خاص – دبي
لا يخفى على أحد أن 2022 كانت سنة مليئة بالتحديات والتحولات، ولعلّ أحد الثوابت التي لم تتأثر بتلك التحديات يتمثل في التطور المستمر للتكنولوجيا وتسارع وتيرة الابتكار ونمو الحوسبة السحابية، ولا توجد حالياً أي علامات على تباطؤ هذا النمو في أي وقت قريب. ويدرك عددٌ متزايد من المؤسسات الإمكانيات التي تتمتع بها السحابة لتسريع وتيرة العمليات وتعزيز المنافسة والقدرة على الابتكار.
ويقول فويتشك باجدا، مدير القطاع العام في الشرق الأوسط وأفريقيا لدى أمازون ويب سيرفيسز:”تحتاج منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل عام إلى خلق وملء نحو 300 مليون وظيفة بحلول عام 2050 إذا ما نجحت بلدان المنطقة في تحقيق أهداف الرؤى الطموحة التي حددتها، بما في ذلك رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين ورؤية الكويت 2035، ورؤية عمان 2040 ورؤية الإمارات 2071. ومع ذلك، فإن العائق الرئيسي أمام تسريع تبني التقنيات الحديثة في الوقت الحالي يتمثل في نقص المواهب وأصحاب المهارات القادرين على تقديم المشورة وتنفيذ الخدمات السحابية.”
ويضبف: “يجب أن تأخذ المؤسسات، التي تتجه نحو تحويل أنظمتها وعملياتها إلى السحابة، في الحسبان ضرورة الاستثمار في موظفيها. وبينما تعمل الشركات على تقييم خططها التشغيلية لعام 2023 في ضوء حالة عدم اليقين التي تسود المشهد الاقتصادي العالمي، ستدرك الشركات التي تستثمر في تطوير مهارات موظفيها – خاصة في هذه الأوقات – أن العوائد المجزية تستحق ضخ هذه الاستثمارات.”
ووجدت دراسة حديثة أجرتها مؤسستة “فورستر للأبحاث” أن المؤسسات التي تركز على تدريب موظفيها على المهارات السحابية تحقق عائداً بنسبة 100٪ على استثماراتها (ROI) في غضون ستة أشهر، وعائد استثمار بنسبة 234٪ على مدار ثلاث سنوات. كما أن الشركات التي تمتلك قوة عاملة ذات مهارات رقمية متقدمة باستطاعتها تقديم ابتكارات (أو منتجات وخدمات) تعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي بما يقدر بنحو 6.3 تريليون دولار من خلال زيادة دخل الموظفين وإنتاجيتهم. ونحن في 2023، نرى بعض الإشارات القوية حول الفوائد الملموسة التي يمكن أن تجنيها المؤسسات من برامج التدريب على المهارات السحابية.
1. استثمارات تكنولوجيا المعلومات والمهارات التي تحتاجها المؤسسات
إذا كانت مؤسستك قد انتقلت بالفعل إلى السحابة، أو لديها خطط لتنفيذ هذا التحول، فمن المحتمل جداً أن تكون المؤسسة تواجه نقصاً في المواهب ذات المهارات السحابية المتقدمة. ويوجد حالياً خمسة ملايين وظيفة شاغرة في مجال السحابة، وتتصدر الأدوار الوظيفية في مجال الحوسبة السحابية قائمة الوظائف الأكثر صعوبة لشغلها. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تنمو إيرادات سوق الخدمات السحابية في دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 17٪ حتى عام 2026. كما نتوقع أيضاً أن تلعب التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي و“تعلم الآلة” وحوسبة الحافة وأجهزة سطح المكتب السحابية الافتراضية والحوسبة بدون خادم والأتمتة والسحابة الهجينة وخدمات الوصول الآمن SASE وخدمات التعافي من الكوارث السحابية دوراً في تشكيل ملامح مستقبل الحوسبة السحابية بسرعة مضاعفة بحلول عام 2027.
لذلك، بالنسبة للشركات التي تبحث عن مواهب في مجال السحابة، فمن المحتمل أن تكون على دراية جيدة بالفرص والإمكانيات المتسارعة التي يتم تعزيزها في دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص. وتتمثل الاستراتيجية الأفضل في التركيز على بناء مهارات القوى العاملة الحالية. ووفقاً لاستبيان مهارات تكنولوجيا المعلومات والرواتب لعام 2022 الذي أجرته شركة Skillsoft، تتصدر الحوسبة السحابية قائمة الاستثمارات التكنولوجية، يليها الأمن السيبراني / أمن المعلومات، والذكاء الاصطناعي / تعلم الآلة، والبنية التحتية والأنظمة، تحليلات البيانات / إدارة البيانات، وعلوم البيانات. ومن المنطقي أن يعكس ذلك برامج تدريب الموظفين التي يركز عليها صنّاع القرار وخاصةً في مجالات الأمان، وتحليلات البيانات، وأدوات المطورين، وعمليات التطوير. ومن المحتمل أن تكون الاستثمارات التكنولوجية في مؤسستك مماثلة خلال العام 2023، لذا من الافضل المباشرة بتقييم مهارات فريقك الحالي عبر هذه المجالات والتأكد من وجود خطة تدريب لتحقيق الأهداف المطلوبة.
