«دبي هي واحة السلام الوحيدة في كل الشرق الأوسط، إن لم تكن في العالم كله».
هكذا بدأ د. نافجيت سينغ أناند، رئيس مجلس إدارة جولدلاين للمقاولات، حديثه عندما سألناه عن سر حماسه في قطاع العقارات.
يرى د. سينغ أناند أن دبي تستعد للنمو مجدداً، وإن كان هذا وصفاً أقل من واقع الأمر، فلإمارة بدأت بالنمو السريع مجدداً، على حد تعبيره. فبدءا من غرب أفريقيا على طول الطريق إلى الشرق الأقصى، إذا كان هناك مكان واحد ينعم بالسلام والهدوء والأمن فهو دبي. هذا هو السبب في أن تصبح دبي مكان مغرٍ للناس للقدوم، والبقاء، والاستثمار والاستقرار. ويشرح: «لقد كانت دبي دائما المكان المناسب لشركة جولدلاين وكنا فقط صابرون لقدوم الفرصة المناسبة».
والآن بما أن الفرصة جاءت نرى أن جولدلاين انكبت على التطوير بحماس عالٍ. ففي فترة قصيرة جداً استحوذت الشركة على 13 قطعة أرض في دبي.
كما يعتقد أناند أنه إذا كانت الناس ستتوافد باستمرار إلى دبي، فإنهم سوف يحتاجون إلى المباني السكنية والمجمعات التجارية والمنشآت الصناعية. كل هذه التطورات التي تحدث سوف تحصن نموذج أعمال جولدلاين المنتشر عبر قطاعات البناء – السكنية والتجارية والصناعية. وعجلة الاقتصاد سوف تنمي هذه القطاعات، وتثري نفسها وتزدهر هذه السوق.
يقول: «لقد قمنا بدور المتعاقدين على مدى السنوات الـ 12 الماضية، ودائماً ما كنت أعتقد أنه إذا كنا قادرين على البناء من أجل الآخرين، فلما لا نقوم بذلك من أجل أنفسنا. لذلك كان الاندفاع دائما موجود، ولكن الآن هو الوقت المناسب لاغتنام الفرصة، حصلنا على 13 منشأة من ديراج والساحل الشرقي وبالإضافة إلى ذلك لدينا 6 قطع من الأراضي أخرى. وهذه ليست سوى البداية!».
على الرغم من أن سوق العقارات فبها الكثير من الفرص لتحقيق مكاسب ضخمة، فإن شراء وامتلاك العقارات هو أكثر تعقيدا من الاستثمار في الأسهم والسندات. وبحسب أناند: «إذا كنت تستثمر في تأجير الممتلكات فهناك العديد من المسؤوليات التي تتبعها. إن العقارات تتطلب قدر مناسب من الوقت والإدارة لجعلها استثمارات ذكية».
استثمرت جولدلاين في القطاع حتى اليوم مبلغاً كبيراً بما في ذلك استثمارها في مشاريع قيد الإنشاء استحوذت عليها من ديراج والساحل الشرقي، يشرح أناند قائلاً: «نحن نعمل بالفعل على العقارات المكتسبة واستثمرت ما يقارب 180 مليون درهم في هذه المشاريع».
التطوير العقاري عملية معقدة وتتطلب التصميم والتخطيط، والامتثال للنظم، والمفاوضات مع الموردين، والجدولة، والإدارة، والبناء التدريجي، وفتح وإدارة المرافق. بالنسبة لجولدلاين التخطيط الاستراتيجي المحسوب بجدول زمني دقيق هو أولوية في معادلة النجاح، يقول أناند: «سوف يتم البدء في استعراض المشاريع التي في متناول يدنا، من هذا العام وصولا إلى نهاية عام 2016 بداية عام 2017. حيث أن كل مشروع فريد من نوعه والخدمات مصممة لتلبية كل مشروع.
ويضيف: «وبمجرد أن ينتهي الاستعراض يجب علينا أن تكون المشاريع جاهزة في فترة من 10 إلى 36 شهراً، بالاعتماد على حجم ومرحلة تطوير مشاريع البناء المختلفة».
