دبي – حسن عبد الرحمن
منذ أيامها الأولى كانت نسرين كيالي تميل إلى الإبداع والتميز، تتمتع بشخصية قوية وذكية وتذهب إلى هدفها مباشرة، لاتخاف الصعوبات وتصرعلى تحقيق ماتريد، وعندما تفشل تجرب مرة أخرى، مواصفات واضحة لروّاد الأعمال ولكنها إلى اليوم وعلى الرغم من تأسيسها لشركتها الخاصة “شركة نسرين كيالي” وهي مهمة في عالم الاستشارات المعمارية ونفذت عشرات المشاريع في الإردن الإمارات والسعودية وبعض دول مجلس التعاون، إلا أنها ما تزال تتساءل :” هل أنا رائدة أعمال حقاً؟ وهذا دليل آخر على شخصيتها الريادية التي تتطلع دائماً إلى نجاح جديد ولايقنعها ماوصلت إليه على أهميته
. .
كانت ترغب في دخول هندسة العمارة، فهي تحب هذا التخصص، تروي نسرين كيالي كيف أنها كانت حتى قبل بدايات دراستها الجامعية تحب هندسة العمارة تقول:” والدي كان يعمل في مجال المقاولات وعندما كان يصطحب معه بعض تصميمات المشاريع كنت أشعر بالشغف والفضول والحماس لمعاينتها والتمعن فيها“. “.
برزت ميول نسرين كيالي لفن العمارة منذ تلك الأيام، إلا أنها كانت تخاف من عدم امتلاكها للأدوات وفنون الرسم،على الرغم من إحساسها العميق بأن الخيال هو الشرط الأهم كي تكون مهندساً معمارياً.
وهذا ماحدث بعد تجربة دخول الجامعه، حيث فضلت أن تدخل فرع الهندسة المدنية للأسباب التي ذكرناها، وعلى مبدأ لايصح إلا الصحيح التحقت بهندسة العمارة بعد ذلك وثبتت صحة رؤيتها بأن الهنسة المعمارية هي لمن يملك خيالاً واسعاً معززاً بالمنطق. وليس لمن يتقن فنون رسم المشاريع الهندسية.
تقول نسرين كيالي أنها لم تكن الأولى على الصفوف ولم تكن متفوقة بمعايير العلامات وتنفيذ المشاريع على أصولها، ولكنها كانت الأكفأ إذا ماذهبنا إلى التنظيم وادارة الوقت وجودة التنفيذ والصبر والتجريب،
انا كنت أرغب في دخول هندسة العمارة، أحب هذا التخصص، أبي كان يعمل في مجال البناء والمقاولات وعندما كان يأتي بمجسمات للمشاريع التي يعمل عليها كنت أشعر بالحماس لمشاهدتها والتمعن في تفاصيلها.
دخلت في أول دراستها الجامعية في كلية الهندسة العامة، ولكنه غيرت بعد السنين الأول إلى هندسة العمارة، تقول:” حوّلت من الهندسة العامة الى المعمارية وتفوفت فيها وأبدعت في مواد الهندسة المعمارية
الجامعة الاردنية كانت البداية
في الجامعة الأردن تبلورت مواهبها واكتسبت الخبرة العلمية والمنهج الأفضل للهندسة، وتدين بالفضل للعديد من الاساتذه المهمين في الاختصاص الذين كان لهم الفضل الأول بالمفاهيم الهندسية الصحيحة التي تعلمتها .
هناك أساتذة كان لهم فضل كبير علي، وتاثرت بشكل كبير ببعض من درسوني لانهم لم يكونوأكاديمين فقط بل كان لديهم مكاتب هندسية ولديهم الخبرة والمعرفة
تقول نسرين:” فعليا ساعدوني ان أكون عملية من اول يوم احسست اني في المكان الصحيح تقول ”
تجربة البرازيل
التحقت نسرين ببرنامج تدريبي في البرازيل بمحض الصدفة أيام دراستها الجامعية، وكان على شكل منحة تدريبية مع احدى الجامعات البرازيلية بالاتفاق مع الجامعة الاردنية
تقول:” كنت وقتها في السنة الرابعة، للجامعة :”
أمي كانت خائفة فالذهاب إلى البرازيل مخاطرة
ولكن والدي حسم الأمر وشجعني على السفر كان يدعمنا ويطلقنا للتجربة
كان جوابه “ولما لا.. انطلقي
رحلتي إلى البرازيل وسعت رؤيتي وفتحت عيوني
على عالم جديد وليس أي عالم، ساو باولو مركز أمريكا اللاتينية، كانت نقلة كبيرة بالنسبة لطالبة تدرس بالجامعة الأردنية بأجواء محدودة، من عمان إلى إلبرازيل نقلة تفتح العين على عالم مختلف ومتنوع وغني بكل الممقاييس.
