في ليبيا فوضى عارمة أما في العراق فالوضع أقل خطورة».
هكذا علقت فاتن النقيب على السوقين اللتين اختارتهما لتوسع أعمالها. في لقائنا معها شرحت النقيب على ماذا بنت قرار دخول السوقين «المضطربين».
في الكويت السوق ديناميكية ومتطورة وتحكمها قوانين منظمة من مختلف الجهات الرقابية كالبنك المركزي ووزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة، وغيرها.
وعلى حد تعبير النقيب التي حدثتنا في حوار خاصة عن المنطقة والسوق وعن وضع المرأة العربية: «النظام القانوني متطور ويتطور باستمرار. وهناك مراجعة تتم لبعض القوانين التي صدرت منذ زمن بعيد وأصبحت بحاجة إلى تغيرات أو تعديلات لتواكب العصر».
ولكن الكل يشكو من أمرين. الأول طول الدورة المستندية في إنجاز المشاريع والمعاملات. والثاني أهمية القطاع العام على الاقتصاد وحرمان القطاع الخاص الكويتي من المساهمة الفاعلية في دفع عجلة الاقتصاد والتنمية لتحقيق ما يدعو إليه الكثيرون في الاقتصاد ورجال الأعمال في تنويع لمصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد ووحيد ناضب.
وتضيف النقيب: «وكذلك العمل على تحقيق رؤية صاحب السمو أمير البلاد بتحويل إلى مركز مالي وتجاري بحلول 2035م».
والكويت يمتلك بنية تحتية جيدة من القوانين والتي تشمل جميع المجالات إلاّ أن بعض تلك القوانين تحتاج إلى تطوير وتغيير لكي تلاءم التطور في المعاملات والاستثمار والتجارة الذي يمارس الآن ولوائحه التي صدرت مؤخراً بعض القوانين الجديدة والحديثة مثل قانون المعاملات الالكترونية وكذلك قانون الشركات الجديدة وغيره، وهنا تعقب النقيب: «ولكنني لا أزال آمل إلى تغيير شامل وأوسع يشمل قانون التجارة وقانون الاستثمار. وذلك لن يتم إلا بتطوير البنية التشريعية ومكافحة الفساد، وحماية التنافس وتطبيق مبدأ الشفافية».
وبالنسبة للأوضاع في الكويت وتأثيرات التغيرات العنيفة في المنطقة في الأعوام الأربعة الماضية تقول النقيب: «قطعاً، لا تعيش الدول في معزل عن بعضها في عالم اليوم. فالعالم كما يقال قرية كونية. فأي أحداث أمنية أو اقتصادية في بلدا ما لابد وان يؤثر سلباً أم إيجاباً في الدول الأخرى والكويت ليست استثناء. وكلنا علم بما أفرزته المالية العالمية اواخر عام 2008م وكيف تأثرت به اقتصادات العالم كله».
«كل عملائي مهمون بالنسبة لي وللمكتب»، هكذا أجابت النقيب عندما سألتها عن أهم عملائها، وتابعت: «وعلى العموم لدي الكثير من العملاء من الشركات الأجنبية سواء الأمريكيين أو الأوربيين أو الآسيويين إضافة إلى الكثير من الشركات العربية والخليجية والمحلية. فالمكتب متخصص بالأعمال القانونية التجارية وفي جميع المجالات وأهمها في أعمال النفط والغاز والاستثمار والبنوك والتأمين وغيرها».
تقدم الشركة الكثير من الخدمات القانونية المتعددة في القسم المحلي والدولي بالمكتب وأهمها الاستشارات القانونية والعقود والمفاوضات وأعمال التقاضي في المحاكم والتحكيم بكافة أنواعه كما نقدم خدمات خاصة قانونية متطورة ومتابعة أعمال حوكمة الشركات وإدارة المخاطر وتقييم المخاطر من النواحي القانونية تبعاً لنطاق عمل الموكل ونوعه وكذلك لديها قسم خاص متخصص بصياغة اللوائح والنظم الداخلية للشركات، وفق المعايير الدولية المعتمدة للمهنة وكذلك لدينا قسم خاص يتعلق بنطاق أعمال الفندقة من جميع النواحي القانونية ويتعلق بصياغة ومراجعة العقود الفندقية بين ملاك الفندق والشركات المشغلة للفندق تحت علامتها التجارية وأيضاً متابعة الأعمال القانونية المتعلقة بهذه الأنشطة. ولديها كذلك قسم خاص لتأسيس الشركات سواء محلياً أو دولياً.