ورداً على سؤال حول قيمة المشاريع عند اكتمال تطويرها أجاب: «في كل مشروع نحن قادرون على تطبيق ما يصل إلى عقد من خبرتنا في التطوير لتنسيق وتنفيذ حل العقارات متكامل. لدينا الخبرة لتحويل العقارات بفعالية إلى عقارات ذات عائد إلى أقصى الحدود. نحن نقدر المشاريع التي لها قيمة قريبة من مليار دولار (3.6 مليار درهم) عند الانتهاء».
ويتابع أناند حول العقارات التي استثمرت فيها جولدلاين وحجمها: «إن العقارات التي اشتريناها من ديراج والساحل الشرقي كان عدد كبير من وحداتها قد بيع بالفعل من دون عائدات مدفوعة مسبقاً، ومع ذلك فإنه بمجرد أن نمول هذه المشاريع باستثمار أولي في البناء، وإنجاز نسبة كبيرة من البناء، سوف نكون قادرين على كسب دعم ثقة المشترين. وفي المقابل جذب المزيد من الناس للبدء في شراء هذه الممتلكات، والتي تؤدي في الوقت ذاته إلى تدفق المال فيها».
ويضيف: «حتى الآن استثمرنا ما يقرب من 180 مليون درهم في هذه المشاريع. وبالإضافة إلى ذلك فإننا نعتزم طرح 500 مليون درهم أخرى من أموالنا لهذه المشاريع. في المجموع آخذا بالاعتبار هذه العقارات المكتسبة حديثا والسابقة التي نمتلكها بالفعل، فإننا سوف نستثمر ما يقارب من مليار درهم».
الحماس الذي تحدث به الدكتور أناند يذكرنا بالأعوام قبل الأزمة، عندما كانت شهية المستثمرين في القطاع العقاري في أوجها. قد يعتقد البعض أن النمو الذي أقبل عليه قطاع العقارات في الإمارات سيكون حكراً على الشركات الكبرى. فالمشاريع التي نطالع أخبارها كل يوم هي مشاريع بالمئات الملايين إن لم تكن بالمليارات. قد تكون الصورة غير وردية بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، أو بالنسبة لرواد الأعمال مشرفين أو يخططون دخول السوق في وقت قريب. لكن بنظرة أقرب وتفحص أكثر يظهر بعداً آخراً وراء هذه المشاريع الضخمة، التي يعتقد الصغار والناشئين في العمل أنها لا تعنيهم بعداً أعمق أكثر إشراقاً ويهم كل شخص يفكر في دخول السوق بأي مجال في الوقت القريب.
الفرص موجودة للجميع
غالباً ما ينضوي في العمل على المشاريع العملاقة عدد كبير من الشركات في كاف القطاعات تقريباً. وغالباً ما تؤلف الشركات المتعاقدة مع المطور الرئيسي شكلاً هندسياً هرمياً، يكون المطور على رأس الهرم ويتسلسل تحته المتعاقدين وهكذا لتتسع القاعدة لعدد لا بأس به من المتعاقدين. والباب مفتوح ليس لقطاع واحد فقط، بل يتسع تقريباً لكافة القطاعات من تقنية وفنية وخدمية.
من جهته أناند تطرق إلى الحديث عن المقاولين قال: «بالتأكيد سنقوم بجذب المناقصات من كل مقاول. لدينا مستشار خارجي مستقل يتولى عملية المناقصة بكل نزاهة مهنية. وكما هو واقع الأمر، فقد طرحنا أول مشروعين ولحسن الحظ بالنسبة لنا شركة مقاولات جولدلاين تقدمت بأقل عطاء وقد فزنا بالمناقصة. لأحد المباني التي كانت قيد الإنشاء عندما اشتريناها من ديراج والساحل الشرقي، عقد البناء والتشييد الذي كنا قد فزنا به مسبقا، لذلك نحن نواصل تقديم نفس الشيء. لعمل الأساسات فقد دعينا حالياً للمناقصات وستفوز الشركة التي تنتج أفضل اقتباس للمشروع. ولنفس الشيء فإن المستشار الخارجي سوف يتأكد من أن لدينا عملية مناقصة عادلة».
