بقلم / باميلا دي ليون
عندما قررت “ماي روميرو دو ثانه” أن تخطو أولى خطواتها في عالم ريادة الأعمال، لم تضطر إلى البحث كثيراً عن الإلهام، ففي النهاية، نجح والدها في إقامة مشروع من الصفر، ولا يزال المشروع يواصل نموه وازدهاره حتى بعد مرور أربعة عقود على إنشائه. وكشخص لاقى تشجيعاً على متابعة شغفه والانطلاق في الحياة منذ سنّ مبكرة جداً، لا نتفاجأ أن يقع اختيار “ماي روميرو دو ثانه” على صناعة التجميل وعالم العلاجات التجميلية لبدء رحلة عملها. وتخبرنا حول ذلك قائلة: “إنني شخصياً أحب الخضوع للعلاجات. ولكن إلى جانب ذلك، أحبّ أيضاً التعرّف على المفاهيم والأساليب، الأمر الذي دفعني نحو إجراء جميع أنواع التجارب على نفسي وعلى عائلتي وأصدقائي”. وفي واقع الأمر، كان هذا الدافع هو ما مهّد أمامها الطريق لتصبح اليوم المالكة والرئيسة التنفيذي لشركة The Branding Room، وهي عبارة عن عيادة للعلاجات التجميلية تقع في قرية جميرا الدائرية في دبي.
تأسست The Branding Room في 2020، وبدأت كصالون للتجميل، غير أنها سرعان ما تحولت إلى عيادة للعلاجات التجميلية تقدم خدمات العناية بالبشرة، والتخسيس، والليزر، والعلاجات الجلدية. وتهدف The Branding Room، انطلاقاً من رسالتها المتمثّلة في “الرفاهية الميسورة”، إلى توفير علاجات فاخرة يمكن للجميع الحصول عليها بأسعار ميسورة. تقول “ماي”: “في بداية الأمر، كنت أعمل انطلاقًا من مبدأ أن أعمل ما أحبّ. ولكن خلال رحلتنا، أدركنا أيضاً أن لدينا فرصة سانحة لتقديم مفهوم غير موجود حتى الآن في المجتمع والمناطق المجاورة لقرية جميرا الدائرية”. ونظراً لأنها الشركة “الأولى” من نوعها في المجتمع، ترى “ماي” أن أعمالها تحظى بميزة كبيرة باعتبارها المزوّد الأول المتخصص لعلاجات الوجه والجسم في المنطقة. كما قررت أيضاً أن تعيّن موظفين أصغر سناً إلى حدٍ ما في شركتها، إذ ترى أن ذلك من شأنه تعزيز روح الشركة. وتخبرنا قائلة: “أرى أن هذا يتيح لنا تقديم منظور جديد في هذا المضمار، حيث أؤمن بأن ذلك يدعم وجودنا كأشخاص، ويدعم وجود The Branding Room كشركة، لذلك يمكننا مساعدة الآخرين على تحسين أنفسهم بأكبر قدر ممكن”.
إن قدرة المرء على تحسين نفسه بأكبر قدر ممكن، بغض النظر عما قد يراه الرافضون لهذه الفكرة، توضّح أيضاً كيف واجهت “ماي روميرو دو ثانه” العراقيل التي كانت تواجهها كرائدة أعمال في الإمارات العربية المتحدة، حيث تذكر لنا قائلة: “لقد عانيت من الكثير من العقبات في حالتي. أنا لست امرأة فحسب، بل أنا أيضاً آسيوية، وتحديداً، فلبينية الأصل… لقد كنت حبيسة قوالب نمطية مرتبطة بحياتي الشخصية عدة مرات. كم مرّة أثرت فيها دهشة الناس لأنني مالكة شركة The Branding Room؟ لقد توقفت عن العدّ بالفعل. وكذلك، عدد المرات التي لا يعاملني فيها الآخرون بجدية، بسبب جنسي ومظهري الجسدي. يبدو لهم إلى حدٍ ما أنني مجرد كائن سخيف ضئيل الحجم، يحاول شقّ طريقه في عالم لا ينتمي إليه”. وهذا التصوّر – على حد قول “ماي” – موجود لأنه رغم وجود العديد من أصحاب الأعمال الفلبينيين من الذكور والإناث في الإمارات العربية المتحدة وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنه غالباً ما يتم تهميش مساهماتهم أو تجاهلها. وتواصل حديثها قائلة: “لا يزال الأمر غير شائع إلى حدٍ ما، لمجرد أننا ما زلنا أكثر عدداً من الجنسيات الأخرى، من حيث كوننا أصحاب أعمال. ويصنفنا غالبية السكان بوجه عام على أننا نعيش في الإمارات العربية المتحدة كعمالة مأجورة. ولهذا السبب، نخرج كل يوم على ما يبدو لإثبات أنّ الفلبينيين ليسوا فقط عمّالاً مهرَة، بل يمكننا أيضاً أن نكون أصحاب أعمال مرموقين أيضاً”.
