المتحدث: عارف يحيى، رئيس قسم تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية في تيك توك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يكتسب التسوق على الإنترنت زخماً مستمراً على الصعيد العالمي والإقليمي، وتُعد التجارة المجتمعية أحد التوجهات الرئيسية لهذا التطور. وتساعد التجارة المجتمعية ملايين العملاء خلال فعاليات التسوق مثل الجمعة السوداء، للوصول إلى المنتج المناسب وسط سيل العروض والإعلانات، بالاستفادة من المراجعات والتقييمات والتوصيات التي يقدمها أفراد موثوقون
ولا تقتصر التجارة المجتمعية، وهي المقابل الرقمي لأسلوب التسويق الشفهي، على إجراء عمليات بيع سريعة فقط، إذ تتمحور التجارة حول تقديم تجارب سلسة ومألوفة للمجتمع، لا سيما وأن العملاء اليوم يرغبون بتجارب بسيطة ومخصصة وأصيلة. لذا تعيد التجارة المجتمعية رسم ملامح تجارب البيع والشراء وتوفر للمسوّقين مصدراً جديداً للإيرادات من خلال محتوى مُقنع يروّج للعلامة التجارية بشكل سلس.
ويواصل المستهلكون تطوير الحلول الإعلانية القديمة القائمة على لفت الانتباه والُمصممة خصيصاً للبيع ومقاطعة المستخدمين، لذا لا تزال إمكانات التجارة المجتمعية غير مُكتشفة. ويُقدر حجم سوق التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوحدها بحوالي تريليون دولار أمريكي، وتخدّم المنصات الرقمية نحو 40% من إجمالي الإنفاق في سوق التجزئة، وفقاً لمنصة التجارة الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زبوني. ولا يخفى على العلامات الرائدة مدى أهمية التجارة المجتمعية باعتبارها جزءاً من المزيج التسويقي، إلا أنها قد لا تكون على معرفة تامة بالفرص التي تتيحها هذه النقلة النوعية الإلكترونية.
إعادة رسم ملامح تجربة التجارة
يتسم عالم التجارة بالتغير المستمر، غير أن الشركات خاضت خلال العامين الماضيين تغييرات أكثر مما خاضت في آخر عقدين، وهذا ما تجلى بشكل واضح في التجارب، إذ لا معنى للتجارة بدون التجارب، لأن جوهرها يكمن في التبادل. وتجربة التبادل هو ما تغير بشكل جذري مع مرور الأيام.
ونقف حالياً على مشارف حقبة جديدة في عالم التسويق في ظل نقلة نوعية غيرت طريقة التواصل بين العلامات والعملاء. وتكاد مقاطعة محتوى المستخدمين بإعلانات غير مهمة تصبح شيئاً من الماضي، إذ يحتاج المستهلكون اليوم إلى تجربة تفاعلية وتعاونية.
وتشهد التجربة إعادة تصور كاملة بعد أن كانت مجرد عملية شراء وبيع للبضائع بين الشركات والعملاء لتصبح تبادلاً للمعرفة والنصائح والدعم. ويشجع هذا التوجه الجهود التعاونية بين المجتمعات للحصول على تجارب تسوق أكثر أصالة، مما يؤدي إلى زيادة رضا العملاء وتحفيز المستخدمين لمشاركة اكتشافاتهم ومواصلة التسويق الشفهي.
وتكتسب التجارة اليوم، بعد تخلصها من عوائق عروض المبيعات التقليدية، زخماً بصفتها تجربةً ترفيهيةً تتيح التواصل واستكشاف المنتجات بسرعة كبيرة.
الرجوع إلى الأساسيات
تحتاج التجارة إلى إعادة التركيز على سدّ فجوة الثقة والتواصل في الجيل الثالث من شبكة الإنترنت العالمية Web 3.0 الخالية من ملفات تعريف الارتباط والقائمة على مبدأ عدم الثقة، من خلال التفاعل باعتباره إحدى ركائزها الأساسية.
ومن الناحية العملية، يجب أن تتسم لحظة التحول إلى اعتماد التجارة المجتمعية بالمرح والبهجة، بدعم من مجموعة كبيرة من المجتمعات الإبداعية. وتنبع هذه المقاربة من معرفة أن العقلية الإيجابية تعزز سلوكيات التسوق، مما يساعد في توضيح كيف يساهم المستخدمون بانتظام ببيع منتجات العلامات التجارية خلال وقت قصير.
وتُعد أُناس مثالاً عن علامة إقليمية بدأت بالاستفادة من إمكانيات التجارة المجتمعية، حيث توظّف مزيجاً من المبدعين لإنشاء المحتوى والحلول الإعلانية على تيك توك، لتنجح علامة التجزئة الفاخرة على الإنترنت في الاستحواذ على مجال تسويق الأزياء الفاخرة خلال شهر رمضان المبارك وتزيد من انتشارها في سوق المملكة العربية السعودية بنسبة 52%.
عالم جديد للجريئين
يزخر عالم التجارة اليوم بفرص أكثر من أي وقت مضى، إلا أنه المنافسة فيه وصلت إلى حد غير مسبوق كذلك. ويتطلب النجاح في هذه البيئة فائقة التنافسية وشبه المُشبعة فهماً عميقاً لرغبات واحتياجات المتسوقين والفرص التي سترسم ملامح مستقبل التجارة.
وتحظى الأعمال اليوم بالفرصة لتنشيط تجارب التسوق الرقمي لديها من خلال إعادة جوانب المألوفة والتجارب المشتركة إلى التجارة. وتشكل التجارة المجتمعية مساحةً تتيح للعلامات رسم ملامح هذا العالم، من خلال إضفاء البهجة والثقة واللمسة الشخصية على جميع المعاملات، وإعادة التجارة إلى جوهرها القائم على التفاعل.