خاص – حنان سليمان
“مرحبا. ليس لدينا فرص عمل. هيا نخلقها سويا”، هكذا يتم الترحيب باللاجئين في أحد مراكز الاستقبال في فنلندا التي وصل إليها عشرات الآلاف من اللاجئين من الشرق الأوسط يصل فيها معدل البطالة إلى 22%. في خلال الأعوام القليلة الماضية، ظهرت العديد من المبادرات الربحية وغير الربحية لمساعدة اللاجئين على التكيف مع حياتهم الجديدة حتى بات اللاجئون محور مسابقات وفعاليات متعلقة بمجال ريادة الأعمال لنرى مسابقة MIT للشركات الناشئة وقد خصصت جائزة خاصة في دورة هذا العام لمشروع يخدم اللاجئين وTechfugees التي خلقت مجتمعا دوليا يحاول خلق حلول تكنولوجية لمساعدة اللاجئين في مجالات البنية التحتية والتعليم والهوية والصحة والدمج من خلال المؤتمرات واللقاءات المختلفة.
وفي فنلندا، تأسس العام الماضي برنامج باسم Startup Refugees على يد صحفيين ورواد أعمال يرون في اللاجئين رأس مال بشري وفرص ربحية تعود بالنفع على الاقتصاد المحلي لينضم إليهم 250 داعم بين منظمات وأفراد. ويوفر هذا البرنامج للاجئين منحا مالية لتشغيلهم ودمجهم في المجتمع حيث يتم اختيار أفضل الأفكار للأعمال التجارية في مراكز الاستقبال المعدة لهم والتي حازت بدورها على دعم أولي لتطوير خدمة المبيت والغذاء في هذه المراكز. بالإضافة للمنح، يملك البرنامج أيضا حاضنة أعمال لمتابعة تطور الفكرة إلى شركة ربحية خارج حدود مراكز الاستقبال.
دعم معلوماتي ووظائف
هناك أيضا Zharity وهي مؤسسة اجتماعية تساعد المهاجرين الوافدين حديثا وطالبي اللجوء على الاندماج والمساهمة في المجتمع الفنلندي عن طريق وصلهم بفرص العمل المتوفرة ومساعدتهم في إعداد سيرهم الذاتية وكذلك مساعدة الشركات وأصحاب الأعمال بترشيح المؤهلات المناسبة لوظائفهم. تستهدف المؤسسة الوصول لألف لاجئ العام الحالي ثم مساعدة عشرات الآلاف من الباحثين عن عمل للحصول على فرص في بعض الدول الأوروبية المختارة ليتسع نطاق العمل لاحقا إلى دول الجوار غير الأوروبية. لاجئون يعملون أو Refugees Work هي شركة مماثلة تصل أصحاب الشركات بالاجئين الباحثين عن العمل في النمسا.
وفي ألمانيا، أسست بولا شوارز شبكة Startup Boat كبنك معلومات للاجئين لمساعدتهم للتكيف مع حياتهم الجديدة. أطلقت الشبكة موقع “أول اتصال” First-contact كموقع أوروبي يتيح معلومات حيوية أساسية للاجئين لمعرفة كيفية إصدار بطاقات الإقامة وأماكن الحصول على الغذاء والتسكين والمساعدات الطبية وخريطة المواصلات، كما يمكن للاجئين التواصل فيما بينهم عبر الموقع للدعم. أطلقت الشبكة أيضا مساحة عمل مشتركة باسم Migration Hub في برلين وأثينا يمكن للاجئين أصحاب الأفكار والمشروعات العمل منها بلا مقابل.
لكن الأشهر على الإطلاق والأكثر نجاحا وخبرة في إدارة منظومة احتياجات اللاجئين هي شركة “Hero” النرويجية التي تعمل في تسكين وإطعام اللاجئين بتكلفة تتراوح بين 31-75 دولار للشخص في الليلة الواحدة في النرويج وتتشارك الحكومتان النرويجية والسويدية في الدفع. حققت الشركة النرويجية ما يقرب من مليوني دولار أرباحا في 2015 في بلد باتت فيه الشركات هي الخادم لنحو 90% من اللاجئين، لكن شركة سويسرية هي ORS تظل هي الأولى في مجال خدمات اللاجئين في سويسرا والنمسا وألمانيا إذ حققت 99 مليون دولار أرباحا في 2014.
