المتحدث: بروفيسور تادج أودونوفان، نائب الرئيس – القيادة الأكاديمية في جامعة هيريوت وات دبي
في العقود الأخيرة، حدث تحول جذرى في بيئة الأعمال العالمية، حيث برزت الاستدامة كمحفز أساسي لدفع الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي والتوسع. يمثل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) الذى تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة فرصة مهمة للشركات الجديدة والشركات الناشئة لإظهار خبراتها في مجال الاستدامة. بينما تسعى المؤسسات إلى إزالة الكربون من عملياتها، وزيادة مبادرات الاستدامة الخاصة بها، أصبح هناك اهمية قصوى لريادة الأعمال المستدامة، والمعروفة أيضًا باسم ريادة الأعمال البيئية.
تعتبر ريادة الأعمال المستدامة قوة مؤثرة تعيد تشكيل نماذج الأعمال التقليدية. إنها تمثل مبادئ المسؤولية البيئية والاجتماعية، وتسد الفجوة بين الرأسمالية التي يحركها الربح والحاجة الملحة لمعالجة القضايا العالمية مثل تغير المناخ، وندرة الموارد، وعدم المساواة الاجتماعية. وتتجسد هذه الحركة أيضًا في الزيادة الملحوظة للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة حيث أصبحت فى طليعة معالجة التحديات البيئية الملحة مع تقديم حلول مجدية اقتصاديًا.
في هذا المقال، سوف نسلط الضوء على مفهوم ريادة الأعمال المستدامة، والقوى الدافعة وراء الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة، وتأثيرها المتزايد على النظام البيئي للأعمال التجارية العالمية.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها خبرة عن ريادة الأعمال المستدامة. على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح رواد الأعمال الشباب يشعرون بالقلق بشكل متزايد بشأن التأثير البيئي لأعمالهم. وبقدر ما يعتبر المكسب المالي معيارا رئيسيا للنجاح، فإنه ليس الوحيد. على سبيل المثال، Waterclub UAE في دبي هي شركة ناشئة ملتزمة بالحفاظ على الكوكب وتقديم طريقة أسهل لشرب الماء. وتستخدم شركة ناشئة أخرى ، وهي FortyGuard ومقرها أبو ظبي ، الذكاء الاصطناعي لمراقبة أجزاء من المدن التي أصبحت شديدة الحرارة وتعرض الناس للخطر.
تعطي ريادة الأعمال المستدامة الأولوية للأهداف الاجتماعية أو بيئية إلى جانب الأهداف المالية. حيث تهدف الاعمال إلى التأثير بشكل إيجابي على المجتمع. يحدد رواد الأعمال هؤلاء التحديات العالمية الملحة ويطورون حلولًا مبتكرة ومستدامة. ويعزز هذا النهج الابتكار المستمر والقدرة على التكيف. علاوة على ذلك، فإن رواد الأعمال الشباب الناشئين الذين يركزون على إحداث فرق ملموس من خلال أعمالهم يبحثون عن التوجيه بشكل متزايد ومستمر. وبالتالى تتحمل الجامعات مسؤولية حيوية لإعداد الطلاب للمشهد العالمي المتطور باستمرار، وضمان استعدادهم للمستقبل.
يقدم مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) للمجتمعات المحلية والعالمية والحكومات والشركات والتربويين فرصة مثالية للمساهمة بشكل عملي في مثل هذه المبادرات. فهو ليس مجرد منتدى لمناقشة تحديات تغير المناخ؛ إنه تجمع لصانعي القرار العالميين المؤثرين. يجتمع قادة الدول والمنظمات معًا لصياغة الاستراتيجيات، وتقديم الالتزامات، وقيادة المبادرات العالمية. ويمثل هذا فرصة فريدة لرواد الأعمال المستدامين للتواصل مع صناع القرار رفيعي المستوى بشكل مباشر. يستطيع رواد الأعمال المساهمة في تشكيل مشهد الأعمال بشكل أكثر استدامة من خلال الدعوة إلى السياسات واللوائح الداعمة التي تتبنى الممارسات المسؤولة بيئيا. يمكن أن تؤدي إمكانات الشراكات والتعاون مع الحكومات والمنظمات العالمية إلى تغيير القواعد ، حيث تقدم الدعم والموارد والفرص لتوسيع نطاق المبادرات المستدامة.
ومع تأكيد حضور معظم قادة العالم والشركات إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لحضور هذا الحدث العالمي، فإن توفير منصات للشركات الناشئة في مراحلها المبكرة لعرض أعمالهم لهؤلاء القادة سيعزز ظهورهم، وربما يساعدهم في الحصول على التمويل. لقد أخذت جامعة هيريوت وات دبي على عاتقها دعم الشركات الناشئة فى مجالات الاستدامة وستخصص طابقين من حرمها الجامعي في مجمع دبي للمعرفة كمركز للمناخ. وسيكون هذا المركز بمثابة مكان تجمع للزوار من جميع أنحاء العالم، حيث من المتوقع أن يجتمع أكثر من 70 ألف فرد في دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار أسبوعين. وعلى وجه الخصوص، ستعرض الجامعة الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة من خلال تزويدها بمساحة عرض في الحرم الجامعي. تهدف إلى الحد من الأثر البيئي مع توفير بدائل مستدامة للحلول القائمة. لقد كان نمو التكنولوجيا النظيفة هائلاً، فوفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية، سيتجاوز حجم السوق العالمية للتكنولوجيا النظيفة قيمة سوق النفط بحلول عام 2030، حيث يرتفع من 122 مليار دولار أمريكي إلى 870 مليار دولار أمريكي.
تعمل ريادة الأعمال المستدامة على تحويل مشهد الأعمال العالمي حيث يدرك رواد الأعمال بشكل متزايد أهمية معالجة التحديات الاجتماعية والبيئية إلى جانب الأهداف المالية. وتعد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة أمثلة رئيسية على هذه الظاهرة، حيث تعمل على تطوير حلول مبتكرة لمكافحة تغير المناخ، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة، والحد من التأثير البيئي. ومع دعم السياسات الداعمة وزيادة الطلب العام على الحلول المستدامة، تستعد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة للعب دور محوري في تشكيل مستقبل أكثر استدامة ومسؤولية بيئيا. ومع نمو قطاع التكنولوجيا النظيفة، فإن تأثيره على المشهد الأوسع لريادة الأعمال سيصبح أكثر وضوحا، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الدور الأساسي لريادة الأعمال المستدامة في عالم الأعمال الحديث.