من الواضح أنّ “ماي روميرو دو ثانه” عانت كثيراً من العنصرية مع إنطلاقها في بناء شركتها في الإمارات العربية المتحدة، غير أنّها تأبى أيضاً أن تسمح لذلك بالتأثير على رؤيتها لمشروعها، الذي يمثّل أنموذجاً توصي زملاءها من رواد الأعمال الفلبينيين في الإمارات العربية المتحدة باتباعه. وتعلق على ذلك بقولها: “إذا نجحنا في إقامة أعمال تجارية هنا، فهي على الأغلب لن ترقى بما يكفي لتصبح قادرة على الوقوف في حلبة المنافسة مع مفاهيم الأعمال الأخرى. إنني أقف، إلى جانب أخرين من روّاد الأعمال والمهنيين الفلبينيين، الذين يثبتون باستمرار أن بإمكاننا أيضاً إقامة مؤسسات يمكننها أن تتحسن وتتطوّر”. ورغم أنّ الأمر قد يبدو وكأنه معركة شرسة، تقول “ماي روميرو دو ثانه” إنها اكتشفت طريقة تتجاوز من خلالها جميع المعوقات التي لاقتها في طريقها: “ما تعلّمت التغلب عليه هو الشعور بالإحباط المرتبط بتلك الأفكار المُسبقة. إنني أفعل ذلك بكل بساطة عن طريق عدم الاكتراث لها، بل أحاول أن أتطلع إلى المستقبل، لكي لا أغرق في بعض الأفكار التي أعرف أنني سأضحك عليها في نهاية المطاف”. وعلى أي حال، تحرص “ماي” دائماً على أن تظلّ صادقة مع نفسها، وهو ما يجعلها تواصل السير في طريقها، مهما كانت التحديات. وتختم حديثها قائلة: “يجب على المرء أن يتكيف وفقاً للوضع القائم، غير أنّ هذا لا يعني أنّ تفقد إحساسك بقيمتك في خضمّه. حافظ على شرفك وأمانتك حتى ولو كنت في وكر لصوص”.
الملخص التنفيذي
نصائح “ماي روميرو دو ثانه” للسيدات في عالم الأعمال
- تحلّي بالصبر. “لقد اضطررت أن أتعلم حقاً أن الصبر هو مفتاح الفرج. إنني على يقين من أن الصبر هو حقاً من أهم الصفات التي يجب أن تتعلمها رائدة الأعمال التي لا تزال تشقّ طريقها. في عالم الأعمال، لا تتحقق الكثير من الإنجزات والتجارب المهمة والمفرحة بين عشية وضحاها. وكل ما عليك فعله هو الاستمرار والمثابرة بأقصى ما لديك من جهد”.
- ثقي في حدسك. “يجب أن تكون الثقة محفوفة بالحذر. إنني بوجه عام شخص يثق بالآخرين، وأرى أن البيئة في الإمارات العربية المتحدة، التي تنتشر بها فكرة أنها مكان آمن، ستعزز الثقة التي يمكن أن يضعها المرء في غيره. لقد تعلمت أن الآخرين – حتى مَن يمكنك الوثوق فيهم، مثل المستشارين أو أصحاب العقارات أو الشركاء في العمل أو الموظفين – يمكنهم أن يستغلونك”.
- ابحثي في التفاصيل الداخلية والخارجية. “حاولي دائماً أن تكوني على دراية بالسياسات وبحقوقك المرتبطة بعملك ومهنتك، حتى تتمكني من التحدّث عندما تدفعك الظروف إلى ذلك. لقد كان عليّ أن أتعلم التخلي عن معاناتي في صمت. لقد أدركت أنه في كثير من الأحيان، لا أقدم معروفاً لنفسي وللآخرين بعدم حديثي عن نقاط معينة، لمجرد أنني أريد تجنب الدخول في مناقشة أو مواجهة محتملة. ودائماً ما أذكّر نفسي أنّ إحدى الطرق لإحداث تغييرات أو توقّعات معينة تكون بالحديث عنها”.