخرج في دوريات، لكن في هذه الايام فانها تسعى لوقف محاولات قطع الاشجار غير المشروع ومساعدة السكان المحليين بالعيش على نحو مستدام.
“الهدف هو الحفاظ على النظام البيئي المتوطن والنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض والتي نستضيفها هنا بصورة ابدية، لهذا الوقت وللاجيال في المستقبل”.
تعد اماني نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي والمحمية الطبيعية الاولى في تنزانيا، والتي تم افتتاحها لاول مرة في عام 1997، وبعدد زوار لا يتجاوز 400 شخص سنويا فانها تعتبر جوهرة مخفية حقيقية.
هذه المدينة الفاضلة تعد موطنا للعديد من انواع الكائنات الحية المستوطنة فيها، الفراشات النادرة، الطيور، الزواحف، النباتات والحيوانات، هذا المسكن الطبيعي الفريد من نوعه يعود الى قسوة وحدة الجبال فيها من مدينة تانغا التي تقع على مستوى البحر ولغاية ساحل المحيط الهندي.
تستقر هذه المنطقة في داخل البلاد على مساحة 150كم فقط في حين ترتفع جبالها تدريجيا الى مسافة 950متر عن سطح البحر.
“يقوم هذا المكان بعمل غسيل لدماغك بمجرد تجولك في طرقاتها الطبيعية” تقول كيجازي “يمكنك ان تشعر بالهواء النقي وتستمتع باصوات الالاف من الطيور”.
تنوع وثرائها بانواع الكائنات الحية التي تسمي اوسامبارا موطنها تشتمل على قرود كولوبوس البيضاء والسوداء، حرباء جاكسون بثلاثة قرون، شجرة فلامبو بثمارها القابلة للاكل، وشجرة سان فالنسيوس والتي لا يمكنك ان تجدها في اي مكان اخر من العالم.
تعمل كيجازي عن قرب مع المجتمعات المحلية لتساعدهم في خلق وانشاء مشاريع واعمال توفر لهم الاكتفاء الذاتي وكذلك لوقف الصيد وقطع الاشجار غير المشروع، “يتم ذلك عبر اتفاقيات مشتركة مكتوبة، حيث يوافقون على المشاركة بالدوريات التي نقوم بها”.
“كل قرية من القرى المحيطة بالمحمية يوجد لديها مجلس بيئي، حيث يقوم القرويون بمناقشة كيفية القيام بالدوريات والتاكد بان المحمية الطبيعية بامان”.
جيسيكا بوشيه الدارسة بالمحافظة على علم الانسان، قدمت الى المنطقة لترى كيف يتم هذا الجهد الذي يتم من قبل المجتمع للحفاظ على البيئة، “احد الامور التي جذبتني الى هنا وجعلتني ارغب في القيام بمشروع البحث هذا، هو انني كنت اتساءل دوما كيف سيكون الامر اذا كانت حديقتك الخلفية في منزلك تعتبر نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي وتعيش مع هذا المكان في حياتك بشكل يومي” تقول بوشيه.
يعيش الناس هنا في هذا التنوع البيولوجي منذ اجيال، واكتشفت بوشيه ان السكان لديهم علاقة تكاملية مع محيطهم المتنوع ويتعايشون معه بشكل رائع، “احد الامور التي لاحظتها هنا هو ان السكان اكثر من اي شخص اخر يعرفون بصورة عاطفية فوائد ان يكون لديهم غابة تخفف من اثار هطول الامطار وتبقي عليها رطبة” تقول بوشيه.
“اذا كان هنالك شخص يهتم بالبيئة فهو حتما ذلك الشخص الذي يعتمد على الارض للحصول على طعامهم اليومي وسبل العيش الاقتصادية”.
المجتمعات التي تعيش بالقرب من محمية اماني الطبيعية اعتادوا على جمع خضارهم، واسماكهم من النهر وعسل المزرعة من المحمية، وفي هذه الايام في اطار سعيهم للحفاظ على المحمية فقد قاموا بانشاء بدائلهم الخاصة للتخلي عن الصيد وقطع الاشجار غير المشروع.
فقد قاموا بتطوير حدائقهم المنزلية الخاصة، بناء بحيراتهم الخاصة ويقومون بانشاء مناحل خاصة بهم لحصد العسل منها بنفسهم.
“كل زائر ياتي الى هنا يرغب برؤية كيف يعيش القرويون بالقرب من المحمية الطبيعية” تقول كيجازي، فالبنسبة لها تعتبر محمية اماني الطبيعية مثالا نادرا على كيف ان الحفاظ على البيئة وبحث الناس عن سبل عيشهم يمكنهم ان يسيروا يدا بيد.
“قد لا يفهم بعض الناس كيف يمكننا ان نعيش مع بعضنا بهذه الطريقة بنجاح كاصدقاء، لكننا نضع ايدينا بيد بعضنا البعض ونتشارك معا لتحقيق ذلك”.