حسن عبد الرحمن entrepreneuralarabiya
قبل سنوات ليست قليلة أجريت أكثر من مقابلة صحفيه مع السيد حسين سجواني مؤسس شركة داماك قبل أن تكون الشركة كياناً معروفاً وكبيراً كما هي اليوم، في ذلك الوقت بدأ سجواني الأب تأسيس شركات متنوعة النشاط من الوساطة المالية إلى التجزئة إلى مجال الاطعمة والفرنشايز، وانتقل فيما بعد إلى السوق الأمريكية مع موجة انتعاش قطاع التكنولوجيا في بداية ثورتها، فأسس شركات في السوق الأمريكية وكانت المقابلة قصة الغلاف للمجلة التي كنت أديرها، وسريعاً اكتشف برؤيته كرائد أعمال قرب فقاعة التكنولوجيا، فتخارج من أعماله هناك عائدا إلى دبي ليؤسس بعدها واحدة من أهم الشركات العقارية التي نعرفها اليوم.
هانحن اليوم وكأن الزمن يعيد نفسه أعيد كتابة قصة النجاح المستمرة التي بدأت مع الأب المؤسس وهي تنتقل إلى جيل جديد يتمتع بصفات الريادة ومواكبة التغيرات الكبرى في عصر التحول الرقمي، المقابلة الصحفية هذه المرة مع على سجواني الإبن الذي يتولى اليوم مسؤلية الانتقال بأعمال الشركة في مرحلة أصبحت التكنولوجيا والتحول الرقمي سمة الحياة وهو بصفته العضو المنتدب للعمليات والتكنولوجيا في شركة داماك العقارية، يقود داماك في مرحلة جديدة مع الحفاظ على إرثها العريق من الكفاءة ومواكبة أعلى المعايير العالمية في عالم التطوير العقاري إلى تلبية احتياجات العملاء وطموحاتهم من خلال حلول التسويق الرقمية التي أوصلت هذه العلاقة إلى شراكة متواصلة للنجاح.
يمثل على سجواني الجيل الجديد من أبناء الشركات العائلية في الإمارات والمنطقة، هذا الجيل الذي أثبت كفاءة كبيرة في إدارة شركات قادها جيل الرواد الذين حققو انجازات باهرة في بناء شركات عائلية عملاقة اكتسبت سمعة ومصداقية على مدى عشرات السنين .
مجلة entrepreneur العربية التقت على سجواني العضو المنتدب لشركة داماك العقارية. وكان هذا الحوار:
كيف كان أداء السوق العقاري في دبي ودولة الإمارات عام 2022؟
كان عام 2022 عاماً استثنائياً للقطاع العقاري في دبي بقيمة وصلت إلى نصف ترليون درهم إماراتي للمرة الأولى في تاريخه، وبلغت نسبة النمو 44.7% من حيث الحجم و 76.5% من حيث القيمة مقارنة بعام 2021، حسب تقرير دائرة الأراضي والأملاك بدبي.
في هذا الصدد، نتوقع أن تواصل فئة العقارات الفاخرة والفائقة الفخامة المطلة على الواجهة البحرية أو المائية نموها الكبير نظراً للطلب الهائل عليها من قبل المستثمرين المحليين والدوليين. دبي عززت اليوم من مكانتها في سوق العقارات الفاخرة والفائقة الفخامة من خلال المشاريع المطلة على الواجهات البحرية، ولا تزال تستقطب الكثير من العملاء من خارج الدولة.
هذا النمو الاستثنائي للقطاع العقاري في الإمارة يعكس رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والأهداف الاستراتيجية الطموحة التي حدّدها سموه عندما أطلق مؤخراً “أجندة دبي الاقتصادية” للأعوام الـ10 المقبلة (D33)، وفي مقدمتها مضاعفة حجم اقتصاد دبي وجعلها ضمن أكبر ثلاث مدن اقتصادية في العالم.
يبرز هذا النمو الذي تحققه دبي في مختلف القطاعت وليس فقط القطاع العقاري، مدى ثقة المستثمر العالمي في اقتصاد دبي، لاسيما في ظل الأزمات التي يعيشها العالم اليوم.
