بقلم: فيرونيكا جول- نيهولم– مديرة الموارد البشرية في شركة كانون الشرق الأوسط وأفريقيا
لم يعد تحقيق التنوع والمساواة بين الجنسين في الشركات والمؤسسات مجرد خيار، بل أصبح ضرورة تفرضها وتيرة الحياة والعمل في العصر الحالي. ويقدم تحقيق المساواة بين الجنسين العديد من الفوائد، وخصوصاً في المناصب القيادية، ولا تقتصر هذه المنافع على تحقيق عوائد مالية مجزية للشركات، بل تمهد الطريق أيضاً نحو بناء ثقافة مؤسسية متقدمة تحظى فيها قاعدة العملاء بدرجات عالية من التقدير، وتولي فيها الشركة اهتماماً متزايداً بتعزيز الروابط بين مختلف الأطراف، وتضمن تطبيق الحقوق بالتساوي بين الجميع. وتشير دراسات صندوق النقد الدولي إلى أن المساواة بين الجنسين تحمل فوائد تفوق المتوقع، حيث تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 35%. كما ترجح دراسة نشرتها ماكنزي آند كومباني بأن تحقق الشركات التي تمتاز بطابع التنوع والمساواة بين الجنسين عوائد مالية أعلى بنسبة 15% بالمقارنة مع متوسط عوائد القطاع.
وقد ثبت بالتجربة العملية أن إضافة العنصر النسائي إلى فرق العمل يحقق إنتاجية أعلى، ويعزز النمو، وهو ما يؤكد أهمية التنوع والمساواة في الفرص بين الجنسين. وعززت الإمارات العربية المتحدة جهودها للارتقاء بمشاركة النساء في المناصب الوظيفية العليا في الشركات في الإمارات، من خلال الإعلان عن إلزام الشركات المدرجة بنسبة تمثيل نسائية بتعيين سيدة واحدة على الأقل في مجالس إداراتها.
تحقيق التوازن الدقيق بين الجنسين ممكن رغم التحديات
على الرغم من عدم توافر حلول جاهزة لضمان التزام الشركات بدعم جهود المساواة بين الجنسين، فإن أقسام الموارد البشرية التي تتميز بالانفتاح والتفكير المستقبلي قادرة على تقليص الهوة بين الجنسين.
ونقوم في شركة كانون بتطبيق فلسفة “كيوسي” (Kyosei)، والتي تعني العمل الحثيث لبناء مجتمع يعيش فيه جميع الناس بصرف النظر عن ثقافاتهم أو عاداتهم أو لغاتهم أو أعراقهم ويعملون معاً بسعادة. وتفخر كانون بأن النساء يشغلن أكثر من نصف (57%) المناصب القيادية للشركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد نجحنا بمنح الموظفات شعوراً بالدعم والأمان الوظيفي عبر توفير المبادئ الإرشادية وسياسات وبرامج الموارد البشرية التي تعزز بشكل فاعل مشاركتهن في الشركة. وتشكل إجازات الأمومة المطوّلة، وساعات العمل المرنة، وتسهيلات العمل الجزئي للأمهات الجدد، وإجازات الأبوّة المطوّلة بمجموعها بعضاً من المزايا التي نوفرها لضمان استمرار موظفاتنا في العمل معنا وتقديم الأمان والسعادة في العمل لهن.
الدور الرئيسي للتدريب على التطور المهني
يعد إصدار السياسات التي تضمن بناء بيئة عمل ملائمة ومرنة أمراً إيجابياً، ولكنه غير كافٍ بحد ذاته؛ حيث أن الشركات التي تشارك بفعالية في استراتيجيات التطوير المهني للموظفات تميل بشكل أكبر لضمان حصول النساء على الترقيات والاحتفاظ بهن ضمن المناصب القيادية العليا.
