القاهرة – إيمان مصطفى
بات التخزين الذاتي مفهومًا يفرض نفسه بقوة على السوق العربي الريادي. ساعد على ذلك ثلاث أسباب رئيسية؛ الأول: هو الثورة الرقمية التي يشهدها قطاع التجارة الإلكترونية، والتي تجعل من شراء الأغراض الجديدة مسألة لا تتطلب أكثر من نقرة زر.
السبب الثاني: هو طبيعة البيوت العربية التي تميل إلى ثقافة الاقتناء. أما السبب الثالث فهو الطفرة النوعية التي شهدها التخزين الذاتي في أمريكا، وكان لابد أن تنتقل العدوى إلى السوق العربي.
برهن على ذلك انطلاق شركتيّ “بوكس بي” BoxBee و”ميك سبيس” Make Space في 2013، وقدمتا خدمات التخزين الذاتي المُرقمن.
وكعادة التكنولوجيا تعمل دائمًا على تسهيل حياة المستخدمين، أصبح المستفيد من خدمات الشركتيّن يمكنه إدارة مقتنياته في المخازن رقميًا عن طريق تطبيق للمحمول مقابل إيجار شهري أو سنوي. أتت تلك الخدمات كبديل وقتها عن قيام المستخدم بنقل مقتنياته من وإلى مساحات التخزين.
تلقت الشركتان في 2014 (أي بعد عام على الإطلاق) استثمارات ضخمة. حصلت “بوكس بي” على 2.3 مليون دولار من صناديق رأس المال “جوجل فينتشر” Google Ventures و”500 ستارتبس” 500 Startups و”تيكستارز” Techstars. بينما حصلت “ميك سبيس” 8 ملايين دولار في صفقة قادتها “أبفرونت فينتشرز” Upfront Ventures.
انطلاق “بوكس إت”
حفزت تلك النجاحات ثلاثة هنود لتأسيس أول شركة ترقمن خدمات التخزين الذاتي في الكويت في مارس 2015، برؤية الانطلاق إلى منطقة الخليج العربي. وقد تلقت الشركة حينها استثمارًا ملائكيًا بقيمة 100 ألف دولار من المستثمر الكويتي صباح البدر وبعض الأصدقاء.
أطلق الشركاء المؤسسون: بريملال بوليسيريالرئيس التنفيذي، وأبراهام توماس نائب رئيس العمليات، وجوبي ماثيو المسؤول عن العمليات الداخلية، “بوكس إت” من مساحة العمل الكويتية المشتركة “سرداب لاب”، وقد ساعدهم ذلك على سرعة الانتشار ونمو الطلب على خدمات شركتهم.
والآن، وبعد عام على إطلاق تطبيق المحمول “بوكس إت” لنظامي التشغيل “أندرويد” و”iOS“، عادت الشركة لتعلن عن حصولها على استثمار تأسيسي بقيمة 600 ألف دولار.
قاد صندوق “ومضة كابيتال” في دبي الصفقة بواقع استثمار بلغ 200 ألف دولار. وضمت القائمة أيضًا كلُ من صندوقيّ “أرزان” الكائنة بالكويت “إكوي تراست” في دبي أيضًا. هذا بالإضافة إلى الشيخ حمد جابر الأحمد الجابر الصباح، وسعد المعشر نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الإستراتيجيات والاتصالات المؤسسية في البنك الأهلي الأردني.
تحمل الشركة الآن مجموعة من الرؤى وأوجه الإنفاق لمبلغ الاستثمار، ويأتي على رأس القائمة التوسع داخل السوق الإماراتي، ومنها إلى السعودية بنهاية العام الجاري ثم إلى مصر بحلول الربع الثاني من 2017، يلي ذلك قطر والبحرين.
تتضمن أيضًا خطط المؤسسين للاستفادة القصوى من مبلغ الاستثمار: “التوسع بتعيين مطورين لإضافة مزايا تقنية جديدة على التطبيقات، ومسوقين لتدشين حملات تسويق رقمية موجهة لأسواق الكويت والإمارات، بعدما اعتمدنا فقط على الانتشار بالحديث عن خدماتنا، وتصنيع مقاسات أكبر حجمًا من صناديق “بوكس إت” الزرقاء لإستيعاب مقتنيات كبيرة الحجم للمستخدمين”، يقول بوليسيري، في حواره الخاص لـ”انتربرنور العربية.
