كيف يحقق الاستثمار في الأشخاص فوائد شاملة لكل من الشركة وعملائها.
بقلم نيكولاس نيلسون، ماجستير في إدارة الأعمال،
في مجال الأعمال، هناك ما يُسمى “الهزات الصغيرة” و”الهزات الكبيرة”. والهزات الصغيرة هي الأحداث منخفضة التأثير، والتي نادرًا ما يتم الشعور بها بعيدًا عن موقع حدوثها (مكان العمل أو المنطقة التي تحدث فيها). وقد تشمل هذه الأحداث، على سبيل المثال، الحرائق الكهربائية والسرقة وانفجارات الأنابيب – فهذه الأشياء تسبب انقطاع العمل، ولكنها نادرة بشكل عام ولا تسبب أي ضرر على الحياة وضررها قليل على ممتلكات الشركة. ونادرًا ما يشعر بها الموظفون أو العملاء. باختصار، الهزات الصغيرة هي ببساطة منغصات صغيرة للعمل، والتي يجب التعامل معها وتجاوزها بتدخل طفيف (عند اللزوم) في إجمالي عمليات التشغيل.
من ناحية أخرى، لدينا هزات كبيرة. حجم وشدة هذه الأحداث تمثل أمور هامة للغاية من الناحية التكوينية، مما يعني أن توجهات الأعمال والأهداف والاستراتيجيات والتكتيكات يمكن أن تتغير في كثير من الأحيان نتيجة لهذه الأحداث. وقد تكون هذه الأشياء مثلاً على شكل أزمة صحية عالمية، أو انهيار السوق، أو الكوارث الطبيعية الكبيرة، أو نقص في الإمدادات أو القوى العاملة، أو نشوب حرب، أو وجود تغييرات في السياسة التجارية، أو ابتكارات تُحوّل مسار الصناعات، وما إلى ذلك. فمثل هذه الأشياء تؤثر على بقاء الشركة وهي محركات حقيقية للتغيير التشغيلي.
بالنظر إلى الشركات التي تخطت الأزمات عبر الأجيال، مثل شركة مارس المتحدة، أظهر التاريخ أن معظم قرارات الأعمال التحويلية حدثت بسبب هزّات الأعمال الكبيرة. على سبيل المثال، في عام 1929، في بداية وقوع الكساد الكبير، قرر مؤسسو هذه الشركة تغيير مقرها وفتح مصنع متكامل للإنتاج في شيكاغو، وانتقل معهم ما يقرب من 200 موظف أساسي. على الرغم من عدم الاستقرار الاقتصادي الذي كان منتشرًا على نطاق واسع، ولكن الآن مع موقع أكثر مركزيةً (ووجود مُدخل إلى السكك الحديدية)، ازدهرت أعمال شركة مارس. في حقيقة الأمر، كانت الشركة ناجحة للغاية خلال هذا الوقت، حيث طرحت في عام 1930 قالب الحلوى الشهير سنيكرز في السوق، وبعد ذلك بعامين، طرحت 3 موسكيترز. وحقق كلاهما، بالطبع، نجاحات كبيرة.
الاعتراف بتميز الأفراد بوصفه من أصول الشركة
بينما يتنقل القادة في الهزات الصغيرة والهزات الكبيرة، وحتى عندما يركزون على تطوير ومواءمة استراتيجيات الأعمال طويلة الأجل للتميز التشغيلي، إلا أن هناك عنصر له نفس القدر من الأهمية يكمن فيه النجاح: وهو تميز الأفراد. ومفهومها الأساسي هو أن كلاً من الأداء التشغيلي والتجاري يمكن أن يتحسنا من خلال تعزيز رأس المال البشري، وهو أساس المعرفة والسمات الفردية – بما في ذلك المهارة والإبداع.
عناصر ذات صلة: 11 طريقة مؤكدة يمكن لرواد الأعمال الشباب من خلالها الحفاظ على الموظفين
يعد الاستثمار في رأس المال البشري أحد أفضل الطرق التي يمكن للشركة من خلالها الحفاظ على وجودها، ومواصلة الابتكار بشكل تنافسي، وتحقيق ناتج اقتصادي أكبر. وتتضمن بعض الأمثلة على استثمارات المنظمات في مثل هذه الحوافز، التقدم في التعليم والتدريب الفني أو أثناء العمل، وطرح أنظمة تحديد المسار الوظيفي وزيادة التعويضات وبرامج الرفاهية العقلية والعاطفية.
وهذه المجالات لها أهمية خاصة في مجال الرعاية الصحية للحيوانات الأليفة، حيث تتوقف نتائج المرضى على مدى استعداد مقدم الرعاية وكيف يعمل كل مستشفى كنظام شامل للرعاية. وقد تكون الأسئلة في ذلك الصدد، “ما مدى استعداد الفني للمساعدة في إجراء معين؟” أو، “هل نحن، كمنظمة، نوفر الفرص التي يحتاجها الموظفون ويرغبون فيها للنمو في التعليم والمناصب المهنية… هل يتم دعم أطبائنا في عملهم وكذلك على المستوى العاطفي؟” هذه هي القضايا التي نحتاج إلى معالجتها كقادة يهدفون إلى إحداث تغيير مستدام لشعبنا ولمستقبل الصناعة التي لا تزال تواجه تحديات يفرضها نقص المهنيين المدربين والمؤهلين.