ربما قطاع المحاماة كان قريباً جداً من ملامسة مشاكل الأعمال المالية التي أفرزتها الأزمة وتبعاتها وما تلى ذلك من تحول الأزمة المالية في العالم إلى أزمة سياسية أمنية في المنطقة. حدثتنا الخطيب عن تطور السوق بالنسبة لعملائها منذ بداية الأزمة المالية العالمية حتى اليوم، فقالت: «لا شك أن بعض من عملائنا خاصة عملاؤنا من الشركات الأجنبية قد تأثر كثيراً بالأزمة المالية العالمية، وقد كانت استراتيجية عملائنا في ذلك الوقت تتبع استراتيجية وسياسة تقليل المخاطر قدر الإمكان وباتباع هذه السياسة تمكن بعض العملاء من اجتياز هذه الأزمة والمحافظة على مصادر الدخل لديهم وكذلك إلى تنويعها وذلك بالاهتمام بمصادر دخل أخرى ثابتة لا تتأثر كثيرا بالأزمات وتوسعة للأنشطة ولكن ضمن خطة مدروسة جيداً وخطة أكثر حذراً وقرارات متزنة ومدروسة من جميع الجوانب».
وعند سؤالها ما إذا تراجع إقبال الشركات العالمية في الدخول إلى أسواق المنطقة بسبب التطورات السياسية والأمنية الالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قالت: «لا أظن ذلك، فالمصالح لا تزال مستمرة وبازدياد. فهناك العديد من الفرص المتاحة للشركات العالمية التي تريد الدخول وقبل أن تقرر الدخول تحصل على الموافقة والمعلومات الدقيقة من حكوماتها لتقرر الدخول، التوسع من عدمه».
بالرغم من عدم استتباب الأمن واستقرار السوق العراقية بشكل كامل إلاّ أن النقيب وشركاه وشركات أخرى في المنطقة دخلت هاتين السوقين. على هذا تقول النقيب: «بُنيّ قرارنا على ضوء بعض المعلومات والمعطيات التي تشير إلى أن حالة عدم الاستقرار هذه ستكون على المدى القصير. فالتغيير الوزاري مؤخراً والذي حاز على القبول من غالبية أطياف المجتمع العراقي والحشد الدولي الحالي لإضعاف ثم القضاء على الإرهاب كلها مؤشرات على قرب انتهاء حالة عدم الاستقرار والخوف ولذلك، يبنى موقفنا على تقييم للمديين المتوسط والبعيد».
وتضيف: «الوضع في ليبيا أسوأ منه في العراق. ففي ليبيا فوضى عارمة، وهناك حكومتان تتنازعان السلطة، وهناك حرب داخلية ما بين الجيش وبين الجماعات والميليشيات الملسحة، إلخ.
في العراق فالوضع أقل خطورة والأمل بالوصول إلى وضع مستقر يلف العراقيين، بمختلف انتماءاتهم، في المدى القصير، باختصار، للسوق العراقي نتوقع استقراره في المدى القصير (1-3) سنوات.
أما في ليبيا فهو مفتوح على احتمالات تدهور أكثر وربما يحدث تدخل أجنبي فيه كما هو حاصل في العراق حالياً ولكن الوضع أسوأ بكثير بما هو عليه في العراق، كما ذكرت أعلاه.»
الوضع عموماً في كلا البلدين غير مستقر والرؤيا ما تزال ضبابية، هنا ربما على الشركات التي تحمست في البداية لدخول هاتين السوقين مراجعة قرارها، بالفعل هناك شركات فعلت ذلك. أما النقيب وشركاه فبالرغم من أن النقيب تؤكد قلقها حيال تطور الأوضاع للأسوأ ولكن تفضل أن تقوم بدراسة أعمق وأشمل لاتخاذ أي قرار آخر، تقول: «طبعاً نحن قلقون، والقلق مشروع ومظاهره لا تخطئها العين. ولكننا دائما نقوم بدراسة الأوضاع وتقييم السوق وفق دراسة حذرة ومتأنية ونقيم المخاطر، فهذا جزء من عملنا».