2. الحفاظ على المواهب السحابية المتقدمة من خلال الاستثمار في فرص التدريب وشهادات الاعتماد
إذا لم تكن فرص التدريب والبرامج مدرجة بالفعل في خطتكم التشغيلية لعام 2023، فمن الافضل أن تقيّم المؤسسة مدى قدرتها على تحمل تكاليف عدم الإقرار بنقص المواهب الإقليمية والمحلية في مجال الحوسبة السحابية. ويوفر برنامج AWS Skill Builder، إلى جانب العديد من البرامج الأخرى موارد تدريب متنوعة لمساعدة المؤسسات على تقديم فرص تطوير قوية ومستمرة لموظفيها. وقد يكون البديل بالنسبة للشركات هو الانتظار لفترة أطول لملء الوظائف الشاغرة، والتأخر في تقديم الابتكارات، ونقص الكفاءة التشغيلية. ومن المفيد أن تركز المؤسسة اجعل هدف مؤسستك هو الاستثمار في أهم أصولك: أفرادك. يمكن أن يؤدي تقديم فرص للتدريب على المهارات إلى زيادة رضا الموظفين والاحتفاظ بهم. بالإضافة إلى ذلك ، عندما تخطو خطوة إلى الأمام وتمول رسوم امتحان شهادة موظفيك ، فمن غير المرجح أن يبحث الموظفون عن عمل في مكان آخر. لحسن الحظ ، يوجد هنا في الإمارات مجموعة كبيرة من المتخصصين في مجال التكنولوجيا الذين يبحثون عن تحدٍ جديد.
3. الاعتماد على المواهب المهنية الشابة لمواكبة متطلبات المستقبل
بكل تأكيد ليس من السهل سد الثغرات المطلوبة على مستوى المهارات، ولكن القيام بذلك قد يكون وسيلة لتخفيف أعباء العمل على الموظفين. ومع ارتفاع معدلات الرواتب التي تتقاضاها المواهب السحابية المتقدمة، يتمثل النهج الآخر في توظيف المواهب الشابة، والتي عادةً ما تأتي مزودة بمهارات أساسية في مجال الحوسبة السحابية، بالإضافة إلى شهادات تدريب واعتماد من جهات معروفة، كما أنهم على استعداد لتولي مهام الدعم الفني، واستكشاف الأخطاء وإصلاحها، وضمان الجودة، وإجراء الاختبارات والتجارب، ومهام الإصلاح ومعالجة المشكلات. ويساعد تكليف المواهب الجديدة بهذه الأنواع من المهام في تعزيز مهاراتهم وتحسين مستوى إتقانهم لمجموعة شاملة من المهام والمسؤوليات التقنية، إلى جانب إعدادهم للتقدم في حياتهم المهنية وتولي مسؤوليات أكثر تعقيداً وتحدياً. ووجدت مؤسسة أبحاث تكنولوجيا المعلومات ESG أن 90٪ من المؤسسات التي استثمرت في المواهب في بداية حياتهم المهنية شهدت عائد استثمار إيجابي مع مرور الوقت. وعادة ما تتمتع المواهب الشابة في بداية مسيرتهم المهنية بوجود الحافز على التعلم، وقدرتهم على اختصار “الوقت المطلوب لخلق القيمة” إلى نحو نصف الوقت الذي يستغرقه الموظفون الآخرون من ذوي الخبرة. وببساطة، يمكن أن تساعدك المواهب المهنية الشابة على الابتكار وزيادة الإيرادات التي توفرها إمكانيات السحابة.
4. الموظفون والقادة يدركون قيمة حلول التعلم المتكاملة
في الآونة الأخيرة، كان هناك الكثير من النقاشات حول اقتراح القيمة المضافة الذي تم تحديده من خلال الاستثمار في استراتيجيات التكامل بين الحياة المهنية والشخصية. وقد رأينا جميعاً النتائج المقلقة التي كشفتها الدراسات، إذ يواجه 50٪ من الموظفين في المنطقة تحديات على صعيد التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، فيما كان الموظفون الذين يتمتعون بجودة حياة أفضل هم أولئك الذين يتبنون خطط طموحة للتطوير المهني.