وتأخذ كانون هذه المسألة بعين الاعتبار، وتعمل على تنظيم برنامج مخصص لتدريب النساء على اكتساب المهارات القيادية بهدف إعدادهن لشغل الأدوار القيادية في الشركة. ومنذ إطلاقه في عام 2012، استكملت 176 موظفة برنامج التدريب، وهنّ يلعبن الآن دوراً فاعلاً في المناصب القيادية للشركة. وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، شهد العام 2020 إطلاق برنامج ارتقاؤها (SHE Rise) ضمن
الأقسام الداخلية للشركة، والذي يهدف إلى دعم وتمكين المرأة في أماكن العمل من خلال الحوارات الملهمة لشخصيات نسائية قيادية في كانون، بالإضافة إلى تنظيم جلسات التوجيه والتدريب للمرأة. ومع دخوله عامه الثاني، يشكل البرنامج دليلاً واضحاً على التزامنا بضمان حصول الموظفات في شركة كانون الشرق الأوسط على الدعم ليس من ناحية الأداء فحسب، وإنما بما يشمل مساعدتهن على تحقيق التميز في مسيرتهن المهنية.
الالتزام بالقيم الرفيعة في جميع جوانب التواصل المؤسسي، ولا سيما بالنسبة للقيم التي تركز على المستهلكين
ينبغي ألا يقتصر السعي لتحقيق التنوع بين الجنسين على مجلس الإدارة، وإنما يجب أن يمتد ليشمل جميع جوانب عمل المؤسسة. وتشير التقديرات في دراسة بحثية أجرتها شركة فروست آند سوليفان المتخصصة بالأبحاث إلى أن النساء امتلكن قدرة التصرّف بما قيمته 43 تريليون دولار أمريكي من الإنفاق الاستهلاكي العالمي خلال العام 2020، ما يؤكد على أهمية الاستماع إلى آراء المستهلكات، ومواكبة احتياجاتهن، والأهم من ذلك، شعورهن بالارتباط مع الشركات التي تشترك معهن بذات القيم وطريقة التفكير.
وبفضل امتلاك كانون الشرق الأوسط لفريق قيادي مؤثر من الموظفات، تغطي فلسفة المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة جميع جوانب عمل الشركة، بما في ذلك الحملات الترويجية. وفي نهاية العام 2020، أطلقت كانون الشرق الأوسط سلسلة الرواد للاحتفاء بالأشخاص المتميزين في منطقة الشرق الأوسط. ولم يكن من قبيل الصدفة بأن يتم اختيار امرأتين من الأشخاص الثلاثة الذين تم اختيارهم لمشاركة قصصهم الملهمة. واغتنمت كانون الشرق الأوسط هذه الفرصة لتسليط الضوء على رها محرق، أصغر شابة عربية وأول امرأة سعودية تتسلق قمة إيفرست، إلى جانب المغنية وكاتبة الأغاني المقيمة
في الإمارات والحائزة على العديد من الجوائز ليلى كردان؛ والاستفادة من قصتيهما لإلهام الأجيال الجديدة من النساء المتميزات. وتم تمديد هذه الحملة إلى عام 2021 من خلال الموسم الثاني من سلسلة رواد، حيث ستتاح الفرصة أمام ثلاث نساء أخريات لمشاركة قصص نجاحهن وإنجازاتهن المتميزة.
واستناداً إلى تركيزنا والتزامنا بالتنوع في مواقع العمل ودعم المجتمع، يشكل يوم المرأة العالمي منصة مهمة لتسليط الضوء على أهمية توفير فرص متكافئة في القطاع الإبداعي. وشكّل الاحتفال بيوم المرأة العالمي لعام 2021 مناسبة خاصة أتاحت لنا المشاركة في الحملة العالمية #اختاري_التحدي (ChoosetoChallenge#) عبر إطلاق مبادرة تستمر عاماً كاملاً على وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار: (Women who Empower). وتحتفي هذه الحملة بالمواهب النسائية من مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط، مع توجيه الدعوة لبذل الجهود في هذا الإطار، والتي ستبلغ ذروتها من خلال قيام كانون بتوفير الفرص لدعم المواهب النسائية من خلال تعزيز حضورهن وقدرتهن على الوصول إلى جمهور أوسع، وتمكينهن من المضي قدماً في مشاريعهن الإبداعية.
ولطالما كانت كانون في طليعة الشركات التي ترعى المواهب الإبداعية، وتدعم التنوّع والمساواة بين جميع الموظفين. ويشكل فهم النساء ومواكبة احتياجاتهن عنصراً أساسياً لبناء مؤسسات مزدهرة ومتطورة. وأنا فخورة بالجهود التي أبذلها لضمان مستقبل يمتاز بالشمولية والإلهام، ويركز على الناس بالدرجة الأولى.