انعكس ذلك بشكلٍ كبير على مبيعاتنا السنة الماضية، حيث تمكنا من تحقيق نمو بنحو 120%، لذا كان عام 2022 عاماً قياسياً وجيداً بالنسبة لداماك.
السيد علي سجواني، تقومون برسم استراتيجية وتنفيذ سياسة التحول الرقمي في داماك العقارية، بهدف تمكين وتسريع النمو المستقبلي واتخاذ القرار المبني على البيانات، كيف يسير الأمر وفقاً لذلك؟
قبل عدة سنوات، بدأت داماك عملية تحول رقمي شامل عبر إطلاق عدد من التطبيقات الذكية التي تسهل من حياة العميل من خلال تقديم خدمات متكاملة له، بدءاً من تسهيل المدفوعات وحجز المرافق الموجود في مجتمعاتنا السكنية، وصولاً إلى استلام الوحدة السكنية وغيرها.
بالإضافة إلى ذلك، عملنا أيضاً على تسريع الإجراءات ضمن أقسام الشركة والتقليل من الاعتماد على المعاملات الورقية، والتي قطعنا فيها شوطاً كبيراً، حيث باتت معظم المعاملات في الشركة تنجز من خلال المنصات الرقمية. هذا التحول أدى إلى مُضاعفة معدلات النمو السنوية لدينا، كما عزز من قدرتنا على خفض التكاليف التشغيلية وتوفير الوقت على العميل، الذي هو العنصر الأهم في أعمالنا.
كان لكم دور كبير في زيادة عدد العملاء المكتسبين عبر القنوات الرقمية مما أدى إلأى مضاعفة النمو السنوي، كيف ساهمت القنوات الرقمية في هذا النمو؟
بلا شك، ساهمت المنصات الرقمية لا سيّما خلال جائحة كوفيد 19، في تسريع عملية التحول الرقمي والاستفادة من التكنولوجيا في مختلف القطاعات والمجالات.
في داماك، بدأنا عملية البيع من خلال تطبيقات الاتصال المرئي مثل Zoom و Teams أو ما نطلق عليه “Pure Online Sales”في الربع الأول من عام 2020. في البداية كانت الأرقام متواضعة، وبعد عدة أشهر وصلت قيمة المبيعات من خلال الأونلاين إلى 28 مليون دولار أمريكي. وفي الربع الأول فقط من العام الماضي حققنا مبيعات بلغت نحو 100 مليون دولار من خلال البيع أونلاين. ونهدف إلى زيادة هذا الرقم خلال هذا العام.
ما هو حجم استثمارات داماك وماذا عن خططها التوسعية؟ هل سنشهد مشاريع جديدة لكم في المنطقة والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد؟
منذ تأسيس الشركة، سلمنا أكثر من 42,000 منزل ولديها حوالي 30,000 وحدة قيد الإنشاء، وفي العام الماضي وحده سلمنا حوالي 7000 وحدة سكنية.
أطلقنا عدد من المشاريع المتميزة عام 2022 أهمها كافالي كوتور، المخصص لفئة العقارات الفائقة الفخامة وغيرها من المشاريع الفاخرة. تركيزنا في داماك كله ينصب على المشاريع الفاخرة.
خارج الدولة، لدينا عدد من المشاريع الرائدة، ففي العام الماضي، اشترينا العام الفائت قطعة أرض في منطقة “سيرفسايد” الراقية في ميامي لبناء مشروع سكني فاخر، وهي أولى مشاريعنا العقارية في الولايات المتحدة. لدينا أيضاً توسع في المالديف، من خلال منتجع فاخر من فئة الخمس نجوم وسيكون بإدارة وتشغيل مندرين أورينتال. بالإضافة إلى ذلك، لدينا خطط للتوسع في كندا وعدد من أسواق أوروبا.
