القاهرة – إيمان مصطفى
في عصر لا يتحدث إلا لغة الرقميات، باتت التكنولوجيا تتداخل في كل مظاهر الحياة اليومية؛ الشراء والبيع والتوصيل والأبحاث، وحتى الطعام والعقاقير.
وكعادة التكنولوجيا لا تترك مشكلة إلا وتقدم لها حلولًا رقمية، تسهم في تحسين شكل الحياة اليومية للمستخدمين.
كانت مهمة تحصيل الإيجار شهريًا من المستأجرين من ضمن المشكلات التي تتطلب حلًا رقميًا لما تحتاجه من جهد ووقت لإنجازها.
من ثم، أطلق كلً من طلال الياسين وشاهين الخضري وعلي تقي منصة “أجار” Ajar الكويتية في أغسطس 2015، كخدمة سحابية على الويب والهواتف الذكية لإدارة التحصيلات لأصحاب العقارات والشركات العقارية.
ماذا تقدم “أجار”؟
وفرّت “أجار” الحل التقني لأصحاب العقارات والمستأجرين على حد سواء، إذ تتيح الخدمة لأصحاب العقارات الاشتراك، ثم إدخال بيانات المستأجرين، ليقوم النظام بمراسلتهم آليًا لدى استحقاق سداد الإيجار الشهري.
يستلم المستأجر رسالة نصية للتذكير بموعد الدفع، تحتوي على رابط عند الضغط عليه يظهر له شاشة ليقوم بملأ بياناته وتسجيل بيانات بطاقته الائتمانية، لتتم عملية السحب عبر خدمة “كي نت” K-Net. ويخطط المؤسون لإطلاق خدمة الدفع قريبًا عبر “فيزا” و”ماستر كارد”.
بعد السداد، يحصل المستأجر على إيصال رقمي، لتنتهي العملية كلها “في أقل من دقيقة”، حسب الخضري أثناء حواره لانتربرنور العربية.
بينما مالك العقار على شاشة مختلفة عن تلك التي يراها المستأجر، ليتمكن من خلالها من متابعة عمليات التحصيل والتحويلات البنكية على حسابه مباشرًة، مع أرشفة الإيصالات، الأمر الذي يجنبّ الملّاك تحمل تكاليف المحصلين أيضًا.
وتنحصر خدمات المنصة على دفع إيجارات العقارات فقط، ويمكن للشركات والملّاك الأفراد والمطورين الاستفادة منها مقابل عمولة نظير كل عملية دفع تتم على المنصة.
ورفض الخضري الكشف عن قيمة العمولة، مكتفيًا بالتوضيح: “في الأساس صاحب العقار هو المُلزم بدفع عمولتنا عن عمليات السداد التي يقوم بها المستأجرين، لكن بإمكان صاحب العقار الاتفاق مع المستأجر ليتحملها”.
صعوبات ونجاحات
ولحداثة فكرة تحصيل الإيجارات العقارية رقميًا على السوق الكويتي، واجه الشركاء رفضًا في بداية رحلتهم الريادية العام الماضي، إلا أن شركتهما تحظى الآن بـ 45 صاحب عقار بين أفراد وشركات.
وعلى صعيد المسابقات المحلية، حازت “أجار” على جائزة “كيبكو تمكين” لدعم رواد الأعمال. بلغت قيمة الجائزة 100 ألف دولار، حصلت عليها “أجار” في صورة خدمات. تضمن ذلك دراسة السوق، تأمينات، دعاية وإعلان. كان ذلك بعد أقل من 3 أشهر، وبالتحديد في نوفمبر 2015.
كما كانت “أجار” ضمن الشركات الناشئة التي بلغت للتصفيات النهائية، أبريل الماضي، ضمن مسابقة “ام آي تي –انتربرايز فوريوم آراب” MIT Enterprise Forum Arab startup.