شروط التخزين في صناديق “بوكس إت”
حتى الآن لا توفر “بوكس إت” سوى مقاس واحد فقط من صناديق التخزين (60X40X38). وتقوم الشركة كويتية المنشأ باستيرادها من مورد صيني. “ونتطلع إلى تصنيع مقاسات أكبر تتناسب مع تخزين الدراجات بنهاية العام الجاري، ونبحث حاليًا عن إمكانية الاستعانة بخدمات مورد إقليمي لتسهيل عملية الشحن وتقليص مدة الاستلام” يشرح بوليسيري.
تعاقدت “بوكس إت” مع مزود خدمات الشحن “أرامكس” بما يتيح لها الاستفادة من مخازن الشركة العالمية مقابل عمولة على كل صندوق.
أضاف التعاقد مع “أرامكس” قيمة لأعمال “بوكس إت”، من حيث توفر مساحات التخزين على مدار العام، وأيضًا من حيث أمان وجودة التخزين، وإحكام المراقبة على المقتنيات المُخزنة عبر كاميرات مرافبة وأنظمة مكافحة حرائق وأجهزة إنذار خاضعة لمقاييس السلانة العالمية.
وتمنح تلك الصفقة موثوقية أعلى للمستخدم في خدمات “بوكس إت” من جهة، وتجلب لـ”أرامكس” قناة عوائد إضافية من جهة أخرى، ولاسيما أنها لا توفر تلك الخدمة للأفراد.
وتضع “بوكس إت” بضعة قيود على المواد التي يتم تخزينها، وتتبع في ذلك مقاييس التخزين العالمية ويوقع المستخدم على نموذج رقمي، بأن المواد المُخزنة لا تندرج تحت قائمة الممنوعات، التي تشمل المواد القابلة للاشتعال.هذا فيما يُسمح بتخزين الزجاج، إلا أنه لا يُوصى المستخدمين بذلك.وتوفر “بوكس إت” أنظمة تأمين على المواد المُخزنة، يختار المستخدم من بينها ما يناسبه.
ويوضح بوليسيري شريحة عملاء “بوكس إت” المحتملة في المنطقة العربية قائلًا: “كل المقتنيات التي تحتاج إلى تخزين موسمي، يمكن تخزينها في صناديقنا، يتضمن ذلك الأحذية والملابس الشتوية لحين الحاجة إليها، هدايا أعياد رأس السنة الميلادية، وزينة رمضان، هذا بالطبع بالإضافة إلى الملابس ومستلزمات العروس، وأي مقتنيات تتسبب في زحام بالمنزل، يمكن بسهولة نقلها ومتابعتها عن بُعد الآن من خلال التطبيق”.
التشغيل من الإمارات لخدمة المنطقة
وعن أسباب الانتقال من الكويت إلى الإمارات، يقول بوليسيري: “لم نوقف خدماتنا في الكويت، ولكن نتابع أعمالنا رقميًا، وكان علينا الانتقال إلى الإمارات لعدة أسباب أهمها سهولة العثور على كوادر مؤهلّة تقنيًا، وسهولة الوصول إلى صناديق الاستثمار، وسهولة إجراءات التسجيل القانوني”.
ويبلغ سعر خدمة “بوكس إت” حاليًا بالإمارات 25 درهمًا عن الصندوق الواحد في الشهر، بينما تبلغ الخدمة ذاتها بالكويت ديناريّن. أما الأسواق المرتقب التوسع إليها فلم يتم تسعيرها بعد.
ورغم أن المؤسسين الثلاث هنود الجنسية، إلا أنهم لا يعتزمون نقل مشروعهم إلى الهند عما قريب. في هذا الصدد يوضح بولسيري: “أطلقنا المشروع في الكويت لأننا كنا نعمل بشركة خدمات لوجيستية هناك، وبنيّنا نموذج العمل وخطته بما يتناسب مع السوق العربي، رغم أن عدد المستخدمين في الهند أكبر بمراحل، إلا أن ثمة مدن محددة التي تتناسب مع طبيعة خدمتنا كمومباي وكالاكتا فقط”.
“رغم ذلك قد نلجأ إلى تعيين طاقم عمل صغير في الهند للاستفادة من توفر الكفاءات التقنية وانخفاض الرواتب”، يختتم بوليسيري حواره.