القاهرة-إيمان مصطفى
في وقت تشير فيه أصابع الاتهام إلى شبكات التواصل الاجتماعي بتأثيرها سلبًا على العلاقات الإنسانية الحية، اتجه مشروع مصري رائد لإطلاق تطبيق يعمل على العودة بالتواصل الاجتماعي إلى مفهوم الأرض.
“فرين 10” Frien10، هو تطبيق لنظام تشغيل أندرويد، أطلقه أحمد ماهر في سبتمبر الماضي، ليركز على لمّ شمل أصحاب الاهتمامات المشتركة من سكان نفس الضاحية أو الضواحي المجاورة.
“إيقاع الحياة أصبح أسرع من قدرتنا على تكوين معارف جديدة”، يقول ماهر في حواره الخاص لـ”انتربرنور العربية”.
رحلة البداية
بدأت الفكرة تلح على ماهر عقب تخرجه في جامعة حلوان المصرية، قسم هندسة اتصالات، وتعيّينه بوظيفة في إحدى شركات القطاع الخاص منذ عام، لتبدأ معاناته مع الرتابة.
لم يتمكن ماهر من مقابلة اصدقائه لاختلاف مواعيد العمل لكلٍ منهم. ولم يتمكن حينها من تكوين معارف جديدة لديهم نفس الاهتمامات.
قرر ماهر إطلاق “فرين 10″، ولكن كان عليه قبل ذلك التأكد من وجود الحاجة إلى مثل تلك الخدمة.
في سبيل ذلك، أطلق المؤسس نموذج استفتاء على الخدمة، وطلب من المهتمين ملأ بياناتهم والذهاب شخصيًا لتجمع في أحد المطاعم الشهيرة بالقاهرة. ملأ النموذج 60 شخصًا، وحضر على الأرض 40% من إجمالي العدد.
خوارزمية “فرين 10”
أطلق ماهر “فرين 10″، ويتطلب الانضمام لمجتمعات التطبيق التسجيل عبر “فيسبوك”. ثم يبدأ المستخدم في كتابة بياناته بما فيها المنطقة السكنية والمرحلة العمرية والتعليم والجنس والهوايات والاهتمامات.
يوصي التطبيق بعدها بالمجتمعات المناسبة للمستخدم المنضم حديثًا. ومن هنا تبدأ رحلة تعارف افتراضي، ثم يختار أصحاب المجتمع الواحد مكانًا على الأرض ليشهد اللقاء الأول بينهم. ولا يزيد عدد أعضاء المجتمع الواحد عن 10 في المتوسط، وهو السبب وراء التسمية.
الآن، وبعد أقل من 6 أشهر على إطلاقه، شهد التطبيق 800 تحميل، و13 مقابلة على الأرض بين مجتمعات “فرين 10” مختلفة الفئات.
ولمراعاة الطابع الثقافي العربي، يوفر التطبيق ميزة الانضمام لمجتمعات مغلقة على النساء فقط، “إذ غالبًا ما تخشى الفتيات التعارف إلى أشخاص جدد عن طريق الإنترنت، وليكون التطبيق قابلًا للاستخدام في سائر البلدان العربية الأكثر تشددًا من مصر، كالسعودية وغيرها”، يوضح ماهر.
ويضم التطبيق ميزة تقييم المقابلات، بحيث يطلع المنضمين حديثًا على آراء من سبقوهم إلى التجربة.
لم يلجأ ماهر حتى الآن إلى قنوات التسويق المدفوع المختلفة، مكتفيًا بانتشار الحديث عن “فرين 10” في المرحلة الحالية، والتي “تؤتي ثمارها بشكل مُرضي مرحليًا”.
ورغم أن نموذج العمل غير مُفعّل حتى الآن، إلا أن ماهر يعتزم أن تعتمد عوائده على عمولات من المطاعم والمقاهي التي يتقابل فيها أعضاء التطبيق. “وقد عقدنا صفقات بالفعل مع بعض أصحاب المطاعم والمقاهي المعروفة في القاهرة، استعدادًا لتفعيل نموذج التربح”.