لذلك، من الجيّد أن تتجه المؤسسات الآن لإعادة النظر في ميزانيتها التشغيلية لعام 2023 وتخصص موارد لتدريب موظفيها من أجل المحافظة على استمرارية هذا الاتجاه، ما يعود في نهاية المطاف بنتائج إيجابية على النمو الإجمالي للشركة على المدى الطويل. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين يجب أن تستثمر الشركات؟ والجواب ببساطة يكمن في برامج التدريب الافتراضي التي يشرف عليها خبراء مهنيون (VILT). فقبل عام 2020، كانت غالبية برامج التدريب تتم مادياً من خلال التفاعل الشخصي المباشر، ولكن مع التحولات التي شهدها بيئات العمل، تغيرت أيضاً منهجيات تقديم برامج التدريب الافتراضية، حيث انتقلت المؤسسات نحو تبني منهجيات تدريب متطورة تعزز تجارب التعلم في ظل غياب بيئات التدريب المادية. ويتفق المتعلمون وصنّاع القرار على حد سواء على أن برامج التدريب الافتراضي التي يشرف عليها خبراء مهنيون فعّال للغاية، ويعزز إمكانيات الاحتفاظ بالمعرفة، كما أنها أكثر ملاءمة لميزانيات المؤسسات، وتحد بشكل كبير من تكاليف السفر. وفي ضوء ذلك، من المتوقع أن تشهد برامج التدريب هذه نمواً وزيادة في الاعتماد على مدار 12-24 شهراً القادمة.
ومن الأمثلة الجدير ذكرها هنا بنك أبوظبي الأول (FAB)، بصفته أكبر مؤسسة مالية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويحتل المرتبة الثانية على مستوى المنطقة، حيث حقق البنك قفزات نوعية ملحوظة على صعيد الانتقال إلى السحابة لضمان استمرارية الأعمال، وتوقع احتياجات ما يزيد عن 3 ملايين عميل وتلبيتها. وفي الواقع، استغرق بنك أبوظبي الأول عامين فقط ليصبح رائداً في برنامج التدريب على المهارات السحابية AWS Skills Guild، ومثالاً رائداً على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. ومن خلال الاستثمار في مهارات موظفيه والثقافة المؤسسية ككل، نجح بنك أبوظبي الأول في تزويد أكثر من 3500 موظف بالمهارات السحابية عبر أكثر من 60 خدمة سحابية، وتم تسليم 70 شهادة اعتماد وتدريب من أمازون ويب سيرفيسز AWS، ما ساهم في تسريع معدلات إتمام المشاريع بنسبة 40٪.
5. شهادات الاعتماد تمنح قيمة مضافة للمؤسسات
تساعد شهادات الاعتماد التي يحصل عليها الموظفون المؤسسات على تمييز المواهب عالية المستوى، وفي عام 2023، سنشهد توجه المزيد من المؤسسات نحو الاستثمار في بناء قواها الأساسية من خلال الاستثمار في تمكين موظفيها من نيل شهادات اعتماد مرموقة. ووفقاً مؤسسة أبحاث تكنولوجيا المعلومات ESG، يساهم الموظفون الحائزين على شهادات اعتماد في تعزيز تنافسية مؤسساتهم لتحقيق المزيد من النجاحات. وسواء كانت المؤسسة تخطط أو تستثمر مسبقاً لتمكين موظفيها من الحصول على شهادات اعتماد، وتقدّر المرشحين الحاصلين على شهادات اعتماد على مستوى القطاع – فإن هذه المؤسسات ستنجح عاجلاً أم آجلاً في زيادة مستوى الإنتاجية وتعزيز إمكانات الابتكار والاحتفاظ بالموظفين ذوي المهارات.
6. تدريب الموظفين غير التقنيين
بالنظر إلى أن النمو في مجال السحابة لم يعد منعزلاً عن قسم تكنولوجيا المعلومات، فإن قادة المؤسسات يتجهون بشكل متزايد نحو تعزيز التحول السحابي عبر مختلف أقسام مؤسساتهم، سواءً الشؤون المالية أو المبيعات والموارد البشرية والتسويق أو حتى قسم الموظفين الإداريين. على سبيل المثال، استثمرت شركة فولكس فاجن في تعزيز المهارات السحابية لموظفيها وخبراتهم باستخدام إطار عمل يركز على السحابة. وقد أدى ذلك إلى تقليل الوقت اللازم للتسويق وتحسين مستوى التعاون بين الفرق. وعلّق ستيفان كلونكر، مسؤول المنتجات العالمية في شركة فولكس فاجن للخدمات المالية، على ذلك قائلاً: “ساعدتنا برامج التدريب والاعتماد من أمازون ويب سيرفيسز في التحول كشركة من خلال تحديد مسار تتكامل فيه نماذج الأعمال وأنظمة تكنولوجيا المعلومات معاً، ليدرك الجميع الحاجة إلى توفير حلول أفضل وأسرع لعملائنا“.
الخطوة التالية
بغض النظر عن المرحلة التي وصلت إليها المؤسسة في رحلتها السحابية – من المهم للغاية التركيز على تنمية وتطوير مهارات الموظفين في مجال الحوسبة السحابية للمضي بخطوات واثقة نحو المستقبل.