ذراع المقاولات الخاص بشركة جولدلاين للمقاولات كان قد حصل بالفعل على عدد من المشاريع. الأمر الذي يلزم الشركة تجاه عملاء كانت قد التزمت معهم قبل أن تتحول الشركة من مقاول إلى مطور، وعلى هذه القضية يقول أناند معلقاً: «قبل أن نفتتح شركة التطوير الخاصة بنا عملنا كمتعاقدين لمدة 12 عاماً. دخلنا دائما في المناقصات للمشاريع، والآن لا يمكن أن نُخِل بالتزامنا بالمناقصات التي كنا قد طرحناها بالفعل. لدينا التزام تجاه عملائنا الحاليين، وكثير منهم كنا قد عملنا على مدى فترة طويلة من الزمن لكسب ثقتهم وولائهم. لذلك لن نخذلهم وسوف نستمر في استكمال المشاريع التي هي بالفعل في جعبتنا وبالجدية الكاملة وسنواصل العمل معهم».
ويضيف: «لقد كان لدينا عام التحول في عام 2014 مع زيادة كبيرة في المبيعات والربحية بسبب ازدياد القيمة الدفترية حيث كان لدينا حجز مبيعات 1.4 مليار من حوالي 16 مشروعا في مختلف قطاعات السوق العقاري».
التراجع الذي شهدته أسعار العقارات في الفترة الأخيرة في نهاية العام 2014 وأول 2015 أثار حفيظة الكثير من المراقبين في السوق، الذي أقلقهم أن يكون ذلك بدايةً لأزمة جديدة نتيجةً لتطورات المنطقة الأمنة والاقتصادية. الأمر بالنسبة لأناند بسيط يقول: «لدينا التزام لمؤسسة التنظيم العقاري ودائرة الأراضي، كما أننا لدينا التزام للمشترين. نحن هنا على المدى الطويل وليس فقط لهذه العشرون مشروعاً. الشركة الموجودة لفترة طويلة لا يمكن أن تلعب الحيل في هذه السوق وتتوقع أن تفلت من العقاب. وعلاوة على ذلك فإن جولدلاين العقارية ليست الشركة الوحيدة ضمن مجموعة جولدلاين، نحن نعمل في قطاعات الأعمال المختلفة. لذلك لا نستطيع أن نبطئ ونخاطر بسمعة المجموعة بأكملها بتشويه صورة أحد أقسامها».
إذا القصة بالنسبة لجولدلاين هي التزام تجاه العملاء والشركات وبدايةً التزاماً حاسماً بالاستدامة وبحماية اسم المجموعة.
ويلفت أناند إلى نقطة مهمة وهي وعي العميل اليوم، يشرح: «كما هو واقع الأمر فإن التباطؤ لا يعني أن العملاء قد توقفوا عن القدوم إلى السوق وشراء الشقق، ولكنه يعني فقط أن سوق العقارات الآن ينضج والعملاء يصبحون أكثر وعيا، وحذرا وتطلباً، فهم يراجعون الحقائق ويطمئنون على التطور مع دائرة الأراضي قبل أن يدخلوا في أي استثمارات في العقارات. ومرة أخرى هذا ما يعزز سبب أننا سوف نستمر في الوفاء بوعودنا بنفس الحماس».
ويتابع أناند مؤكداً أن الشركة موجودة لتبقى، وليس كالكثير من الشركات التي تقوم لتستفيد من فترة ما أو مشروع ما ثم تخرج من السوق: «علينا أن نرقى إلى مستوى توقعات السوق، وأن نحافظ على ثقة العميل الذي حافظ على ثقته بنا. إذا واصلنا في فترة ركود السوق فسوف نحصل على ميزة تنافسية عندما تزهر السوق».
دبي لم تصل إلى قمتها
الملفت أن جميع المشاريع ممولة ذاتياً من قبل جولدلاين. وهنا يتطرق أناند إلى أن البنوك اضطرت إلى مواجهة الأوقات الصعبة في الماضي من السوق العقاري، واليوم اهي أكثر حذرا، ويتبعون البروتوكول أكثر بقليل من ذي قبل ولكنها في الوقت ذاته تقدم الدعم الكامل، بحسب أناند. وهنا يعلق أناند: «لدينا ميزة جيدة كمجموعة متنوعة حتى مستوى راحة البنوك في العامل معنا جيد».
