دبي 21 نوفمبر 2021
بقلم: أراش دارا، الرئيس التنفيذي لمجموعة لوتاه القابضة
عندما اجتاح وباء كوفيد-19 العالم في أوائل عام 2020، تسبب بشلّ حركة الأعمال بصورة فورية وعلى نطاق واسع في كافة دول العالم. بعد الصدمة الأولية والقلق المترتب على تزعزع مصدر رزقهم، كان التحدي الأكبر والأكثر إلحاحاً بالنسبة للكثيرين هو استخدام التكنولوجيا القادرة على تمكين أعداد كبيرة من الموظفين من العمل بأمان من منازلهم.
وسرعان ما تبع ذلك تحدٍّ آخر لمحاكاة محاكاة التفاعلات الواقعية – الرسمية في مجال العمل وغير الرسمية في الحياة الاجتماعية – والتي تعتبر أساسية لنجاح أعمال أي شركة.
ومع اقتراب بدء العام الجديد، حان الوقت كي تضع الشركات وتطور خطط واستراتيجات أعمالها لعام 2022 وما بعده. وكما هو الحال مع الجميع، تتوق الشركات إلى توديع عامي 2020 و 2021 والترحيب بالعام الجديد الذي يمثل الأمل ببداية جديدة وتجديد التركيز لتحقيق النجاح والازدهار.
لقد علمتنا الجائحة والضغوطات التي رافقتها، خاصة الحاجة للتغيير السريع، العديد من الدروس، بدءً من المرونة إلى القدرة على التكيف والاستمرارية وأكثر. ومع ذلك، الآن وقد بدأت المخاوف من الوباء في الانحسار، تتطلع معظم الشركات، بغض النظر عن أحجامها وممارساتها، بشكل أكثر استراتيجية نحو مستقبل مختلف تماماً عن الواقع الذي شهدوه على مر عامين متتاليين. تُعد الخطة الاستراتيجية الاستباقية والقابلة للتكيف لعام 2022 أمراً بالغ الأهمية للتعامل و النمو.
القيام بكل شيء بشكل مختلف
ينبغي دائماً على الرؤساء التنفيذيين اتخاذ قرارات جريئة. قد يعني ذلك اختيار ما أثبت فاعليته والتركيز عليه مرة تلو مرة. أعد تصوّر ما يعنيه الفوز واتخذ هذه الخطوة الجريئة مبكراً، حتى لو كان ذلك يعني أنك ستكون الوحيد، أو بين الأقلية التي تمارس ذلك النهج في السوق. إذا كنت تعتقد أن هذا هو القرار الصحيح لشركتك، كن جريئاً وأقدم عليه. الخوف من ارتكاب الأخطاء هو ما يمنع الكثيرين من التغيير. في هذا العالم الديناميكي، من الأفضل أن يتصرف الرئيس التنفيذي بدلاً من عدم اتخاذ أي خيار على الإطلاق. لا تتوقف عن المحاولة وكن مرناً في نفس الوقت، فالمرونة والقدرة على التكيف أمران حاسمان لكل من الشركات والأفراد من أجل البقاء والازدهار.
يحتاج كل رئيس تنفيذي وقائد أن يتذكر أهمية تطبيق نهج أكثر جرأة داخل الشركة بأكملها. تأكد من وضع رؤية واضحة وقيادة فريقك بثقة، وتطوير منتج قوي وجريء، أو خدمة قوية وجريئة، لتقديمها إلى السوق. يتيح لك التركيز على السوق المتخصصة بدلاً من السوق بصورة إجمالية إمكانية التجربة والنجاح. تذكر، لا تخجل من وضع أهداف جريئة، بل وصعبة التحقيق، لك ولفريقك.
من الهدف الواضح إلى التأثير: يمكن أن تؤدي المؤسسة المدفوعة بهدف واضع إلى فرض تأثير راسخ
بإمكان الشركات التي تعمل بناءً على هدف واضح وتبني استراتيجيتها حول ذلك الهدف أن تحقق النمو المستمر وتكسب ولاء من العملاء والقوى العاملة فيها.
تدرك الشركات التي تعي غرضها وتقدر قيمتها أن 10٪ من الشركات تخلق 90٪ من إجمالي الربح الاقتصادي وأن شركة واحدة فقط من بين 12 شركة تنتقل من كونها ذات أداء متوسط لتصبح ضمن أعلى خمس شركات خلال عشر سنوات.
عندما تعرف هدفك، تدرك بالتحديد أين وكيف تضيف تضيف شركتك القمية، فتتحرك في ذلك الاتجاه بسرعة. وفقاً لدراسات شركة ديلويت، تحقق الشركات القائمة على هدف واضح مكاسب أعلى في حصتها في السوق ومن المرجح أن تنمو أسرع بثلاث مرات من منافسيها.