الحسابات المالية
ولا يعد الحصول على تصريح العمل في أوروبا أمرا سهلا وإن تمكن اللاجئ من الحصول عليه والعثور حتى على وظيفة فإنه يواجه مشكلة أخرى تتمثل في كيفية استلام الراتب وذلك لأن البنوك لا تسمح بفتح حسابات للاجئين، فيما يندر أصحاب الأعمال الذين يمكنهم دفع الرواتب نقدا هذا إن وجدوا. من رحم هذه المشكلة، تحركت شركة “موني” Moni المؤسسة في هلسنكي، وهي إحدى الشركات التي توظف التكنولوجيا في المدفوعات المالية، فتوصلت لشراكة مع وزارة الهجرة الفنلندية لإمداد اللاجئين العاملين ببطاقات ماستر كارد المدفوعة مقدما وحسابات مدفوعات مصممة خصيصا على الهواتف المجمولة لكي يتمكن اللاجئون من استقبال مرتباتهم وأي مساعدات حكومية على حساباتهم الهاتفية. واليوم، أكثر من 10% من هؤلاء اللاجئين مسجلين بالخدمة.
صحة وغذاء وسكن
في كندا، استحدثت منصة iamsick الصحية الرقمية خدمة جديدة للمهاجرين وإرشادهم لخدمات الرعاية الصحية من صيدليات وعيادات وأماكنها ومواعيد عملها، كما خصصت رقما هاتفيا للاستفسارات باللغة العربية إلى جانب الإنجليزية والفرنسية لمدة ساعتين أسبوعيا لمن لا تتوفر لديه خدمة الانترنت.
ولما كان للمطبخ السوري مذاقه الخاص، ظهرت في 2013 Eat Offbeat في نيويورك لبيع مأكولات يطبخها طهاة لاجئون من سوريا والعراق ونيبال وإريتريا بالتعاون مع لجنة الإنقاذ الدولية. وحصلت الشركة على استثمار بقيمة 25 ألف دولار من صندوق تامر للشركات الاجتماعية.
أما في هولندا، فظهرت فيها منصة Refugee Hero لمساعدة اللاجئين في العثور على سكن وهي تشبه منصة airbnb. تقوم المنصة التي لا تهدف للربح بالإعلان عن غرف متاحة للسكن المؤقت سواء كانت في مبانٍ سكنية أو منظمات على استعداد لاستقبال لاجئين في مقراتها مثل مدارس وجامعات ومساجد وكنائس. وأنفقت الحكومة الهولندية 459 مليون يورو في 2014 لتسكين اللاجئين.
اللاجئ معلما
ومن الولايات المتحدة، فكرت اللبنانية ألين سارة في طريقة لتحسين لغتها العربية فأوجدت منصة “نتكلم” لتعليم اللغة العربية على يد لاجئين سوريين في لبنان بشكل أساسي والذين يتجاوز عددهم المليون لاجئ بالإضافة للاجئين في مصر وتركيا وألمانيا وفرنسا والبرازيل. يسجل الطلاب الراغبين في تعلم اللغة العربية على المنصة ثم يتم تشبيكهم بالمدرسين السوريين الذين لا يشترط أن يكون لديهم أي شهادات تعليمية أو خبرات بعينها لتبدأ المحادثات على برنامج “سكايب”. يصل سعر الدرس على المنصة إلى 15 دولار في الساعة وهو سعر منافس مقارنة بـ50 دولار وأكثر في مواقع أخرى. سرعان ما اشتهرت المنصة التي تقول مؤسستها أنها تخدم اللاجئين بمنحهم فرصة عمل دائمة دون إبقائهم رهائن للدعم والمساعدات التي ربما تتوقف في وقت ما.