اليوم دبي هي واحة السلام الوحيدة في العالم كله جغرافياً ومالياً وسياسياً، بالنسبة لأناند ومن هنا يخبرنا عن خططه المستقبلية قائلاً: «وضعت دبي نفسها مثل سويسرا في أوروبا في أواخر الأربعينات عندما أثرت الحرب العالمية الثانية في كل بقعة من العالم، ظلت سويسرا سلمية، ذات الأمر بالنسبة لدبي، ومهما كانت حالة الاضطراب، فإن دبي لا تزال آمنة. ولأن دبي آمنة فسوف نجد دائما تدفق الناس المستمر إليها. هذا هو السبب في عدم توقف الطلب على العقارات أبدا والسبب في أننا قانعون بالبقاء في دبي».
ويضيف: «بالإضافة إلى ذلك كنا نلقي دعما هائلا من سعادة سلطان بوطي آل مرجان، والسيد عيسى سعيد المنصوري، والسيدة خولة محمد، والسيد شرف علي الشامي والعديد من الضباط البارزين من مؤسسة التنظيم العقاري ودائرة الأراضي والأملاك. لقد التقيت بهم شخصيا وكانوا كلهم داعمون ومشجعون للغاية. كانوا يدركون أننا نستحوذ على شركة متعثرة ويعرفون حسن نوايانا. وقد ساعد كل الناس العاملون في تطوير الأراضي ومؤسسة التنظيم العقاري وتعاونوا بإخلاص كامل. أرى أن الثقة التي اكتسبوها من الاستقرار المالي لدينا، وإدارة المشاريع، وقدرتنا على الإنجاز، لذا سمحوا لنا الآن بالسيطرة الكاملة. هذا الدعم والسوق الخصبة جدا التي تقدمه لنا دبي هو الأمر الذي يؤدي إلى التركيز على سوق دبي فقط في الوقت الحاضر».
عند سؤاله ما إذا كان سوف تقوم بالمغامرة في تطوير الفنادق وربما تشغيلها أيضاً، أجاب: «ترغب الحكومة بأن نقوم بتطوير لفنادق الثلاث نجوم أو الشقق الفندقية. وسوف نقوم باستكشاف هذه الاحتمالات وسوف ننتزع الفرصة لأي مشروع مثير للاهتمام. ولكننا عازمون على أن نكون المطورين والمقاولين ولن نرغب في تمديد أذرعنا لعمليات الفندق. كما أننا نتطلع قدما للعمل مع حكومة دبي على المساكن المنخفضة التكلفة للوافدين».
وعن سوق العقارات في دبي يقول: «لدينا طريق طويل لنقطعه في سوق العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث أراه حاليا على أنه السوق الأقل سعراً بالمقارنة مع أي من نظرائه، سواء كان ذلك الهند، سنغافورة، لندن أو نيويورك. حيث أن أي من هذه الدول المتصدرة هي على الأقل 1½ إلى 4 مرات أكثر تكلفة من دبي. في واقع الأمر فإن معظم الأشياء مقيمة بأقل من قيمتها بكثير في دبي، لذا دبي لم تصل بعد إلى قمتها».
أما سوق الإمارات ككل، فيقول أناند: «سوق العقارات في الإمارات العربية المتحدة هو سوق قوي جدا ومن المحتم أن يزدهر».
ويختم: «هذه السوق ليست مجرد سوق سكني. فعندما يأتي الناس ويقيمون ويستريحون، فهم بحاجة إلى المكاتب والمنازل والمدارس والمرافق ومحلات السوبر ماركت والفنادق والمجمعات التجارية. بما أن الناس يستمتعون أكثر وأكثر بهذه المرافق فسوف يبدؤون بالاستثمار وبناء الأعمال التجارية هنا، والتي سوف تتطلب المكاتب والمصانع والمنازل والمنشآت الصناعية. وفي وقت لاحق سوف تجلب الناس للحصول على الدعم، والتي بدورها سوف تحتاج إلى نفس هذه المرافق على مختلف المستويات؛ لذلك سوف ترى كيف ستتوسع هذه الحلقة أكبر وأكبر ببساطة؛ الأمر الذي يستغرق دورة فعالة من النمو والتنمية».