.كيف يفكرون كيف يعيشون أسلوب الحياة كيف يقضون نهارهم كيف يتعاملون مع جو العمل؟ تلك الأيام التي لم تكن طويلة ربما ولكنها وسعت تجربتي ومنها تأسست رؤيتي، ” تجربة علمتني الكثير”“.
كانت ربما أحد الأسباب أنني في يوم من الأيام فكرت بأنني لن أقض حياتي كلها في الأردن.
لماذا أضع نفسي في قفص، تقول نسرين :” الحياة تجربة وكلما تنوعت الحياة ، كلما كانت أثرى وأغنى وأعمق، .
ساوباولو علمتني .
تقول:” من البرازيل استوحيت بعد عودتي إلى الأردن تنفيذ أحد مشاريعي العملية في الجامعة، هي فكرة أن أضع ضمن تصميم لمشروع خاص لمطار ومرافقه الداخلية مع مركز تجاري، وضعت ضمن التصميم أشجار ونباتات خضراء داخل المطار ولكن عند تقديم المشروع فوجئت باعترض أحد الاساتذة المشرفين وصدمتني ملاحظته وغضبه من فكرة وجود أشجار داخل المركز التجاري ومناطق الخدمات، وعلق وقتها أنت تسجنين الأشجار!!!
التفكير خارج البوكس
و لم تقف كثيراً عند هذا التعليق من أحد الأساتذه، تقول:” لكنني كنت على قناعة بأن فكرتي هي الأصح، بعض الناس يتعودون على نمط محدد ويفكرون من داخل الصندوق، أما أنا فقد كنت أميل إلى التفكير المعاكس، طبيعتي كانت تميل إلى التفكير خارج البوكس، ومأزال إلى اليوم وهذا أحد أهم أسباب نجاحي.
تضيف :” هذه الملاحظة القاسية أعطتني شعوراً بالتحدي
لم تحبطني الملاحظات ولم تقنعني، فأنا أعتقد أن الطبيعة تعطينا طاقة إيجابية وإحساس بالانطلاق، وجود أشجار داخل أي مشروع بشكل مناسب يعطيه مزيد من الطاقة الإيجابية والراحة لساكنيه، عندما استخدمت الأشجار في مشروع حرم المطارساهم ذلك بإطلاق طاقة أيجابية في المكان وإحساس مختلف وهذا مافعلته
هندسة العمارة مرة أخرى
موهبة
“كما قلت لك ودعني أقول لك سراً، أنا اخترت هندسة عامة في البداية لأنني” لم اكن أملك موهبة الرسم، وكنت أخاف دخول العمارة لهذا السبب، ولكنني كنت أعلم أن الخيال عندي واسع وكان يلزمني معرفة وامتلاك الأدوات لتنفيذ ما أفكر فيه .”.
ليس شرط المهندس المعماري أن يكون فناناً
الخيال اولاً
الهندسة المعمارية هي فن موازنة النسب
حول هذه الفكرة تقول نسرين كيالي:”
المهم ان تكون مبدعاً، الخيال هو الأهم، صار لدي خبرة المزج بين الخيال والواقع، والسر هنا أن نملك القدرة على خلق التوازن بين النسب، الفن هو البراعة في تناسب الأشياء وتوازنها وهو منطق في نفس الوقت، الجمال هو نسبي ونسبيته تعطيه معناه وجوهره، علينا أن نتعلم كيف نوازن بين النسب بين الكتل المعمارية وكسرالقواعد الكلاسيكية بأنسنة المادة وجعلها أقرب إلى حياتنا اليومية، وهنا أحب تأكيد قناعتي حول الجمال بأنه فن النسب بين الأشياء بين الكتل، الجمال هو التناسب بين التفاصيل المكونة لأي أبداع، وعندما يتحقق سرعان مانشعر كيف يكون الشكل أجمل وكيف يكون التوازن والانسجام بين مختلف الكتل المعمارية طريقاً لإبداع مشروع ناجح، حتى الجمال الإنساني هو الهارموني التي تخلق علاقة بين مختلف مكونات الجسد هذا ليس علماً تعلمته هذه قناعات وموهبة أحسها في أعماقي فهي تلهمني أن أكون أفضل وأكون أكثر إبداعاً في تصميم مشاريعي وفي هندسة حياتي الشخصية.