تحديات وإصرار
وكعادة رواد الأعمال، طريقهم ليس مفروشًا بالزهور. واجه ماهر سلسلة من التحديات منذ البداية، ولايزال المسلسل مستمرًا. أطلق ماهر التطبيق بالشراكة مع اثنين آخرين من أصدقائه، غير أن شريكيّه قررا الانسحاب لضعف الإمكانات المالية وضيق الوقت.
تعرض المؤسسون الشركاء قبل فض الشراكة، لكافة أنواع الرفض من المستثمرين ومسرعات الأعمال والحاضنات. “وكانت المشكلة الحقيقية أن أحدًا لم يكن يعبأ بتوضيح أسباب الرفض، وقد يكون ذلك عائدًا لزخم الطلبات التي تتلقاها تلك المؤسسات”، يقول ماهر.
وبعد أن تقدم ماهر مرتين لحاضنة أعمال الجامعة الأمريكية “فينتشر لاب“، وتم رفض طلبه، وافقت إدارة الحاضنة على انضمامه في المرة الثالثة، في سبتمبر الماضي. “تأكد القائمون على الحاضنة أنني متمسك بفكرة المشروع رغم انسحاب الشريكيّن، ومن ثم دعموني”.
دعم برنامج التسريع التابع للحاضنة “فرين 10” بأكثر من طريقة، إذ حصل على تمويل يعادل ألفيّ دولار، بالإضافة إلى التدريب والإرشاد على أيدي متخصصين والتشبيك وتسليط الضوء إعلاميًا، وتسجيل الشركة وتحديد نوذج العمل وكتابة خطة العمل.
دعم مبلغ التمويل ماهر في تعيين مطور أندرويد ومصمم واجهات UI بنظام الدوام الجزئي.
كما وفاز “فرين 10” في نوفمبر الماضي بالمركز الأول في مسابقة ريادة الأعمال الاجتماعية في مصر التابعة للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، والذي منحهم الفرصة لحضور قمة الأسيان لريادة الأعمال بماليزيا 1ASEAN Entrepreneurship Summit.
هذا وانضم “فرين 10” الشهر الماضي إلى برنامج تمكين رواد الأعمال “انباكت” Enpact الألماني، والذي يهدف إلى توفير عناصر النجاح لرواد الأعمال بالشرق الأوسط من خلال معسكرات سنوية توفر لهم التشبيك والتدريب التقني والمالي على أيدي متخصصين، بما يحقق لهم الاستفادة من النموذج الغربي. يتضمن البرنامج سفر فريق عمل “فرين 10” إلى تونس للتواصل مع البيئة الريادية هناك.
المنافسة والتمويل
وعلى صعيد المنافسة العالمية، يعتبر ماهر منصة “ميت أب” Meetup.com منافسه الأمريكي الشرس. تختلف تفاصيل التطبيق الأمريكي عن “فرين 10” المصري حديث النشأة: “يضم المجتمع الواحد على المنصة الغربية أكثر من 3 آلاف عضو، وهو ما يصعّب فرصة التحول إلى الأرض، كما أن نموذج العمل فيها يعتمد على الاشتراك مقابل الانضمام”، يوضح ماهر.
بينما لا يرى ماهر منصات التواصل الاجتماعي المتاحة الآن منافسًا له. “يتواصل الأشخاص على فيسبوك بعدما يتم التعارف بينهم خارج نطاقه، وبالتالي فجميع شبكات التواصل تغلق الدائرة التي نبدأها”، يشرح ماهر.
وضمن مساعيه للوصول إلى العالمية، ينتظر ماهر أن يمطئن على نموذج العمل وعدد التحميلات والمقابلات، ليبدأ رحلة جذب استثمار تمكنه من زيادة التوظيف وتطوير الخوارزمية والمزايا والتسويق إقليميًا وعالميًا.
فهل ينجح “فرين 10” في إعادة مفهوم التواصل إلى عهده الأول في مصر ومنها إلى العالم؟