حفز هذا النجاح المبدأي للمشروع المؤسسين، للتخطيط للتوسع إلى دول الخليج العربي قريبًا، حسب الخضري.
في سبيل ذلك، يسعى المؤسسون حاليًا إلى شراكة استراتيجية مع شركة رأس مال، لم يكشف عنها الخضري. “لا نسعى إلى التمويل فقط، بل نهتم بأن يكون لدينا شريك رابع في صورة مؤسسة تعي متطلبات الاستثمار في الشركات الناشئة وتدعمنا في رحلة النمو بالمنطقة”، يشرح الخضري.
وكانت “أجار” قد وقعت نهاية العام الماضي عقد شراكة مع بنك الوربة، ليدير العمليات المالية للمشروع الناشىء، ويعمل على ترويج خدماته للشركات العقارية، وذلك بهدف تحقيق اختراق أسرع للسوق الكويتي المحلي.
تعاون مثمر بين الشركاء
لعل تلك الخطوات المتسارعة تعود إلى خلفية المؤسسين التعليمية. فالخضري حاصل على ماجيستير إدارة الأعمال وبكاليريوس نظم معلومات من جامعة الشرق الأوسط الأمريكية. بينما حصل الياسين وتقي على بكاليريوس علوم الحاسب من الجامعة نفسها.
وكان تقي صديقًا مشتركًا بين كلٍ من الخضري والياسين. ومن ثم اتفق المثلث الريادي على إطلاق أجار، بعدما وجدوا أن إجراءات دفع الإيجار الشهري تتطلب منهم شهريًا سحب المبلغ من المصرف ثم انتظار الحارس ليقوم بالتحصيل، وفي معظم الوقت يأتي الحارس بعد أن تكون المبالغ قد صُرفت في اتجاه آخر.
قرر المؤسسون إطلاق “أجار”، واستغرقت دراسة سوق العقارات الكويتي حوالي 8 أشهر من الشركاء الثلاث.
حاليًا، يوزع المؤسسون مهام العمل عليهم، إذ يتابع الياسين البرمجة، ويتولى الخضري مهام الشئون المالية والتسويق والمبيعات، ويراقب تقي التشغيل. ويخطط المؤسسون لتعيين كوادر لتسهيل دورة العمل.
نظرة على قطاع المدفوعات الرقمي
ختامًا يجدر الإشارة إلى أن “أجار” ليست اللاعب الوحيد في قطاع المدفوعات الرقمية بالكويت، إذ يضم البلد الصغير مشروعات ناشئة أخرى على غرار منصة “ماي فاتورة” المتخصصة في إصدار الفواتير وتحصيل الأموال رقميًا، و”نكست بايمنتس“، مزود حلول حلّ للدفع على المحمول يعتمد فكرة بسيطة تُعرف بـ التكنولوجيا الرمزية.
وبشكل عام، قد نما قطاع المدفوعات الرقمية بشكل ملحوظ في الكويت. فحسب تقرير المدفوعات الصادر عن شركة “بيفورت” مؤخرًا، ارتفعت المدفوعات الرقمية في الكويت من 1,09 مليار عام 2014 إلى 1,26 مليار دولار عام 2015. وتوقع التقرير أن يصل حجم السوق إلى 2,8 مليار دولار بحلول 2020.
هذا وزادت سبة العمليات المقبولة في الكويت من 50% عام 2014 إلى 53% عام 2015. كما وتشير تقارير إلى أن 21% من مستخدمي الانترنت في الكويت، يعتمدون على الدفع الإلكتروني في التسوق أو سداد فواتيرهم مثل التليفونات والمياه والكهرباء وغيرها من الخدمات.
ساعدت تلك الأرقام على ظهور مبادرات داعمة لتحفيز الدفع الرقمي محليًا، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص. فهل لنا أن نتساءل عمّ تحمله الكويت لنا في جعبتها من مشروعات أخرى بقطاع المدفوعات الرقمية؟