في حين أن الأنظمة بكامل مستوياتها تعد وسيلة مهمة في تنمية قوة عاملة تتمتع بالقدرة والولاء، إلا أن هناك طرقًا أخرى ملموسة وغير متداخلة يمكن للشركات من خلالها الاستثمار في موظفيها.
ادعم بيئة تعلم مستمر
في كتاب مايكل جيلب الذي طرح عام 2000، كيف تفكر مثل ليوناردو دافنشي:سبع خطوات لتحقيق التميز في كل يوم، حيث أشار إلى أن أصل عبقرية دافنشي الإبداعية كان “بحثه الدائم عن سُبل التعلم المستمر”. أعتقد أن هذا ينطبق على جميع المبتكرين ومفكري المستقبل، حيث لا ينبغي أن يتوقف المرء عند نهاية فصل من الكتاب، أو برنامج الإقامة أو حصوله على الشهادة. بل يجب أن يكون التعلم مستمرًا، حيث يتعلم في كل يوم جديد دروسًا جديدة ويكون لديه معلمين جدد. حتى عندما نصل إلى أفضل المناصب في حياتنا المهنية، يجب أن نتعلم باستمرار، ونُحسن مستوانا. ومع ذلك، لكي يشعر الموظفون بالانفتاح على التعلم وصقل مهاراتهم، يجب أن تكون هناك ثقافة من الانفتاح والتواصل: خلق بيئة “لا يخشون فيها الاخفاق”. هناك طرق بسيطة لبدء تقديم الدعم، والتي قد تشمل تنظيم مشاركة كتاب أو تحدي زملاء العمل لتقديم حقائق جديدة على “لوحة المعرفة” في غرفة الاستراحة. خصص ملصقًا لكي يصوّت من خلاله الموظفون، مشيرين فيه أنهم “تعلموا شيئًا جديدًا”، وفي نهاية المسابقة، تتم مكافأة الشخص الذي قدم المعلومات الأكثر تأثيرًا.
عناصر ذات صلة: 6 طرق لإبقاء موظفيك يتعلمون في العمل
توفير الأدوات اللازمة لصقل المهارات
كما ذكر أبراهام لينكولن ذات مرة، “إذا كان لدي ست ساعات لقطع شجرة، فإنني سأقضي الساعات الأربع الأولى في شحذ الفأس.” المهمة هنا (تقطيع الشجرة) هي مسؤولية الموظفين، والموظف هو الفأس. في نهاية المطاف، الأمر متروك للشركة لتوفير الأدوات اللازمة لشحذ هذا الفأس: المهارات المطلوبة لأداء الواجبات. يمكن أن يكون هذا الدعم على شكل برامج التوجيه العملي، أو منح التعليم المستمر، أو أنظمة تعويضية للمهارات، مثل، تلك التي تقدمها شركة CareerTrax.
ابدأ “بالسبب؟”
في كتاب سيمون سينك، الذي طرحه في عام 2011، ابدأ بالسبب:كيف يلهم القادة العظماء الجميع لاتخاذ القرارات، فهو يؤكد أن الإلهام هو أحد الطرق الرئيسية للتأثير على السلوك البشري. نفس السبب الذي يجعل الموظف يشعر بأنه مضطر للقيام بالعمل الذي يقوم به (السبب)، على الرغم من التضحيات الشخصية، هو نفس العامل المحفز الذي يغذي الرغبة في التحسين المستمر. على سبيل المثال، يواصل معظم الموظفون البيطريون عملهم في هذا المجال لأنهم يهتمون بشدة برفاهية الحيوان. لكي يوفروا للحيوانات الأليفة أعلى مستوى من الرعاية (تحقيقًا لهذا الغرض)، يجب أن يكون هؤلاء الموظفون على دراية وتدريب كافيين بأحدث العلاجات والإجراءات والتقنيات. يجب على القادة إعداد قصة لها صدى وتذكير الموظفين بسبب أهميتهم، مع تعزيز ثقافة التعلم وتقديم الأدوات اللازمة للارتقاء بمستواهم في نفس الوقت.
عناصر ذات صلة: لماذا كل ما تعرفه عن إخراط الموظفين في العمل معلومات خاطئة
لا يسمح الاستثمار في الأفراد لكل موظف بالازدهار على المستويين الشخصي والمهني فحسب، بل يدفع الشركات للتقدم فيما يتعلق بالابتكار والنمو التشغيلي. من خلال اتخاذ هذه الخطوات، يمكن للقادة إحداث تغيير مستدام ومؤثر لشركاتهم وعملائهم وأصحاب المصلحة الأكثر قيمة لديهم: الموظفين.