ومن خبرتي فيما بعد بعد أصبحت
أعرف سريعا كيف تكون النسب ملائمة ومنسجمة مع بعضها، اللعب بالمادة وتطويعها وتجميلها بمنمنمات منسجمة مع الشكل العام والصورة العامة، المنمنمات فن عريق منذ إنسان الكهف، الكهوف تعلمنا أن الفن ليس وليد هذه اللحظة أنه حس متعمق ومتأصل فينا يلهمنا التنوع
انا لا أحب كليشة “التريند“، لاأحب التقليد كالقطيع ولا ألحق به، “اليوم تريندي غداً لن يكون تريندي”
خاصة في مجال العمارة، فالعمارة لاتبقى يوم أو يومين، المكان الذي أبنية مستمر ودائم، بعد سنتين أو أكثر إذا عملت تصميم“تريندي” ستختفي أهميته بعد حين.
ودائماً الأبسط هو الأجمل والأفضل لأنه يبقى دائما، التريندي ليس خالداً
وكلما اتجهت التصميمات الهندسية نحو البساطة وروح المكان وخصوصيته كلما كانت أكثر جمالاً وبقاءً، كل الفلل التي صممتها من عشرين سنة
الى اليوم تبدو اليوم وكأنها جديدة.
أنفذ المشاريع التي تعطيني الراحة، ليذهب بزنس التريند حيثما يريد،ولكن الجمال في مكان آخر.
العمارة في دبي وتجربة دبي
دبي مدينة عالمية
ولكن كيف تبدو تجربة دبي بالنسبة لنسرين كيالي، دبي التي تضج بعالم العمارة والشركات من مختلف المدارس والاتجاهات، جنسيات وثقافات متنوعة؟ كيف تُقيّمين تجربة دبي معمارياً؟
تجيب:” دبي مدينة عظيمة ودبي معماريًا تعكس واقعها كمدينة عالمية
مثلاً في الأردن هناك أردنيون وفي عمان عمانيون وفي مصر كذلك الأمر هذا بشكل عام، ولكن في دبي هناك مجموعات عالمية تقيم وتعمل وتعيش، لذلك العمارة في دبي تعكس روح المكان ونمط حياة الناس الذين يعيشون فيها.
تجربة دبي هي تجربة الكلاسيك والحداثة والمعاصرة مع ابتكار وتقاليد تعكس نمط عالمي للحياة وهذا يحفز على الابتكار والإبداع، دبي تتجه لتكون رقم واحد في كل شيء، وهذا شيء يسعدنا، نحن محظوظون أننا نعيش في مكان هو رقم واحد في كل شيء.
أسلوب القطاع الخاص
ويمكننا إضافة أن لقطاع الخاص في كل مكان يسبق القطاع الحكومي إلا في الإمارات القطاع العام ينافس الخاص ويسبقه في روح الريادة والابتكار.وهذا أحد أهم أسباب تفوق دبي
تجربة العمارة في الأردن وتجربة العمارة في الإمارات
تلاحظ نسرين كيالي أن بيئة العمل في الأردن في مجال العمارة والبناء تختلف جذرياً، في الأردن الدولة لاتعطي أراضي للمواطنين، المواطنون يشترون أراضي ويبنون عليها، في الامارات الدولة تعطي أراضي للمواطنين ويبدأون بالبناء عليها وهذا يؤثر على جو العمل ونوع المشاريع المنفذة،،
بالنسبة لي في الأردن كانت مشاريعي متنوعة بين السكني وبين المشروعات العامة، مثل مشروع حرم مطار العقبة والملك حسين ،
وكان حجم المرافق التي نفذتها في داخل حرم المطار أكبر من بناء المطار نفسه، وكان عندي تنوع في مشاريعي هناك، كما أنني نفذت مشاريع مشتركة بين الفلل والفنادق في السعودية وعندما انتقلت من عمان إلى دبي بدأت من الصفر رغم كل خبرتي في عمّان، ورغم كل صعوبات انتقالي إلى دبي وتحدياته وخوفي من التجربة الجديدة إلا أنني اقول وأومن “أنك إذا أردت شيئاً، وآمنت به فأن الدنيا كلها تتآمر معك على تحقيقه.
