الرياض 2 اكتوبر 2025
السعودية مليئة بالفرص في مجال الذكاء الاصطناعي وقطاع التكنولوجيا بخدماته المتنوعة وتعمل شركة هيوماين المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي التي تمتلك قدرات مالية هائلة لدعم هذا القطاع. على تطوير تطبيقات وبرامج ومبادرات عديدة لتعميم التحول الرقمي ويعتبر نموذج “علام” الذي جري العمل على تطويره لخدمة عدة قطاعات، منها الرعاية الصحية والخدمية، بعد أن تم تدريبه على بيانات متوافقة مع اللغة العربية، من المعروف أن”علام” متاح بالكامل ومجاني دون أي تكلفة.
من جهة أخرى
مع التّطور الكبير في الذكاء الاصطناعي وتعدد مجالاته، وإطلاق السعوديّة لنموذج “علام”، ما تزال هناك عدة أسئلة لم يتم الإجابة عنها، وأبرزها
- أهمية توفر بيانات محلية وموثوقة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي باللغة العربية
- سُبل الحفاظ على سيادة البيانات في ظل الاعتماد المتزايد على الحلول التقنية العالمية
- كيفية بناء بنية تحتية للبيانات تدعم النمو التقني وتراعي الخصوصية والسياق الثقافي
أوضح ديفيد باربر، مدير مركز الذكاء الاصطناعي في جامعة كلية لندن (UCL) وعالِم متميز في شركة UiPathأنّ إطلاق السعودية لنموذجAllam يشكّل محطة بارزة في مسار تطوير الذكاء الاصطناعي العربي وترسيخ السيادة الرقمية إقليمياً: “القضية تتجاوز إنشاء نموذج لغوي إضافي؛ إنها معالجة منهجية لثغرات لغوية وثقافية أبقت المستخدم العربي على هامش أنظمة الذكاء الاصطناعي العالمية.
كما أن تعقيد العربية كان عقبة أمام الذكاء الاصطناعي. حيث يوجد أكثر من 100 لفظاً لكلمة «أسد»، ودلالات سياقية لا تُترجم بسهولة، وتبديل مستمر بين العربية الفصحى واللهجات. لذلك، لا تُجدي «ترقيعات» النماذج المتمحورة حول الإنجليزية. كما لا تُلتقط النية والعاطفة والعمق الثقافي عبر الترجمة وحدها؛ المطلوب أنظمة تُصمَّم للتفكير بالعربية من الجذور.”
وأضافت سيما العـديلي، المديرة الإقليمية في دينودو قائلة: “تقع سيادة البيانات في قلب هذا التحدي. فالمؤسسات الإقليمية بحاجة إلى بناء بنية تحتية قادرة على التوسع، مع الالتزام بالتشريعات الوطنية من دون تفكيك أنظمتها البيانية. ومن خلال تقنيات مثل افتراضية البيانات، يمكن توحيد الوصول والحَوْكمة عبر البيئات السحابية والبيانات المخزنة محليًا، ما يتيح تحليلات فورية من دون نقل المعلومات الحساسة. هذا يقلل من مخاطر عدم الامتثال، ويمنح المؤسسات تحكماً أكبر في كيفية استخدام البيانات وتوظيفها لدعم نماذج الذكاء الاصطناعي العربي بشكل آمن وفعّال.”
ومن جهته عبّر بدر رياض بهيان، المدير في المملكة العربية السعودية لدى فاست داتا قائلاً: “إن خطر الاعتماد المفرط على الأنظمة الخارجية واضح. فحين نعتمد كلياً على منصات خارجية، نَستورد معها سياساتها وأولوياتها، غالباً على حساب المتطلبات الإقليمية. الطريق العملي يتمثل في الاستثمار ببناء منظومات ذكاء اصطناعي محلية: تدريب نماذج مكيّفة إقليمياً، وإطلاق مبادرات للبيانات المفتوحة، وترسيخ تعاون فعّال بين الحكومات والجامعات والقطاع الخاص. بهذه المقاربة نُعزّز القدرة على الصمود ونرسّخ استقلالاً طويل الأمد.
الخلاصة أن الحوكمة مطالبة بالانتقال من مستوى النوايا إلى حيّز التطبيق. فالأطر الدولية—ومنها قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي ونماذج إدارة المخاطر لدى— NIST توفر قاعدة متينة، لكنها تتطلب مواءمة محلية تُراعي الخصوصية الثقافية والاجتماعية والأولويات الاستراتيجية العربية. وعندما تُطبّق على نحو سليم، لا تُقيد الحوكمة الابتكار؛ بل تعزّز الثقة، وترسّخ المساءلة، وتؤمّن الاتساق مع الرؤى الوطنية مثل رؤية السعودية2030 . بهذه المقاربة، يستطيع العالم العربي بلورة صوت قوي وموحّد في النقاش العالمي حول الذكاء الاصطناعي.”