إن النمو الذي شهدناه عام 2022 ساعدنا على إطلاق هذه المشاريع، ولا بد لنا هنا من الإشادة بالجهود الحكومية من خلال مواصلة دعم الاستثمار وإطلاق حزمة من التسهيلات وتحديث القوانين ومنح المستثمرين إقامات طويلة الأمد، وهو ما أسهم في تعزيز المناخ العام للاستثمار في الدولة. الملفت للانتباه هو إنه زيادة الطلب على العقارات الفاخرة بشكلٍ كبير من قبل المستخدمين النهائيين، وهو ما لم يكن في السابق، والجيد في هذه الفئة من المشترين أنها تدفع نقداً، ولهذا السبب لم نشهد تأثير يذكر على أداء السوق مع رفع أسعار الفائدة عالمياً كما حصل في الكثير من الأسواق الأخرى، لأن نسبة المشترين الذين يشترون من خلال الائتمان تشكل نحو 25% فقط في سوق دبي.
خارج دبي، اشترينا قطعة أرض في ميامي وسنبني مجمع سكني فائق الفخامة، كما أطلقنا منتجع فاخر في المالديف وسيكون بإدارة ماندارين أورينتال.
في السعودية، لدينا مشاريع في جدة والرياض وندرس الفرص المتاحة في السوق، لإطلاق مشاريع جديدة.
ما هي توقعاتك لعام 2023 على مستوى كل من السوق العقاري وداماك وما هو مستقبل القطاع العقاري؟
نتوقع أن يحافظ السوق العقاري بدبي على زخمه لا سيّما في فئة العقارات الفاخرة والفائقة الفخامة المطلة على الواجهة البحرية والمائية. دبي أصبحت اليوم مدينة عالمية تستقطب الأثرياء وأصحاب الثروات من مختلف أنحاء العالم، وأصبحت مدينة المستقبل ووجهة رئيسة للمستثمرين والمؤسسات العالمية الكبرى.
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها أغلب اقتصادات العالم، إلا أن اقتصاد دبي نجح في تحقيق نمو نسبته 4.6% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، مقارنة بالفترة ذاتها من 2021.
هذا النمو برأيي سيستمر في السنوات القليلة القادمة ورح ينعكس إيجابياً على القطاع العقاري والقطاعات الأخرى.
مع تدفق المزيد من المستثمرين إلى دبي مع نقل جزء من أعمالهم إليها، نتوقع أن نشهد نمواً على فئة العقارات المتوسطة.
هناك كم كبير من الوحدات السكنية دخلت السوق في السنة الماضية وهناك أعداد كبيرة تدخل هذا العام، أنت قلت أن السوق ليست في مرحلة اشباع، في أي مرحلة نحن؟
لا أعتقد بأن السوق قد دخل مرحلة الإشباع، لأن دبي لا تزال مدينة صغيرة فيها نحو نصف مليون وحدة سكنية فقط، وهنا أقارنها بالمدن الكبيرة عالمياً مثل نيويورك ولندن وموسكو وطوكيو وشنغهاي. كما أشرت، مع استمرار تدفق المستثمرين من مختلف أنحاء العالم ومع إعادة الصين فتح أبوابها للسفر أمام مواطنيها، أرى بأن الطلب على القطاع العقاري في الإمارة سيظل قوياً، ربما نشهد نمواً أقل من مستويات عام 2022، ولكن الزخم موجود ونحن نستفيد من هذا النمو.
بعد أن أصبحتم شركة خاصة، كيف تقيم رضا العملاء اليوم بالمقارنة مع بعض المشاكل التي واجهها قطاع العقار قبل عشر سنوات كيف يجرى الأمر مع داماك لبناء ثقة أكبر مع العملاء؟
التحول من شركة مساهمة عامة إلى شركة خاصة يمنحنا ديناميكية أكثر في العمل ويساعدنا على اتخاذ القرارات بسرعة أكبر.
على سبيل المثال، العام الماضي أجرينا تقييماً لمجموعة من الفلل قبل تسليمها ووجدنا بعض المشاكل في التشطيبات والتي نسميها بالـ (snagging) وقررنا تأخير تسليم الفلل لفترة وجيزة حتى نتأكد من أنها مطابقة لأعلى معايير رضا العملاء، وهو الشيء الذي يصعب القيام به في الشركات المساهمة، لأن هنالك ضوابط محددة وإفصاحات للسوق والمستثمرين.