الرؤية الواضحة
خاصة وأن الرؤية واضحة عندي، وأعرف ماذا أريد وعندما كنت أفكر بشيء وأنوي عليه كنت انجح دائماً،
عندما فكرت بالانتقال إلى دبي، “وكبرت الفكرة براسي“، بالنسبة لي كان قراراً واضحاً، كنت أريد العمل في بيئة عربية مُطعمة بالأسلوب الغربي وهذا أمر يستهويني، هذا هو المكان الذي أحبه، عندما وصلت إلى دبي بدأت العمل في وظيفة ضمن اختصاصي، وكانت وظيفة مهمة ومميزة، ولكنني رفضتها وقررت أنني سأبني شركتي الخاصة
وبناء مشروعي الخاص.
مع العلم أن طلاق مكتب هندسة بدبي مكلف وصعب في جو تنافسيته شديدة ولكن
الظروف ساعدتني
جئت دبي ومشروعي الأول في جيبي كما يقولون، ولكنني نفذته تحت اسم مكتب هندسي تاني
بعد سنة من تواجدي وانجازي لبعض المشاريع، صارت الناس تسأل من صمم هذا المشروع والسمعة الجيدة انتقلت بي من مشروع إلى مشروع ومنذ ذلك الوقت بدأت الحرب وبدأت المخاطرة.
القرار كان مخاطرة مكلفة وصعبة كان يجب أن أستاجر مكتب وأن يكون عندي كادر خبير وموظفين، وضعت كل ما أملك لتأسيس مكتب استشاري، وفي السنة الأولى والثانية كان الوضع صعباً، وأذكر أنني في سنة 2017 فكرت بالتخلي عن فكرة بقائي بدبي، كان تطور العمل بطيئاً والمصاريف كتيرة، انتقلت إلى دبي في 2014 في منتصف سنة 2016 أسست مكتبي ولكن سنة 2017 مرت سنة صعبة وقاسية، كانت أصعب سنة بحياتي فكم المشاريع لايغطي التكاليف ولم أكن معروفة بعد.
ولكن كما قلت من قبل رغم ذلك، ظلت الرؤية البعيدة المدى ترسم ملامح طريقي، وفي 20118 بدأ النجاح وصار لدي مشاريع كثيرة وتصميمها مختلف .
وقتها ولشدة إيماني وإصراري على النجاح،
اشتريت كراسة وكتبت فيها في سنة 2018 سيكون لدي 24 مشروع وفعلا نفذت ووصلت إلى هذا الرقم
زادت المشاريع، وهكذا كان الإصرار بقوة على الاستمرار أثر كبير بوصولي إلى ماوصلت إليه اليوم، ولكنني أبحث عن النوعية والتميز والانتقال من مستوى إلى مستوى آخر، لذلك فقد أطلقت شركة شقيقة لشركتي لبدء مسار مواز والانتقال إلى مستوى جديد من المشاريع وتغيير أسلوب العمل والتوسع ومواكبة سوق دبي التي تتجه للمشاريع فائقة الفخامة، هذه السوق تلقى رواجاً كبيراً هنا، وهي مناسبة للانتقال إلى مرحلة جديدة .
صحيح أنني نجحت وعُرفت بمشاريعي الخاصة بالفلل هنا، ولكن جو دبي يساعد على كل أنواع المشاريع، نجحت وأبدعت في مشاريع الفلل لأن المكان ساعد على ذلك،
.أنا أحب التحدي، لأ أريد البقاء في زاوية محددة
رفعت تصنيف ترخيصي للانتقال من الفلل إلى العمارات ومستقبلاً إلى ناطحات السحاب. طموحي لايقف عند حد.
وكما تعرف السوشال ميديا ألغت فكرة الحدود، أنا أصمم اليوم مشاريع لكل دول الخليح، عندي مشاريع في قطر والسعودية
وأركز على توسيع نطاق العمل وأسست مكاتب خاصة بي في أبو ظبي والعين والشارقة
السعودية مهمة جدا لنا هي سوق كبيرومهم جدا
وعندي مشاريع في السعودية عملت تصميم مشاريع كثيرة بالسعودية
وستكون ضمن المرحلة الجديدة التي انوي تنفيذها فالسوق السعوية سوق .كبيرة متنوعة والمرحلة المقبلة هي انطلاقة جديدة لشركة نسرين كيالي للهندسة والاستشارات.