التركيز على استراتيجية الأفراد: صقل المهارات والتدريب، ووضع شكل آخر من مؤشرات الأداء الرئيسية
المال والأفراد أهم عنصران ينبغي أن يحتلا دائماً الأولوية في تفكير أي رئيس تنفيذي. لجذب المواهب المناسبة، أولاً وقبل كل شيء، حاول أن تكتشف أولاً إذا كانت لديهم نفس القيم والتطلعات مثلك، فكل شيء آخر يمكن تعلمه.
عند وجود فريق أعضاؤه من الأفراد المناسبين، ستتمكن أنت وشركتك من تحقيق الأهداف النهائية، لأن الفريق المناسب يحرص دائماً على تطوير وتنفيذ العمليات لتحقيق النجاح.
تأكد من التركيز على تحسين المهارات أو إعادة صقلها من خلال التدريب المتنوع والتدريب على التكيف لأن ذلك يساعد الشركات على التكيف بسرعة مع سيناريوهات السوق الجديدة وتفويض أفراد الفريق للعمل عبر مختلف الأقسام إذا لزم الأمر.
للمحافظة على القوى العاملة، يجب على القادة تجنب اتخاذ موقف رسمي، والتأكد من تبني نهج التوجيه والتدريب. ومن المهم إعداد مقاييس الأداء بناءً على تفاصيل السوق الحالية بدلاً من التمسك بالأهداف التقليدية.
المرونة التنظيمية هي المفتاح: القرار المستنير السريع أمر بالغ الأهمية
جلب الوباء معه تركيزاً متجدداً على أهمية المرونة، وما يعنيه ذلك من قبول حتمية وقوع حدث ضار ووضع تدابير للاستجابة لتقليل تأثيره والتعافي بأسرع ما يمكن.
التكنولوجيا الرقمية ضرورة حتمية لتمكين إنشاء قوة عاملة موزعة بنجاح، ومن المسلم به أن الشركات التي لديها استراتيجيات تحول رقمي راسخة أثبتث أنها الأفضل عندما تطلب الأمر إجراء أي تغييرات مطلوبة.
ومع ذلك، تتطلب السرعة التي يجب أن يتم اتخاذ القرارات بها والعمل على أساسها اتباع نهج مختلف تماماً، نهج يركز على تحقيق نتائج محددة للغاية في أقصر وقت ممكن. تحتاج الشركات إلى أن تكون أكثر مرونة، وأن تكسر الحواجز وتحدث تحولاً كبيراً في طريقة تفكيرها من كونها آلة عمل ضخمة إلى بيئة ديناميكية قائمة على المشاريع. كل مشروع يتلقى التركيز المناسب، مع تشكيل فرق متعددة الوظائف داخل الشركة بناءً على قدراته لتنفيذ هذا المشروع. هذا هو الحل الأمثل لأداء أفضل، كما أنه نهجٌ بالغ الأهمية، خاصة الآن ونحن ننتقل إلى عام 2022 وما بعده.
وضع استراتيجية جديدة وتوقعات لمدة 12-36 شهراً مع مراجعتها بصورة روتينية
تحتاج الشركات إلى تبني وجهة نظر طويلة وقصيرة المدى في نفس الوقت، وهي بحاجة إلى التخطيط والاستعداد حتى تظل قادرة البقاء والنجاح على المدى الطويل. كما يجب أن تكون على وعي كامل بالقضايا قصيرة الأجل، مثل التدفق النقدي والعرض والطلب، فهي بحاجة إلى توقع وبناء المرونة ضد الأحداث السلبية الفورية المحتملة.
يمكن لنا التنبؤ بالطقس الآن، فلماذا لا تفعل الشركات ذلك؟ من المهم للغاية أن تكون الشركات قادرة على التنبؤ لمدة 2-12 أسبوعاً، خاصةً فيما يتعلق بالوضع المالي. في هذا العالم، يتم التمييز بين الشركات الرابحة والخاسرة بناءً على أي منها استخدمت رأس مالها بشكل فعال.
من ناحية أخرى، تجد العديد من الشركات صعوبة في التفكير فيما بعد العام الحالي، وهذا بالتأكيد شيء خطير، خاصة وأن نموذج العمل الحالي سيعفو عليه الزمن في نهاية المطاف، مما سيؤدي إلى انخفاض النمو في غياب استراتيجية أو خطة احتياطية برأس مال قوي. يتمثل الخطر الآخر في خطر وقوع أزمة أو حدوث اضطراب تقني أو ظهور منافس جديد يمكن أن ينهي صلاحية نموذج العمل الحالي.
وأخيراً، التأكد من أن وضوح الهدف وتذكير الشركة بوجهتها وهدفها، مع الانفتاح على الوصول إلى هناك عبر مسارات مختلفة عن المخطط الأصلي، أمرٌ بالغ الأهمية.