بالإضافة إلى ذلك، في السنوات الثلاثة الأخيرة وفي إطار عملية التحول الرقمي الشاملة، عززنا من تجربة العملاء من خلال التحول إلى “الرقمنة“، وركزنا على الاستجابة السريعة لمتطلبات العملاء دون تدخل القوى العاملة البشرية، واليوم، باتت أكثر من 50% من طلبات العملاء يتم الرد عليها بشكلٍ آلي، ومع نهاية هذا العام نخطط إلى أن تكون بنسبة 100%. كما أننا بصدد الاستفادة من تقنيات “التعلم الآلي” و“الذكاء الاصطناعي“، وبرنامج المحادثة “شات جي بي تي“، بما يعزز من تجربة العميل ويجعلها أكثر سهولةً.
من المعروف أن أهم المشاكل المطروحة أمام الشركات العائلية عموما هي عدم قدرتها على الاستمرار بعد الجيل الثالث، مارأيك وكيف ترى الجيل الجديد من الفاعلين في الشركات العائلية؟
أنا أختلف بعض الشيء حول هذه النقطة، لأن هناك الكثير من الشركات العائلية التي تأسست قبل نحو 50 أو 60 سنة ولا تزال مستمرة إلى الآن، بل توسعت أكثر في أنشطتها وأعمالها بفضل جهود الجيل الثاني والثالث.
العامل الأبرز في نمو الشركات العائلية هو تمكين الجيل الثاني والثالث، ومنحهم الثقة في إدارة الشركة واتخاذ القرارات الاستراتيجية، ويتم ذلك عبر دمجهم في بيئة العمل في سن مبكرة، وضرورة معرفتهم بكافة التفاصيل المرتبطة بأنشطة الشركة وأقسامها، ليكونوا قادرين على إدارة الشركة.
نجاح الشركات العائلية برأيي مرهون بأبناء العائلة ذاتها، لأنهم الأقدر على اتخاذ القرارات الصائبة التي تصب في مصلحة الشركات.
لو نظرنا إلى دبي والتطور الهائل الذي شهدته على مدى العقود الماضية، لوجدنا بأن تعاقب الأجيال ضمن الأسرة الحاكمة، أسهم بشكلٍ كبير في نهضتها وتطورها من مدينة صغيرة إلى واحدة من أبرز مراكز الأعمال ومناطق الجذب السياحي في العالم، بدءاً من مسيرة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه، وصولاً إلى الإنجازات الاستثنائية والنهضة العمرانية الفريدة التي شهدتها الإمارة منذ تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقاليد الحكم، واليوم، نرى الدور الكبير لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي العهد ورئيس المجلس التنفيذي؛ وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية. لذا فإن تعاقب الأجيال ضمن الأسرة الواحدة هو العنصر الأبرز في عنصر جوهري وعامل أساسي في تحقيق النمو والازدهار سواءً على مستوى الشركات أو حتى الحكومات والدول.
لديك اهتمام خاص بموضوع الشركات الناشئة، وإطلاق الشركات التي تعتمد على المعرفة، هل تعتقد أن البيئات القانونية والتشريعية هنا قادرة على مساعدة هذا النوع من الشركات المبنية على أفكار ابتكارية، ( على سبيل المثال في السوق الأمريكية هناك تشريعات تحمي صاحب الفكرة او الشركة وتعطيه الحق في مراحل البناء الأولى بطرح أسهم لامتناهية والمشاركة فيها مع ممولين مفترضين)؟
بلا أدنى شك، دبي باتت اليوم موطناً للكثير من الشركات الناشئة العالمية، نتيجة وجود بنية تحتية قوية وتشريعات مناسبة وتسهيلات تقدمها الحكومة للمستثمرين.
النجاح الكبير الذي حققه معرض إكسبو دبي، عزز من مكانة دبي عالمياً على مستوى بيئة الأعمال، والأهم من ذلك برأيي، وجود قائد ملهم مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، يخطط للمستقبل ويسابق الزمن من خلال إطلاق مشاريع مبتكرة. على سبيل المثال، تحويل موقع معرض إكسبو إلى مدينة إكسبو، لتكون مدينة صديقة للبيئة ومدينة المستقبل ووجهة مثالية للشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا، من خلال منحها الكثير من التسهيلات المالية واللوجستية، تؤكد أن دبي تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها العالمية في هذا الصدد.