أما بالنسبة للبنية التحتية القانونية والتجارية في كل من العراق وليبيا، فتقول: «البلدين وبالأخص العراق مشبع بالكثير من القوانين الجيدة وأيضاً صدور قوانين في كثير من المجالات وهي متطورة وحديثة وتلاءم التطور الحالي من ناحية تطور الأنشطة وتشجيع الاستثمار وغيرها. فلقد تغيرت الكثير من القوانين وصدرت كثير من القوانين والمجالات وللأسف لا يزال تطبيقها بشكل صحيح وبطيء ولكن من المتعارف عليه أن هذا الوضع الطبيعي للتغيير لا بد أن يأتي على مراحل إلى أن يتم تطبيقه بشكل كامل فالبنية القانونية موجودة ولكن القضاء يحتاج إلى تطوير وإلى فهم وتطبيق لتلك القوانين لتحقق الغرض من المرجو منها».
أهم التحديات عند دخول سوق جديدة تتمثل في معرفة دقيقة بالقوانين المحلية ذات الصلة بعملنا، وكذلك البنية القضائية التي تتولى النظر في المنازعات بمختلف أنواعها وتشعباتها ومدى الالتزام وتطبيق القانون وبنية العمل السليمة إلخ.
النقيب وشركاه متواجدة في كل دول الخليج وبعض دول الشرق الأوسط، أي أنها على اتصال مباشر بأسواق عدة في المنطقة، الأمر الذي يجعلها قادرة على رصد التطورات وتأثيراتها على هذه الأسواق وهو بدوره ما يجعلها أكثر مرونة في التحرك وفي اتخاذ القرارات الاستراتيجية للتعامل مع التغيرات في هذه الأسواق.
تعلق النقيب: «من الطبيعي أن تتأثر القرارات حيال الدخول/عدم الدخول داخل السوق من النواحي المالية والاقتصادية والأمنية. وعندما تبرز الحاجة إلى تخصص ما في المحاماة لم يكن موجوداً، ينظر في التوسع في هذا المجال الذي يزداد عليه الطلب، والعكس صحيح».
وعن العام الحالي والذي سبقه لا تبدو النقيب متفائلة جداً، فقالت: «كان عاماً يشوبه كثير من القلق حول مجمل التطورات في العالم العربي فثورات الربيع العربي وما آلت إليه الأوضاع في الكثير من بلداننا يدفع الكثيرين للتشاؤم والإحباط. وانعكس ذلك على خطط التنمية والتطوير في البلاد العربية».
أما عام 2014 فهو بالنسبة للنقيب استمرار لما كان في 2013 ولكن بانغماس عدد أكبر في دول المنطقة في الفعل المباشر في بعض الأحداث. لكننا نرجو أن تنتهي الظواهر السلبية المحيطة بنا ويعود الاستقرار لكي تتواصل التنمية والبناء.
من بين التحركات الشعبية العديدة والمتنوعة في كل ماكن تقريباً هناك تحرك مكثف بدأ يظهر يدعو لنهضة المرأة في العالم العربي. ما هو الدافع خلف هذا التحرك اليوم. وماهي مطالب المرأة العربية بالتحديد؟ دساتير العالم العربي كلها تنص على المساواة بين الجميع، رجالاً ونساء. ولكن في الحياة والممارسة الفعلية هناك تمييز واضح وجور فاضح بحق المرأة. تقول النقيب: «البعض لا يزال يعتقد أنها «ضلع قاصر» أو «أعوج» والبعض يرى أن مكانها الطبيعي – وهي نصف المجتمع – في البيت فقط، كما أن البعض لا يرى غضاضة في زواجها وهي في سن صغيرة. هذه عادات وتقاليد أرساها وعمقها التخلف والجهل والتقاليد البالية».
وتضيف: «فالدافع للتحرك، إن وجد، هو هذا الظلم الذي يقع على المرأة العربية. فالمرأة من حقها التعلم، من حقها العمل، من حقها المساواة مع الرجل في الحقوق والواجبات، من حقها المساواة مع الرجل في الحقوق المدنية وإعطاء الجنسية لأولادها – مثلما يحق للزوج أن يمنح أبناءه جنسية بلده – وغير ذلك الكثير.
«وكذلك رفع سن الزواج للنساء، وحق الترشيح والانتخاب وتبوء كل المناصب المفتوحة للرجل. ولكن في الحقيقة أنه يؤسفني إلى أنه نحن الآن في سنة 2014 ولا نزال نقول أن حقوق المرأة منقوصة في العالم العربي ولا نزال نقول أنه يجب أن يبرز دورها، فهذا إن دل على شيء إنما يدل على أنه لا تزال المرأة تكافح لكي تبرز نفسها ولا تزال تواجه التحديات».